“مصدر دبلوماسي”:
اختتم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء اليوم الأحد اعمال الدورة الرابعة للقمّة العربيّة التـنمـويّة: الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي انعقدت في بيروت بحضور عدد من القادة العرب وممثلي الدول العربية وضيوف.
والقى رئيس الجمهورية اللبناني في ختام اعمال القمة الكلمة التالية:” أشكركم جميعاً على كل الجهود التي بُذلت لإنجاحها وأشكر الوفود المشاركة على آرائها ومساهماتها.
أشكر معالي الأمين العام للجامعة العربيّة وكل العاملين في الأمانة العامة، واللجنة العليا المنظّمة، والأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام“.
أضاف:”مما لا شك فيه أن المقرّرات التي صدرت سوف تساهم في تعزيز العمل المشترك العربي، وتعتبر خطوة متقدّمة على طريق تأمين اقتصاد عربي متكامل، نسعى جميعاً اليه، نظراً لما يشكّله من فائدة أكيدة لدولنا وشعوبنا“.
ولفت الرئيس عون الى ان لبنان سيتابع في خلال فترة رئاسته للقمّة، وبالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، هذه القرارات، وسيسهر على تنفيذها واستثمارها، سعياً لتأمين ظروف اجتماعية واقتصادية أكثر اشراقاً لشعوبنا، والمضي قدماً في مسيرة النهوض والازدهار، فالازدهار هو أحد عوامل السلام”.
كلمات الوفود المشاركة
رئيس الوفد السعودي
القى وزير المالية السعودي محمد بن عبدالله الجدعان كلمة في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، استهلها بنقل تحيات خادم الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان بن عبد العزيز ال سعود، وتمنياتهما للقمة بالنجاح، معربا باسم المملكة العربية السعودية عن “بالغ الشكر والتقدير لفخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون وحكومة وشعب لبنان، راجين لفخامتكم التوفيق في ادارة اعمال القمة“.
أضاف: “كما نشكر الامانة العامة للجامعة العربية ممثلة بأمينها العام الاستاذ احمد ابو الغيط على الجهود المبذولة للاعداد لهذه القمة“.
وتابع: “استضافت المملكة العربية السعودية، القمة العربية التنموية الاقتصادية الاجتماعية الثالثة في مدينة الرياض عام 2013، كما استضافت المملكة عام 2018 القمة العربية التاسعة والعشرين والتي اطلق عليها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله قمة القدس في تأكيد مستمر لدعم المملكة للعمل العربي المشترك وقضاياه المركزية. لقد خرجت قمة الرياض التنموية بقرارات مهمة لدعم العمل العربي المشترك، فكانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين بالدعوة الى زيادة رؤوس أموال المؤسسات المالية العربية المشتركة بنسبة لا تقل عن خمسين بالمئة التي تمت حتى الان للصناديق والمؤسسات المالية العربية، وعدد من الشركات المشتركة ما يربو عن سبعة ونصف مليار دولار، والتي كان لها الاثر الكبير في تعزيز قدرات هذه الشركات لتمكينها من تلبية الاحتياجات التنموية لدولنا، خاصة في هذه المرحلة التي تزايدت فيها هذه الاحتياجات. كما دعمت القمة اطلاق برنامج التمويل لدعم التجارة البينية العربية تحت مظلة المؤسسة الاسلامية الدولية لتمويل التجارة الذي ساهمت فيه المملكة العربية السعودية، ونفذت المؤسسة المرحلة الاولى وشرعت في تنفيذ مرحلته الثانية. وخلال ترؤس المملكة العربية للقمة التنموية الاقتصادية حظيت العديد من القرارات الصادرة عن القمتين السابقتين بالكثير من قوة الظفر لانجازها، ومن ذلك انضمام 18 دولة عربية الى مبادرة صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد جابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة الى دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة باجمالي مساهمات بلغ الف وثلاثمئة وعشرة مليون دولار وبلغت مساهمة المملكة 500مليون دولار دعما لهذه المبادرة، هذا بالاضافة الى ما تحقق في مجال تنفيذ القرارات بربط الدول العربية ببعضها وعلى رأسها مشروع الربط الكهربائي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، والذي من المتوقع ان يبدأ تشغيله بالكامل عام 2021.”
وقال: “يأتي انعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية الرابعة في وقت تواجه فيه الامة العربية الكثير من التحديات التي تحيط بها من كل جانب ويحرص اعداؤها على النيل منها واضعافها بل واشغالها في قضايا تستنزف مواردها بدل من ان تستثمر كل دولة عربية لتحقيق التنمية لشعبها وتوفير سبل العيش الكريم له، وهذا يستوجب ان نكون اكثر حرصا من اي وقت مضى على توحيد الجهود و مواجهة كل ما من شأنه زعزعة الامن والاستقرار في دولنا والعمل على دفع مسيرة العمل العربي المشترك لتبني سياسات تزيد من تلاحم هذه الامة وتعزز روابطها الاقتصادية التجارية و الاستثمارية. وهنا لا بد من التأكيد على تعزيز التجارة العربية البينية وازالة ما يواجهها من عقبات والنظر الى مصالحنا العربية المشتركة والعمل على تعزيز دور القطاع الخاص العربي، وتبني سياسات محفزة للاستثمارات البينية بما في ذلك مبادرة التكامل بين السياحة و التراث الحضاري الثقافي في الدول العربية. وتود المملكة الاشارة الى انها ستعيد طرح موضوع دورية انعقاد القمة التنموية والذي سبق وان قدمته المملكة في قمة الرياض 2013 و الذي نتج عنه ان تعقد هذه القمة كل اربع سنوات“.
وتابع: ” ولا شك أن التطورات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية سريعة ومتواصلة، الامر الذي يجعل من دورية الانعقاد كل اربع سنوات امر لا يتسق لهذه الوتيرة السريعة لهذه التطورات. لذا فإن المملكة العربية السعودية ستعيد طرح مقترح دمج هذه القمة في القمة العربية العادية لدراسته مرة اخرى، نظرا لاهمية قضايا التنمية والاجتماعية، والحاجة للمتابعة المستمرة لها حيث من المناسب ان يكون بند المواضيع التنموية بندا مستقلا على جدول القمة العربية العادية“.
وختم شاكرا لبنان على استضافته للقمة، وكذلك الامانة العامة للجامعة العربية على الجهود التي بذلتها.
الأمين العام لجامعة الدول العربية
ألقى الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الرابعة من القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، جاء فيها:
إنه لمن دواعي سروري واعتزازي أن نجتمع اليوم في رحاب الجمهورية اللبنانية لافتتاح أعمال الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية. ويطيب لي بهذه المناسبة، أن أتوجه بخالص التهنئة لكم فخامة الرئيس، وإلى بلدكم العزيز على تولي رئاسة الدورة الرابعة للقمة، متمنياً لكم التوفيق والسداد.
كما يسرّني أن أتوجه بجزيل الشكر والتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وللمملكة العربية السعودية على رئاسة الدورة السابقة للقمة، والإدارة المُقتدرة والحكيمة لأعمالها.
إن قمتنا هذه تُعقد بعد غياب دام ست سنوات .. شغلتنا فيها الأحداث الجسام، وواجهت خلالها بعض دولنا –ولا تزال- مختلف صنوف التحديات الأمنية والاضطرابات السياسية والأزمات الإنسانية .. على أن هذه التحديات، على شدتها وخطورتها، تظلُ امتداداً وانعكاساً للتحدي الأخطر المرتبط بتحقيق التنمية الشاملة، والاستجابة للأزمات والمشكلات الاجتماعية التي غالباً ما تُصاحب عملية النمو والتحديث.. لقد أثبتت الوقائع التي شهدها العالم العربي في تاريخه المعاصر أن التنمية والأمن والاستقرار تُشكل كلها حلقات في منظومة واحدة مترابطة.. فلا تنمية متواصلة من دون مظلة من الاستقرار والأمن تُحصنها من الردات العكسية والانتكاسات، وتضمن استمرار مسيرتها دون انقطاع .. ولا استقرار حقيقياً ومُستداماً من دون نمو شامل يلمس جوانب حياة الإنسان كافة.. ويرتقي بها ويُحسن نوعيتها.
والحقُ أن السبيلَ إلى التنميةِ صار معروفاً، وإن لم يكن بأي حالٍ سهلاً أو ميسوراً .. سلكه غيرنا من قبلنا، وصارت له محددات ومتطلباتٌ .. أولها؛ بطبيعة الحال، هو تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي لا تقل عن 6 أو 7% سنوياً لفترة زمنية ممتدة .. وبرغم أن ثمة تحسناً نسبياً طفيفاً في معدلات النمو الاقتصادي المتوقعة في المنطقة العربية، والتي تصل إلى 2.7% خلال العام الجاري، إلا أن هذه المعدلات لا زالت غير كافية لتحقيق الطفرة التنموية المنشودة، فضلاً عن أن استمرارها وتواصلها يظل رهناً باستقرار الأوضاع السياسية والأمنية الذي ما زالت بعضُ دولنا ومجتمعاتنا تدفع ثمن غيابه خلال الأعوام الماضية.
وبرغم جهودٍ مشهودة بُذلت خلال الأعوام الماضية على صعيد النهوض بالأوضاع الاقتصادية ، خاصة في مجال البنية الأساسية والمواصلات والاتصالات.. فإن المنطقة العربية لا زالت بعيدة عن إطلاق إمكانياتها الكامنة، وتحقيق تطلعاتها المُستحقة .. ما زالت أكثر من نصف صادرات العالم العربي من المواد البترولية .. وتظل هناك حاجة أكبر للعمل على تنويع الاقتصادات لتحصينها من التقلبات المرتبطة بأسعار الطاقة.. ثمة حاجة كذلك لتحسين بيئة الأعمال وتعزيز التنافسية وتحفيز ثقافة المبادرة وريادة الأعمال .. نعم هناك تقدم نشهده جميعاً على هذه الأصعدة.. وهناك إصلاحات مؤسسية ومالية تتصف بالجرأة والرغبة الحقيقية في مواجهة جوهر المشكلات الاقتصادية التي تؤرق الدول العربية وتحرمها من الانطلاق.. غير أن المنطقة – باستثناءات معدودة- ما زالت تفتقر إلى الحجم الكافي من النشاط الاقتصادي ذي الانتاجية العالية والقيمة المضافة الكبيرة .. وتظل أيضاً غير مهيأة للانخراط في الاقتصاد الرقمي –اقتصاد المستقبل- القائم على الابتكار والابداع.
إن الفجوة الرئيسية التي تفصلنا عن تطورات الاقتصاد العالمي تتعلق في الأساس برأس المال البشري.. لقد صارت المعرفة والابتكار، لا التصنيع أو الخدمات، هما المولد الأكبر للقيمة المضافة العالية في ظل تسارع الظاهرة المسماة بالثورة الصناعية الرابعة بتطبيقاتها المختلفة .. إن الاستعداد لمواجهة تبعات هذه الثورة التكنولوجية يتعين أن يحتل صدارة أولوياتنا في المرحلة القادمة، ويتطلب الأمر جهداً أكبر في تضييق الفجوة الرقمية مع مناطق العالم الأخرى، إذ لا زال أكثر من نصف سكان العالم العربي غير متصلين بالانترنت .. إن سكان العالم العربي هم من أكثر سكان العالم شباباً.. وإن لم نحسن استغلال هذه “النافذة الديموغرافية ” فسوف تتحول هذه الكتلة الشبابية إلى عبء على الاقتصادات، بل ومحرك للاضطرابات، وعلى الأرجح بيئة خصبة لشتى صنوف التطرف الديني والسياسي.
إن النمو المنشود أداته الإنسان وغايته الإنسان، ولا يتحقق سوى بالاستثمار في الإنسان؛ تعليماً وصحة .. غذاء وكساء.. ثقافة ووعياً … والمفتاح هنا هو التعليم الذي يُعد العامل الأساسي في بناء ومراكمة رأس المال البشري.. إن العالم العربي يحتاج وقفة حقيقية مع النفس في شأن تدني مستويات التعليم واطراد التدهور فيها.. والأخطر؛ هو اتساع الفجوة بين التعليم وسوق العمل، وضعف العلاقة بين مخرجات التعليم ومقتضيات النمو الشامل.
وإذا كنا نتحدث عن التعليم ومخرجاته، فلا نُغفل الدور المحوري للمنظومة التعليمية –وكذا الأجهزة الإعلامية- في مواجهة الفكر المتطرف وفي بناء وعي اجتماعي حقيقي رافض للغلوّ والتشدد بكافة مظاهره وأشكاله.. وإننا نتابع جهودكم، أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، في التصدي لهذا الفكر الضال المُضل بكل شجاعة وبروح من المسئولية التاريخية في الدفاع عن مستقبل هذه الأمة الذي لن يُبنى إلا على وعيّ صحيح، وثقافة تقبل الاختلاف والتنوع، وعقل يتحاور مع الآخر ؛ أخذاً وعطاءً، قبولاً ورفضاً.. من دون أن يُفضي الحوار إلى الكراهية، أو يتحول الرفضُ إلى العنف.
والحقُ أن الإسراع بانتشال أكبر عدد من السُكان من هوة الفقر المدقع هو الطريق الأمثل لتجفيف منابع التطرف والإرهاب .. إن نحو 20% من سكان العالم العربي يعيشون في أوضاع تدخل تحت مُسمى الفقر متعدد الأبعاد، والذي يُقاس ليس فقط بمؤشرات الدخل، وإنما بفرص التعليم وتوفر الرعاية الصحية وظروف المعيشة .. صحيحٌ أن الدول العربية حققت، في المجمل، نجاحات مشهودة في تقليل حدة الفقر المدقع .. إلا أن كتلة معتبرة من السكان في عدد من الدول العربية لا تزال تتركز حوله .. وقد قامت الأمانة العامة هذا العام، وبالتعاون مع الأمم المتحدة، بإصدار تقرير وافٍ ومدقق حول “الإطار الاستراتيجي العربي للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد” .. يتضمن عدداً من التوصيات والأفكار الجديرة بالنظر والاعتبار.
ويُضاف إلى إلحاح المسألة الاجتماعية، ما وقعت فيه بعض دولنا من أزمات أفرزت موجات من اللجوء والنزوح .. ويأوي العالم العربي، مع الأسف، نحو نصف لاجئي ومشردي العالم .. ويكفي أن نعرف أن نحو 4 مليون طفلاً سورياً قد تركوا مدارسهم بسبب الحرب الدائرة هناك منذ سبع سنوات.. يكفي كذلك أن نتابع الأزمات الإنسانية الخطيرة في كل من الصومال واليمن … دون أن يغيب عن أذهاننا أبداً الواقع المأسوي الذي يُكابده يومياً أهلنا في فلسطين بسبب ما يفرضه الاحتلال الإسرائيلي من إغلاق وحصار وممارسات مُجحفة .. يكفي أن نعرف كل هذا لندرك أن معركة التنمية في الكثير من جنبات عالمنا العربي لا تجري في ظروف طبيعية أو في بيئة مواتية، وإنما في ظل أوضاع صعبة وبيئة هشة.
إن المأمول هنا هو إظهار قدر أكبر من التعاضد والتكافل لإسناد ودعم المجتمعات التي تضغط عليها هذه الأزمات الإنسانية، ومن بينها لبنان والأردن اللذان تحملا الكثير وفاء بدين العروبة واضطلاعاً بواجب الإنسانية.
إن تحديات تحقيق التنمية المستدامة تفرض على الحكومات العربية أن تضع المستقبل في حسابها .. علينا أن نواجه الأسئلة الصعبة من دون تباطؤ أو تأجيل.. أسئلة حول توفير الغذاء لأكثر من 360 مليون عربي.. حول الحفاظ على الموارد المائية العربية الشحيحة، التي لا تزيد عن 1% من مصادر المياه العذبة في العالم، وكيفية تنميتها وضمان استدامتها.. أسئلة حول إدارة مزيج الطاقة بالاعتماد بصورة أكبر على المصادر المتجددة.. أسئلة حول الخطط العربية الشاملة لمواجهة الظواهر المربكة على الصعيد العالمي مثل التغير المناخي والتطور التكنولوجي الذي يهدد الوظائف التقليدية..
ثمة نقطة ضوء جديرة بأن أشير إليها.. لقد أوشك التفاوض حول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى على بلوغ غايته، وقد تم الانتهاء من نحو 95% من قواعد المنشأ التفصيلية، والمأمول هو أن تُستكمل هذه المنظومة الاقتصادية التكاملية، بما في ذلك تحرير تجارة الخدمات، في أسرع الآجال .. إذ ليس مقبولاً أن تظل التجارة البينية بين دولنا عند معدلاتها الحالية التي لا تتجاوز 12% من إجمالي تجارة الدول العربية.. وليس مقبولاً أن تظل المنطقة العربية هي الأقل عالمياً من زاوية التكامل الاقتصادي، مع كل الإمكانيات التي يتيحها هذا التكامل للنهوض بالاقتصادات العربية والاسهام في تنويع نشاطاتها .. إن البنود المطروحة على جدول أعمال هذه القمة تتضمن عدداً من المبادرات والمشروعات والبرامج المتعلقة بالتكامل الاقتصادي، ونتطلع جميعاً إلى أن تجد هذه المبادرات طريقها إلى التنفيذ لتقربنا خطوات على سبيل التكامل الاقتصادي العربي.
وبعد .. فإنني إذ أتمنى كل التوفيق لأعمال هذه القمة الهامة، فلا يسعني سوى أن أقول في الختام إن أهلنا في ربوع العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه يتطلعون إلى استقرارٍ يبعد عنهم شرور الاضطراب، وإلى نهضة شاملة تأخذهم إلى العصر بتطوراته المتلاحقة، مساهمين لا متفرجين.. ومتفاعلين لا متلقين.. يتطلعون إلى يومٍ يرون فيه أبناءهم وهم يعيشون حياة أفضل من تلك التي عاشوها .. أكثر صحة وأفضل تعليماً وأوسع تمكيناً … ويقيني أن بلادنا قادرة على اللحاق ..وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.. وعلى الله قصد السبيل”.
رئيس الوفد الكويتي
ألقى ممثل أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح كلمة في الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، جاء فيها:
“أود في البداية أن أنقل إليكم تحيات سيدي حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الذي حالت التزامات طارئة دون مشاركة سموه بهذا الاجتماع، حيث شرفني بتمثيل سموه بهذه المشاركة، كما أود أن أنقل إليكم تمنيات سموه لأعمال اجتماعاتنا بالنجاح والتوفيق.
وأود أن أعرب عن خالص الشكر ووافر الامتنان لجمهورية لبنان الشقيقة قيادةً وحكومةً وشعباً، على ما حظينا به من كرم ضيافة وحسن وفادة، متمنياً للبنان العزيز المزيد من الأمن والاستقرار والرخاء.
كما أود، أن أتقدم بالشكر إلى معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية وجهاز الأمانة العامة وكل من ساهم في الإعداد والتحضير المميزين لأعمال قمتنا هذه.
ولا يفوتني، كذلك، أن أتوجه بكل الشكر والتقدير للأشقاء في المملكة العربية السعودية على جهودهم الخيّرة والبناءة خلال ترؤسهم لأعمال دورتنا السابقة.
كلنا يدرك حجم التحديات والمخاطر التي نواجهها والتراجع الذي يشهده عملنا المشترك وجهودنا المتواصلة لمواجهة ذلك ولكننا اليوم حرصنا في نفس الوقت على أن تكون أولوية التعاون التنموي والاقتصادي في صدارة اهتماماتنا لنتمكن معها من تحقيق التقدم لشعوبنا ولتصبح هذه الأولوية قضية مستقبل ومصير لأبناء أمتنا.
لقد تحقق لنا عبر الدورات السابقة لقممنا التنموية والاقتصادية والاجتماعية العديد من الإنجازات التي يمكن البناء عليها والانطلاق نحو مزيد من المكاسب والدعم لعملنا المشترك في مجالاته التنموية والاقتصادية والاجتماعية.
نجتمع اليوم في الدورة الرابعة لقمتنا التنموية والاقتصادية والاجتماعية بعد أن بدأنا هذا النهج بالتشاور والتنسيق مع أشقائنا في جمهورية مصر العربية عام 2008 لنبلور أفكاراً ورؤى لهذه القمم ولتعقد القمة الاقتصادية الأولى في دولة الكويت عام 2009، حيث تقدم سيدي حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بمبادرة لإنشاء صندوق للمشاريع الصغيرة على مستوى الوطن العربي برأس مال قدره ملياري دولار ساهمت بلادي بخمسمائة مليون دولار، وساهمت المملكة العربية السعودية الشقيقة مشكورة بخمسمائة مليون دولار لتتوالى مساهمات الأشقاء ولتصل المساهمات المتعهد بها مليار وثلاثمائة وعشرة مليون دولار أمريكي، حيث قام الصندوق بتمويل ما يزيد عن 7 ألاف مشروع، موفراً ومحافظاً على 437 ألف وظيفة على مستوى الوطن العربي، ونؤكد هنا أن مبادرة سيدي حضرة صاحب السمو جاءت انطلاقاً من قناعة راسخة لدى سموه بأنه كان لا بد لنا من التوجه إلى الشباب باعتبارهم أغلى ما نملك في أمتنا العربية، كما جاءت القمة الثالثة في المملكة العربية السعودية الشقيقة لتضاعف من الاهتمام والحرص على عملنا العربي المشترك بأبعاده الاقتصادية عبر مؤسساته العاملة بدعمها وتعزيزها من خلال مبادرة رائدة بزيادة رؤوس أموالها وبنسبة لا تقل عن الخمسين بالمائة، وزيادة رؤوس أموال الشركات العربية المشتركة وبنسبة لا تقل أيضاً عن الخمسين بالمائة.
لقد كنا ولعقود مضت نواصل اجتماعاتنا وعلى كل المستويات نبحث خلالها العديد من قضايانا المصيرية ولكننا كنا في نفس الوقت بعيدين عن ملامسة هموم ومشاغل أبناء أمتنا العربية الأمر الذي يدعونا اليوم في ضوء ما نشهده من تراجع في معدلات التنمية المستدامة والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها عدد من الدول العربية أن نضع في مقدمة اهتماماتنا تلك الهموم والمشاغل ونسعى وبكل الجهد إلى تلبية آمال وتطلعات شعوبنا العربية من خلال التركيز على الأسس والمنطلقات الاقتصادية التي تسهم في تغيير وتحسين أوضاعاً كانت سبباً في الاضطراب وعدم الاستقرار لعدد من مجتمعاتنا العربية وتهديداً مباشراً لمقومات أمنها.
إننا مدعوون لتفعيل مشاريعنا المشتركة ودعم البرامج التي تم إقرارها في دوراتنا السابقة في مجالات السوق العربية المشتركة والربط الكهربائي العربي وبرامج الأمن الغذائي والمائي واستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي العربي وبرامج دعم التشغيل والحد من البطالة والحد من الفقر في الدول العربية إضافة لبرامج تطوير التعليم وتحسين مستوى الرعاية الصحية، وأشير باهتمام هنا إلى الدور الرائد والبناء الذي يقوم به القطاع الخاص في مشاركته في قيادة قاطرة النمو في عالمنا العربي بما يملكه من قدرات وإمكانيات فنية ومادية وبشرية، كما أننا مدعوون لنفسح المجال واسعاً لكل الأفكار الخلاّقة التي تحقق لنا تجاوباً وتحقيقاً للمصالح المشروعة لأبناء أمتنا العربية فبدون ذلك تبقى جهودنا بلا طائل وطموحنا دون مستوى التحقيق.
إنطلاقاً من الإيمان المشترك والادراك التام لأهمية وحتمية المتابعة والتعامل مع التطورات التكنولوجية المتسارعة في عالمنا المعاصر وسعياً إلى تحقيق مستقبل أكثر املاً وازدهاراً لأبناء أمتنا العربية، فيشرفني أن أعلن هنا، في قمة بيروت، عن مبادرة سامية لسيدي حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، لإنشاء صندوق للإستثمار في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي برأس مال وقدره مائتي مليون دولار أمريكي بمشاركة القطاع الخاص، حيث ستساهم بلادي بخمسين مليون دولار، من رأس مال هذا الصندوق، وهو ما يعادل ربع حجمه، على أن يوكل إلى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي مسؤولية إدارة هذه المبادرة التنموية، ونتطلع إلى كريم دعمكم لهذه المبادرة للإسهام في تعزيز الاقتصاد العربي المشترك وخلق فرص عمل واعدة لشبابنا العربي.
كما نتمنى على البنوك ومؤسسات التمويل العربية المشتركة النظر في استقطاع نسب من صافي أرباحها السنوية لدعم الاحتياجات المستقبلية، وضمان استمرارية عمل هذا الصندوق.
وفي الختام لا يسعني، إلا أن أجدد الشكر للجمهورية اللبنانية الشقيقة قيادةً وحكومةً وشعباً على كافة الجهود التي بذلت لعقد قمتنا هذه، متمنياً النجاح والتوفيق لأعمالها وبما يصب في خير وصالح أمتنا العربية العتيدة.”
رئيس موريتانيا
القى رئيس الجهورية الموريتانية محمد ولد عبد العزيز كلمة جاء فيها: “حضرة العماد ميشال عون رئيس الجمهورية اللبنانية الشقيقة رئيس قمتنا هذه ، صاحب السمو اصحاب المعالي ممثلي الدول والحكومات واهنىء فخامته على رئاسته لهذه الدورة القمة العربية الرابعة.
وقال: “ان تخصيص قمة عربية للقضايا التنموية والإقتصادية والإجتماعية والحرص على انعقادها بشكل منتظم يعكس اهتمامنا الكامل لهذه القضايا وقوة ارادتنا لتسريع وتفعيل والتكامل والإندماج الإقتصادي لمنطقتنا العربية والذي لا يزال دون مستوى تطلعات شعوبنا وما يتطلبه رفع التحديات التنموية الكبرى التي تواجهها رغم النجاحات التي حققتها القمم السابقة ورغم ما بذل من جهود وانجز من العمل“.
أضاف: “وفي هذا السياق يتحتم على بلداننا العربية تأمين الإنسجام بين هياكلها الإقتصادية واستثمار ما تزخر به من ثروات طبيعية هائلة ومصادر بشرية لبناء تكتل اقتصادي فعال يكون رافعة للتنمية المستدامة، سبيلا الى تأمين العيش الكريم الى مواطنينا والإزدهار لمنطقتنا. ولقد اصبحت التكتلات الإقتصادية ضرورة توليها خصوصيات الأقتصاد الدولي واكراهات النظام العالمي الجديد، غير ان حظوظ اي تكتل اقتصادي بالنجاح تظل في الدرجة الأولى رهينة لتوفر الأمن والإستقرار حيزه الجغرافي، وهذا ما يستوجب منا على ارسائه في المنطقة من خلال الإسراع في ايجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية يرتكز على القرارات الدولية والمبادرة العربية للسلام. كما يتعين علينا دعم مبادرات احلال السلم في اليمن وليببا بما يضمن لشعوبها الأمن والاستقرار ويحفظ لهذه الدول الشقيقة سيادتها الوطنية ووحدتها الترابية“.
وتابع: “أيها السادة والسيدات ان تحقيق اندماج اقتصادي لعالمنا العربي يخلق تنمية مستدامة يتطلب منا في المقام الأول الإستثمار في رأس المال البشري وبناء الإنسان العربي المنفتح على الثقافات العالمية والمتسلح بالعلوم المعاصرة واطلاق طاقات الشباب واشراكه في الحياة العامة وتمكين المرأة من لعب دورها كاملا، مع ما يتأتى من ذلك اعطاء الأولوية للتعليم و الإستثمار في البحث العلمي وتكوين مهني عالي الجودة، وهو ما يساهم في تجاوز بلداننا العربية مرحلة اعتماد اقتصادياتها في اساس على تصدير المواد الأولية الخام، مما يسهم في بناء صناعات تحويلية قادرة على المنافسة وعلى تحصين مناخ الأعمال لتشجيع التجارة والإستثمارات المشتركة ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ان الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ايمانا منها بضرورة تنمية وتطوير العمل الإقتصادي العربي المشترك تؤكد من جديد ارادتها القوية
لتعزيز التبادل العربي واستعدادها الكامل للإنخراط في كل ما من شأنه ان يسرع وتيرة العمل العربي المشترك على الصعيد التنموي والإقتصادي والاجتماعي، وفي هذا الإطار فان موريتانيا تولي اهتماما خاصا بتشجيع الشراكة بين القطاع العام والخاص وترقية مواد بشرية عن طريق التحسن المطرد لنوعية التعليم والتكوين المهني“.
وختم: “اود في الختام ان اعبر لكم عن تقديرنا العالي وترحيبنا الخالص لقراركم اعتماد الجمهورية الموريتانية مكانا للقمة العربية التنموية الإقتصادية والإجتماعية في دورتها المقبلة وستعقد في عاصمتنا الإقتصادية وهي ايضا منطقة حرة واتمنى لعمال قمتنا الحالية النجاح”.
رئيس الوفد الاماراتي
القى وزير الإقتصاد في دولة الامارات العربية المتحدة المهندس سلطان بن سعيد المنصوري كلمة في القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية”، جاء فيها: ان “دولة الامارات العربية وانطلاقا من ايمان قيادتها الرشيدة باهمية التكامل العربي في مختلف المجالات، تحرص على دعم قرارات القمة والعمل يدا بيد مع الاشقاء العرب لمتابعة مخرجاتها وبما يسهم في تحقيق المستهدفات التنموية المرجوة منها. فنحن نؤمن بان الاستثمار في التنمية هو الرهان الرابح للدول العربية. وان التركيز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تهم العالم العربي بعيدا عن تعقيدات السياسة، من شأنها ان تصنع مستقبلا أفضلا للاجيال العربية المقبلة“.
اضاف: “واذا كانت الازمات وتحديات التنمية في الدول العربية كثيرة، فإن الموارد العربية في المقابل متنوعة وواسعة، ومقومات النمو متوفرة ولدينا خبرات عالمية في كل المجالات وعقولا عربية مبدعة وطاقات بشرية ولا سيما شبابية كبيرة. ويقيننا ان حرص الدول العربية على العمل معا للارتقاء في مستوى التعاون الاقتصادي والاجتماعي يعد السبيل الأمثل لتعزيز الفرص التنموية وايجاد الحلول للتحديات الماثلة امامنا، وتطوير البرامج التي تخدم النمو المستدام في الوطن العربي.”
وتابع: “تناقش الدول العربية تحت مظلة هذه القمة موضوعات في غاية الأهمية، تمثل في مجموعها خريطة طريق ممتازة لأحداث تحول إيجابي في مسار التنمية العربية المستدامة. ومن واقع التجربة الرائدة التي شهدتها دولة الامارات في العديد من المجالات التنموية، فإننا على ثقة بان تعزيز التعاون في موضوعات اقتصادية رئيسية مثل الامن الغذائي وتحسين اطر التجارة والاستثمار بين الدول العربية، وتطوير أسس الاقتصاد الرقمي وتمكين قطاعات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ووضع استراتيجية للطاقة المستدامة، وتشجيع السياحة وتطوير اليات جديدة للتمويل التنموي في المنطقة العربية، جميعها ستفضي الى اقتصاد عربي اكثر نموا وتوازنا وقدرة على مواجهة التحديات. فضلا عن اهمية البنود الاجتماعية المحورية التي تناقشها القمة مثل القضاء على الفقر والارتقاء بالتعليم ودعم الاسرة وتمكين المرأة وحماية الطفل.”
واشار الى ان دولة الامارات “تبنت بتوجيهات من القيادة الرشيدة، رؤية واضحة لبناء اقتصاد تنافسي عالمي يقوم على المعرفة والابتكار في قيادة كفاءات وطنية. وعملنا على تنويع اقتصادنا وتعزيز استدامته، وركزنا على تطوير منظومة تشريعية وإدارية صديقة للأعمال وجاذبة للاستثمار وتطوير البنى التحتية والخدمات الداعمة للتجارة وتحفيز التكنولوجيا والبحث العلمي وتشجيع ريادة الاعمال وسياسة تجارية منفتحة، وبناء الشراكات الاقتصادية العالمية”، لافتا الى ان ذلك “انعكس على النتائج إلايجابية الى تحققها دولة الامارات في المجالات التجارية والاستثمارية حيث انها تحتل اليوم المركز الاول عربيا واقليميا في الصادرات وواردات السلع والخدمات، فيما جاءت في المرتبة ١٥عالميا في الصادرات السلعية، و١٨ عالميا في مجال الواردات السلعية. كما حلت في المركز الثالث عالميا من حيث اعادة التصدير مستحوذة على ١٣٪ من إجمال اعادة التصدير للعالم في العام٢٠١٧. وعلى الصعيد الاستثماري، تتبوأ دولة الامارات اليوم المركز الاول عربيا والثلاثون عالميا في جاذبيتها للاستثمار الاجنبي، كما تعد اليوم اكبر دولة مستثمر عربي في الخارج.”
وقال: “إننا نعتقد ان الانجازات الاقتصادية والمراتب التنافسية التي حققتها دولة الامارات هي انجازات للمنطقة العربية، ونحن حريصون على مشاركة إمكاناتنا وخبراتنا لدعم الاهداف التنموية العربية، ولا شك ان المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي تتطلب تعاونا عربيا اكبر لرفع مستويات التبادل التجاري وتشجيع الاستثمارات العربية -العربية، وتعزيز موقف الدول العربية وتكتل اقتصادي قوي على صعيد التجارة الدولية وتدفقات الاستثمار الأجنبي مباشرة. واود ان اغتنم هذه الفرصة لأؤكد بصورة خاصة اهمية التعاون لوضع رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي ودعمنا الكامل في دولة الامارات، للجهود المبذولة في هذا الصدد، وذلك انطلاقا من ثقتنا بانه يمثل النموذج الأهم لبناء اقتصادات المستقبل في ظل التطورات المتلاحقة في عالم التكنولوجيا والاتصالات وآثارها الواسعة على واقع التجارة وآفاق الاستثمار في العالم.”
ورأى ان “العالم اليوم يستعد لثورة رقمية جديدة تتمثل أدواتها الرئيسية بالتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والتجارة الالكترونية والتقنيات الحديثة، واعتقد انه علينا في الدول العربية ان نكون جزءا من هذا الاتجاه العالمي وان نتعاون لوضع استراتيجيتنا الخاصة لتطوير الاقتصاد الرقمي العربي وتنظيمه والتعامل الأمثل مع متطلباته وتحدياته. وكذلك تعزيز الفرص التنموية المنبثقة عنه. “
واشار الى ان “دولة الامارات قطعت خطوات مهمة في هذه المسائل، حيث طورت بنية تحتية وإلكترونية قوية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأطلقت مبادرة حكومة الامارات الذكية، وتتجه نحو التحول الذكي بنسبة مئة بالمئة في مختلف الخدمات الحكومية. كما طورت منصات وتطبيقات ذكية تخدم قطاع التجارة والاستثمار والاجهزة الاقتصادية في الدولة. والى جانب التجارة الرقمية، تعد الامارات محورا رائدا للتجارة عبر الانترنت، وتشهد تحولا متزايدا نحو التسوق الاكتروني حيث عملت على تطوير البنية الداعمة له مثل أنظمة الدفع الالكتروني وخدمات الشحن والتخزين والتوصيل. ويتوقع بحسب تقديرات المنتدى الاقتصاد العالمي، ان يصل حجم سوق التجارة الاكترونية في دولة الامارات بحلول العام ٢٠٢٠ الى نحو ٢٧ مليار دولار بنمو تصل نسبته الى مئة بالمئة عن العام ٢٠١٦، مقابل نحو ٦٩ مليار دولار للحجم المتوقع للسوق الاكترونية لمجمل الدول العربية في العام نفسه. وبذلك تأتي الامارات في المركز الاول اقليميا مستحوذة على نحو ٣٩٪ من اجمالي قيمة التجارة الاكترونية النقدية لدول الشرق الاوسط. وتواصل حكومة دولة الامارات دعم هذا القطاع عبر مبادرات جديدة يجري العمل عليها حاليا مثل: تأسيس منصة الكترونية للتجارة الاكترونية على المستوى الوطني، ووضع منظومة للأطر الاسترشادية والتنظيمية والمحفزات وتحديد المعايير والضوابط الخاصة بتلك التجارة. وفي اعتقادنا فان هناك حاجة كبيرة اليوم لتعزيز التعاون بين الدول العربية في تبادل الخبرات وتطوير البنى الاساسية ووضع نظم تشريعية متكاملة للاقتصاد الرقمي العربي والتنسيق المشترك في ما يخص المعايير والضوابط التي تضمن تنظيم القطاع، فذلك التعاون الأمثل مع الطبيعة العابرة للحدود وتعزيز التجارة والروابط بين الدول العربية من خلالها. “
وختم مجددا التأكيد على دعم دولة الامارات ” لقرارات والتوصيات التي ستخرج عن القمة متطلعين الى دورها لوضع الأسس ومبادرات والمشاريع تنتقل بالواقع التنموي العربي الى مستوى افضل”.
وزير خارجية البحرين
ألقى وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة كلمة جاء فيها:
“يطيب لي ان اتقدم بخالص الشكر من الجمهورية اللبنانية الشقيقة على حسن الاستقبال منذ حللنا على هذه الارض الطيبة ولاستضافتها لهذه القمة التي تلامس غايات واهداف نشأة جامعة الدول العربية. كما اتشرف بان اشيد بالجهود الكبيرة والاسهامات المقدرة لخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة لرئاسة المملكة الموفقة للقمة العربية التنموية الثالثة، منوها بجهود الامين العام السيد احمد ابو الغيط وموظفي الامانة والمسؤولين في الجمهورية اللبنانية للاعداد لهذه الدورة. واود كذلك ان انوه بالنتائج الاي توصلت اليها المنتديات الثلاث التي عقدت على هامش هذه القمة وهي منتديي المجتمع المدني والشباب العربي ومنتدى القطاع الخاص العربي وذلك لدراستها والاستفادة منها في صياغة سياسات العالم العربي التنموية.تحرص مملكة البحرين دوما على المساهمة في دعم العمل العربي المشترك الاقتصادي والتنموي لما فيه صالح الدول والشعوب العربية الشقيقة وندرك اهمية التحالفات والتعاون لضمان الامن الغذائي العربي وتوفير المخزون الاستراتيجي للحيلولة دون نشوء ازمات مستقبلية، كما ندرك اهمية تفعيل وتعزيز العمل العربي بين جميع القطاعات الحيوية للتصدي للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تمس شعوبنا ودولنا الشقيقة.ونعلم جميعا بان اكبر هذه التحديات هي التطرف والحروب والصراعات وخطوط الانقسام التي تفرق بين انسان واخيه وتعزلهم عن بعضهم البعض على اسس عرقية ودينية ومذهبية وغيرها. وهو مما لاشك فيه يعيق ويعطل بناء الدول ويهدد سلامة وامن مجتمعاتنا. وان هذه التحديات يجب الا تشغلنا عن الاستمرار في العمل على وضع خطط الانفتاح والتكامل وتطوير التعليم وحماية الاستثمار والملكية الفكرية لتحقيق الازدهار المطلوب.
ودعما للتعاون العربي الاستراتيجي فقد وقعت مملكة البحرين على مذكرة التفاهم في انشاء السوق العربية المشتركة للكهرباء التي وافق عليها مجلس جامعة الدول العربية بالقرار 8088 والتي سيكون لها كبير الاثر في توفير الطاقة بين الدول العربية وداعما اساسيا للتنمية فيها.
وادراكا لاهمية التنمية المستدامة على المستوى العالمي قامت مملكة البحرين في تقديم التقرير الوطني الطوعي الاول لتنفيذه لاهداف التنمية المستدامة 2030 وذلك في المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة التابع للمجلس الاقتصادي الاجتماعي التابع للامم المتحدة الذي عقد في مقر المنظمة الدولية في نيويورك.
وايمانا منا بالمسؤولية العربية والاسلامية تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق والقدس الشريف، نؤكد على اهمية التكاتف والجهود لتنفيذ المشروعات الواردة للخطة الاستراتيجية للتنمية القطاعية في القدس الشرقية 2018- 2022.
كما ندرك تماما ازمة معاناة اللاجئين في الدول العربية، والاعباء التي تحملتها الدول المستضيفة، ونؤكد ان مملكه البحرين قد قامت في هذا الشان بتقديم المساعدات واقامت المراكز الصحية والتعليمية والاجتماعية في مراكز ايواء اللاجئين في عدد من الدول الشقيقة.
ونؤكد في هذا المجال على ضرورة تكاتف الجهات الدولية المانحة المنظمات المتخصصة والصناديق العربية للقيام بدورها في تخفيف معاناة اللاجئين وتأمين تمويل تنفيذ مشاريع تنموية لهم في الدول العربية المستضيفة للمساهمة في الحد من الاثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على هذه الاستضافة المؤقتة.
يحفل جدول اعمال هذه القمة بمواضيع هامة تواجه مجتمعاتنا العربية تتناول عددا من المجالات منها الاقتصادية كمتابعة وتطوير منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى واستكمال اقامة الهدف الجمركي والاستراتيجية العربية للتنمية المستدامة وتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة ووضع رؤيه مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي ومنها الاجتماعية التي تمس الاسرة العربية وادماجها في التنمية المستدامة وحماية الطفل صحة المراة والارتقاء في التعليم والقضاء على الفقر. كل ذلك يحتم علينا اتخاذ القرارات ووضع الاستراتيجيات من اجل دعم التنمية المستدامة في دولنا والتي هي مسؤولية جماعية تستوجب منا تضافر الجهود في التعاون المشترك.
كلنا امل في ان تجسد هذه القمة الهامة في قراراتها امال امتنا في التنمية والتقدم والازدهار ومواجهة التحديات وان تتوصل الى نتائج تدعم مواصلة مسيرة التعاون الاقتصادي والاجتماعي العربي وتعمل على فتح مجالات جديدة للعمل المشترك في تحقيق طموحات شعوبنا العربية في مجالات التنمية المستدامة مؤكدين في الوقت ذاته على اهمية الانعقاد الدوري في القمة العربية التنموية التي تسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي المنشود”.
رئيس وفد الصومال
ألقى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في جمهورية الصومال أحمد عيسى عوض كلمة نقل فيها تحيات الصومال رئيسا وحكومة وشعبا، لرئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون وتمنى للبنان قيادة وحكومة وشعبا مزيدا من التقدم والرخاء والإزدهار.
وقال: “جاءت قمتنا العربية التنموية الرابعة في وقت تمر البلدان العربية في ظروف صعبة، تستدعي منا جميعا تعزيز التعاون والتنسيق بين دولنا العربية في اطار العمل العربي المشترك وفي السياق الإقتصادي والإجتماعي وتحديد اولوياتنا بما يحقق مصالحنا المشتركة.
أضاف: “ان جمهورية الصومال تشهد اليوم تقدما ملموسا في كافة المجالات السياسية والأمنية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية. وقد اشادت العديد من الدول والمؤسسات الدولية بالتقدم الذي احرزته الصومال وقيادته الحكيمة في مجالات الحياة وفي مقدمتها الشق السياسي والشق الأمني، فضلا عن سعيها الدؤوب في معالجة واعفاء الصومال من الديون الخارجية من خلال بناء واصلاح المؤسسات الحكومية والهيئات المالية الصومالية، والعمل على مضاعفة الإيرادات الحكومية وتحديث القوانين واللوائح المختلفة سعيا من القيادة السياسية الى تمهيد الطريق لتشجيع الإستثمار والتعاون الإقتصادي في كافة المجالات لتحقيق تنمية ملموسة تسهم في تعزيز أمن واستقرار الصومال ورفاهية شعبه. ومن هنا ندعو اشقاءنا العرب حكومة وشعبا الى المساهمة في تطوير عجلة الإستثمار والتنمية في مجالات مختلفة ومتعددة متاحة في بلدكم الثاني الصومال“.
وتابع: “في هذا الصدد نود التأكيد لكم بأن الحكومة الفيدرالية الصومالية تولي اهتماما بالغا بتوفير بيئة اقتصادية واستثمارية جاذبة، ونعمل بكل جدية على اعادة هيكلة المؤسسات الإقتصادية والمالية الصومالية بهدف زيادة معدلات النمو الإقتصادي وتشجيع الإستثمار العربي والإجنبي في البلاد. وهنا ندعو الأمانة العامة لجامعة الدول العربية الى مضاعفة جهودها وتوفير الدعم الفني اللازم للمساهمة معنا في تنفيذ خطة التنمية الوطنية الصومالية ومواصلة جهودها في متابعة تنفيذ مقررات الجامعة العربية تجاه الصومال، وفي مقدمتها تقديم دعم مالي عاجل بقيمة عشرة مليون دولار اميركي شهريا ولمدة سنة، من خلال صندوق دعم الصومال في الجامعة بهدف دعم موازنة الحكومة الفيديرالية الصومالية “.
وختم: “سوف تواصل القيادة والحكومة في الصومال جنبا الى جنب مع اشقائها الدول العربية على توحيد الجهود داخل البيت العربي الواحد من اجل اصلاح وتطوير آليات جامعة الدول العربية لتتوافق مع طموحات شعوبنا ومصالحها العليا.”
رئيس الوفد العراقي
ألقى وزير الخارجية العراقي الحكيم محمد علي الحكيم في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية كلمة جاء فيها :
“اولا اقدم لفخامتكم تهاني فخامة الرئيس برهم صالح ودولة الرئيس عادل عبد المهدي على رئاستكم للقمة التنموية الاقتصادية الاجتماعية الرابعة ونقدم تقديرنا للمملكة العربية السعودية على رئاستها للدورة الثالثة وشكرنا لمعالي الامين العام احمد ابو الغيط و الجامعة العربية على جهودهم، كما يسعدنا ان نكون في بيروت التي كانت وستبقى على مر الزمان المدينة العربية التي تحتضن الجميع وتتباهى بجمالها و زهوها وتحية من بغداد الى اهلنا و اشقائنا العرب جميعا. السيدات و السادة ان العراق اصبح اليوم نقطة الالتقاء لا افتراق ، و ابوابه مشرعة للتعاون و التكامل العربي بجميع صوره و سيلعب دورا محوريا في دعم الامن و الاستقرار في المنطقة و بناء منظومة علاقات عربية مشتركة قائمة على تبادل المصالح بعيدة عن المحاور وان يكون تطوير الاقتصاد هو الهم الاول والهدف الاسمى ان سياسة العراق منصبة على الانفتاح الاقتصادي ومد يد التعاون الى جميع الدول الصديقة و بناء شبكة علاقات اقتصادية واسعة و جذب الاستثمارات الاجنبية، فقد آن لشعوبنا ان تتنعم بثرواتها الاقتصادية وتعيش بخيراتها و أن للجيوش و الخبرات العسكرية و الطاقات البشرية ان تتحول الى عامل مساعد في حملات الاعمار.
نحن ماضون نحو تحقيق اهدافنا بالنمو الاقتصادي والعمراني و توفير خدمات تليق بمواطينينا الذين عانوا طويلا من تعطل فرص النمو نتيجة الحروب و الاهمال . لقد دفع الشعب العراقي ثمنا غاليا نتيجة الحروب و سياسات الخاطئة التي بددت ثروات البلاد، ثم اكملت هذا التبديد عصابات الارهاب بمختلف تسمياتها وصولا الى داعش. ومن هذه المنطلقات وضعنا برنامجا حكوميا طموحا بتوقيتات زمنية معلنة يشمل جميع قطاعات العمل و الموارد و الانتاج وتحسين الخدمات ومكافحة الفساد وصادق عليه مجلس النواب و انطلقنا به على بركة الله بشكل مدروس و حسب الاولويات و نتطلع الى ان يقطف الشعب العراقي ثمار صبره و تضحياته و الدماء الغالية التي قدمها على طريق الدفاع عن الوطن و التصدي للارهاب . ان امامنا جميعا الكثير من العمل لتهيئة ارضية مشجعة للاستثمار و تبسيط الاجراءات و محاربة البيروقراطية و الانتقال بعيدا عن الدولة الريعية وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر للدخل الوطني وتنويع مصادر الدخل و الاتجاه نحو القطاع الخاص والقطاعات الحقيقية المنتجة .ان اهم رسالة نبعث بها عبر مؤتمرنا هذا هي عزمنا على توجيه دولنا و حكومتنا نحو التنمية المستدامة و تحقيق الازدهار وطي صفحات الاختلافات و النزاعات ففرص الحياة لدينا واسعة و ثراوت الامة و امكانياتها هائلة لكن الواقع مؤلم شعوبنا تعاني من الامية والبطالة والفقر و مثقلة بالديون و الازمات ندعو الى التكامل الاقتصادي و تأسيس مناطق اقتصادية مشتركة كبرى وتحويل الحدود بين دولنا الى مناطق استثمار وورش عمل تنفع الجميع و لا بد من العمل على ايجاد اليات عمل قابلة للتطبيق في مجال التعاون الاقتصادي بتشجيع الاستثمار المشترك للمشاريع المدرة للدخل للقضاء على البطالة.
ما زالت دولنا تواجه تحديات كبيرة تمس الامن و السيادة بسبب التطورات المتلاحقة و المتمثلة بتسارع و تيرة الارهاب و ما تبعه من موجات نزوح و لجوء و ازدياد نسبة البطالة بين اواسط الشباب و تردي الخدمات الاساسية على المستوى الصحي و الاجتماعي و الاقتصادي و الامن الغذائي و التغيير المناخي و ايمانا منا بمحورية الطاقة المستدامة في تحقيق التنمية المستدامة و تمكين المجتمعات العربية من التمتع بطاقة مناسبة اقتصادية فان علينا ان نعي كيفية الحفاظ على مواردنا الطبيعية و تنميتها. وهنا ياتي الدور المحوري لجامعة الدول العربية و مؤسساتها المتخصصة و في نفس السياق و تاكيدا على التزامنا بتحقيق التنمية المستدامة 20 _ 30 فلا بد من دعم جهود الدول العربية في تنفيذ المشروعات التكاملية و ارساء اطار تشريعي مؤسساتي لسوق عربية متكاملة للكهرباء ادراكا لاهمية الدور الحيوي لقطاع الكهرباء في عميلة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الذي من شانه توفير مزايا اقتصادية واجتماعية تسهم في تحريك الاقتصاد و توفير فرص عمل للشباب و تخفيض نسبة البطالة. مما لا شك فيه ان نهوض اي امة و تنميتها يرتبط ارتباطا عضويا بالحرية و الثقافة و لا بد لنا من رعايتها و ارساء دعائمها في المجتمع المدني العصري.”
رئيس وفد جزر القمر
ألقى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في جمهورية القمر المتحدة محمد الامين صيف اليمني كلمة باسم رئيس بلاده عثمان غزالي، قال فيها: “اسمحوا في بداية الكلمة ان اتقدم بالشكر والتقدير والامتنان للجمهورية اللبنانية الشقيقة وللرئيس عون على استضافته الكريمة لهذه القمة الاقتصادية الرابعة في الوطن العربي، وعلى ما حظينا به من حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وعلى الترتيبات الممتازة والاستعدادات العالية مما يضمن مقومات نجاح قمتنا هذه. كما اتقدم بالتقدير والشكر الجزيل والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود الذي قدم اسهامات كبيرة اثناء رئاسته للدورة السابقة، والشكر موصول للامانة العامة لجامعة الدول العربية على عظيم جهودها وكبير نشاطاتها في دعم العمل العربي الاقتصادي المشترك وخاصة في الاعداد الجيد لهذه القمة.
ويشرفني في هذا المقام أن أنقل لحضراتكم تحيات الرئيس عثمان غزالي رئيس جمهورية القمر المتحدة، وتمنياته بأن تتوج أعمال هذه القمة بالنجاح والتوفيق.
ان هذه القمة تؤكد على الصلات الوثيقة والاهداف المشتركة التي تربط الوطن العربي والعمل على توطيدها وتدعيمها وتوجهيها الى ما فيه تنمية المجتمعات العربية قاطبة واصلاح احوالها وتأمين مستقبلها من منطلق فكر اقتصادي وتنموي وعربي وعصري جديد.
ويتطلب منا مضاعفة الجهود لتحقيق التكافل الاقتصادي والاجتماعي العربي باعتباره هدفا اساسيا تسعى لتحقيقه كل الدول العربية، وركيزة اساسية لدفع العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة بما يحقق تطلعات الشعوب العربية ويجعلها اكثر قدرة على الاندماج في الاقتصاد العالمي والتعامل مع المجتمعات السياسية والاقتصادية الدولية كما انها وسيلة لبلوغ الدول العربية مراحل متقدمة تجاه التكافل الاقتصادي المنشود. والجدير بالذكر ان اقامة التكامل الاجتماعي الذي نبتغيه يقتضي السهر على ما تم اقراره فضلا عن اقرار مشروعات جديدة خاصة النظر في امكانية اعفاء الديون للدول التي تعاني من ظروف خاصة لتمكينها من تحقيق خططتها التنموية ومواجهة التحديات الاقتصادية.
ولقد عملت جامعة الدول العربية منذ انشائها على توحيد الصف العربي ولم الشمل بين الاشقاء ووضع حد لبؤر التوتر والانشقاق والحروب، ولتحقيق الامن والاستقرار في الاوطان العربية، كما تبذل قصارى جهدها لتحقيق التطلعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية خاصة كل ما يتعلق بالمتابعة الدقيقة لقرارات القمم الاقتصادية السابقة بصورة متقاربة. هذا ويشمل هذه الجهود تفعيل المؤسسات المالية العربية وتوزيع وتشجيع فرص الاستثمارات لدعم الاقتصاد الحقيقي للدول العربية.
إن جمهورية القمر المتحدة وهي تشارك في هذه القمة، لا يحذوها الامل ان يثمر هذا اللقاء بين الاشقاء نتائج ايجابية في مجال العمل العربي المشترك بصورة جادة بما يحقق النمو الاقتصادي والتنموي للشعوب العربية.
ان جوهر السياسة الجديدة التي رسمتها الحكومة القمرية الحالية، هي من أجل كسر التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي تواجهها تنفيذا لرؤية فخامة الرئيس عثمان غزالي لجعل الدولة الى مرتبة الدول الصاعدة انمائيا بحلول عام ٢٠٣٠
ولا يفوتني في هذا المقام ان اجدد شكري وتقديري لكم جميعا على دعم هذه المسيرة متمنيا ان تكلل مسيرة جهودنا بالسداد والتوفيق وان تحقق قراراتنا ومساعينا الخير لأمتنا العربية”.
مداخلة النائب الأول لرئيس البنك الدولي
قدم النائب الأول لرئيس البنك الدولي الدكتور محي الدين مداخلة في الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، جاء فيها:
“ينعقد هذا المؤتمر الهام في وقت أصبح فيه العالم اكثر تقلبا من الناحية السياسية وأكثر هشاشة من الناحيةالإقتصادية. فقد ضعفت معدلات نمو الإقتصاد العالمي، وتزايدت حالات التوتر والنزاعات في التجارة الدولية، وازدادت المخاطر المحدقة بالإقتصادات المختلفة مع احتمالات ارتفاع تكلفة الاقتراض.ومع استمرار هذه الأجواء الضبابية، يتجنب الإستثمار المخاطرة فيلوذ بأوعية آمنة في تقديره وان كانت قليلة العائد المالي، ولا تسهم في زيادة معدلات النمو أو تخفيض البطالة أو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
نشهد تغيرات في موازين القوى الإقتصادية العالمية والإقليمية، والتي تسارعت وتيرة تغيرها مع الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في عام 2008، ما سبقها ولحقها من أزمات من أسعار الغذاء والطاقة. وتعكس، في ما تعكس، تواتر النزعات الحمائية،وتصاعد دور التيارات الشعبوية اليمينية واليسارية مع حدة الإستقطاب في الشارع السياسي تزامنا مع حالة الجزع من تراجع نسبي لبعض القوى الإقتصادية التقليدية، وتقدم للبازغين من القوى الإقتصادية الجديدة.
وبين المنحسرين والبازغين يتلمس العرب مكانا لهم على أمل ان تكون ترتيبات النظام الدولي الجديدة أكثر إنصافا.وقد علمنا انه بغير الدأب المتواصل على التطوير والتحديث والإرتقاء برأس المال البشري وتطويع تكنولوجيا العصر تخسر الأمم في مضمار التقدم، ولا يبقى لديها من مجد الأقدمين إلا آثارا وأطلالا.
وفي ظل هذه الحالات من الإضطراب وعدم اليقين والحراك السريع الذي يشهده عالم شديد التغير، يعاني من تقلبات بيئية وتغيرات المناخ وزيادة مخاطر الجفاف، ارتفاع موجات نزوح البشر وكثرة اللاجئين والمهاجرين قسرا بسبب الصراعات والكوارث الطبيعية وتسارع وتيرة التحولات التكنولوجية في عطر اطلق عليه “عصر المربكات الكبرى” تجد الإقتصاد العربي، فضلا عن هذه التحديات العالمية التي يتأثر بها، وقد أصابته، منذ بداية هذا العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، من الملمات الجيوسياسية ما أصابه، إذ تقدر تكلفة الخسائر في النشاط الإقتصادي بسبب الحروب والصراعات ما يزيد على 900 مليار دولار لتضيف عبئا على أعباء تراكمت من تراجع في النمو والتنمية الشاملة في البلدان العربية إلا قليلا.
وبينما نجحت الأقاليم الإقتصادية حول العالم من تخفيض نسبة من يعانون من الفقر المدقع، إلا ان هذه النسبة قد زادت عربيا الى الضعف من 2,6 بالمئة الى 5 بالمئة في الفترة من 2013 وحتى 2015 وهو آخر إحصاء صدر عن البنك الدولي في عام 2018.
كما ان الإقليم الإقتصادي العربي هو الأسوأ في عدم العدالة في توزيع الدخل، إذ يستحوذ أغنى 10 بالمئة من السكان على 61 بالمئة من الدخل القومي، في حين ان العشرة بالمئة الأغنى في أوروبا لا يتجاوز نصيبهم 37 بالمئة وفي الصين 42 بالمئة والهند 55 بالمئة من دخولهم القومية.
وحري بالإقتصاد العربي التحرك سريعا ليلبي احتياجات عموم الناس وتوقعاتهم، ولكن تأتي توقعات النمو الإقتصادي مشيرة الى تحسن طفيف في نمو الإقتصادات العربية لتصل الى 2,3 بالمئة في هذا العام، مقارنة بالعام الماضي الذي استقر معدل نمو الإقتصادي فيه عند 2 بالمئة فقط، وهو رقم شديد الإنخفاض لا يلبي احتياجات التنمية وزيادات السكان وتوقعاتهم.
ويعاني الإقتصاد العربي من أعلى نسبة بطالة في العالم، إذ وصلت هذه النسبة الى 10,6 بالمئة وهي تقترب من ضعف متوسط نسبة البطالة العالمية ومقدارها 5,7 بالمئة وهي أشد تركزا بين شباب العرب وأعلى بين النساء مقارنة بالرجال. ويحتاج الإقتصاد العربي توليد 10 ملايين فرصة عمل جديدة كل عام حتى يتصدى لمعضلة البطالة، على ان تتاح هذه الفرص وفقا لسياسات نمو شاملة تعزز من فرص مشاركة النساء في سوق العمل، على النحو الذي أكده بلحاج نائب رئيس البنك الدولي في كلمته امس في مؤتمر المشرق حول التمكين الإقتصادي للمرأة تحت رعاية الرئيس سعد الحريري. يأتي هذا إنصافا للمرأة العربية وتقديرا لكفاءتها كلما أتيحت لها الفرص، ودعما لتنمية مستدامة لا تفتئت على حقوق الناس أو تهدر نصف طاقته البشرية عبثا.
والمجتمعات العربية تزداد شبابية في هرمها السكاني، فما يقترب من 60 بالمئة من السكان تحت سن الثلاثين، ويتزامن ذلك مع زيادة توقعات العمر عند الولادة في ذات الوقت وهي أمور إيجابية إذا أحسن الإستعداد لها بزيادة الإستثمار في التعليم والرعاية الصحية كمكونات رئيسية لرأس المال البشري، والبنية الأساسية المعينة على الإستفادة من أنشطة الإقتصاد الجديد الذي تدخل تكنولوجيا المعلومات والمستجدات الرقمية في كافة أبعادها. فضلا عن الإستثمار في مجالات التوقي من المخاطر.وان كانت هذه أولويات المستقبل الذي تضع أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 إطارا عمليا زمنيا لها، فإن التعامل معها يلزمه استثمار ضخم يحتاج الى موارد مالية متنوعة المصادر وفقا لخطة عمل تمويل التنمية التي أقرتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في يوليو من عام 2015 في اديس أبابا.
وقد تقدمت عشر دول عربية بخططها الطوعية لبرامجها التنموية في إطار المنتدى السياسي رفيع المستوى للمنظومة الأممية، وستتبعها 6 دول أخرى في يوليو القادم، توافقت برامجها المعلنة مع أجندة التنمية المستدامة، وقد علمتنا تجارب التنمية ان الأمر يتطلب ثلاثة مستلزمات: بيانات وافية تعين اتخاذ القرار وتتابعه، تمويل مناسب لبرامج ومشروعات التنمية وتطبيق فعال على المستوى المحلي.وتظهر الدراسة المتميزة التي أعدها “المنتدى العربي للبيئة والتنمية” والصادرة في بيروت في شهر نوفمبر الماضي ان الإقتصادات العربية تحتاج الى تمويل يصل حده الأدنى الى 230 مليار دولار سنويا، للاسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وان الفجوة التمويلية في الدول ذات العجز المالي تصل الى 100 مليار دولار سنويا. فدعونا نتدبر سويا من أين سيأتي هذا التمويل الضخم.
وأود تأكيد ان تمويل التنمية المستدامة لا يأتي من خلال صفقات مالية متناثرة أو إنفاق مشتت بل يجب أن يستند لنهج متكامل قوامه سياسات متناسقة ومؤسسات ذات كفاءة, ويعتمد هذا النهج على تمكين الشباب أو المرأة من خلال إتاحة فرص العمل والإستثمار وريادة الأعمال من خلال مؤسسات متخصصة وتمويل داعم. كما يركز هذا النهج على توطين التنمية محليا في منافسة بين المدن والمحافظات والأقاليم في جذب الإستثمارات وتطوير وحدات الإنتاج والخدمات الأساسية والمتطورة ورفع الكفاءة من خلال إجراءات المالية العامة ودفع التنافسية وتحفيز الإبتكار.
ولا يغني ذلك عن منع نزيف خسائر الكيانات الإقتصادية المملوكة للدولة، وضرورة استخدام الأصول المعطلة في زيادة الموارد وتحويلها الى أصول منتجة أو أرصدة تمول التنمية، لا أن تترك بلا نفع فيها كأعجاز نخل خاوية.
وأول محاور تمويل التنمية العربية السبعة، التي يمكن لمجموعة البنك الدولي الإسهام في تطويرها من خلال الدعم الفني والإسهام المالي ونقل الخبرات الدولية والمعارف، يعتمد على تعبئة الموارد المحلية بكفاءة وإنفاقها بفاعلية وحسن استهداف مجالات الإنفاق العام، وهناك ضرورة للتصدي العاجل لخلل الموازنات العامة العربية، وما يترتب عليه من تراكم للمديونيات المحلية والدولية، وارتفاع معدلات التضخم والغلاء. فرغم تحسن طفيف طرأ على إجمالي موازنات الإقتصاديات العربية بانخفاض العجز فيها الى 4,5 بالمئة، وفقا للتقديرات مقارنة بالعام المنصرم، فإن مدى تعرضها لصدمات اقتصادية ما زال كبيرا، ومع اتجاهات ارتفاع تكلفة الإقتراض لتمويل العجز وانخفاض الإيرادات السيادية، تتزايد المخاطر.
ونلاحظ انه رغم جهود بذلت لتنويع الهيكل الإنتاجي للاقتصادات العربية ومواردها، فإن موازناتها العامة وموازين مدفوعاتها الدولية ما زالت شديدة التأثر بتقلبات أسعار النفط بشكل مباشر وغير مباشر. فبعدما تجاوز متوسط سعر النفط 100 دولار في الفترة من 2011 الى 2014 أصبح أقل من 50 دولارا في الفترة من 2015 الى 2018، والتوقعات التي تتم مراجعتها دوريا، ان يحوم السعر حول 69 و74 دولارا في العامين الحالي والقادم. وهذا التقلب الشديد في أعوام قليلة لا يعين على ضبط الموازنات ودفع النمو لاقتصادات ما زالت شديدة الإرتباط بسلعة واحدة ومشتقاتها، في عالم يشهد تغيرا في خريطة تصدير النفط وتخفيض الإعتماد عليه بالتنوع في مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة.
وقد شاهدنا جهود الإصلاح ومساعي تنويع القاعدة الإنتاجية ومصادر الطاقة وهي تشتد مع انخفاض أسعار النفط في الدول المصدرة، ومع ارتفاعه في الدول المستوردة ثم سرعان ما تفتر هذه الجهود مع تغيرات اتجاه الأسعار مما يعسر من شأن الإقتصاد واستقراره ونموه.
حسنا فعلت بعض الدول العربية باتخاذ إصلاحات في المالية العامة وبإنشاء صناديق سيادية، تديرها مؤسسات محترفة لزيادة العوائد على الإستثمار وتنويع مصادر الدخل وحماية حقوق الأجيال القادمة.
لكن هناك حاجة الى تحسين الموارد الضريبية للموازنات العامة العربية التي تبلغ متوسط 11 بالمئة من الدخل القومي بما يقل عن المتوسط الموصى به بألا تقل إيرادات الضرائب عن 15 بالمئة من الدخل القومي. وهذا يستوجب إصلاحا مؤسسيا وتشريعيا وتوعية وعدالة في تحمل العبء الضريبي وكفاءة وفاعلية وانضباط في الإنفاق وبضبط الإنفاق العام سيتاح التمويل المصرفي وغير المصرفي للقطاع الخاص ليقوم بدوره في التنمية مسهما في نمو الإقتصاد ومتيحا لفرص العمل ودافعا للضرائب عن أرباحه المتحققة.
خفضت التقنية المالية الحديثة من تكلفة المعاملات ورفعت قدرات خدمة أعداد غفيرة من العملاء الجدد من خلال خدمات الأنترنت والهاتف الجوال، فوصلت الخدمات المالية لمناطق نائية وريفية بعدما كانت حكرا على بعض المناطق الحضرية.
ولكن هناك مخاطر تتعلق بمدى تأمين نظم المدفوعات وأمان تداول المعاملات وحماية المتعاملين وسرية حساباتهم ووقايتها من مخاطر جديدة قد تتعرض لها شبكات التداول ومنصاتها. كما ان هناك تحديا يرتبط بالتنسيق بين جهات الرقابة المالية والبنوك المركزية وشركات تقديم خدمات الهاتف وشركات التكنولوجيا. وقد فرضت انتهاكات الخصوصية، من خلال الولوج الى قواعد البيانات الكبرى والتلاعب بها، خطرا جديدا ينبغي التصدي له. كما تظهر خدع ما يسمى بالعملات الرقمية المشفرة، والتقلب العنيف في أسعارها بين ارتفاع وانهيار بلا سبب منطقي معلوم، ضرورة أخرى لوجود سياسة متكاملة للتقنية المالية، والإرتقاء بالرقابة المالية ومهارات العاملين فيها، وتطوير قواعد حماية المتعاملين مع الجهات التي توفر الخدمات المالية سواء كانت مصرفية أو غيرها، والإرتقاء بالوعي المالي في المجتمع. وقد شهدت الإجتماعات السنوية الأخيرة للبنك وصندوق النقد الدوليين، التي عقدت في بالي في إندونيسيا، تدشينا لما أطلق عليه “أجندة بالي للتقنية المالية” تناولت 12 عنصرا محددا لزيادة النفع من إسهامات التقنية المالية في تعبئة الموارد وتوجيهها لمسارات التنمية، مع الحفاظ على الإستقرار النقدي والمالي وحماية الحقوق، والعبرة، من قبل ومن بعد، بفاعلية التطبيق.
ثالثا: في خطة تمويل التنمية المستدامة محورا لتدفقات التمويل الخاصة في شكل استثمارات أجنبية وغيرها، وتبرز الإسكوا في دراسة لها أن مقابل كل دولار من الإستثمارات يأتي للاقتصاد العربي فإن 108 دولار ات يخرج منها كاستثمارات في دول غير عربية أو كعوائد استثمار للشريك الأجنبي، علما بأن الإستثمارات الأجنبية للدول العربية في عمومها قد تراجعت ولم تعد لمستويات ما قبل الأزمة المالية العالمية. هذا فضلا عن تزايد حجم الإيداعات العربية في الخارج في شكل ودائع مصرفية. واذا أضفنا تحويلات العاملين بالخارج، فرغم أهميتها لعدد من الدول العربية، فان الاقتصادي العربي مصدر صاف لهذه التحويلات. قد تختلف هذه الصورةفي بعض البلدان ولكن هذا هو الوضع العربي العام.
وتلوح فرصا للاقتصادات العربية مع تدفقات متزايدة عالميا في مجالات التمويل الاخضر وكذلك ما يعرف بالاستثمار المؤثر وتزايد إنشاء صناديق تمويل ضخمة على مدار العامين الماضيين صرح مؤسسوها بان استثماراتهم تتشكل من هذا النوع المؤثر اجتماعيا وبيئيا لا سواه. وأعلن مؤخرا ان الاصول المستثمر فيها قد بلغت 228 مليار دولار في شهر ديسمبر 2018، بزيادة تقدر بضعف قيمة ما كانت عليه في العام السابق. وتشير التوقعات الى ان تتجاوز أرقام هذه الاستثمارات تريليون دولار في الاجل القصير.
ويميز هذا النوع من الاستثمار استهدافه لمجالات تحقق عائدا اجتماعيا وبيئيا إيجابيا، قابلا للقياس، فضلا عن العائد المالي لمشروعاتها. قد يتداعى الى الذهن ان الاستثمار المسؤول اجتماعيا أمر متعارف عليه منذ فترة. ويعتمد على معايير بيئية واجتماعية بالاضافة للحوكمة. لكن الجديد في الأمر يتمثل في ان المستثمرين لا يكتفون بمجرد تجنب إلحاق الضرر بالبيئة او المجتمع، لكنهم يستهدفون بالأساس تحقيق قيمة مضافة إيجابية وملموسة من خلال مشروعاتهم.
رابعا، استقرت المساعدات الإنمائية الرسمية عالميا عند متوسط 15 مليار دولار سنويا، رغم مطالبة الدول المانحة بالوفاء بتعهد منحها 0.7 % من دخولها للدول الاقل دخلا، فقليل من المانحين يلتزمون. لكن نصيب المنطقةالعربية قد زاد مؤخرا بعد انخفاض لسنوات، وتوجهت بالاساس للمجالات الانسانية وعون اللاجئين. وفي كل الاحوال فانه رغم أهمية هذه المساعدات للدول منخفضة الدخل وتلك التي تعاني من هشاشة او عانت لسنوات من صراعات وحروب أهلية، فانها من الممكن ان تعين في مراحل التحول نحو الاستقرار خاصة في القطاعات ذات الأثر الاجتماعي.
خامسا، مع ارتفاع الدول في كثير من الدول العربية وانخفاض الإدخار في أغلبها أصبح لزاما عليها ان تحدد إطار تمويل التنمية بشكل متكامل، وكيفية التنسيقبين مصادر التمويل العامة والخاصة والمحلية والاجنبية وتفعيل نظم المشاركة بما يدفع بالنمو قدما ويقلل أعباء الديون. وتحدد ورقة عمل مشتركة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ثلاث مجالات للتعامل مع متطلبات ادارة الديون العامة أولها هو زيادة قدرات الدول على التحليل الفني للديون والمالية العامة وسياساتها. والمجال الثاني معني هو تدعيم نظم الإفصاح والمعرفة والمعلومات لكي يتضح حجم الديون والالتزامات بانواعها على كافة الاطراف واجراءات الاصلاح وفتراتها وأعبائها. والمجال الثالث يرتبط بتدعيم قدرات مؤسسات الدولة والتنسيق بين سياساتها في مجال ادارة الديون والمخاطر. غني عن الذكر ان هذه المجالات الثلاث في التعامل مع الديون تستوجب ادارة فعالة لجانب الاصول المملوكة للدولة وتعظيم العائد منها.
سادسا، هناك بعد للتجارة لا ينبغي إغفاله في تحقيق اهداف التنمية، وما زالت التجارة البيئية في العالم العربي متواضعة عند نسبتها الى إجمالي التجارة، فهي لا تتجاوز 10% في أفضل الأحوال تعوقها تكاليف النقل واللوجيستيات رغم اقتراب المسافات، ورغم وفرة في المواثيق الممكنة لانسياب التجارة البينية الا ان تفعيلها كان محدودا في تخفيض تكلفة المعاملات ، وهناك إشارة ان المتوسط الاقليمي العربي لاجراءات تيسير التجارة لا يتجاوز 56% في بعض التقديرات، فضلا عن المعوقات غير الجمركية ومصاعب التجارة في الخدمات.
وتتيح تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي، اذا ما استخدمت بكفاءة، فرصا كبيرة لتدفق الصادرات والواردات العربية البينية.
واذا كان هذا شأن التجارة التقليدية، فلعله من الواجب اليوم ان يكون لدى الاقتصادات العربية استراتيجية متكاملة تختص بالتجارة الالكترونية تسهم في التوافق مع متطلبات الثورة الصناعية الجدية وأنماط نشاطها الاقتصادي القائم على المنصات الالكترونية وشبكاتها وقواعد البيانات الكبرى وتأمينها وضمن تسوية مدفوعاتها ويسير أعمالها وحماية المتعاملين في نطاقها وتشجيع المنافسة والشمول لخدماتها وربطها بقطاعات الانتاج من خلال سلاسل القيم.
سابعا، كما أكدت وثيقة تمويل التنمية المستدامة لن تتحقق أهداف التنمية المستدامعة دون الإنتفاع بالعلم والإستفادة من التكنولوجيا والإبتكار. بالعلم والمال يبني الناس ملكهم.. لم يبن ملك على جهل وإقلال. هكذا احتفى أمير الشعراء احمد شوقي منذ 100 عام بتأسيس طلعت حرب ورفاقه من رواد الاستثمار لبنك مصر.
ففي الوقت الذي يشهد العالم فيه بزوغ الثورة الصناعية الرابعة، نتذكر انه لم يكن نصيب العرب من الثورات الصناعية الثلاث السابقة وعوائدها متناسبا مع مقومات وإمكانيات كامنة لديهم. ففي القرن الثامن عشر كان اختراع المحركات البخارية وما أحدثه من نقله نوعيةفي اقتصاديات الانتاج الصناعي إيذانا بالثورة الصناعيةالاولى. اما الثورة الصناعية الثانية، فقد تزامنت مع اكتشاف الكهرباء في القرن التاسع عشر، واستحدثت منتجات جديدة غيرت أنماط الانتاج وطورت من حياة البشر. اما الثورة الصناعية الثالثة فلقد اعتمدت على المستجدات التكنولوجية في القرن العشرين التي ارتبطت باختراع وتطوير الحواسب الآلية وانتشارها في مجالات الانتاج والخدمات ووسائل المعيشة. الا ان الثورة الصناعية الجديدة تمثل نقلة كبرى في انطلاق الاقتصاد الرقمي وتكنولوجيا المعلومات وما يرتبط بها من ابتكارات ومنتجات التي ستبدل حياة الناس والانتاج بما لم تسبقها اليه اي من الثورات الصناعية السابقة.
ليست هناك ثمة مبالغة بالقول ان “قواعد البيانات الكبرى هي النفط الديد”، فقواعد البيانات الكبرى هي وقود عصر المعلومات والاقتصاد الرسمي، ولا عجب في ان الشركات التكنولوجية الخمس المسيطرة على قواعد البيانات الكبرى هي الاكبر ربحية والاعلى قيمة في اسواق المال. فهل أعد العرب عدتهم للتعامل مع هذا النفط الجديد، للاجابةعلى هذا السؤال تنبغي مراجعة قوانين المعلومات مثلما فعلت اوروبا بتشريعها بشأن “القواعد الرقابية العامة لحماية البيانات”. كما تجب مراجعة الكفاءة المؤسسية في التعامل مع البيانات والمعلومات جمعا وحفظا وتحليلا وتداولا وإفصاحا ومعايير حماية الخصوصية والسرية.
علمنا من نتائج الثورات الصناعية الاولى ان المستقبل لمن سعى منطلقا الى رحاب التقدم، وان الفيصل بين التقدم والتخلف مرتهن بسرعة توافق المجتمعات والاقتصادات لمستجدات التكنولوجيا وترويضها لنفع الناس.
وهناك مؤشر هام يمكن الاسترشاد به، على سبيل المثال، للتحقق من القدرة على الاستفادة من الثورة الصناعية الجديدة وارتباط موجاتها وهو التصنيف الدولي للرقم القياسي الجديد لرأس المال البشري، الصادر عن البنك الدولي في عام2018، والذي صنف اقتصادات الدول وفقا لمؤشرات تفصيلية للتعليم والرعاية الصحية واحتمالات توقع الحياة للمواليد حتى سن الالتحقاق بالمدارس. ولم يكن غريبا ان تحتل سنغافورة وكوريا واليابان المراكز الثلاثة الاول وتجد في ذيل القائمة التي شملت 157 دولة اقتصادات شاسعة الاراضي وغنية بالموارد الطبيعية. اما الدول العربية فكان أداؤها، باستثناءات محدودة، سيئا ولا يليق بقدراتها وكانت النتيجة مماثلة ايضا في مؤشرين آخرين:
– مؤشر الاستعداد للتغير واستيعابه الذي تعده مؤسسة “كي بي إم جي” متضمنا قدرات الحكومات وقطاعات الاعمال والمجتمع المدني على اغتنام الفرص التي يتيحها التغيير سواء كانت صدمات او متغيرات سياسية واقتصادية تحمل فرصا او مخاطر يمكن التعامل معها.
– وكذلك تصنيف وحدة الاستعلامات فمؤسسة الاكونوميست للامكانات التكنولوجية المتاحة، من حيث استخدام شبكة المعلومات والبنية الاساسية للاقتصاد الرقمي والانتاح على الافكار والابتكارات بما في ذلك براءات الاختراع الانفاق على البحث والتطوير .
لعل فكرة التقدم من خلال التنمية المستدامة، والطموحات المرتبطة بها، تستوجب الاستفادة من منهج عملي واقعي للتنفيذ. وبمناسبةمرور 50 عاما على هبوط أول انسان على سطح القمر لنا في ما فعله الرئيس الاميركي الاسبق جون كينيدي مع وكالة الفضاء الاميركية مثلا.فقد أسست هذه الوكالات، المشهورة بناسا، في عام 1958 لتحقيق أهداف عامة متعدة كغزو الفضاء وتطوير تكنولوجيا متقدمة في مجال عملها على غير ذلك من أهداف عامة وحشد لوكالة ناسا من الموارد ما حشد، جمع لها من العلماء ما جمع. لكن كينيدي أنقذها من مصير بيروقراطي محتوم بان جعل لها هدفا محددا، وبدونه لظلت هائمة تطلع الى المجهول دون هدى او دليل. فما فعله كينيدي في عام 1961 هو ان جعل لوكالة ناسا هدفا محددا بان تصل بأول انسان الى سطح القمر وان تعود به سالما الى الارض قبل نهاية عقد الستينيات. وبهذا حول غموض تعدد الاغراض، الى هدف طموح، محدد الزمن، سهل التخيل، يمكن الحكم عليه بالنجاح والفشل فتعبأ له الموارد وتحتشد خلف تحقيقه الجهود وتستثار من أجل تحقيقه الهمم وتشحذ العقول. وقد تحقق هذا الهدف فعلا في عام 1969 بالخطوة الاولى التي خطاها رائد الفضاء نيل ارمسترونج، والتي كان لها ما بعدها كقفزة عملاقة للبشرية ، كما تنبأ في كلمته التي بثها من القمر الى سكان الارض.
كان ذلك الإنجاز الهائل نتيجة لما يطلق عليه الآن “رمية نحو القمر” بمعنى الطموح الجريء في اتخاذ القرار. فكما يؤكد بيل جيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت، من ان الرمية الموفقة نحو القمر تتصف بانها ذات هدف قابل للقياس، ويأخذ بألباب الناس ويلهمهم، ويغير بشكل جذري ما يمكن اعتباره ممكنا وقابلا للتحقيق.
كم يحتاج العرب من رميات موفقة نحو أقمار التقدم والتنمية المستدامة والقضاء على الفقر والإرتقاء بنوعية الحياة.
واذ نرجو ان يكون هذا العام الجديد عام خير، فلعل هذه الاولويات، وما يحيط بالتعامل معها من مستجدات عالمية واقليمية، تكون مجالات لتعاون مثمر مشترك لما فيه نفع الشعوب العربية وعموم الناس. “.
مداخلة وزير المال السعودي: السعودية تدعم كل ما هو في مصلحة العالم العربي
اكد وزير المال السعودي محمد عبد الله الجدعان ردا على سؤال على هامش مشاركته في اعمال القمة العربية التنموية : الاقتصادية والاجتماعية بدورتها الرابعة، حول ما اذا كانت بلاده تدعم مبادرة الرئيس عون، ان السعودية ستدعم كل ما هو في مصلحة العالم العربي وستستمر بدعم الشعب السوري بكل ما اوتيت به من قوة.
رئيس الوفد اليمني
ألقى ممثل الجمهورية اليمنية وزير الصناعة والتجارة محمد عبد الواحد الميتمي، كلمة في جلسة الاعمال الثانية للدورة الرابعة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، جاء فيها: “يطيب لي ان انقل اليكم تحيات وتهاني فخامة رئيس الجمهورية اليمنية المشير عبدربه منصور هادي على انعقاد هذه القمة الاستثنائية في بيروت هذه العاصمة العربية الجميلة، وانه لشرف كبير لي أن كلفني فخامة الرئيس بحضور هذه القمة العربية نيابة عنه، وبأسم فخامته أتقدم بالشكر والتقدير والامتنان للجمهورية اللبنانية الشقيقة حكومة وشعبا على كرم الضيافة وحسن الاستقبال ونهنئكم فخامة الرئيس علي هذا المستوى العالي من التنظيم والترتيب لاستضافة أعمال هذه القمة حتى بلغت ما بلغته من نجاح. كما أشكر الجامعة العربية وامينها العام على الجهود الحثيثة التي تبذلها من أجل رفعة هذه الامة ورفع مستوى اليقظة إزاء المخاطر المحدقة بأوطاننا وشعوبنا، والشكر والثناء موصول لخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على رئاسته للدورة السابقة وايلاءه الرعاية والاهتمام حتى تحقق لها النجاح المنشود.
أصحاب الفخامة والسمو والمعالي والسعادة رؤساء الوفود
وبإسم الجمهورية اليمنية حكومة وشعبا أهنئكم بحلول السنة الجديدة ٢٠١٩ متمنيا لكم ولشعوب إمتنا العربية الامن والاستقرار والتقدم والرخاء. لقد رحل عنا عام ٢٠١٨ حاملا المفاخر والإنجازات الباهرة لبعض الدول العربية التي نعتز ونفخر جميعا بما بلغته من تقدم ورخاء وما أنجزته من مآثر مثلما حمل معه الجراح والالام والأحزان للبعض الآخر والتي تؤلمنا جميعا. بلدي اليمن هي من بين تلك البلدان التي اثخنتها الجراح البليغة
خلال السنوات الأربع الأخيرة منذ وقوع الانقلاب البغيض، والمشؤوم علي الشرعية في ٢١ سبتمبر ٢٠١٤. ومنذ ذلك التأريخ وشعبنا اليمني يقاسي أهوال ذلك الانقلاب والذي دفع به إلى حافة أكبر كارثه إنسانية في هذا العصر كما تصرح بذلك ممنظمات الأمم المتحدة. كما تعلمون وتسمعون هناك اليوم في اليمن ٢٢ مليون يمني من آصل ٢٩ مليوناً غير مؤمنين غذائيا منهم ١٢ مليوناً إنسان مهددون بالمجاعة القاتلة وطفل يموت جوعا كل عشرة دقائق. غدى خمسة ملايين طفل في سن المدرسة خارج المدرسة وثلاثة ملايين ونصف مواطن شردوا من منازلهم وموطن عيشهم وأكثر من نصف مليون لاجئ في ملاذات خارج اليمن. وانكمش الناتج المحلي بأكثر من نصف قيمته وخسر الملايين من قوة العمل وظائفهم بحيث غدى اليوم اكثر من 60% من قوة العمل بلا عمل ولا دخل. المكاسب الاقتصادية والتنموية التي حققتها اليمن خلال ستين عام مضت جرى الانقضاض عليها في اقل من اربع سنوات منذ وقوع ذلك الانقلاب المدمر. لقد أتي هذا الانقلاب البغيض على الأخضر واليابس وقوض الأمن والسلام الاجتماعي بلا رحمة ولا وازع ولا ضمير. ولولا رعاية الله ودعم اشقائنا في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لكانت الكارثة في اليمن بلغت حدا لا سابق لها في التأريخ وصولا إلى الإطباق التام على الأمن القومي العربي بحصار محكم بانتزاع اليمن هذا البلد العربي الأصيل من محيطه العربي ليجعله يدور في فلك المطامع الفارسية المهددة للطموحات والأحلام المشروعة لدولنا وشعوبنا العربية بالأمن والاستقرار والسلام.
أصحاب الفخامة والسمو والمعالي والسعادة رؤساء الوفود
تنعقد هذه القمة التنموية الاستثنائية في الجمهورية اللبنانية الشقيقة في توقيت حرج وملائم في نفس الوقت الذي يعبر فيها قادة الأمة العربية عن إدراكهم العميق بحجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية المهولة التي تواجهها آمتنا العربية بقدر ما تعبر القمة ذاتها عن حس اليقظة العالية والمسؤولية الرفيعة لدي أصحاب الجلالة والفخامة والسمو في التضامن والتصدي المشترك لهذه التحديات. ولما كانت معاناة اليمن بكل ما تقاسيه من الام وجراح ومعاناة تم الإشارة إليها بإيجاز شديد أعلاه هي اليوم الأكثر الحاحا وحاجة لدعم أشقائها من أعضاء هذه المنظومة العربية الهامة لتجاوز محنتها العصيبة عبر إسنادها المباشر وغير المباشر باستعادة سلطة الشرعية وتقديم كافة أشكال الدعم السياسي والمؤسسي والمادي لتخطي آثار الانقلاب. فهناك ملايين اليمنيين الذين
يتضورون جوعا ويحتاجون منكم للتخفيف عن معاناتهم الانسانية المريرة بوضعهم علي راس قائمة أولويات هذه القمة ، وهناك الملايين من العاطلين والشباب الذي يتطلعون للحصول على فرصة عمل قبل أن يقعوا فريسة سهلة لإغواء الدول والمنظمات الإرهابية، وهناك الملايين من الأطفال والنساء الذين يكابدون مشقات المرض ويحتاجون إلى التطبيب والدواء قبل أن تفتك بهم الأمراض الوبائية التي كانت قد غادرت بلدي لعقود من الزمن حتى جاء هذا الانقلاب الغاشم ليوطّنها من جديد ، وهناك الملايين من الفقراء الذين يقاسون الفقر ويحلمون بالفكاك من جحيمه بعونكم وأسنادكم، وهناك الملايين من المشردين والنازحين الذين فقدوا مأواهم ويحلمون بالعودة اليه مثلما يتطلعون إلى تيسير وتسهيل حركتهم وانتقالهم في البلدان العربية الشقيقة عندما يحتاجون إلى ذلك، وهناك ملايين اليمنيين الذين أخلّت بتوازنهم النفسي والاجتماعي مشقات هذه الحرب البغيضة ومشتقاتها فيحتاجون إلى العناية والرعاية، وهناك عشرات الالاف من الجرحى والثكلى الذين تضرروا أو بُترت أعضاءهم آما في جبهات القتال أو نتيجة لملايين الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية في كلِ بقعةٍ أرض مروا منها، وهم اليوم يتطلعون إلى هذه القمة بأمل كبير للتخفيف عن معاناتهم ورفع الظلم عنهم. وبعبارة موجزة فإن برنامج إعادة الاعمار والتعافي الوطني ومعالجة المشكلات الاقتصادية الاجتماعية في اليمن الذي تجند له الحكومة اليمنية كل طاقتها، وهي القضايا التي تقع في قلب اهتمام هذه القمة التي يحدق إليها اليمنيون بأن تكون هذه القمة الاستثنائية من أجل اليمن وشعب اليمن. إن وثيقة الاطار الاستراتيجي للقضاء على الفقر المعروضة على هذه القمة توضح بجلاء أن من بين الستين مليونا مواطنا عربيا ممن يعانون الفقر متعدد الأبعاد في الوطن العربي، ٢٢ مليونا منهم هم إخوانكم في اليمن، أي اكثر من ثلث عدد الفقراء في الوطن العربي.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
كما تعلمون جميعا آن الكارثة الانسانية في اليمن التي خلفها هذا الانقلاب الغاشم تتصدر جدول أعمال المجتمع الدولي ومؤسساته المختلفة. غير أننا في اليمن حكومة وشعبا، رجالا ونساء، أطفالا وشيوخا نعلق الآمال الكبرى على دعم ومساندة أشقائنا وإخواننا العرب اللامحدود من أجل تجاوز هذه الكارثة والعودة آلي الحياة الطبيعية والعيش في محيطنا الأخوي العربي في أمن واستقرار ورخاء. كما أوجز الشاعر العربي معنى ذلك ببلاغه حين قال ” أخاك أخاك إن من لا أخاً له كساع الى الهيجا بدون سلاح … وإنَّ أبن عم المرءِ فأعلم جَناحُه … وهل ينهض البازي بغير جَناح”. لا شك أن الدعم الملموس والمتعدد الأوجه والمجالات الذي يقدمه أشقائنا في
المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ودولة الكويت وغيرها من الدول الشقيقة لأخوتهم في اليمن منذ لحظة حدوث الانقلاب قد خفف من وقع حجم الكارثة.
إلا أن هول الكارثة والدمار يتجاوز كل الحدود والتصورات مما يدفعنا لنداء أواصر الأخوة والقربي أن تعلن هذه القمة الاستثنائية التنموية اليمن على رأس قائمة أولوياتها ومخرجاتها. تنمية وإعادة إعمار اليمن هو هدفنا الاستراتيجي لتكون حصنا منيعا في وجه الطامحين لزعزعة آمن واستقرار آمتنا العربية بقدر ما هو هدف معلن لهذه القمة. فإعادة الاعمار والتعافي هو في مضمونه وابعاده ومخرجاته يعني السلام والاستقرار. وقد وضعت الحكومة اليمنية ومنذ وقت مبكر خِطةً لإعادة الاعمار والتعافي الوطني الشامل للعمل فيها بدعم من إشقاء اليمن في المقام الأول واصدقاؤها.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
نحن في الحكومة اليمنية عازمون بإصرار على إنهاء معاناة شعبنا اليمني بكافة الطرق والوسائل المشروعة، والطرق السلمية منها على وجه التحديد. هكذا ذهبنا إلى جنيف والكويت وستوكهلم لوضع نهاية لهذه الحرب بالطرق السلمية إذا ما انصاع الأنقلابيون إلى لغة السلم وكفوا عن استخدام السلاح والقتل في فرض إرادتهم على غالبية الشعب اليمني وتحولوا إلى حزب سياسي شأنهم شأن غيرهم للدخول في حوار وتسوية بالاستناد إلى المرجعيات الثلاثة الذي أعتمدها وأقرها وساندها المجتمع اليمني والإقليمي والدولي والمتمثلة بمخرجات الحوار الوطني الشامل والمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن الدولي. إن دعمكم للحكومة الشرعية المعترف بها إقليما ودوليا لتحقيق السلام في اليمن وعلى أساس هذه المرجعيات وإعادة الاعمار والتعافي هو بمثابة الفجر الذي يبدد الظلام الدامس الذي يخيم اليوم على سماء اليمن وارضها.
وفي الختام وبأسم الجمهورية اليمنية لا يسعني إلا أن أكرر الشكر والتقدير والثناء لأشقائنا في الجمهورية اللبنانية على كل ما بذلوهمن أجل أنجاح هذه القمة وللأمانة العامة لجامعة الدول العربية وأمينها العام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
رئيس الوفد الجزائري
ألقى ممثل رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عبد العزيز بوتفليقة رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، كلمة في الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، قال فيها:
“يشرفني في البداية أن أنقل إليكم تحيات أخيكم فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي شرفني بتمثيله في قمتنا هذه، وتمنياته بأن تتوج هذه القمة بتحقيق الغايات والأهداف التي تصبو إليها أمتنا العربية ويسهم في تعزيز عملنا الاقتصادي والاجتماعي العربي. كما يسرني، فخامة الرئيس السيد العماد ميشال عون، بمناسبة توليكم رئاسة قمتنا هذه، أن أعرب لفخامتكم عن خالص الشكر على توفير بلدكم لكافة أسباب النجاح لقمتنا هذه .ولا يفوتني بالمناسبة إسداء التقدير إلى خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وإلى المملكة العربية السعودية، على كل ما بَذَلَته من جهود قيّمة خلال توليها رئاسة قمتنا السابقة.
نلتقي مجددًا في هذه القمة في ظل ظروف يشهد فيها الوطن العربي تحولات وتحديات كبرى على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يتوجب التشاور وتحديد الموقف من تداعياتها…
ويبقى التكامل الاقتصادي بين الدول العربية هدفًا ساميًا ينبغي علينا تحقيقه وضبط أولوياته باستغلال أمثل للقدرات الهائلة التي يزخر بها وطننا العربي في إطار إرساء قواعد عملية لكل خطوة نخطوها. كما ينبغي علينا اليوم تشخيص مسار التكامل العربي انطلاقًا من رصد المستوى الذي بلغه هذا المشروع، والعمل بالتدريج على تجسيد المراحل الجديدة التي يتحتم علينا الاتفاق عليها…
وإنني على يقين من أننا نتقاسم في هذا الإطار إرادة مشتركة ترمي إلى الدفع بالجانب الاقتصادي والتنموي للأمام… وصولاً إلى تأسيس فضاء اقتصادي وتجاري ناجح على شاكلة التكتلات الاقتصادية القائمة في العالم.
غير أن تحقيق هذا الطموح يبقى مرتبطًا بمدى قدرتنا على تجاوز خلافاتنا، والعمل على إعادة اللحمة بيننا من أجل تهيئة أرضية حقيقية لبناء صرح التكتل الاقتصادي العربي المنشود، والرامي إلى بلوغ “منظومة عربية اقتصادية جديدة” قوية وحاضرة على الساحة الإقليمية والدولية.
وإننا لذلك – سيداتي سادتي – ننوه بالتوجه الذي تبنته هذه القمة تحت شعار “الإنسان العربي محور التنمية… وإن تحقيق التطلعات التنموية في وطننا العربي اليوم هي غاية يجب أن نعمل جميعا على تحقيقها، غير أن ذلك يبقى مرهونًا بمدى نجاحنا في مواجهة التهديدات التي تواجه منطقتنا ولاسيما تلك المتعلقة بمكافحة ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف بكل أشكاله… إيمانًا منا من أنه : “لا يمكن تصور تنمية دون أمن ولا أمن دون تنمية“.
ولتحقيق هذا المبتغى لابد علينا إذن من بذل جهود خاصة لتوجيه استراتيجيات التنمية في منطقتنا وتصويبها نحو الإنسان العربي بما يتماشى واحتياجاته، والعمل في نفس الوقت على توجيه السياسات والبرامج الرامية إلى اجتثاث هذه الظاهرة المقيتة… من خلال تكثيف الاستثمار في مجالات التربية والتعليم والتنمية المستدامة والمواطنة. والعمل عبر مساعدة شبابنا، وجعلهم طرفًا فاعلاً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ليكونوا محورًا أساسيًا في عملية التطوير والبناء وتجنيبهم السقوط في براثن التطرف والإرهاب بمختلف أشكاله.
وفي نفس السياق لن يفوتني التنويه بالاهتمام الذي حظي به موضوع تعزيز العمل المشترك بين قطاعي السياحة والثقافة، والذي من شأنه المساهمة في التعريف بتراثنا الثقافي والحضاري العريق، ويساهم في تحقيق مردود اقتصادي معتبر يدعم مسار التنمية. وهو الأمر الذي يدعونا بنفس الوقت إلى اعتماد استراتيجية جريئة للقضاء على الفقر، والعناية بالطفولة وتأطير الأسرة العربية باعتبارها الحاضنة الأساسية لكل مجتمع سليم وسوي ينمو فيه الإنسان على حب الوطن، وتزداد فيه العناية بتطوير وتنمية الرياضة، وتتكثف فيه بنفس الوقت المبادلات والأنشطة الشبابية البينية فيما بين الدول العربية…
وإن بلادي في هذا المجال تدعم كل مبادرة ترمي إلى ترقية التعاون التجاري بين الدول العربية بما يسهم بالدفع بعجلة التنمية وتحقيق استقلالية الاقتصاديات العربية وتكاملها.
وعلى صعيد آخر، فإن التنمية الزراعية في منطقتنا أصبحت تعد هي الأخرى مطلبًا ضروريًا يتوجب منحها كافة الوسائل وصولاً إلى تحقيق التكامل والتبادل التجاري في نطاق المحاصيل الزراعية والنباتية والحيوانية، الأمر الذي يتيح الفرصة للتحكم في حماية الأوضاع البيئية بمنطقتنا، ويجسد طموحاتنا الرامية إلى تحقيق الأمن الغذائي العربي.
من جانب آخر، وبالنظر إلى إمكانيات دولنا في مجال الطاقة والأوضاع التي تعرفها الأسواق العالمية فإنه يتوجب علينا فيها تعزيز التشاور والتنسيق لضمان استقرار الأسواق والحفاظ على مصالحنا المشتركة والبحث في سبل التعاون والشراكة في مجال الطاقات المستدامة بُغية مواكبة تحديات الانتقال الطاقوي.
بالإضافة إلى ذلك، وحرصا منها على المشاركة في الدفع بالعمل العربي الاقتصادي والاجتماعي المشترك، طرحت بلادي مشروع “الميثاق العربي الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر” التي أضحت تشكل محورًا هامًا وفعالاً في أغلب الاقتصاديات في العالم لما توفره من مناصب شغل فضلا عن مساهمتها في زيادة القيمة المضافة ورفع الناتج الداخلي الخام.
إن خيارنا هذا يجد بالواقع مبرره من النتائج الجيدة التي حققتها الجزائر في إطاره، وهو الخيار الذي عرف في العشرية الأخيرة نمواً معتبراً، تجلى في إنشاء أزيد من مليون مؤسسة أسهمت في خلق أكثر من 2.600.000 منصب شغل، 51% منها في قطاع الخدمات، وما نسبته 38% في قطاع الأشغال العمومية والبناء والري…
وهنا أريد أن أغتنم هذه السانحة لأشير الى أن ما حققته الجزائر من تقدم اقتصادي واجتماعي تحت القيادة الحكيمة لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، وتحقيق انجازات هامة على أكثر من مستوى قد انعكس بشكل ملحوظ على مختلف المؤشرات التي تبرز تطور حياة المواطن الجزائري.
وفي نطاق آخر، كرست الجزائر في قطاع التربية والتعليم مبدأ مجانية وإجبارية التعليم، حيث بلغت نسبة التمدرس بها % 98,5 للأطفال في سن التمدرس، وهي تعمل حاليًا على انتهاج سياسة إصلاحات منهجية ترمي إلى الرفع من نوعية التعليم والوصول به إلى مستوى عالمي.
وفيما يخص محو الأمية التي لا تتجاوز حاليا6,2 % بالنسبة للشباب (ما بين 15 و24 سنة) ووعيًا منها بالتطور الحاصل في المجتمع وظهور أشكال جديدة للأمية، خاصة في مجال استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال :
تأمل الجزائر القضاء النهائي على هذه الظاهرة بالنسبة للشباب في حدود 2020، وبالنسبة للكبار في آفاق 2030.
أما بخصوص المرأة، فلقد أصبحت ترقية مشاركتها وتمثيلها وإدماجها في كل الميادين من صميم الجهود التنموية في بلادي، حيث أتاحت هذه السياسة لأن تكون المرأة ممثلة في البرلمان الحالي بنسبة تفوق 25% ، تحتل الجزائر فيها مراتب جد متقدمة عربيا وحتى عالميا.
وبالنسبة للصحة تضمن الجزائر الآن مجانية الصحة، وهي تعمل على وضع استراتيجيات تهدف إلى تطوير أداء النظام الصحي، مما يسمح بلوغ متوسط العمر فيها ما يتجاوز 77 سنة.
ومن ناحية أخرى، ووعياً منها بالجانب البيئي أوجدت الجزائر نظاما قانونيا يؤسس للمعايير البيئية تماشيا مع الاتفاقيات الدولية… نظام يقوم على النمو الاقتصادي وحماية الموارد الطبيعية وتطوير مستوى المعيشة.
وبخصوص الوصول إلى شبكات النقل، وتوزيع المياه والكهرباء والغاز فإن البرامج العديدة التي وضعتها الدولة قد سمحت للجزائر في السنوات الأخيرة بتحقيق معدل يصل في مجال الربط بشبكة الكهرباء إلى 99% ، وإيصال الغاز الطبيعي إلى أكثر من 53% ، أما بالنسبة للربط بشبكة المياه الشروب فقد وصل إلى حد 98% …
ووعيًا من بلادي بضرورة بذل المزيد من الجهود للتكفل بالحاجيات الاجتماعية المتبقية للمواطن والتعجيل بالإصلاحات الاقتصادية وتنويع الإنتاج الوطني فقد عمدت الجزائر إلى تبني نموذج جديد للنمو الاقتصادي يهدف إلى تنويع وتحويل الاقتصاد الوطني عبر إعطاء الأولوية لتلبية احتياجات المواطن، لاسيما فيما يتعلق بالصحة والتعليم والعمل والسكن.
إن واقع الأزمات المحيطة بعالمنا العربي ينبغي ألاّ يثني عزيمتنا وألا ينال من إصرارنا على تسخير كافة قدراتنا لتحقيق التكامل التنموي المنشود، خاصة وأن دولنا تدرك اليوم بأن التطورات في هذا العالم المترابط الصلات يشهد تحولات سريعة، يتعين علينا فيها ضرورة مواكبتها.
فدولنا العربية وبصفة متفاوتة، وحسب واقع كل واحدة منها، ووفقًا لإمكانياتها وتجاربها الذاتية تعد اليوم عمليًا منخرطة في عمل مشترك متواصل يرمي إلى إرساء تعاون وشراكة واندماج واسع…
وإن بلوغ هذا الهدف يتطلب بالضرورة تنقية الأجواء العربية وإيجاد حلول سلمية لمختلف الأزمات القائمة بينها من خلال تفعيل التضامن العربي والانصراف نحو حل القضايا الجوهرية المصيرية التي تواجه أمتنا العربية.
في الأخير، يطيب لي فخامة الرئيس أن أتمنى التوفيق لفخامتكم في رئاسة قمتنا هذه لما فيه خير أمتنا العربية المتطلعة للتطور والنماء والتقدم.”
رئيس الوفد السوداني
ألقى النائب الأول لرئيس الجمهورية السودانية الفريق أول الركن بكري حسن صالح كلمة في الجلسة الافتتاحية للقمة الاقتصادية كلمة قال فيها: “يطيب لي في البدء أن أزج أسمى آيات الشكر والتقدير لفخامة الرئيس ميشال عون، ولحكومة وشعب الجمهورية اللبنانية الشقيقة على حسن الاستقبال وكرم الضيافة وحسن الوفادة، وكلنا ثقة في أن رئاستهم للدورة الحالية للقمة التنموية ستشهد انطلاقات رحبة في مجالات العمل العربي المشترك اقتصاديا واجتماعيا“.
أضاف: “كما أتقدم بالشكر الجزيل للمملكة العربية السعودية الشقيقة، لرئاستها للدورة السابقة للقمة وعلى المبادرات الخلاقة التي رعتها وتبنتها خلال تلك الدورة. ولا يفوتني أن أبذل الشكر والعرفان لمعالي الامين العام لجامعة الدول العربية وللعاملين بالامانة العامة على حسن اعدادهم وترتيبهم لهذه الدورة . أنقل لكم تحيات السيد رئيس جمهورية السودان المشير عمر حسن احمد البشير وتمنياته لقمتكم بالتوفيق والنجاح، ولعل جدول اعمال قمتنا هذه يعكس الطموحات الكبيرة التي نصبو لها كحكومات وشعوب في بلوغ التكامل الاقتصادي العربي الذي طال شوقنا له، فالقادة العرب الاوائل سبقوا العالم اجمع عندما صاغوا اتفاقية الدفاع العربي المشترك في العام 1950 ونادوا بالوحدة الاقتصادية العربية وأن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها المنطقة تحتم علينا المضي بوتيرة اسرع نحو تحقيق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى من اجل بلوغ التكامل الاقتصادي العربي وحتى تتبوأ منطقتنا مكانها المرجو في التجمعات الاقتصادية الدولية الكبرى“.
وتابع: “مرت ست سنوات منذ عقد آخر قمة تنموية عربية في الرياض والتي طرح من خلالها فخامة الاخ رئيس الجمهورية مبادرة السودان لتحقيق الامن الغذائي العربي من خلال الاستثمار الزراعي في السودان، وقد شهدت هذه المبادرة حراكا جيدا تمثل في عقد اجتماع استثنائي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في الخرطوم وموّل الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي الدراسات التفصيلية لهذه المبادرة والتي اعادها احد بيوت الخبرة العالمية الالمانية المعروفة ىوقد اكدت نتائج تلك الدراسات قدرات السودان التي تؤهله لسد فجوة الغذاء العربي من اللحوم والزيت والسكر وبعض الحبوب، وقد تبنت كافة القمم العربية العادية هذه المبادرة واعتبرتها قمة شرم الشيخ احدى ركائز الامن القومي العربي“.
وتابع:”وفي اطار التزام بلادنا بجميع اتفاقيات الاستثمار العربية المصادقة سعت حكومة السودان لتهيئة المناخ الجاذب للاستثمار العربي الزراعي من خلال جملة من الاصلاحات الاقتصادية والتشريعات والتدابير وانفاذ المشاريع ذات المنفعة لكل الشعوب العربية. والسودان اذ يشكرالصندوق العربي للانماء الاقتصادي يؤكد كذلك التزامه بكل القرارات الصادرة عن القمم العربية وعن المجلس الاققتصادي والاجتماعي ويطالب بسرعة تنفيذ تلك القرارات والتوصيات وعلى رأسها تلك المتعلقة بتوفير التمويل بالشروط المناسبة لمشروعات المبادرة، وانشاء وحدة متابعة تنفيذ مشروعات الامن الغذائي العربي اضافة الى تفعيل دور المؤسسة العربية لضمان الاستثمار والصادرات للتأمين على مخاطر الاستثمار“.
وقال: “فالسودان يسعى من خلال هذه المبادرة لاقرار نموذج جديد للتعاون الاقتصادي العربي يأخذ بالاعتبار ضرورة وجود مشروعات عربية تكاملية حقيقية على ارض الواقع تفضي لاحداث تكتل اقتصادي يرضي تطلعات شعوبنا العربية من المحيط الى الخليج. ان الظروف الاقتصادية السائدة اليوم تتطلب منا حفز التعاون الاقتصادي ودفع التجارة البينية وصولا لسوق عربية مشتركة اسوة بالتكتلات الاقتصادية العالمية والتي برزت للوجود وسيطرت على الاقتصاد الدولي رغم عدم وجود روابط كبيرة بينها كتلك التي بين دولنا العربية“.
أضاف: “اننا نثمن عاليا البنود المطروحة على جدول اعمال قمتنا هذه، ونبارك كافة الخطوات التي اتخذت لتنفيذها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي كما نعلن ترحيبنا بمخرجات منتدى القطاع الخاص العربي ومنتدى الشباب العربي ومنتدى منظمات المجتمع المدني العربي والتي عقدت على هامش هذه القمة. ونؤكد بأن اقتصادنا العربي عماده القطاعين العام والخاص ومن غير تكامل هذين القطاعين لن نستطيع ان نحقق التكامل الاقتصادي العربي الحقيقي.”
وختم: “أوّد أن اؤكد خلال هذه السانحة على ضرورة مضاعفة الجهد من اجل توحيد الصف العربي وجمع الكلمة في مواجهة التحديات الخطيرة والمحدقة بأمن ومصالح ومقدسات ومكتسبات دولنا وشعوبنا العربية دون استثناء. الامر الذي يدعونا جميعا للانتباه واليقظة وحسن تقدير الموقف والتعالي على الخلافات والاختلافات من خلال الحوار والتفاهم والتنازل لبعضنا البعض، ومن خلال تفويض اكبر واوسع لاليات جامعتنا العربية حتى تقوم بدورها في تعزيز التعاون والتضامن العربي وانهاء مظاهر العزلة والقطيعة ودعم المبادرات والمساعي الحميدة لبعض اخوتنا من القادة العرب والرامية الى تنقية الاجواء. اتمنى ان تكلل قمتنا هذه بالنجاح وان نخرج بقرارات تصب في رفاهية ورفع مستوى حياة شعوبنا العربية“.
رئيس الوفد الأردني
ألقى رئيس الحكومة الاردنية عمر الرزاز كلمة في الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، استهلها بالقول:
“اسمحوا لي بداية ان انقل تحيات صاحب الجلالة الملك عبدالله بن الحسين وتمنياته لكم بالخير وللقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة وكل النجاح والتوفيق.
يولي جلالة الملك اهتماما كبيرا بالموضوعات المدرجة على جدول اعمال هذه القمة ويتطلع الى ما سيصدر عنها من مقترحات تتوافق مع طموحات امتنا العربية.
واود بداية أن أتوجه بالتهنئة لفخامة الرئيس ميشال عون، على ترؤس بلاده لاعمال هذه القمة، ونتطلع الى مدرجاتها التي نأمل أن تكون خطوات عملية تعزز مسيرة العمل العربي المشترك، وتسهم في تحقيق الرخاء والتنمية لشعوبنا، وتجسيد طموحات شعوبنا في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي المنشود، واسمحوا لي ايضا أن اتوجه بالشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية رئيس الدورة الثالثة للقمة، على ما بذله من جهد طيب لانجاح اعمالها، كما اشكر معالي الامين العام لجامعة الدول العربية على جهوده المبذولة لتنفيذ قرارات قمة الرياض والتحضير لهذه القمة التي تشكل خطوة مهمة على طريق تعزيز تعاوننا لما يخدم مصالحنا المشتركة.
يأتي اجتماعنا اليوم، حيث يشهد فيه عالمنا العربي ظروفا اقتصادية وسياسية صعبة تتطلب منا جميعا العمل بشكل مشترك على تحقيق اعلى درجات التكامل والتعاون والتنسيق، لمواجهة التحديات والتعامل مع هذه الظروف، بروح المسؤولية والعزم وتكثيف الجهود وترسيخ التعاون والاستقرار والازدهار والانماء لدولنا وشعوبنا. ولا أبوح سرا ان قلت أننا غدونا في زمن يتزايد فيه الاستقطاب الدولي والصراعات الاقليمية والتكتلات الاقتصادية القادرة على مواجهة التكتلات الاقتصادية الاخيرة بشكل يحدث اثرا فاعلا من حيث النتيجة، مما استتبع ضمورا في قدرة الدول الفردية على التحرك او احداث اثر في اي تفاوض او تحرك دولي هام سياسي كان أو اقتصادي. وان هذا يدفعني للقول ان العمل العربي المشترك الفاعل لم يعد مشاعر، بل اضحى حاجة علينا التمسك بها وتجاوز كل ما يفرقنا“.
فتخيلوا معي كيف كانت حالنا ستكون مختلفة لو شكلنا كتلة عربية سياسية اقتصادية وازنة تسخر طاقات الامة الطبيعية والبشرية تلقي بثقلها بالكامل على كل قضايانا الاقليمية والعالمية تحقيقا للمصالح العربية العليا.
ان طموحنا هي أن يعيش أبناؤنا مستقبلا مشرقا مليئا بالأمل يتجاوز ما عشناه نحن من واقع يتطلب منا العمل بشكل ممنهج ومدروس وبخطوات واضحة من خلال هذه الجامعة العريقة.
ان املنا كبير في هذه الدورة برئاسة الجمهورية اللبنانية سوف تتكلل بالنجاح والخروج بالنتائج الايجابية وقرارات عملية تأخذ بعين الاعتبار الظروف والمتغيرات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وبالتالي فان اجتماعنا اليوم يعد فرصة طيبة للوقوف على ما تم انجازه من مشاريع تكامل اقتصادي واجتماعي عربي ولا بد ايضا من ايجاد الأطر الكفيلة والبيئة المواتية بين القطاع الخاص في بلادنا، لأنه المحرك الاساس للعجلة الاقتصادية، وستنعكس توافقاتنا على قدرته في زيادة التبادلات التجارية والتعاون الاقتصادي بين دولنا العربية.
ولا شك أن ذلك سيشجع ايضا الاستثمار المتبادل بما يحقق التكامل الاقتصادي ويبني اقتصادا اقليميا قادرا على تحقيق النمو ورفد المسيرة التنموية في جميع المجالات.
ان التنمية اساسها الاستقرار والامن وهذان غائبان بشكل كبير عن عالمنا العربي، ومن هنا علينا أن نطلق جهودا اكثر فعالية لحل كل الازمات في منطقتنا وفي مقدمتها الاحتلال الاسرائيلي وفق حل الدولتين وبما يلبي جميع حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وخصوصا حقه في الحرية والدولة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية.
واكرر الشكر لفخامة الرئيس ميشال عون والحكومة اللبنانية وشعبها العزيز على استضافة هذه القمة والجهود المبذولة لانجاحها، وستبقى المملكة الاردنية الهاشمية تبذل كل جهد مطلوب لتعزيز التعاون والعمل العربي المشترك وتحقيق التكامل الاقتصادي بيننا انطلاقا من ايماننا المطلق باننا في تعاوننا وتعاضدنا الخير لكل دولنا وشعوبنا”.
رئيس الوفد الفلسطيني
ألقى رئيس الوزراء في دولة فلسطين رامي الحمد الله كلمة في الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، قال فيها: “إننا نهيب بالإخوة القادة، تخصيص المزيد من الدعم السياسي والمعنوي والمادي لمدينة القدس المحتلة المحاصرة، تأكيدا على المسؤولية العربية الجمعية في الدفاع عنها وعن مقدساتها المسيحية والإسلامية ودعم صمود أهلها ومؤسساتها في مواجهة كافة أشكال التهويد والاقتلاع والتهجير التي تتهددهم“.
وأضاف الحمد الله: “نتطلع إليكم جميعا لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ الخطة الاستراتيجية للتنمية القطاعية في مدينة القدس المحتلة (2018-2022) بالتنسيق مع دولة فلسطين، ووفق الآلية التي تم اعتمادها في دورة المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم 102، وترجمة القرارات الصادرة عن القمم العربية بشأن زيادة موارد صندوقي القدس والأقصى بقيمة (500) مليون دولار. ونتطلع إلى التزام كافة الدول العربية الشقيقة بتنفيذ القرارات المتعلقة بإعفاء وتسهيل دخول البضائع والمنتجات الفلسطينية الى أسواق الدول العربية بدون رسوم جمركية أو غير جمركية، وحشد الدعم الدولي تجاه تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بحماية مواردنا الطبيعية التي تتعرض للنهب والسرقة والمصادرة“.
وشدد الحمد الله على ضرورة الالتزام بما جاء في مبادرة السلام العربية التي أقرت في بيروت قبل سبعة عشر عاما، بأن التطبيع مع إسرائيل لا يجب أن يتم قبل إنفاذ المبادرة واسترداد الحقوق العربية وفي مقدمتها، إقامة دولة فلسطين على الأراضي المحتلة منذ عام 1967، والقدس عاصمتها. وإن مقاطعة الاحتلال الاسرائيلي، هي أحد أدوات المقاومة السلمية للاحتلال واستيطانه، داعيا كافة الدول والمؤسسات والشركات العربية إلى الالتزام بوقف جميع أشكال التعامل المباشر وغير المباشر مع منظومة الاحتلال ومستوطناته، واتخاذ التدابير اللازمة لتفعيل ذلك.
وتابع رئيس الوزراء: “يشرفني أن أتوجه إليكم جميعا، باسم الرئيس محمود عباس، وباسم شعبنا الفلسطيني، بخالص التحية وعميق التقدير. إنه لشرف كبير أن كلفني فخامتة بالإنابة عنه في أعمال هذه القمة الهامة، التي تزخر أجندتها بالأولويات وخطط العمل اللازم إنفاذها لتعزيز العمل العربي المشترك ونحو تذليل التحديات المتشابكة التي تواجهها دولنا وشعوبنا“.
وتوجه بعظيم الامتنان للجمهورية اللبنانية الشقيقة، رئاسة وحكومة وشعبا، على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، مشيرا إلى أن هذا ليس غريبا على لبنان الذي احتضن شعبنا الفلسطيني منذ سنوات النكبة، واختلطت ذكرياتنا بترابه، فعاش مع ابناء شعبنا ولا يزال، محطات كفاحنا الطويل لنيل الحرية والعودة والاستقلال.
وهنأ الحمد الله لبنان على رئاسة القمة العربية التنموية في دورتها الرابعة، آملا أن تحقق أهدافها بتحقيق تطلعاتنا المشتركة في تكامل عربي يعود بالخير على أبناء أمتنا، ويمهد لإحلال الأمن والاستقرار بل والازدهار في منطقتنا العربية.
وتوجه رئيس الوزراء بعظيم الشكر للمملكة العربية السعودية الشقيقة على دورها الريادي في رئاسة القمة السابقة، مثمنا عاليا مواقفها المستمرة الداعمة للقضية الفلسطينية في كافة المحافل، وبكل السبل والوسائل السياسية والاقتصادية، والشكر الموصول لأمين جامعة الدول العربية واسرة الجامعة لجهودهم لترتيب عقد هذه القمة خدمة للأهداف العربية المشتركة.
وقال: “جئتكم من فلسطين الأبية الصامدة التي تئن تحت وطأة عقود طويلة وقاهرة من الاحتلال والاستيطان العسكري، ورغم ذلك تحتشد في شعبها كل أسباب البقاء والثبات في وجه مخططات العزل والاقتلاع والإبادة. جئتكم حاملا قضيتنا الوطنية إلى بعدها العربي، البعد الأهم والأكبر لها، ولحتمية إنجاز حقوقنا المشروعة في الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس“.
وأضاف الحمد الله، “تدركون جميعا، إننا نمر بمرحلة فارقة، تتعاظم فيها التحديات، ونخوض خلالها مواجهة محمومة مع الاحتلال الإسرائيلي وإرهاب مستوطنيه، ونتحمل تبعات القرارات الأميركية الاخيرة التي أعطت إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، الضوء الأخضر للمزيد من العدوان والانتهاكات، ولقتل واعتقال الأبرياء من أبناء شعبنا، ومواجهة مسيرات العودة السلمية في غزة بالرصاص والقنص، في وقت تلتف فيه المستوطنات الإسرائيلية حول المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، ويقطع جدار الفصل العنصري ومئات الحواجز أوصالها، وتواصل إسرائيل سيطرتها على أكثر من 85? من موارد المياه الجوفية المشتركة، وعلى نحو 64% من أراضي الضفة الغربية هي المناطق المسماة (ج) التي تزخر بالموارد الطبيعية وبفرص الاستثمار والنمو، وتفرض العقوبات الجماعية على مليوني فلسطيني في قطاع غزة، يعانون من قساوة الحصار ومن تبعات ثلاث حروب إسرائيلية متعاقبة“.
واستدرك: “هذا وتواصل إسرائيل استباحة أرضنا وتحويلها إلى مشاع لعملياتها العسكرية، وتمعن في قيودها وسيطرتها على حركة البضائع والأشخاص، وتحاول تكبيل فرص التجارة وخنق أي نشاط اقتصادي. كل هذا لمنع إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا وذات سيادة على أرضها ومواردها، وتقويض جهود بناء اقتصاد فلسطيني موحد ومستقل ومنافس، باعتباره أهم مقومات هذه الدولة“.
واستطرد الحمد الله: “على وقع هذه المعاناة، نهض العمل الحكومي ليكون مستجيبا قادرا على تقديم الخدمات والوصول بها إلى كل شبر من أرضنا في إطار من الحكم الرشيد. ولقد كان العام الماضي الأشد ضراوة وقسوة، فقد حوصرنا ماليا وسياسيا، واستمر انخفاض المساعدات الخارجية ب 71%، وهدمت قوات الاحتلال خلاله، أربعمائة وستين منزلا ومنشأة. منها ستة وخمسون ممولة دوليا، وخمس مدارس. وبلغ عدد الشهداء فيه مئتان وخمسة وسبعون فلسطينيا. منهم ثلاثة وخمسون طفلا وست سيدات وثلاثة من المسعفين ومتطوعي الإسعاف. ولأول مرة منذ ستة عشر عاما، صادقت الحكومة الإسرائيلية على بناء مستوطنة جديدة في الخليل، كما صادقت على بناء 20 ألف وحدة استيطانية جديدة في القدس. وتتواصل مخططات التهجير ضد شعبنا في الخان الأحمر، وفي خربة إبزيق وطانا وسوسيا، وفي سائر التجمعات البدوية خاصة المحيطة بالقدس، وافتتحت مؤخرا طريق الأبرتهايد شرق القدس المحتلة، لمزيد من تدمير التواصل الجغرافي في الضفة الغربية، وعزل مدينة القدس بشكل تام عن محيطها العربي، واقتلاع هويتها، وكوجه آخر من أوجه النظام الإسرائيلي العنصري، الذي يقوم على التمييز والإقصاء وانتهاك القوانين الدولية والإنسانية“.
وتابع الحمد الله: “حشدنا خلال سنوات وجيزة، الطاقات والخبرات، وركزنا على الاستخدام الأمثل للموارد واتبعنا سياسات مالية رشيدة، لتخفيض العجز وتعظيم الإيرادات المحلية وتقليل الاعتماد على إسرائيل، وتحولنا بـ”تعزيز الصمود” من شعار سياسي إلى واقع عمل يومي، وانتزعنا إقرارا دوليا واسعا بجاهزية وأداء مؤسساتنا للعمل كمؤسسات دولة، وعملنا على تعزيز قدرة اقتصادنا الوطني على الانتاج والمنافسة، ليصبح اقتصادا مقاوما يحمل هويته الوطنية“.
وقال: “وفي مسار مواز، عملنا على تكريس بيئة استثمارية آمنة وممكنة وتغيير الصورة السلبية عن بيئة الأعمال والاستثمار في فلسطين، من خلال إقرار قانون ضمان الحق بالمال المنقول، وتفعيل سجل الأموال المنقولة، وتحديث قانون تشجيع الاستثمار، وإعداد مسودة قانون الشركات الجديد. واعتمدت حكومتي إنشاء “المدن الصناعية والمناطق الصناعية”، لتوفير البنية التحتية الملائمة للصناعات وجذب الاستثمارات وتوليد فرص العمل وتحقيق نمو اقتصادي يزيد عن 2% سنويا. كان لكل هذا عظيم الأثر في حصول انفتاح اقتصادي هو الأوسع مع العالم الخارجي، وانخفاض الواردات من إسرائيل بنسبة 20%، وزيادة حجم التبادل التجاري مع دول العالم لتصل الى نسبة 40%، ولأول مرة تجاوز حجم الصادرات الفلسطينية حاجز المليار دولار، ووصلنا بمنتجنا الوطني إلى أكثر من ثمانين دولة حول العالم، وتمكنا من زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية داخل دولتنا إلى 3.4 مليار دولار. ذلك كله يمهد للانفكاك التدريجي عن اقتصاد دولة الاحتلال، وتقليل الاعتماد عليها في الواردات كما في الصادرات“.
وأكد الحمد الله، “يبقى أمامنا استحقاق وطني داخلي، بتحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام لتمكين الحكومة من القيام بمسؤولياتها كاملة في قطاع غزة ونجدة شعبنا فيه، بنقل الجاهزية إليه وتوحيد وتوجيه عملنا الوطني الاقتصادي والتنموي فيه“.
وأضاف، “إلى جانب عمل الحكومة، كان هناك حراك دبلوماسي وقانوني حثيث، يقوده الرئيس محمود عباس، أثمر عن عام حافل بالمكاسب والانجازات. ففي العام الماضي صوتت الأمم المتحدة بإجماع دولي، على أكثر من تسعة عشر قرارا لصالح فلسطين وحقوق شعبها، توجت، بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبأغلبية ساحقة، على قرار يمنح فلسطين صلاحيات قانونية تمكنها من رئاسة مجموعة الـ “77 والصين”. وقبل أيام تسلم الرئيس محمود عباس قيادة المجموعة في حدث تاريخي نبني عليه للمزيد من تدويل قضيتنا وترسيخ حضور فلسطين في النظام الدولي، وتمكينها من ممارسة دور محوري في دعم أجندة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحماية مصالح بلدان المجموعة وقضاياها العادلة“.
واستدرك: “إننا إذ نثمن عاليا الدعم المستمر الذي قدمتموه وتقدمونه والذي مكننا من تحقيق ومراكمة الكثير من الإنجازات في مسيرة بناء دولة فلسطين، فإننا نتطلع إلى العمل الوثيق معكم للمزيد من تعزيز الصمود الفلسطيني، وندعوكم إلى الالتفات إلى تجربة فلسطين المميزة والفريدة في بناء اقتصادها المنافس رغم التحديات والقيود الاحتلالية التي تحاصرها. إننا نراهن على قرارات هذه القمة الهامة في ضخ الاستثمارات العربية والإسلامية في فلسطين، وعلى دور المنظمات والصناديق العربية والإسلامية والمستثمرين والقطاع الخاص العربي بمجمله“.
وأوضح الحمد الله “لقد اتخذت الادارة الاميركية الكثير من القرارات المعادية لشعبنا الفلسطيني، واستهدفت البنى والمؤسسات التي يعول عليها في بقائه وصموده، فعمدت إلى وقف تمويلها للمستشفيات الفلسطينية في القدس، ولوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين مما تسبب لها في عجز مالي، وهدد استمرارية خدماتها التي تقدمها لحوالي 5.9 مليون لاجئ فلسطيني“.
وقال: “وإذ نشكر الدول الشقيقة والصديقة، التي تمكنت الأونروا بفضل دعمها المالي الإضافي، من الاستمرار في تقديم خدماتها وتجاوز أزمتها المالية، فإننا نناشد المجتمع الدولي توفير شبكة استقرار وأمان مالي للأونروا، لضمان ديمومتها، وفق التفويض الدولي الممنوح لها، لحين إيجاد حل عادل لقضية لاجئي فلسطين، بموجب القانون الدولي، بما في ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. إننا نرفض المساس بمكانة الأونروا، ولن نتنازل عن حقوقنا التاريخية، مهما اشتدت الظروف أو تمادت إسرائيل في طغيانها وجبروتها. نشكركم جميعا على إقرار وتبني مشروع القرار الذي تقدمت به المملكة الأردنية الهاشمية بشأن التحديات التي تواجه وكالة “الاونروا“.
واستطرد: “اسمحوا لي أن أشدد على أن العائق الأكبر أمام نمو الاقتصاد الوطني وإطلاق طاقاته وإقامة دولتنا ذات السيادة على أرضها ومواردها، هو الاحتلال الإسرائيلي وممارساته وقيوده القمعية خاصة، وأن هياكل ومؤسسات هذه الدولة وبنيتها التشريعية باتت جاهزة للعمل بأقصى طاقاتها فور إعلان قيام دولة فلسطين“.
وقال: “لقد أكدنا دوما أن التنمية الشاملة مستحيلة في ظل الاحتلال والاستيطان، وعلى العالم توحيد جهوده والخروج عن صمته والالتفاف حول دعوة الرئيس محمود عباس إلى عقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات على أساس القانون الدولي والشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يضمن إنهاء الاحتلال الاسرائيلي وتجسيد استقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وغزة والأغوار وكافة التجمعات البدوية في قلبها. نعم لقد آن لشعب فلسطين أن ينعم بموارده ومقدراته، وأن يعيش حرا في دولته المستقلة بلا استيطان أو حواجز أو قيود“.
واختتم الحمد الله: “أحييكم مجددا في نهاية كلمتي، وأتمنى لقمتنا هذه كامل النجاح في تحقيق ما نصبو إليه وتستحقه شعوبنا من خير ورخاء وسلام. أشكر باسم فلسطين وشعبها الصامد المرابط، هذا الجهد والعمل المتفاني الذي تبذلونه على كافة الأصعدة لتعزيز أواصر التكامل والتعاون المثمر والبناء بيننا جميعا، والشكر موصول للبنان رئيسا وحكومة وشعبا على استضافة هذه القمة”.
نائب رئيس اتحاد الغرف العربية
القى رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية نائب رئيس اتحاد الغرف العربية محمد شقير كلمة القطاع الخاص العربي في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، جاء فيها:
“اسمحوا لي بداية ان أعبر بإسم اتحاد الغرف اللبنانية واتحاد الغرف العربية والقطاع الخاص العربي عموماً، عن بالغ التقدير لمبادرتكم الحكيمة بعقد القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، ومباركتكم لعقد منتدى للقطاع الخاص العربي، واعتباره جزءا من الأعمال التحضيرية للقمة. وهي المبادرة التي تؤكد عمق القناعة بتفعيل دور القطاع الخاص العربي في ترسيخ دعائم العمل العربي المشترك وتحقيق التنمية المستدامة.
أغتنم المناسبة لاعلن أمامكم ان لبنان خطى خطوات هامة تحضيراً لمرحلة واعدة، تستهدف النهوض باقتصاده الوطني وإستعادة موقعه كمركز اقتصادي ومالي مرموق في المنطقة.
في هذا الاطار، نجحت الحكومة اللبنانية في مؤتمر “سيدر” بالحصول على 11،8 مليار دولار لتمويل برنامجها الاستثماري لتطوير البنية التحتية، والتزمت بتنفيذ برنامج اصلاحي شامل، وهناك إرادة وطنية قوية لاقرار الاصلاحات وتحديث التشريعات التي تعنى بالشأن الاقتصادي، وذلك الى جانب القوانين التي اقرت لا سيما قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
أيضاً تم تلزيم استكشاف النفط والغاز في البحر، حيث من المتوقع ان تظهر نتائجه نهاية هذا العام، كما ان التحضيرات جارية لاطلاق عملية الاستكشاف في البر.
كذلك تم التعاقد مع شركة ماكينزي، التي وضعت استراتيجية للنهوض القطاعي والاقتصادي.
اننا نتطلع لتحقيق اهدافنا بالتعاون مع الاشقاء العرب الذين نعلم مدى محبتهم وحرصهم للحفاظ على دور لبنان المميز في المنطقة.
عقد منتدى القطاع الخاص العربي التحضيري للدورة الرابعة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية 16 كانون الثاني/يناير في بيروت، تحت رعاية وحضور دولة رئيس مجلس الوزراء المكلف سعد الحريري، وبتنظيم من اتحاد الغرف العربية بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان، ومجموعة الاقتصاد والأعمال. وشارك في أعماله العديد من الشخصيات العربية الرسمية ورؤساء وقيادات الغرف العربية والغرف العربية ـ الأجنبية المشتركة وقادة المؤسسات المالية والاقتصادية العربية والمنظمات والاتحادات العربية المتخصصة والعديد من الخبراء.
وخرج المنتدى بالتوصيات التالية:
1. في مجال إزالة العقبات التي تواجه منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتطويرها
– حث الدول العربية على إزالة المعوقات غير الجمركية خلال مدة زمنية محددة.
– دعوة الدول العربية إلى تسهيل دخول الاتفاقية العربية لتحرير التجارة في الخدمات بين الدول العربية حيز التطبيق، وإدراج موضوعات الصحة والصحة النباتية والقيود الفنية وتسهيل التجارة والملكية الفكرية في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، بالتعاون مع اتحاد الغرف العربية.
2. في مجال تسهيل حركة الاستثمار البيني وأصحاب الأعمال
– دعوة الدول العربية لإقرار اتفاقية استثمار عربية جديدة لتسهيل حركة الاستثمار العربي البيني ولتسهيل انتقال أصحاب الأعمال بين الدول العربية، بالتعاون مع الغرف العربية. وكذلك دعوتها إلى تعزيز دور هيئات تشجيع الاستثمارالعربية.
3. في مجال ترقية التعليم والتدريب لمواكبة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة
– دعم التعاون مع القطاع الخاص ممثلا بالغرف العربية لوضع مناهج جديدة تتوافق مع المهارات الجديدة المطلوبة لأسواق العمل.
4. في مجال مواكبة الثورة الصناعية الرابعة والتحول نحو الاقتصاد الرقمي
– دعوة الدول العربية لصياغة استراتيجية عربية مشتركة للاقتصاد الرقمي تستند إلى نظام معلومات متكامل، بالتزامن مع تحديث البنية التشريعية والقوانين اللازمة، ومع وضوح السياسات الضريبية المتصلة، وتحسين نوعية وانتشار خدمات الاتصالات وتخفيض أسعارها، ونشر الخدمات العامة الإلكترونية.
– دعوة الدول العربية ومنظمات العمل العربي المشترك إلى التعاون وإتاحة المعلومات وقواعد البيانات الداعمة وغيرها من متطلبات البيئة الرقمية الحديثة.
5. في مجال مشروعات تمكين المرأة والشباب
– دعوة مؤسسات التمويل العربية المشتركة للتركيزعلى تمويل مشروعات ريادة الأعمال والابتكار والشباب ومشروعات تمكين المرأة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وإنشاء مراكز تنمية ريادة الأعمال والابتكار، بمشاركة رئيسية من القطاع الخاص العربي ممثلا بالغرف العربية، وبما يساهم في الحد من البطالة والفقر.
6. في مجال إشراك القطاع الخاص في صناعة القرار الاقتصادي العربي
– دعوة الدول العربية إلى إشراك القطاع الخاص في بناءالقرار الاقتصادي على المستوى الوطني من خلال الغرف العربية، وعلى المستوى العربي المشترك من خلال اتحاد الغرف العربية، وذلك على سبيل المشورة ولما لدى القطاع الخاص من إمكانيات علمية واستثمارية ومن خبرات، والتزاما بمسؤولياته تجاه التنمية في بلد هو في العالم العربي.
7. في مجال توسيع دور القطاع الخاص في تمويل التنمية المستدامة بالوطن العربي
– دعوة جميع مؤسسات التمويل الإنمائي العربية ومتعددة الأطراف إلى التعاون مع اتحاد الغرف العربية لاجتذاب رأس المال الخاص للمشاركة في تمويل مشروعات البنى التحتية والتنمية المستدامة، ووضع الحوافز المناسبة لذلك.
– الدعوة إلى إقامة بنك معلومات للعرب المهاجرين في العالم لتعزيز إشراكهم في مشروعات التنمية والتكامل الاقتصادي العربي، ولفتح أسواق الدول للصادرات العربية.
8. في مجال مشاركة القطاع الخاص في إعادة إعمار الدول العربية المتضررة من الصراعات
– الحرص على مشاركة القطاع الخاص العربي في مشروعات إعادة الإعمار، واشتراط نسبة مكون محلي عربي في تلك المشروعات.
ختاماً، أتقدم من أصحاب الفخامة والدولة والمعالي، بأسمى آيات الشكر والتقدير على إتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص العربي للمساهمة في الأعمال التحضيرية للقمة، آملين ان تحظى توصياته بموافقتكم لتكون من ضمن مقررات القمة.”
…