“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة:
طرحت النّدوة التي نظمتها “أمم للتوثيق والأبحاث” السبت الفائت في فندق “الريفييرا” إشكالية اللجوء السوري والفلسطيني الى لبنان من وجهة نظر اللاجئين أنفسهم والمسؤولين عن هذا الملف في المنظمات الإنسانية. وكانت مناسبة للتعرّف الى هواجس هذه الشريحة التي دخلت لبنان والتي باتت تشكّل عبئا حقيقيا على اقتصاده وبنيته التحتية وديموغرافيته، فضلا عن آراء متخصصين قاربوا الموضوع بعين المراقب والمحلّل.
لم تخل الندوة وهي الأولى في سلسلة متكاملة تقوم بها “أمم” (أنظر مقابلة لقمان سليم على موقعنا)، من توتّر في الكلام بقي ضمن إطار النقاش الحضاري، لكنّه عكس توتّرا في الشارعين: شارع اللاجئين وشارع اللبنانيين.
كان لافتا أن اللاجئين، يعتصمون كي لا نقول “يستقوون” بمؤتمر “سيدر” الذي ترعاه فرنسا، وتعددت الآراء التي تقول بأنه من دون “الإهتمام بنا وبأوضاعنا لن تروا “يورو” واحدا من “سيدر””. هذا الأمر أكد عليه الدكتور سامي نادر في مداخلته ضمن الجلسة الأولى التي حملت عنوان: “عن “الخيمة” بوصفها مفهوما…عن “الخيمة” بوصفها محلّ إقامة”.
4200 مخيّم وخطر العسكرة قائم
وضع الدكتور سامي نادر محاور لعرضه يمكن تلخيصها كالآتي: التخوّف من ألا يتمكن اللاجئ السوري من تجديد أوراقه وتحديدا جواز سفره، وهو اختلاف رئيسي بينه وبين اللاجئ الفلسطيني الذي لا يحمل هوية.
التخوف من عسكرة اللجوء السوري ويكفي تسليح 2 في المئة من هؤلاء في حال تصاعد خطاب الكراهية وانغمس لبنان مجددا في الصراع الإقليمي. كشف سامي نادر بحسب احصاءات “ليبانون ستاتيستيكس” عن وجود 4200 مخيما وتجمّعا لسوريين في لبنان، وهو عدد ضخم ويزيد المخاطر الأمنية بحسب نادر. كذلك طرح نادر مسألة عرقلة النظام السوري لعودة جميع اللاجئين إما بسبب طائفتهم وإما بسبب الأوضاع الإقتصادية المتفاقمة، ولم يغفل مسألة اساسية تعقد التسوية وتتعلق بمن هو ممثل السنّة في سوريا، قائلا:” لكي تحصل التسوية يجب معرفة من هو ممثل السنّة في سوريا؟ لغاية الآن لا نعرف من هو ممثل السنّة في الداخل السوري”. وعلى مشارف زيارة وفد روسي رفيع غادر لبنان منذ يومين برئاسة الموفد الرئاسي الروسي الى سوريا ألكسندر لافرنتييف طرح سامي نادر فكرة مثيرة للإهتمام اعتبر فيها أن وجود 4200 مخيما وتجعما لسوريين يعني وجود مصلحة لـ”حزب الله” بإبعادهم، ولكن ليس من مصلحة لروسيا إعادتهم الى مناطق نفوذها، هذا سيكون ملفا خلافيا أكبر بين روسيا وإيران”.
بالعودة الى مؤتمر “سيدر” قال نادر:” إن خشبة الخلاص الوحيدة تتمثل بمؤتمر “سيدر” الذي وعد بـ17 مليار دولار على دفعتين. لم تكن هذه الفكرة لتنطلق لولا وجود السوريين في لبنان، كان وجودهم هو المحرّك الأول لـ”سيدر”. وبالتالي، لا يمكن الحديث عن إعادة اللاجئين ثم محاورة الأوروبيين”.
وعرض نادر لخطر الولادات السورية الذي يبلغ سنويا 61 ألف ولادة في مقابل 61 ألف ولادة للبنانيين ما “يبشر” بمشكلة حقيقية بعد 5 أعوام.
رأي المنظمات الإغاثية
حسان الغالي، وهو يرأس الجمعيات الإغاثية قدّم مقاربة مثيرة للإهتمام عن الأوضاع الحياتية والمعيشية داخل “الخيمة”. وقال الغالي: “ 19 في المئة فقط من النازحين يعيشون في مخيمات، والضغط على هذه الشريحة ليس مفيدا، لأن السواد الأعظم وهو 81 في المئة يعيشون خارج المخيمات، وبالتالي يتم الضغط على الشريحة “الغلط””.
وتطرّق الغالي الى الوضع الإنساني المأسوي في الخيم والتسرب المدرسي الذي يتعدى الـ85 في المئة. لكنّه أثار مسألة قرار مجلس الدفاع الأعلى هدم الخيم الإسمنتية (لها جدار إسمنتي) مثيرا مسألة عدم وجود معايير واضحة للخيم المسموح بها. وقال:” لا شيء مفهوم حيال المعايير وهي متفاوتة من منطقة الى أخرى، في عرسال قيل مسموح 5 بلوكات في حين أنه ممنوع في منطقة ثانية (…)”.
أضاف:” الخيمة المقترحة هي خشبية بمساحة معينة، وهي بالتالي غير صالحة للحياة توجد أسئلة تحتاج الى إجابات”.
اللجوء الفلسطيني
وتحدّث الصحافي الفلسطيني اللبناني أنيس محسن عن التباس العلاقة بين اللجوء الفلسطيني و”الدياسبورا” وذلك في جلسة حملت عنوان:” لاجئون، نازحون، أنصاف لاجئين، لاجئون ونصف”.
كشف محسن بأن الأرقام التي صدرت عن اللجنة اللبنانية الفلسطينية بوجود 174 ألف لاجئ فلسطيني صحيحة، وأشار:”نحن نعتقد بأن الرقم أقل من ذلك”.
ولفت الى أن مصطلح “النزوح” المستخدم في لبنان خاطئ ” لأنه ضمن البلد الواحد وهو يضرب سيادة لبنان وسوريا معا”.
وروى محسن جانبا من بداية اللجوء الفلسطيني الى لبنان عام 1948، راويا كيف جاء الفلسطينيون وسكنوا كفلاحين في المناطق الحدودية بعضهم استقبل بحفاوة وبعضهم تمّ طردهم لكن كان قرار سياسي بإبعادهم عن الحدود كي لا يتابعوا العودة الى فلسطين”.
وكشف محسن بأن :” بداية تكوين المخيم لم تأت بجهود رسمية لبنانية بل بواسطة جمعيات كنيسية مسيحية غالبيتها أميركية. خرج الفلسطينيون بداية وناموا تحت الشجر بلا خيمة، جزء منهم ذهب الى بحيرة القرعون وغرقوا ودفنوا هناك”.
وأكمل:” بدأ وضع الخيم لأن كل فلسطيني اعتقد أنه سيرجع، وساعده اللبناني ولم يكن من كره بينهما في تلك الأيام. بقي المخيم لأنه لم يكن هنالك أي احتمال للعودة. تحولت الخيمة من مدماك الى 5 مداميك الى جدار مع زينته اليوم بات المخيم 5 طبقات لكنه غير آمن ومن يسكنه لا يشعر باي استقرار”.
وتحدث الدكتور مكرم رباح من الجامعة الأميركية في بيروت، فانتقد بحدّة السياسة المتبعة لبنانيا سواء من وزير الخارجية جبران باسيل أو رئيس الحكومة سعد الحريري ومؤسسات الدّولة منتقدا خطاب الكراهية السائد. وتطرق الى طرد نازحين سوريين في دير الأحمر على خلفية حرقهم لآلية للدفاع المدني، فقال :” سمير جعجع لم يستطع “المونة” على شبابه (رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع) في دير الأحمر لمنعهم من طرد اللاجئين من مخيم “كاريتاس” يقولون بأنه لا أحد يصدق باسيل (وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل) وهذا غير صحيح لأنه يوجد ناس يصدقونه (…)”.