
لاسن: تحسن في أمن المطار المتوجه صوب الأتمتة
سفير ألمانيا: إيران تتدخل في لبنان عبر “حزب الله” والعجز العام لا يزال مرتفعا
فوشيه: فرنسا تتبع سياسة ديغول العربية
متري: العلاقات الأوروبية اللبناني تراجعت عن بداياتها
“مصدر دبلوماسي”- (خاص)
دعت مؤسّسة “فؤاد شهاب” يوم الجمعة الفائت الى ندوة حوارية بعنوان “الإتّحاد الأوروبي ونحن” وذلك في فندق “الفينيسيا” شارك فيها سفراء بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن وألمانيا الدكتور جورج بيرغيلين وفرنسا برونو فوشيه مع مداخلة تقييمية للوزير السابق طارق متري.
السفيرة كريستينا لاسّن
تحدّثت سفيرة الإتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسّن عن 40 عاما من العلاقات بين الإتحاد الأوروبي ولبنان.
تطرقت لاسن الى الشراكة الإستراتيجية مع لبنان وخصوصا في الأعوام الـ9 الأخيرة من الحرب السورية حيث زاد دعم الإتحاد الأوروبي 7 مرّات ممّا كان عليه عام 2011، لافتة الى التحديات التي يواجهها لبنان من النمو الإقتصادي ومخاطر الإرهاب. ووصفت لبنان بأنه حليف سياسي أساسي في المنطقة، واقتبست كلاما قالته الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية الأوروبية فيديريكا موغيريني أثناء زيارتها الأخيرة الى لبنان إذ قالت بأن المكان الأقرب لأوروبا في الشرق الأوسط هو لبنان. وتطرقت الى اتفاق عام 2006 حول التجارة الحرة والى وجود عدم توازن في العلاقة في ميزان التجارة بين البلدين وخصوصا في استيراد المنتوجات الزراعية من لبنان ما يحتم معالجة يتم العمل عليها. وقالت أن الإتحاد الأوروبي يستثمر نحو مليار و700 مليون يورو في لبنان إضافة الى مساعدات أخرى تقدمها الدول الأوروبية ما يوصل المبلغ الى 4 مليارات يورو وهذا دليل على مدى التزام أوروبا بلبنان، وقد صرفت هذه المبالغ من الإتحاد الأوروبي منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011 وذلك من أجل تعزيز برامج الإتحاد الأوروبي المشتركة في القطاعات الإجتماعية والتربوية والصحية وكل ما من شأنه أن يكون مفيدا للبنى التحتية المحلية وللمجتمعات المحلية.
وتحدثت عن تعاون مع القطاع الأمني في لبنان والإتحاد الأوروبي منخرط في ذلك، وقالت أنه يعمل بشكل وثيق مع الوكالات الأمنية اللبنانية ومع الجيش اللبناني في كل ما يختص بأمن الحدود والمطار حيث بدأت بنى تحتية جديدة مع نظام يشغّل آليا للمسافرين وهذا من شأنه تحسين عمليات المراقبة وتفتيش الأمتعة بغية تحسين أمن الحدود.
سفير ألمانيا الدكتور جورج بيرغيلين
تطرق بيرغيلين الى مؤتمر “سيدر” واشار الى أن تخفيض العجز قياسا للناتج المحلي القومي هو جيد، لكن العجز العام لا يزال مرتفعا. وأشار الى إن الخطوات المتخذة من قبل الحكومة جيدة لكن يجب أن تتبع بخطوات أكبر.
بالنسبة الى الإصلاحات الهيكلية، فإن الأمر يبدو صعبا، فحين أتحدث الى العديد من المسؤولين هنا، يقولون بأنهم ملتزمون لكن الأمر ليس بهذه السهولة. وأشار الى أن
إن المحاسبة يجب ان تكون بالتعاون مع الصحافة، بحيث أنها تفضح أي استخدام غير منتظم لأموال الحكومة، وهذا عامل جيد، وهو لديه تأثير إيجابي جدا على عمل الإدارة.
وعن المعضلات الدستورية قال بيرغيلين: “من الناحية الجيوبوليتكية يقع لبنان في موقع مميز لكنه ليس سهلا إذ هنالك تشابك دوما بينه وبين الإشتباكات الاقليمية الموجودة من قبل دول محيطة: إيران سوريا السعودية… هذا من حظكم من جهة يشكل هذا الأمر سببا مهما لوجودكم أي أن تكونوا نقطة الدخول بين مختلف هذه القوى الكبرى، لكن الأمر يصبح ضاغطا بحسب نوعية الإهتزاز الذي يحصل في المنطقة، وهذا يطال أيضا موضعكم الدستوري، وربما هنا تستحقون بعض المديح والتصفيق، لأن نظامكم السياسي تمكن بطريقة جيدة من ادارة وضع مسالم ومستقر في الأعوام العشرة الأخيرة، في حين كان الوضع حولكم متفجرا، كان لديكم نظام يلعب دور التوازن بين مختلف مصالح الأفرقاء (…) وهذا أمر مهم جدا، وهذا النظام مهم جدا رغم تعقيده (…).
والسؤال الأخير الذي طرح علي هو كيف يمكن التقدم في هذا النظام واصلاحه؟
أقول أنه بإمكاننا كأصدقاء وكمراقبين من الخارج أن نقدم بعض ما عندنا، ولكن ربما الأكثر حكمة جعل مختلف الأفرقاء في البلد معنيين بهذه الخطوات، وبالتالي أنتم لستم بحاجة الى تجربة صعبة ومريرة كتلك التي مررتم بها في الحرب الأهلية من أجل مواجهة هذه المسائل الدستورية.
أما المسألة الأخرى التي سئلت عنها فهي إيران والولايات المتحدة الأميركية، وهذه إحدى العوامل الأشد حيوية بالنسبة الى بلادكم، فإنه في هذا الصراع المستمر بين الطرفين من المفيد معرفة ما هي نقاط الإختلاف بين الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية بالنسبة الى المسألة الإيرانية. دعوني أقول بأنه ليس كل ما يقوله الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو خطأ فقط لأنه هو من يقوله. بالطبع نحن لا نتشارك رأيه بأن الإتفاق النووي هو سيء للغاية ما يوجب الغاءه، لكننا نعترف في الوقت عينه بأن إيران تتدخل في الشؤون الداخلية في دول من المنطقة بما فيها لبنان عبر “حزب الله” وهذا ليس أمرا جيدا، وهذا الأمر يجب معالجته السؤال كيف؟
وبالتالي أتمنى أن يسود حكم العقل في كل هذه الأمور، لتجنب أية حرب لأن أي انزلاق لحرب سيكون سيئا أكثر مما يمكن تخيله، فإذا اندلع هذا الصراع فالكل سيتأثر ومن مصلحة الجميع تجنب ذلك (…)
وتطرق بيرغيلين الى مسألة النازحين قائلا أن الجميع يعرف بأن مسألة النازحين في لبنان لا يمكن مقارنتها مع اي بلد آخر، (أكثر من تركيا بالنسبة لعدد السكان). إن معظم الأفرقاء في البلد يقولون أنه يجب على هؤلاء العودة وان لديهم الحق بالعودة. وهنا أريد التشديد أننا كأوروبيين، كألمان وكفرنسيين لا نربط عودتهم بأي حل سياسي للوضع في سوريا، ليس هذا هو الوضع. إن ما نقوله، أننا نتبع المعايير التي تضعها الأمم المتحدة وخصوصا مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتّحدة، وهم لديهم خبرة واسعة، وهم أعادوا ملايين اللاجئين الى ديارهم في الأعوام العشرة الأخيرة، ونحن نوافق على أن أية عودة يجب أن تكون طوعية وبكرامة وبالتالي هذا ما سيكون عليه موقفنا ودعمنا لهذا الموضوع.
يقول البعض بأن المساعدات التي يقدّمها المجتمع الدولي وخصوصا “الكاش” لهؤلاء اللاجئين تشجعهم على البقاء، وبالتالي يجب إيقاف هذه المساعدات أو تحويلها على الأقل في اتّجاه سوريا.
وشرح بيرغيلين أن هذا الأمر غير صحيح بكل بساطة وسأل: هل تعلمون بأن واحدا من أصل 5 لاجئين يحصلون على مساعدات مالية؟ هذه الأموال التي تعطى لهؤلاء تسيّل في داخل الإقتصاد اللبناني، فهؤلاء يدفعون الإيجارات، وهم يدفعون ثمن الغذاء الذي يشترونه من الدكاكين المحلية، وهم يشترون بحسب دراسة أقمناها معظم منتوجاتهم الغذائية من مزارعين لبنانيين، وبالتالي هذا عامل اقتصادي جيد لبلد وهو يفيده وهو وضع أفضل بكثير من ألا يكون هؤلاء موجودين هنا. علما بأن الأموال “الكاش” لا نعطيها مباشرة للاجئين بل للدولة اللبنانية وللبلديات في لبنان. وبالتالي هنالك ميزانيات تصل الى 50 في المئة من ميزانية بعض الوزارات ندفعها نحن كما في وزارة المياه، وهذا يصب في صالح الري فأكثر من 50 في المئة من هذه المصاريف ندفعها نحن ونحن نقوم بذلك بقلب واسع، نحن نحب القيام بذلك، ما أريد قوله بأن هذه الأموال التي ندفعها عبر اللاجئين تفيد لبنان. (…).
السفير الفرنسي برونو فوشيه
تحدث السفير الفرنسي برونو فوشيه عن السياسة العربية للإتحاد الأوروبي، وقال بأن السياسة العربية لأوروبا مستوحاة من عدد من البلدان منها فرنسا، لأن مصدر السياسات الأوروبية هو دائما الدول.
وعرض موجزا تاريخيا للعلاقات، وأشار الى أن الجنرال شارل ديغول قاد سياسة انفتاحية نحو العالم العربي تأسست على 3 محاور: الأول، التباعد مع الولايات المتحدة: قرر بأن فرنسا لن تتبع الولايات المتحدة الأميركية بهذه السهولة التي تريدها وقاد سياسة مستقلة عنها وكان تقارب مع نظام عبد الناصر وبلدان عدم الإنحياز.
الثاني، أخذ مسافة تجاه إسرائيل التي دعمتها فرنسا خلال دخولها الى الأمم المتّحدة وفي سياستها التوسعية في خمسينيات القرن الفائت، ثم غيّرنا لهجتنا فجأة تجاهها وهذا ما ترجم في كلام ديغول الذي تحدث عن شعب يجب الهيمنة، وكذلك جورج بومبيدو الذي تحدث عن دولة دينية، وظهرت برودة في التعاطي معها، حتى الرؤساء الآخرين اضطروا الى احترام هذا الخط بالرغم من عدم رغبتهم بذلك، أذكر أن الرئيس فرانسوا ميتران قرر عام 1981 أن يزور إسرائيل كأول وجهة سفر له الى الشرق الأوسط لكن الضغوط التي سببتها السياسة العربية لفرنسا منعته من ذلك وأرجأ سفره عامين.
أما المحور الثالث للسياسة العربية التي انتهجها الجنرال ديغول فتتمّثل بانضواء فرنسا بكل المشاكل الموجودة بإسم الإستقرار والأمن الدولي وذلك بفعل السياسة المستقلة التي انتهجتها تجاه إسرائيل وهذا ما سعت اليه أوروبا. وأعتقد أن هذه المحاور الثلاثة التي أرساها الجنرال ديغول تمّ اتباعها من كل الرؤساء بما فيهم الرئيس ماكرون.
اضطرّ جميع الرؤساء الفرنسيين لمراعاة هذه المحاور الثلاثة، ونحن كفرنسيين نقلنا هذه السياسة الى قلب الإتحاد الأوروبي، وإذا نظرنا الى السياسة العربية للإتحاد نلحظ بأنها قائمة على هذه المرتكزات الثلاثة”.
الدّكتور طارق متري
وقال مدير مركز عصام فارس الوزير السابق الدكتور طارق متري أعتقد أننا جميعنا كلبنانيين ندرك تماما بأن الأوروبيين ملتزمون بإستقرار وازدهار لبنان، نحن نتوافق على ذلك، لكننا لا نتوافق على الدوافع وعلى القدرة على تطبيق هذا الإلتزام ومدى استمراريته، بالإضافة الى العديد من المفاهيم الخاطئة ومن البديهي معرفة بأن بلدنا مهم لذاته ومن أجله هو بالذات، وذلك لأسباب تاريخية وهنا أذكر على سبيل المثال فرنسا. (…) ولفت متري الى أن “الكثير من اللبنانيين ينظرون الى الأوروبيين والى الإتحاد الأوروبي كدول مانحة. إن مؤتمر “ٍسيدر” هو مثل آخر عن القروض ودعم الإقتصاد وتعزيز النمو الإقتصادي، إن “سيدر” مشروط بإصلاحات راينا تداعياتها بتظاهرات وبإغلاق الطرق نحو مرافق عامّة وبالتالي فإن هذه المشروطية التي يضعها “سيدر” ليست مرئيّة بشكل إيجابي(…).
من جهة أخرى قال متري أنه “من المثير للإهتمام ما قاله سفير ألمانيا من تقديم الدعم للاجئين السوريين من جهة وللمجتمعات المضيفة من جهة ثانية، وهي ليست فعالة تماما وهي دوما غير مرئية بعرفان الجميل، فهي منظورة وكأنها ترجمة للأنانية الأوروبية ولدوافعها بأن تبقي اللاجئين بعيدا من بلدانها”.
أضاف:” غالبا ما يقول اللبنانيون بأن الأوروبيين يضخون أموالا تسهم في إبقاء اللاجئين عندنا ولو بظروف مأسوية. كل هذه المفاهيم الصحيحة والمفاهيم الخاطئة تسهم في بناء العلاقة بين لبنان وأوروبا. إن العلاقة والقيم المشتركة هي الأساس في اتفاقية الشراكة التي وقعت عام 2006 وهي ركيزة سياستكم الأوروبية للجوار”.
وأشار الدكتور طارق متري:” أنا كشخص من الخارج لا أرى الكثير من القيم المشتركة التي تتظهر بشكل يومي في العلاقة، بالطبع فإن اتفاقية الشراكة تعود الى تواصل مع الناس وبأن الإتحاد يدعم منظمات المجتمع المدني التي تسوّق لحقوق الإنسان”.
وأعطى مثالا:” يوجد الكثير من الأشخاص الذين يحملون لواء حقوق الإنسان يوجد العديد من الأجندات الموجودة وغير المطبقة وهؤلاء يتلقون مساعدات ودعم من الإتحاد الأوروبي ومن الصعوبة بمكان قياس أهدافهم في الأمد القصير ومدى تأثير هذا الدعم. وانا حتى لا أرى أي تأثير على السياسات المتبعة من لبنان، أنا في الواقع لا أرى أي تغيير ذي معنى في لبنان بالنسبة لحقوق الإنسان، باستثناء بضع تشريعات لا تزال تحتاج الى تطبيق.
وبحسب تقرير صدر عن هندرينتش شيفتونغ، (وأنا لا أقول بأنني اتبنى ما قاله لكن أود مشاركته معكم)، فبعد أن قابل (باحثوه) عددا كبيرا من ناشطي ومروجي حقوق الإنسان، خرجوا بإنطباع بأن الفاعلية الأوروبية
والعلاقات اللبنانية الأوروبية تراجعت مقارنة مع محطات شراكتها الأولى. وأحد أسباب هذا التراجع، وهو ارتفاع الثقة الأوروبية بالحكومة اللبنانية وهي باتت أقل نقدا لأعمال هذه الحكومة وللوكالات الأمنية وسواها…
وأحد اسباب انتقاد هؤلاء الناشطين في التقرير الذي أشير إليه هو تغليب الإتحاد الإوروبي مسألة الإستقرار على مسائل الدمقرطة وحقوق الإنسان(…).