“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
لم يتم الإنتصار على “داعش” بعد، ويحاول التنظيم الإرهابي تعديل استراتيجيته على ضوء البيئة الأمنية في العالم.
هذه الخلاصة توصّل اليها أكثر من محاضر في المؤتمر الذي نظمه مكتب سوريا ولبنان في مؤسسة “كونراد آديناور ستيتفونغ” و”معهد العلوم السياسية” في جامعة القديس يوسف بعنوان:” الإسلام المسلّح والجهادية بعد نهاية الخلافة: إعادة تقييم التطرّف والتعصب والحرب العالمية على الإرهاب” وذلك في فندق “البريستول“.
بيرغلين: داعش لا يزال موجودا
وكانت كلمة للسفير الألماني في لبنان جورج بيرغلين قال فيها بأن ألمانيا حصتها من المهاجرين من دول المغرب ومن سوريا، وتشكّل هذه الهجرة تحديات جمّة للمهاجرين وللبلدان المضيفة. اقترفت ألمانيا خطا تمثل في تطوير مجتمعات موازية بلا أن تعمد الى إدماجها في شكل فعّال. وهذا من ضمن المشاكل التي نواجهها.
ومن الأسئلة التي نطرحها: كيف يمكن مواجهة هذه التحديات لتحقيق مجتمع مزدهر؟ الجواب أنه يجب النظر الى المشاكل بحد ذاتها، وعدم دفن الرؤوس تحت الرمال. لا يزال الجيل الثاني والثالث متمسّكا بالأصولية. إن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال موجودا، هذا ما ذكّرتنا به هجمات سيريلانكا الأخيرة. ليس الحصول على التعليم كافيا لمنع الشباب من الوقوع في فخه. هنالك مشاكل في إنفاذ القانون ويجب معرفة محفزات التعصّب لوضع استراتيجيات لمواجهتها بشكل فعّال”.
وبرزت في اليوم الثاني للمؤتمر مسألة المقاتلين الأجانب، العائدين الى أوروبا في حين أن الآلاف منهم لا يزالون يقبعون في المخيمات ومراكز الإحتجاز بين سوريا والعراق، بينما تعرقل الدول الأوروبية إعادتهم لأنها لا تعرف لغاية اليوم كيف تتعامل مع هذه المسألة.
“داعش لم تنته”
تحدث تيم زيغلر وهو عضو في مجموعة الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب في مؤسسة كونراد إديناور في برلين، وأشار الى أنه ليس من اثباتات من ان داعش تسيطر على خلايا في اوروبا، لكن الخطر لا يزال كبيرا.
وقال زيغلر: بعد اعتداءات سيريلنكا، يجب النظر الى استراتيجية داعش لإعادة تأسيس نفسها تحت شعار أن تكون هي “المظلة الخارجية لكل الإعتداءات الجهادية”. لم يتم الإنتصار على داعش بعد، ويحاول التنظيم تعديل استراتيجيته على ضوء البيئة الأمنية في العالم.
هنالك مشاكل في المنطقة تؤدي الى تحقيق تأسيس الخلافة. أصبحت داعش تطبق تكتيكات تعتمدها عادة المجموعات المتمردة، لذا يجب أن تكون المجموعة الأوروبية مستعدة لهذه الهجمة.
من المهم التركيز على استراتيجية ترتكز الى تحليل المعلومات ليتمّ تفادي كل الرسائل الخاطئة.
أذكر في هذا المجال الجدل الكبير على السوشال ميديا حول خلفيات حريق كاتدرائية نوتردام في باريس، هذه الإشكاليات الجدلية ربطته بالأصولية الإسلامية. إن استراتيجية داعش موجهة فعليا لإرساء الخلافة من خلال المعلومات المضللة. إن وجود داعش على شبكة الإنترنت واسع جدا، وهو يشكل للتنظيم منصة لبث البروباغندا الأصولية واجتذاب مجندين جدد من دول الإتحاد الأوروبي. تحتفل داعش بعد كل هجوم لأن المشاكل التي تهز الغرب هي شعار مهم لها.
أرقام الإرهابيين العائدين
-بالنسبة الى عودة المقاتلين الأجانب قال زيغر بأن عدد الجهاديين الأوروبيين ارتفع بشكل ملحوظ بين عامي 2011 و2017، بين 20 و30 ألف مقاتل تمّ تجنيدهم من بلجيكا خصوصا ومن فرنسا وبريطانيا.
وبحسب تقرير نشره المجلس الأوروبي عام 2018 فقد عادت نسبة مهمة من هؤلاء الى بلدانها، في حين أن نسبة أخرى قتلت في الأراضي السورية او اعتقلت في خارج الدول الأوروبية. ولد 700 طفل أجنبي في الأراضي السورية، بالإضافة الى 600 طفل من جذور أوروبية شرقية.
هذا يعني أنه لدى اوروبا جيل ثان من العائدين الملتزمين إيديولوجيا بنزعة العنف ضد المواطنين الأوروبيين.
أما عملية سجن هؤلاء فدونها صعوبات جمّة بحسب زيغلر، وهي لن تتعدّى الخمسة أعوام وغالبية هؤلاء سيخرجون من السجن قبل هذه المدّة.
تبدّل أنماط الإرهابيين
وقدّم بيتر نويمان، من جامعة كينغز كوليدج في لندن حيث يدرس الشؤون الأمنية محاضرة عن الإرهاب المحلي والجماعات السلفية وقال بأن نمط المتطرفين الذين نعرفهم منذ 6 اعوام بمعظمهم كانوا مجرمين وتحولوا الى ارهابيين، وهذا الأمر ترافق مع ظهور الدولة الإسلامية. بعضهم ينضوي في هذا التنظيم تكفيرا عن الذنوب وآخرين يبحثون عن شرعية أعمالهم الإجرامية وهذا الذي قدّمته لهم “داعش”.
يقول أحد الإرهابيين المعروفين أنور العولقي: أسرقوا من أجل الجهاد وموّلوا أعمالكم من جيوب الأعداء. وقال جهادي فرنسي لأحد الصحافيين: من خلال فتح الحسابات الوهمية آخذ الأموال ..وهذا أمر محلّل لنا لأننا في حرب…أما الجهادي أبو مجاهد الفرنسي فقال أن سرقة منزل شكل من أشكال العبادة والإقتراب من الله، وسرقة المال لها هدف إلهي وهي ليست خطيئة.
معظم هؤلاء المقاتلين يأتون من السجون وهي أماكن للتشبيك وتمكن الأشخاص أن يشعروا بصداقة في ما بينهم كما حصل إبان اعتداء شارلي ابدو. إن هؤلاء المجرمين الذين صاروا ارهابيين اكتسبوا مهارات استخدام الأسلحة، كما كوليبالي الذي ضرب طوقا حول المتجر اليهودي. تعلّم داعش إرهابييها كيفية شراء السلاح، والمناورة، في كرّاس باللغة الفرنسية تطلب ألا يرتدي المجنّد حين يذهب لشراء السلاح ثياب السلفيين كي لا يشك به التاجر بل أن يرتدي ثياب المجرمين.
السجون…وخطر النساء الإرهابيات
الرّبط بين السّجن والتطرّف تحدث عنه أنجل فيسنتي لوبيز موريل،
يعمل فيسينتي في مجال السجون منذ 10 أعوام، وتحديدا في سجن يشكل نقطة الإحتجاز الأولى في اسبانيا، وهو باحث مقيم الآن في تركيا.
حذّر أكثر من مشارك ومن هم فيسينتي الى ضرورة التنبّه الى عدم التبسيط المفرط لدور النساء والذي يتسبب به الإعلام الذي يصوّرهنّ انهن انتقلن الى سوريا بسبب وقوعهن في غرام رجل… هذا أمر يعكّر الحقيقة. ما لاحظناه كخبراء هو أن معظم النساء الداعمات لداعش كنّ واعيات بما تفعلنه، بالإستناد الى ما نشرته تلك النساء أنفسهنّ، وهنّ أكثر قوّة من حيث معتقداتهن واكثر التزاما من الرجال، وبالتالي هنّ لم تذهبن الى سوريا لأنهم وقعن بالغرام.
واثار يان سان بيار نقطة خطرة عن الأحزاب المتطرفة المسيحية اليمينية، قائلا بأن الأوروبيين من هؤلاء قد ينضمون الى أحزاب يمينية متطرفة وأحزاب مسيحية. كثر من المواطنين اليونان الذين كانوا في البشمركة وغيرهم من المواطنين الأوروبيين الذين قاتلوا في سوريا من ايطاليا وفرنسا وغيرهما ينتمون الى اليسار المتطرف وهؤلاء لديهم خبرات قتالية واسعة.
والفكرة الأساسية التي يجب التركيز عليها هو الرد على سؤال: من هو العدو؟