![z](https://i0.wp.com/masdardiplomacy.com/wp-content/uploads/2019/06/z.jpg?fit=481%2C640&ssl=1)
“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
استفاض سفير روسيا ألكسندر زاسبيكين في شرح الخلفية التي تنهل منها روسيا سياستها في العالم والشرق الأوسط: رفض سياسة القطب الواحد والإتجاه الى التعاون مع أقطاب ودول مختلفة منها الصين وإيران، والعمل من منطلق الشرعية الدولية من دون التدخل في شؤون الدول، نافيا أي طموح روسي بالعودة الى الإتحاد السوفياتي، ومفندا لجمهور “مؤسسة فؤاد شهاب” الذي دعا أمس لندوة حول روسيا والعالم العربي معه ومع الكاتب في صحيفة الشرق الأوسط سمير عطاالله محاولات الغرب خلق “روسوفوبيا” في العالم أجمع وفي الشرق الأوسط خصوصا.
إلا أن الجمهور الحاضر، كان بمجمله ممن ينتمي الى فكر دولي مناهض لروسيا، وتحديدا في سوريا، فكانت الأسئلة التي تفاوتت بالأهمية بشكل ملحوظ منصبة على الهجوم على زاسبيكين، الذي بقي كعادته هادئا، هو الدبلوماسي الفذّ والحرّيف وصاحب الدهاء الإستثنائي الذي يرفض وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف تغييره نظرا الى قوّته الدبلوماسية في إدارة أعقد الملفات من لبنان حيث يمكث فيه منذ أكثر من 7 أعوام. باستثناء التقديم من رئيس مؤسسة فؤاد شهاب السفير السابق شارل رزق، ثم كلمة مكتوبة للكاتب سمير عطاالله، ثم مقدّمة عامة لزاسبيكين، ساد نوع من التوتر الذي لم يتطور الى خلاف حاد وانحصر بتوجيه “اللكمات” السياسية والدبلوماسية التي سدّد زاسبيكين عددا كبيرا منها لبعض من استفزّه بشكل مباشر، ومن هؤلاء الدكتور فارس سعيد.
سأل سعيد زاسبيكين: سعادة السفير، إن الجيل العربي الجديد ينظر الى التغيير في العالم العربي والى الولايات المتحدة وروسيا بعين القلق، ولّد التغيير من الخارج بالضربة القاضية كما حصل في العراق وفي أفغانستان كوارث، والأمر سيان مع التغيير من الداخل كما في سوريا حيث لم تقبلونه تحت عنوان الإرهاب وأسلمة هذه الثورة. هل من إمكانية بأن تعيدوا النظر في سياستكم حول موضوع التغيير وأن يكون الإستقرار الذي تنادون به هو استقرار صديق للشعوب، وليس استقرارا عدوا للشعوب التي تريد التغيير كما حصل في سوريا؟ وأضاف سعيد سؤالا ثانيا: خلال زيارة فخامة رئيس الجمهورية (العماد ميشال عون)الى روسيا، شكر الرئيس (فلاديمير) بوتين حماية روسيا للأقليات المسيحية في المنطقة، أنا مسيحي لبناني وعربي ولا أشعر بأنني أنتمي الى أقلية، ولا أشعر بأنني خائف. ممن تريد حمايتنا سعادة السفير؟
أجاب زاسبيكين: نحن ضد التدخل في الأوضاع الداخلية للبلدان خلافا للأميركيين وغيرهم. لذلك ردا على سؤالك هل نغير هذا الموقف؟ أسألك : لمصلحة من تريدنا أن نغير موقفنا؟ ولأي سبب؟ وما هو هدف ذلك؟ انا اشرت الى أمثلة أخرى مثل ليبيا واليمن… وحتى يوغوسلافيا في شأن التصعيد حول كوسوفو. بعد عشرين عاما او أكثر هم مرتاحون في أوروبا بأنهم فككوا البلد، لكن بالنسبة الى الصرّب لم تنته المشكلة. لذلك أنا لا ارى اي سبب لتغيير النهج الروسي في سوريا. أما من يتحمل المسؤولية؟ فلدينا جواب على ذلك، ليس النظام السوري وليست روسيا. نحن ما أردناه منذ البداية هو استقرار هذا البلد”. وقال زاسبيكين ردّا على اشكالية حماية المسيحيين :”إن المشاركة العسكرية الروسية في سوريا كانت لمنع الإستيلاء على الحكم من قبل الإرهابيين هذا هو موقفنا. يمكن لحضرتك أن توافق أو لا توافق على هذه الرؤية، لكننا شاهدنا أن هذه الفصائل كلها من “داعش” و”جبهة النصرة” الى الآخرين كانوا يريدون المجيء الى دمشق وإعلان إمارة في سوريا، فهل يبقى للمسيحيين من مكان؟ كثر الحديث أنه سيتم تأسيس دولة سنية أو علوية أو سواها… وبالتالي يجب أن يكون هذا الأمر مقنعا أولا بالنسبة اليكم…. بأن ما حدث في سوريا فهو نوع ما مساعدة لاي مسيحي… أنظر ما الذي حصل في العراق؟ لم يعد يوجد وجود مسيحي هناك عمليا. وهذه هي حماية مباشرة، أما إذا أنت لا تشعر في بيتك بها طيّب…هذا شأنك”.
صفقة القرن لن تمرّ
وتطرق زاسبيكين في حواره مع الحضور الى قضايا عدّة، وأبرز ما قاله:” نحن نؤيد النظام (في سوريا) كما هو، وكل ما نفعله اليوم هو الدفاع عن استقرار سوريا حتى لو اضطررنا الى استخدام القوة. أما من هو المسؤول عن موضوع النزوح؟ لا يمكن القول أن النظام هو مسؤول عنه في وقت نرى هجوما من عدد كبير من الأطراف الخارجيين”. ونفى زاسبيكين سماعه بأية مبادرة روسية تتعلق بترسيم الحدود الشمالية مع سوريا. وأشار الى أن المبادرة الروسية مستمرة ضمن القدرات المتاحة. وردا على سؤال حول صفقة القرن واجتماع البحرين قال زاسبيكين: نحن من حيث المبدأ نعتبر بأن هذا الإجتماع مضر وهو مبني على أسس غير جيدة، وهذه وجهة نظر متطابقة بين روسيا وبين عدد كبير من الدول، وغالبية الدول العربية بما في ذلك لبنان. وطبعا بالدرجة الأولى الفلسطينيون وهنالك موضوع قضية التسوية الشاملة أو إحلال السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط، هذه القضية بالنسبة الينا مطروحة بالرغم من كل ما يحدث في المنطقة، وسوف نعود الى عملية السلام. بدون ذلك لا أتصور استقرارا حقيقيا وامنا حقيقيا في الشرق الأوسط، قد تكون الظروف الآن غير مؤهلة لذلك، بسبب النزاعات في سوريا والدول الأخرى، فلذلك أولويات. ونركّز على إيجاد الحل للنزاعات في الدول العربية والعالم العربي منقسم. أنا حتى بالمناسبة اقول أنني لا أرى أنه مقنع موضوع الإشارة الى الخلاف بين العرب والفرس، أنا أرى أنه يوجد انقسام في العالم العربي فهنالك جزء من العرب مع هذا الجانب، وجزء آخر مع الجانب الثاني. فصفقة القرن لن تمر،وهذا مئة بالمئة، وشيء غلط بنظري ما يحصل من التطبيع العربي الاسرائيلي من قبل بعض الدول، هذا غلط. ونحن كنا نعتبر دوما بأن النزاع العربي الإسرائيلي لديه اسباب وأمور يجب معالجتها، هنالك أراض محتلة وهنالك حقوق للشعب العربي الفلسطيني وهذه لن تجد حلولا لموضوع القدس ولأمور أخرى، لذلك نحن سنبقى في الموقف المبدئي، واية شائعات بالنسبة الى الموقف الروسي فهذا غير صحيح وهذا جزء من الحرب الإعلامية.
سئل: اجتماع لمجلس الأمن القومي في نهاية هذا الشهر في اسرائيل ما صحة ما يقال بأن هذا الإجتماع هو لتحجيم الدور الإيراني في سوريا، وهل يمكن أن يؤثر ذلك على العلاقات التي سبق وتوترت بين روساي وإيران في مرحلة سابقة؟
أجاب زاسبيكين: صح، وهذا الموضوع ملح، وتوجد الآن شائعات كثيرة حوله أريد أن أنفي كل هذه الشائعات حول المقايضة، فهنالك حديث عن تغيير الموقف الغربي من النظام في سوريا ورفع العقوبات في مقابل رحيل الإيرانيين. أنا اسمع هذا في وسائل الإعلام. هذه شائعات غير صحيحة على الإطلاق، هنالك أهداف أخرى لهذا اللقاء، ونحن من جانبنا سنطرح بعض المواضيع الملحة في سوريا وهذه المواضيع معروفة. لا يزال وجود للإرهابيين في إدلب، ويجب القضاء عليهم بشكل أو بآخر، والأميركيين فقط يرون تحرك الجيش السوري بمساعدتنا ويعملون ضجة في هذا الخصوص. والوجود العسكري الأميركي نعتبره مشكلة، وهنالك مخيمات…كل هذه الأمور نريد مناقشتها أثناء هذا اللقاء. هذه الأشياء الأمنية نعتبر أنها مهمة جدا، ونحن نسعى الى تطبيع الأوضاع في سوريا لإعادة الإستقرار في هذا البلد،وهذا سيكون مفيدا للجميع في المنطقة”.