
ركز المؤتمر على وزير العمل لإنفاذه قانون العمل اللبناني ولم يتم ذكر وزير الخارجية جبران باسيل الذي يحمل راية العودة الآمنة
“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
سيبقى اللاجئون السوريون في لبنان لأجل غير مسمّى لأن لا حل سياسيا يلوح في الأفق، هذه خلاصة مقتبسة من أحد المشاركين السوريين في مؤتمر اللاجئون = شركاء الذي انعقد نهاية الأسبوع الفائت في فندق “البريستول” وذلك في نسخته الأولى التي حملت عنوان “الإدماج الإقتصادي لتخفيف أزمة اللجوء”، وقد نظمته “الجمعية الإقتصادية اللبنانية” بالتعاون مع “المركز السوري لبحوث السياسات”. تضمن المؤتمر جلسات عدّة تناولت القوانين والسياسات التمييزية والإطار القانوني المنظم للعلاقات المؤسسية مع اللاجئين والأداء الإقتصادي الكلّي وسوق العمل والديناميات الإقتصادية المحلية والخدمات العامّة واللاجئين.
متري: عودة اللاجئين ليست بمتناول أحد
تضمنت الجلسة الأولى كلمة رئيسية لمدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية الوزير السابق الدكتور طارق متري وأدارت الجلسة الإعلامية صبحية نجاّر التي أشارت في كلمة إفتتاحية لها بأن السوريين صاروا من دون أن يعرفوا شركاء، لافتة الى أن 51 في المئة منهم يعيشون تحت خط الفقر بـ3 دولارات يوميا، وتعطيهم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة 127 دولار شهريا فحسب عن العائلة الواحدة” بحسب تعبير نجار.
أما الدكتور طارق متري فقد طرح في خطاب له أفكارا عدّة ، فقد اعتبر
أنه لا يوجد في لبنان اعتراف بحقوق هؤلاء كلاجئين لذا تطلق عليهم تسمية نازحين وهذا خاطئ، لا يمكن لبنان أن ينكر حقوق هؤلاء بحجّة أنه ليس طرفا في اتفاقية 1951. فمبدأ السيادة الضيقة لم يعد موجودا إذ توجد اتفاقيات واعراف التزم بها لبنان تحمي اللاجئين من الترحيل القسري”. وقال بوجود “تضخيم للأعباء والتنافس مع اللبناني وبحسب أرقام أعدّها معهد عصام فارس (في الجامعة الأميركية في بيروت) فإن معدّل الأجور للبالغين من السوريين العاملين هو 209 دولارات للذكور و92 دولار للإناث وهذا يعني ان التفاوت بين أجور اللبنانيين والسوريين لا يجعل من السوريين منافسين حقيقيين للبنانيين” بحسب استنتاج الدكتور متري.
الذي أردف متسائلا:” بلغت المساعدت الدولية للبنان في آخر 8 أعوام 7 مليارات دولار أميركي فكيف يمكن أن يعزى الى السوريين تراجع النمو الإقتصادي؟
وحرص الدكتور متري على التشديد أنه “ينظر الى اللاجئين السوريين كعبء لكن الوقائع الإقتصادية تخالف ذلك”. ولفت أن “السياسات الدولية قاصرة عن المعالجة، لكن تعبئة اللبنانيين ضد السوريين وتوسل العقوبات الجماعية والمطالبة بعودتهم وكأنها ترحيل قسري هي سلوكيات تنذر بأخطار ولا تيسّر العودة الآمنة”.
وأشار:” يتكرر الحديث عن ضرورة العودة الى مناطق آمنة في سوريا وتجاهل هؤلاء بأن إعادة السوريين القسرية ليست بمتناولهم بالسهولة التي يتوقعونها وهي انتهاك لأبسط حقوق الإنسان. تزايد الحديث عن العودة بعد التدخل السوري وبدء مسار آستانة وخفض التصعيد، وقال البعض أن المناطق المحدودة العدد والحجم اعتبرت آمنة ودعوا للتفاوض مع النظام السوري للعودة. لكن لا الروسي ولا اللبناني أجاب عن مدى استعداد النظام لإعادة هؤلاء. لف الصمت هؤلاء ولم يكسره ما حصل من فشل للمبادرة الروسية للعودة واسبابها ليست اوروبية بقدر ما هي روسية وسورية. كل ذلك يؤدي الى القول بأن العودة مؤجلة مهما علت أصوات مستعجليها”. وختم قائلا بأن “الحل السياسي هو سبيل العودة الآمنة والكريمة والطوعية وهي صفة ضرورية لأن العودة القسرية والترحيل غير مقبولة أخلاقيا ولا قانونيا وغير ممكنة فعليا”.
شعبان: “سيدر” هو مجموعة مشاريع لتشغيل السوريين في مقابل قروض للبنانيين
لم يكن بالإمكان تغطية الجلسات برمّتها بسبب انعقادها بشكل متواز، إلا أن مداخلات رئيسية استقيناها في موقع “مصدر دبلوماسي” تحدّد بدقة البوصلة التي تشرح الوجهة التي يتخذها ملف اللجوء السوري أو النزوح السوري الى لبنان، ألا وهو الإدماج الإقتصادي والإجتماعي لأن العودة الراهنة مستبعدة.
في مداخلة للدكتور جاد شعبان وهو خبير اقتصادي وناشط اجتماعي في الجامعة الأميركية، يقول أنه “على عكس ما يعتقد البعض فإن الدولة اللبنانية اعتمدت على سياسة واضحة في مجال اللجوء، لكن كيف وضعت السياسات ولمصلحة من”. أشار شعبان: “توجد بلبنان دولة طبقية عنصرية قائمة بقوة وتعمل تاريخيا على تهميش الأجنبي الفقير”.
ولعل اهم ما قاله الدكتور شعبان هو تعريفه مؤتمر “سيدر” على أنه “مجموعة مشاريع لتشغيل اليد العاملة السورية في مقابل قروض.”
وأشار شعبان في فكرة مثيرة للإنتباه الى أنه ينبغي اليوم الحديث عن حقوق المقيمين في لبنان فلم يعد يوجد فقط حقوق المواطنين، وهدف السياسات العامة اليوم هو الإهتمام بكل المقيمين وبالأجيال القادمة أيضا.
تطرق شعبان الى موضوع البلديات ومن أبرز ما انتقده هو قرارها بمنع التجوال للسوريين واصفا إياه بالعنصري. وقال بأن البلديات لا تطبّق قانون السكن على المقميمين من سوريين ومن لبنانيين فقراء ايضا (…).
-متحدثا عن أثر اللجوء، قال شعبان بأن الأثر الوحيد الذي يرصده هو على البيئة وتدهور البنى التحتية وهذا طبيعي لأنه لا “صرف” من البلديات.
نصر: السوريون 25 في المئة من الشعب اللبناني ولديهم حقوق
وتحدث ربيع نصر من المركز السوري لبحوث السياسات عن الوضع في الداخل السوري والسياسات التضمينية في لبنان. أشار الى أن
الحديث عن انتهاء النزاع في سوريا غير واقعي (…)،
وأثار موضوع قيام “استراتيجية اقتصادية تضمينية حيث يكون اللاجئون فاعلا اقتصاديا، وقال بأن اللاجئين السوريين باتوا يشكلون 25 في المئة من السكان اللبنانيين ولمعالجة هذا الوجود يوجد حلان: إما الابقاء على الخلل القائم وعزل هذا المكوّن، او الإفادة من هذه النسبة أي الـ25 في المئة وتضمينها كقوة رئيسية في سوق العمل وتوسيع حجم الإقتصاد اللبناني”.
أضاف:”نشكّل كلاجئين مثلا 25 في المئة من قوّة الصناعة وضرورة التفكير باستراتيجية تنمية متوازنة بين اللبنانيين والسوريين، ويمكن تحويل المساعدات لإستثمار تنموي في المناطق الفقيرة فيتحقق تكامل ديموغرافي وتوازن في القطاعت الإقتصادية، لأنه تبيّن للآن أنه لا يمكن نقل قوّة العمل اللبنانية من الخدمات الى قطاعات أخرى (…)”.
كولينز: التضييق على المجتمع المدني
في جلسة القوانين والسياسات التمييزية الإطار القانوني المنظّم للعلاقات المؤسسية مع اللاجئين تحدثت
مرياد كولينز من
Christian Aid
عن قوانين العمل. وأثارت ما أطلقت عليه:” سياسات غير نظامية ومنها التوقيف بشكل مستمر على الحواجز وطلب الهويّات الشخصية والضغط على مالكي الشقق… وهذه الضغوط حصلت في وقت واحد، وكان يتوقع منهم العمل على مشاريع معينة مما شكل ضغطا علينا كمنظمات حكومية (…)”.
ولفتت كولينز الى أن “ما يحصل في لبنان تجاه السوريين سيؤثر على المجتمع السوري على المدى البعيد، وكل ما يحدث مع السوريين في لبنان قد يحدث في مكان آخر. إن هذه السوابق سوف تؤثر على المجتمع المدني لذا يجب الكفّ عن التضييق على نطاق عمله لأنه سيؤثر علينا جميعا وليس على السوريين فحسب”.
وتحدثت ليا يمين من “ليبانون سابورت” عن هيكليات جديدة لانعدام النظامية، تصعب على اللاجئين الحصول على أوراق شرعية.
وقالت بأن وسائل الإعلام تزرع الخوف من اللاجئين ما يزيد من معاناة هؤلاء وخوفهم ما يؤدي الى تداعيات أمنية.
برجس: ضرورة تعديل قوانين العمل
وتحدثت إلهام برجس من مشروع اللاجئون=شركاء وقالت أن أبرز التوصيات التي يجب أن تعتمد تتعلق بتعديل قانون العمل، وثمة اقتراحات قوانين جديدة يتم اعدادها في هذا الخصوص وثمة عمل على ذلك لكي يلحظ القانون الإلتزامات الحقوقية والعدالة الإجتماعية وحقوق الأفراد وحرّياتهم ووضع سياسات تستجيب للأكثر ضعفا.
الايوبي: التركيز المستقبلي على البلديات
في جلسة الخدمات العامّة واللاجئين، كانت مداخلة لمها الأيوبي من المجلس النرويجي للاجئين في لبنان، التي شرحت المراحل التي قطعها المجلس بغية ادماج اللاجئين بغية تأمين السكن لهم في مناطق الأطراف عبر مساعدة السكان المحليين على استكمال بناء بيوتهم على أن يؤجرونها لسوريين. إلا أنه اليوم وبعد مرور 8 أعوام لم يعد السكن وحده يكفي للإدماج. قالت:”
“بعد مرور 7 أعوام على قيام برنامجنا، قمنا بالتقييم عام 2018 ووضعنا توصيات، وتبيّن لنا وجود ثغرة تكمن بأن مقاربة ايجاد المساكن افتقرت لحصول حلّ مستدام للأسر الفقيرة ومنها الفلسطينيين. وبدأنا التفكير بمقاربة مبنية على المناطق لتأسيس خطة اكثر استدامة للجماعات المستضعفة .
(…)وكان علينا إيجاد برامج لدعم العائلات بشكل أكثر استدامة. وكان علينا أن نفهم ونحدد الفاعلين المحليين الذين يمكنهم لعب دور في مساعدات المجتمعات للحصول على الخدمات والضمان. وتبيّن لنا بأن البلدية هي أبرز فاعل محلي، وأنه علينا أن نمكّن السلطات المحلية والبلديات وهي الآن تلعب دورا محدودا في تقديم الخدمات العامة وهذا لا يعكس دور السلطات المحلية وولايتها لأن ولايتها أكبر بكثير، وتكمن الفكرة بالعمل مع البلديات لفهم الهيكليات الحكومية لإدارة الموارد ولدمج الأطراف المستضعفين ومن لديهم امكانية للمناصرة لإنفاذهم للخدمات العامّة للتمتع بالحظوة ذاتها التي تتمتع بها بقية الأسر”. وتحدثت الدكتورة مهى شعيب من “مركز الدراسات اللبنانية” وكشفت أنه يوجد 50 في المئة من الطلاب السوريين خارج التعليم لأن لا شريك يساعد في زيادة القدرات.
وانعقدت جلسة هي خلاصة خلاصة وملاحظات نهائية: تصوّرات للإدماج الإجتماعي-الإقتصادي للاجئين السوريين، تحدث فيها زياد عبد الصمد منشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية.
فرانسيس غاي، برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي ( كانت سفيرة بريطانيا السابقة في لبنان، والدكتور جاد شعبان من الجامعة الأميركية في بيروت. تضمنت الجلسة ملخصا المناقشة والنتائج الرسمية، التصورات المستقبلية للإدماج الإجتماعي-الإقتصادي المحتمل للاجئين السوريين، والخطوات المقبلة. وصدر عن المؤتمر بيان ختامي أكّد المؤتمر والمشاركون فيه “على أهمية المساھمات البحثية في تطویر منھجیة بحثیة تدفع نحو إحداث أثر وتحقیق تغييرات فاعلة على صعيد السياسات وصناعة القرار في مواجهة خطاب الكراهية الشعبوي السائد، الذي لا يستند إلى بحوث وأدلة علمية مستقلة. كما دعوا إلى الاستفادة من الفرص المتاحة لتعزيز وتمكين شبكات التواصل والتعاون بین الخبراء و الفاعلين لا سیما على صعید دعوات المناصرة والعمل على التوعیة بالاضافة إلى تبادل الموارد والوصول إلى البيانات والمعلومات المتعلقة باللاجئين في البلاد”.