“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
دخل لبنان في مرحلة الإنهيار النقدي وتراجع سعر صرف الليرة اللبنانية على الرغم من حالة الإنكار التي يبديها مسؤولون رئيسيون عن الملف النقدي والمالي. فمن يتجوّل في شوارع بيروت صباح اليوم الجمعة، يجد مدينة أسواقها باتت اشباحا. أما الصيارفة فلا يبيعون عملة أجنبية بالليرة اللبنانية: لا دولار ولا يورو إلا بأسعار تصل أقله الى 1650 ليرة لبنانية للدولار، و1800 ليرة لبنانية لليورو، ويرفض عدد منهم التداول بالليرة اللبنانية، في مؤشر على حالة الفلتان التي تعيشها الأسواق اللبنانية.
يقول لنا أحد الصرافين:” لن أتقاضى بالليرة اللبنانية ثمن أي عملة، فتراجع سعر صرف الليرة حاصل وعليهم (أي المسؤولين) الإعتراف بذلك”.
صراّف آخر يبيع الدولار بسعر الـ1650 ليرة للدولار الواحد، و”يبشرنا” بأن الوضع لا يزال جيدا لأن الأزمة الى اشتداد.
بكل الأحوال، فإن الأسباب الواقعة وراء هذا الإنهيار المتوقع منذ أشهر، يقع على أكثر من جهة وطرف سواء على الهندسات المالية المعتمدة منذ أعوام والتي هدفت الى حماية مصالح المصارف والنافذين، والتستّر عن الفاسدين، وصولا الى شحّ أموال المغتربين الذين كانوا يحولون من 6 الى 7 مليار دولار سنويا، وارتفاع فواتير الإستيراد للنفط والفيول والأدوية والمواد المختلفة، الى “بطون” سياسية أبقت على جشعها بالرغم من تحذيرات كثيرة. سوف يتطرّق موقع “مصدر دبلوماسي” الى هذه الآفات التي أوصلت لبنان الى الإنهيار الحاصل في تقرير لاحق.
لكن من المفيد تفنيد بعض الحجج الواهية التي يقودها أصحاب القرار ومنها اتهام العمالة السورية أو اللاجئين السوريين بتحويل أموالهم الى الدولار ونقلها الى سوريا، وهي عملية روتينية تجري منذ أعوام، ليس من قبل السوريين فحسب بل من جميع العمال والعاملات الأجانب في لبنان وهذا حقّ مشروع لهم.
يقول لنا صراّف يعمل في منطقة الحمرا:” في فمي ماء، إن السوريين هم من يجلبون الدولارات الى لبنان وليس العكس”.
نحمل سؤالنا الى مسؤول رفيع المستوى على علاقة وثيقة بسوريا ويعرف تفاصيل هذا الموضوع، فيعزو الأزمة الى العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة الأميركية على سوريا لمنع تصدير النفط اليها ولمنعها من استيراد المواد الأولية التي يعاني السوريون من نقص فيها. ويشير الى ان الحملة التي يقودها البعض في لبنان ضد سوريا هي حملة مغرضة وغير صحيحة اطلاقا، والواقع هو أن تدابير العقوبات الأميركية تهدف الى تجفيف الدولار من الأسواق اللبنانية كي لا يتمّ تزويد سوريا بالبضائع المستوردة عبر التجار اللبنانيين الذين يبيعونها لسوريا ويقبضون ثمنها بالدولار لأنهم يستوردونها بالدولار مع احتساب ارباحهم.
ابرز المواد التي يتم استيرادها من لبنان المازوت والأدوية والمبيدات الزراعية وكلها يأتي بها تجار لبنانيون لأن فتح اعتمادات في سوريا أمر صعب.
بالإضافة الى مسألة تجفيف الأسواق من الدولار، بدأت حملة معابر التهريب والتي لا يتعدى عددها الـ7 معابر أغلبيتها في وادي خالد، ويقول المسؤول الرفيع أن حجم التهريب من سوريا الى لبنان لا يتعدى الواحد في المئة من حجم التهريب عبر المعابر اللبنانية الى سوريا. مستخلصا أن ما يحدث يندرج في إطار حملة “الضغط الأقصى”
Maximun Pressure
التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية ضد “حزب الله” وضد سوريا بغية ضرب البيئة الحاضنة للحزب ولكل من يؤيد الخط السياسي لسوريا، وهذه البيئة موجودة في لبنان وسوريا معا.
وعن الودائع السورية في لبنان قال الدبلوماسي المسؤول بأن المصارف اللبنانية لم تفتح حسابات للسوريين بالدولار أو باليورو منذ بدء الأزمة السورية، بل بالعملة اللبنانية شرط تجميدها 6 أشهر، ومن لديه ودائع بالدولار في مصارف لبنان فهي قديمة العهد وليست جديدة.