“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
قررّت الدول الثلاثة الضامنة لمسار آستانة دعوة لبنان في الدورة الـ13 للمؤتمر الخاص بسوريا في العاصمة الكازاخستانية.
لهذه الغاية، زار موفد الرئيس الروسي الى سوريا ألكسندر لافرنتييف بيروت الأسبوع الفائت لإبلاغ المسؤولين اللبنانيين بالدعوة وأدلى بمؤتمر صحافي في وزارة الخارجية والمغتربين حيث اجتمع على مدى ساعة ونصف الساعة مع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بعد اجتماع عقده في بعبدا مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وعلم موقع “مصدر دبلوماسي” بأن الدعوة الرسمية ستصل الى لبنان من وزراة الخارجية الكازاخستانية في الأسبوع المقبل، لأن دعوة لافرنتييف هي بإسم الدول الثلاثة وهي نوع من إبلاغ للبنان بها وشرح السياق الذي حتّم دعوته مع العراق بعد مرور 12 نسخة سابقة للمؤتمر.
إلا أن لدعوة لبنان الى آستانة في موعد يحدد لاحقا ومن المرجح أن يكون في نهاية تموز المقبل وبداية آب، خلفياتها السياسية وهي تسببت بنقاش بين إيران وروسيا وتركيا، وخصوصا أن تركيا بشكل خاص عارضت هذه الدعوة مفضلة دعوة قطر، في حين كانت فكرة دعوة لبنان إيرانية المنشأ بمباركة روسية.
الى ذلك، فإن الجانب اللبناني سيكون على مستوى مراقب أو ناظر، أي أن المندوب اللبناني لن يكون على مستوى رؤساء الجمهوريات أو وزراء الخارجية، بل على مستوى نائب وزير خارجية أو سفير أو ممثل عنه.
إلا أن المشاركة اللبنانية، يمكن أن تكون على مستويات متعددة، وأن تؤتي بثمار سياسية فعّالة في حال أدرك لبنان من يرسل الى هذا الإجتماع، وفي حال أدرك المستويات المتعددة للإجتماعات وآليات العمل، وفي حال تمكّن من أن يقوم بلوبي مع الدول الداعمة له وخصوصا إيران وروسيا والتنسيق معها قبل التوجه الى هذا المؤتمر الذي سيتيح للبنان فرصة تاريخية حقيقية للمشاركة في رسم مسار الحلّ السوري في أول إطلالة لبنانية على الشأن الإقليمي على هذا المستوى من الإجتماعات الإستثنائية.
نقاش حول دعوة لبنان
بحسب أوساط على اطلاع واسع على مسار مؤتمر آستانة تحدّثت الى موقعنا فإن دعوة لبنان لم تأت دون نقاش بين الدول الثلاثة الضامنة لمسار آستانة الذي نشأ فعليا قبل أقل من شهر على انتهاء معارك حلب لصالح الجيش النظامي السوري وذلك في كانون الثاني 2017. بدأ المسار على أساس تحديد مناطق لخفض التوتّر والحفاظ على موازين القوى ميدانيا بين المثلث الروسي والتركي والإيراني. تم تحديد 4 مناطق لخفض التوتّر هي: إدلب، الغوطة الشرقية، حمص، والقنيطرة ودرعا.
مذذاك، بدأت إسرائيل تحرّك ملف وجود إيران في سوريا وخصوصا بعد دخول إيران الى درعا، وتحريرها من المسلحين بطلب من الحكومة السورية بالرغم من إعلانها منطقة لخفض التوتر. وبعد خفض التوتر كليا في 3 مناطق بقيت إدلب، وحصل توافق بين تركيا وإيران وروسيا حول عدة أمور عسكريا وميدانيا. وبعد الإنتهاء عمليا من موضوع خفض التوتر، بدأ التفكير بمقاربة الجوانب الإنسانية التي أدّت اليها الحرب السورية منذ 2011 وذلك في الداخل السوري مثل: تبادل الأسرى، المساعدات الإنسانية داخل سوريا، المفقودين، اللجنة الدستورية وسواها.
اللافت أن مسار آستانة لم يتفق ضامنوه على دعوة أي دولة أوروبية، وذلك لشدة تعقيد العلاقات الموجودة خصوصا بين روسيا وأوروبا وبين تركيا وأوروبا، في حين كانت إيران أكثر قابلية لوجود أوروبيين في هذا المسار (وقد يكون وجود لبنان جائزة ترضية لغياب بعض الدول الأوروبية ومنها فرنسا). وقفت الدول الضامنة أمام خيارين: إما دعوة جهات دولية رئيسية وكانت تمّت دعوة الأردن والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، أو دعوة ناظر أو مراقب وكانت اقتراحات بدعوة أحد أعضاء مجلس الأمن الدولي أو بريطانيا أو الصين… لم يتم الإتفاق بين الجهات الضامنة على أية دولة ولا حتى اوروبية. فخرجت فكرة دعوة دول عربية وتم طرح مقتراحات من قبل إيران لدعوة العراق ولبنان والجزائر، في حين رغبت روسيا بدعوة مصر، أما تركيا فعارضت الجميع وأصرت على دعوة قطر فحسب واضعة فيتو على الجميع. إلا أن الوفاق الروسي الإيراني دفع في اتجاه إضافة العراق ولبنان.
وتشير الأوساط المتابعة عن كثب لتفاصيل مؤتمر آستانة لموقعنا الى أنه يجب أن يدرك لبنان أنه حصلت ضغوط شديدة لمنع مشاركته في مسار آستانة.
وتشير الأوساط الى أن مراقبة المناخ الإعلامي والسياسي السائد في المجتمع اللبناني يشير الى انعدام وجود رؤية واضحة لمسار آستانة وصلاحيات هذا المؤتمر وماهية دور المراقب وهذه الرؤية إن وجدت سوف تمكّن لبنان من لعب دور حيوي في هذه المفاوضات حول مستقبل سوريا.
ما هي الملفات التي قد يثيرها لبنان؟
-أولا يمكن للبنان أن يثير قضية المخطوفين في سوريا (مثل المطرانين …) لأنه توجد لجنة خاصة في آستانة حول هذا الملف، والمشاركة اللبنانية فيها قد توضح مصير الكثير من المفقودين في الحرب الأهلية السورية.
-موضوع عودة المسلحين اللبنانيين أو السوريين الى لبنان، لأنه يوجد مسلحين متطرفين في صفوف جبهة النصرة أو في البادية السورية وثمة مشكلة في حال عودتهم الى لبنان. فيمكن أن يتابع لبنان هذا الملف وخصوصا مصير المسلحين المحاربين في إدلب.
-يمكن للبنان أن يطرح موضوع الأقليات الطائفية والمذهبية ذي الإرتباط الوثيق مع الداخل اللبناني وتأثيرها في مستقبل سوريا ولبنان مثل الدروز والمسيحيين على سبيل المثال، ويمكن للبنان أن يستكشف إن كانت هذه الرؤية الموضوعة لسوريا تؤثر على أقليات لبنان. تهتم روسيا وإيران تحديدا بهذا الملف وهاتان الدولتان –بحسب الأوساط التي تحدثت الينا-لن تسمحا للمتطرفين بالتأثير على الأقليات علما أنه توجد ضغوط من الجهات المتطرفة في هذا الخصوص.
-اللاجئون السوريون: هو ملف شائك جدا، هنالك مشاكل اقتصادية تتعلق بالعودة وتحتاج العودة الى استثمارات والجميع يعرف موقع الدول القادرة بحسب توصيف الأوساط المذكورة. من المهم موضوع التنسيق الأمني ويمكن للجهات اللبنانية التنسيق مع الجهات الفاعلة كإيران أو الحكومة السورية بحسب ما ترغب.
تربط الدول الغربية العودة بالحل السياسي، وبحسب الأوساط التي تحدثت الينا فإن هذا الحل السياسي موجود في آستانة وهو يسير بشكل مستمر على عكس مسار جنيف ومن المهم أن تكون هنالك رؤية لبنانية في هذا الملف. وتشير الأوساط الى أن موضوع عودة اللاجئين هو بند اساسي في الدستور السوري المقبل، وفي المواضيع التي ستطرحها اللجنة الدستورية العتيدة، وستكون العودة من أهم مواد الدستور اللبناني بسبب المشكلات القانونية والحقوقية والأوراق الثبوتية ويجب حل هذه الأمور، لأن حلّها سيساعد على العودة الجذرية. ومن المهم أن يكون المندوب اللبناني مهيّأ للإجابة على كل الطروحات وأن يطرح بدوره هذه العناوين الفرعية الحقوقية والأمنية من وجهة نظر لبنانية.
وتختم الأوساط بقولها أن مسار آستانة ليس مسارا يوميا ويجب أن يفيد لبنان من هذه اللقاءات لأنها ليست متوافرة على مدار السنة، ومن المهم أن تتحرك وزارة الخارجية اللبنانية مع الدول الصديقة المعنية كإيران وروسيا لبحث تفاصيل هذه الملفات وخصوصا تقنيا وفنيا، لأن المندوب اللبناني في الإجتماع المقبل سيكون على مستوى مراقب فحسب وليس على مستوى وزير خارجية أي المستوى الثالث من المجتمعين (الأول مستوى رؤساء الجمهورية، الثاني وزراء الخارجية، الثالث المراقبين كنواب وزراء الخارجية، والرابع الخبراء وهؤلاء يجتمعون كل أسبوعين مرّة). من هنا أهمية أن يدرك لبنان صلاحياته كدولة مراقبة قبل التطرق الى المواضيع المختلفة ومن هنا اهمية التنسيق مع الدول الضامنة وخصوصا الدولتين القريبتين منه اي روسيا وإيران لأن تركيا –بحسب الأوساط- هي ضامنة للجماعات المسلّحة.