“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
يعقد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل محادثات مع وزيري خارجية اليونان جورجيوس كاتروغالوس وقبرص نيكوس خريستودوليدس يوم غد الأربعاء، بهدف تحديد أطر التعاون الثلاثي في 3 مجالات تم الإتفاق عليها هي الإقتصاد والسياحة والتعليم العالي وما يتفرع عنها من تفاصيل في التبادلات التجارية وتصدير المنتجات اللبنانية بما يفتح لها أسواق الإتحاد الأوروبي، وبغية تحديد أوجه التعاون في السياسة الدولية لا سيما في ملف اللجوء والنزوح، على أن يتم اعتماد هذه الآلية بشكل نهائي في القمة الرئاسية الثلاثية التي لم يتم الإتفاق على موعد محدد لها بعد لكنّه سيكون قريبا بحسب معلومات موقع “مصدر دبلوماسي” ويتم البحث في مقرّها المتأرجح بين نيقوسيا ولبنان.
وبين الفترة الفاصلة بين الإجتماع الوزاري (الثاني من نوعه لأن الأول كان عام 2016) والقمة الرئاسية الثلاثية الموحودة، ستقوم الوزارات اللبنانية المعنية في القطاعات الثلاثة بالتواصل مع القطاع الخاص للوقوف على رأيه في المشاريع التي تهمّه، على أن يلي ذلك توقيع مذكرات تفاهم. تعتبر هذه الشراكة بين لبنان وقبرص واليونان-بحسب أوساط دبلوماسية مواكبة- “ذي أهمية كبرى نظرا الى تقاسم هذه البلدان بحرا مشتركا ولفتح مجال المثالثة السياحية فضلا عن الخلفية الثقافية المشتركة التي تعود الى سنين خلت، بالإضافة الى المصالح الحيوية التي تجمع هذه البلدان، لذلك سيساعد هذا الحوار الثلاثي على إيجاد مناخ تفاهم وإزدهار في شرقي المتوسّط”.
سيتم عقب اللقاء الذي سيليه مؤتمر صحافي صدور بيان مشترك وإعلان نوايا للعمل الثلاثي المشترك ضمن المنطقة.
وتبدو الأعين الأميركية متنبهة الى هذا الموضوع وتطوره إذ يمكن استخدامه مستقبلا بالصورة الأشمل أي تضمينه اتفاقيات أخرى تتعلق بقطاع الطاقة والنفط الذي تمّ تحييده مرحليا نظرا الى الحاجة الى دراسته بشكل أعمق، وسط الخلاف الحدودي بين لبنان وإسرائيل. لكن وبحسب معلومات موقعنا فإن هذا الموضوع سوف يطرح بين لبنان وقبرص بشكل ثنائي أثناء زيارة وزير الطاقة القبرصي يورجوس لاكوتريبيس بعد غد الخميس الى لبنان، حيث سيعقد اجتماعات ثنائية مع نظيرته اللبنانية ندى البستاني ومع وزير الخارجية جبران باسيل.
خلفية الإجتماعات السابقة
هذا الإجتماع ليس الأول في وزارة الخارجية والمغتربين إذ انعقد للمرة الأولى في 9 تشرين الثاني 2016 وذلك ضمن إطار التعاون الثلاثي ذاته، “والذي يأمل لبنان بأن يوسّعه الى دول أوروبية أخرى في المنطقة لكي يكون تحت عناوين جغرافية وثقافية وسياسية واقتصادية ويضم الدول التي تتشابه في الأفكار والتي تعنى بالسلام في المنطقة ومواجهة الأخطار المتعلقة بها وتحديدا الإرهاب وأزمات النزوح واللجوء” بحسب ما قال باسيل يومها. علما بأن اجتماعا ثلاثيا مماثلا انعقد في 12 أيار 2016 في أثينا.
بالعودة الى خلفية هذا اللقاء الثلاثي الوزاري، فقد أدّى اندلاع الحرب السورية وبروز مسائل النفط والغاز في شرقي المتوسط الى تحرّك اليونان وقبرص اللتان قررتا منذ 2014 انشاء تحالف استراتيجي في شرق المتوسط بغية تقوية موقعهما في الجغرافيا السياسية. وكانت آلية التعاون بينهما عبر توقيع مذكرة تفاهم ثنائية بغية التنسيق وايجاد مناخ من السلام في المنطقة. و تم إطلاق هذا “التعاون الثلاثي” كما هو معروف دوليا مع مصر ثم مع رام الله. عام 2016 ،عرض القبارصة على وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل آلية تعاون ثلاثي عبر محاور تعاون مشتركة. وكان اتفاق مع وزير خارجية قبرص عقب زيارته الى بيروت وتمت تسمية مسؤولين في وزارة الخارجية والمغتربين لمتابعة هذا الموضوع مع قبرص واليونان. وبعد لقاءات عدة بين لبنان ورودس (مؤتمر الإستقرار والأمن عام 2016 ) وبروكسل (مؤتمر بروكسيل 1) بدا أن الإتفاق يسير بشكل طبيعي حول ملفات السياحة الدينية والتعليم العالي والإقتصاد. وانعقد في 9 تشرين الثاني 2016 اجتماع ثلاثي مشترك بين الوزراء الثلاثة، وصدر بيان مشترك شددوا فيه على أهمية ومزايا التعاون الأورو-متوسطي لبلدان المنطقة وأقروا بأن المنطقة غنية بالفرص التي يجب اغتنامها من أجل خدمة مصالح شعوبها، وشددوا على أهمية أولويات الشراكة بين الإتحاد الأوروبي ولبنان للفترة 2016 و2020 ضمن إطار مراجعة سياسة الجوار الأوروبية ورزمة المشاريع ذات الصلة التي ستفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الإتحاد الأوروبي ولبنان. وكان اتفاق لتعزيز التعاون بين الجامعات ومراكز البحوث وأن التعليم هو من القطاعات ذات الأولوية وتناولت المباحثات أيضا قطاعي النفط والغاز وكل أنشطة الطاقة لا سيما مصادر الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية طاقة الرياح الطاقة الهيدرولية الخ) وسبل تعزيز التعاون والتبادل بين المؤسسات المختصة والقطاع الخاص. (…)
وفي 28 آذار 2018 استقبل باسيل نظيره القبرصي نيكوس كريستودوليدس وتم بحث اتفاقية سياحية ثلاثية بين لبنان وقبرص واليونان، وقال باسيل يومها أنه سيتم العمل عليها في القريب العاجل لتأمين زيارات سياحية مشتركة بين بلداننا، وهذه الإتفاقية تندرج في سياق اجتماع ثلاثي كنّا عقدناه على مستوى وزارء الخارجية تمهيدا للقمة الثلاثية (…).
وأخيرا، واكب باسيل هذا الحراك بدعوته الهيئات الإقتصادية المعنية لتحديد المشاريع التي يمكن طرحها، وتشكلت لجنة متابعة تألفت من سفيري اليونان وقبرص وعدد من الدبلوماسيين المعنيين في الخارجية اللبنانية تحضيرا لإجتماع المدراء العامين والخبراء الذي انعقد قبل اسبوع لإعداد الأوراق اللازمة لاجتماع الغد.