“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
فجأة كبرت سارة خليفة، صرنا نقرأ أخبارها في الصحف العالمية وفي المواقع الخاصة بدول كبرى… من الصين والولايات المتحدة الأميركية واليونان الى الإمارات العربية المتحدة ولا أحد يعرف أين ستحلق هذه الفتاة التي بلغت الـ29 عاما بلمح البصر.
فجأة، نقرأ عن سارة أنها ربحت جوائز وميداليات ذهبية واجتازت مراحل في السباحة الخاصة. في الأسبوع الفائت شاركت في الأولمبياد الخاص في مرحلته الأولى في أبو ظبي، ونالت المرتبة الرابعة بمسافة الخمسين متر، وهي تتهيأ الآن في دبي لاجتياز مسافة الـ100 متر سباحة حرة يوم الثلاثاء في 19 الجاري وعينها على الميدالية الذهبية.
شخصان وحيدان، رافقا سارة في خطواتها نحو النجاح والعالمية هما والداها جوزف وعايدة خليفة. الطفلة الصغيرة والذكية التي ولدت برفقة “متلازمة داون”، أبت عائلتها الصغيرة إلا أن تدرّبها يوما بعد اليوم على السباحة عكس التيار، فتمّ دمجها في المجتمع بقوة العلم والإيمان والعزيمة والإرادة الصلبة.
سارة التي يعيش نظراء كثر لها في العزلة، كسرت الأغلال التي رافقتها طفلة وانطلقت نحن الأضواء، واثقة ومضيئة وجميلة مع عائلة فخورة بتألقها.
سارة إبنة عمشيت، سبحت عكس التيار السائد في لبنان واعتلت مراتب النجاح، وها نحن ننتظر أن تحمل الينا ميدالية جديدة تضمها الى الميداليات الكثيرة التي حصدتها لغاية الآن في مسيرة رياضية تستمر منذ 17 عاما.
شاركت سارة في مسابقات دولية عدة: الألعاب الأولمبية في الصين عام 2007 وأحرزت ميدالية فضية في سباق الـ50 والـ100 متر سباحة حرة، ثم في الألعاب الإقليمية في أبو ظبي عام 2008 حيث نالت الميدالية الذهبية، وفي عام 2011 شاركت في الألعاب الأولمبية في اليونان وأحرزت الميدالية الذهبية في سباق الـ50 متر حرّة.
عام 2014 شاركت سارة في الألعاب الإقليمية في مصر، وعام 2015 في الألعاب الدولية في لوس أنجلس واحرزت الميدالية البرونزية في سباق الـ100 متر حرّة، وأخيرا وليس آخرا في الألعاب الإقليمية في أبو ظبي عام 2018 حيث أحرزت ميداليتين برونزية في سباق الخمسين متر سباحة حرة والفضية في سباق الـ100 متر سباحة حرة.
يعطي الأولمبياد الخاص المشتركين فرصا للفوز ويوزّع المشتركون في كل لعبة (24 لعبة) في مجموعات تراعي العمر والمقدرة، ويصبح التنافس بين أفراد كل مجموعة. أهمية سارة أنها شاركت في سباحة الـ50 متر، والأهم أنها تتحضر للمشاركة في الـ100 متر وباستطاعتها أن تسبح لمدة ساعة ونصف وأكثر دون تعب أو إرهاق، إلا أنها لا يمكن أن تشترك في مسافات طويلة لكي تتمكن من الفوز بالميدالية الذهبية لسبب يكمن في أنه لا يتم إشراك الإناث في مسافات طويلة. علما أنه يشارك في أولمبياد أبو ظبي لألعاب القوى والسباحة أكثر من 7500 رياضيا من 190 بلدا.
في سجل سارة نقرأ الكثير من الإنجازات، بالإضافة الى أن سارة عضو فاعل في جمعية “إيمان ونور” هي عضو في “سيزوبيل” حيث هي مساعدة معلّمة وسبّاحة ماهرة، وهي تخرّجت عام 2009 راقصة من “أكاديمية السراب” للرقص لمؤسستها نادرة عساف.
اثبتت سارة أنه لا يوجد تأخر ذهني، بل هنالك أشخاص لديهم تأخر في الإرادة والعزم، أثبتت أنها من أصحاب الهمم ومسيرتها تشكل عبرة لكل عائلة لبنانية وغير لبنانية لديها طفل أو طفلة لديهم معاناة من نقص صحي طبيعي، أثبتت أنه بالإمكان تخطي ذلك بالتمرين اليومي وببيئة حاضنة ومحبة ومرافقة.
بدأت فكرة هذا الأولمبياد في ولاية ميريلاند في الولايات المتحدة الأميركية، حيث أسست أونيس كينيدي شرايفر(شقيقة الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي) مخيما للأطفال الذين لديهم احتياجات خاصة ذهنية وجسدية، لتدريبهم على المشاركة في أنشطة رياضية. بات هذا المخيم حدثا سنويا بدعم من مؤسسة جوزف كينيدي التي قدمت منحا للمراكز والمخيمات الخاصة بهؤلاء الأطفال. وكشفت كينيدي في مقال كتبته عام 1960 في صحيفة
Saturday evening
أن شقيقتها روز ماري ولدت بتأخر ذهني، شكل هذا المقال صدمة حقيقية عن عائلة الرئيس كينيدي وأسهم في تغيير النظرة المجتمعية لهؤلاء الأطفال، وأظهر أنه بإمكانهم المنافسة ووحد نظرة المجتمع الأميركي تجاههم. هذا المقال أسهم في تأسيس الألعاب الأولمبية الخاصة.