“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشرته مجلة “الأمن العام” في عددها الرقم 63 الصادر في كانون الأول 2018.
لقراءة المزيد من مواضيع المجلة الضغط على الرابط الآتي:
http://www.general-security.gov.lb/ar/magazines
استدعى الخطر الداهم لاختيار 40 منظمة وجماعة إرهابية ملاذا لها في إفريقيا وتأثير هذا الواقع عليها وعلى دول مستهدفة كلبنان، ان تنظم المديرية العامة للامن العام مؤتمر”اندحار الارهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الافريقية”. في ختام المؤتمر عبّر المشاركون الافارقة عن تطلّعهم الى أن يتولى الامن العام تدريب كوادرهم الامنية بعد النجاح الذ حققه لبنان في الامن الاستباقي.
انها الحرب الوقائية التي أكد مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم ضرورة شنّها على الارهاب داعيا العالم الى موقع المبادرة.
ولأن افريقيا قارة شقيقة للبنان، سافر اليها المغتربون اللبنانيون منذ العام 1870 وتحديدا الى السنغال، ولأن قيمة استثمارات الجالية اللبنانية هناك بلغت ما يقارب الـ 45 مليار دولار اميركي، ولأن الموقع الجغرافي للدول الافريقية ساعد على تحويل اراضيها “فناء خلفيا” للعديد من الجماعات الارهابية التي استقرت في الشمال الافريقي كما اشار اللواء ابراهيم، كان لا بدّ من الاطلالة على التجربة الافريقية في مكافحة الإرهاب. وقد اختصر احد ممثلي دولة بنين لـ”الامن العام” اهمية المؤتمر بقوله: “إذا ضرب الارهاب آسيا فإنه سيضرب افريقيا تلقائيا، لذا لا بدّ من التعاون لمجابهته”. وأشار الى “اهمية خضوع الشرطة في بنين وفي دول افريقيا لتدريبات مركزة في مواجهة هذه الظاهرة”. وكشف رؤساء الوفود الافريقية المختلفين اثارتهم مع مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم اهمية التدريب في لبنان الذي حقق نجاحات باهرة ضد الارهابيين بمختلف هوياتهم.
اتسعت جغرافية تمدد الجماعات الارهابية في القارة السوداء بشكل يثير التساؤلات عن نتائج الترابط الجهادي بينها وبين دول الشرق الاوسط.
في مداخلات خاصة بمجلة “الامن العام” تبيّن بأنّ الخوف من اتخاذ الجماعات الارهابية الدول الافريقية معقلا لها جدّي وعميق، ما جعل ضيوف المؤتمر متحفّزين للتعرف الى التجربة اللبنانية في دحر الارهاب الداعشي وسواه ومتطلعين الى آفاق التعاون المشترك استباقا لانتقال الارهابيين من دول الجوار اللبناني وخصوصا من سوريا الى اراضيهم والعكس صحيح واجمع المتحدثون على ان الدرس الاول المستفاد هو ان ما من دولة قادرة على محاربة الارهاب بمفردها.
سفير مصر: لبنان نموذج نجاح التعاون بين الاجهزة
السفير المصري نزيه النجاري قال بأنّ لمصر دور مركزي في مكافحة الارهاب وهو تكثف اعتبارا من 30 يونيو 2013 ما يشكل امتدادا لعمل قديم وليس بجديد، لكن اعتبارا من 30 يونيو لعبت مصر دورا محوريا في لجم التطرّف الفكري ومكافحة الارهاب على الارض. وأشار الى اهمية هذا المؤتمر نظرا لدور لبنان في محيط المشرق العربي في مكافحة الارهاب. واعتبر النجاري ان الفكرة الرئيسية المطروحة تتعلق بمهاجمة الارهاب وعدم الانتظار ليصل الينا لكي نقاومه بل ضرورة هندسة عمليات استباقية. اضاف: “اعتقد بأن لبنان يمثّل نموذج نجاح مهما في التعاون بين الاجهزة الامنية وهذا التفاعل والتنسيق مهمّ جدّا وخصوصا في تبادل المعلومات والخبرات، ونحن نودّ أن نشكر الامن العام اللبناني واللواء عبّاس ابراهيم على هذه المبادرة”.
مدير الامن في تونس: تخوف من اتخاذ الارهاب افريقيا ملاذا
من جهته، قال المدير العام للمصالح المختصّة التونسية أي جهاز الاستخبارات التونسي كمال القيزاني بأن هذا الجهاز هو نظير جهاز الامن العام في لبنان. اعتبر القيزاني بأن هذا المؤتمر شكّل فرصة ثمينة لتبادل التحاليل والتقييمات حول الوضع الامني في المنطقة في وقت انطلقت فيها حرب ضد الارهاب في الشرق الاوسط وخصوصا بعد هزيمة “داعش” في المنطقة وبعد النصر الذي حققه الجيش اللبناني في جرود عرسال والملاذات الآمنة التي من الممكن ان تتخذها هذه الجماعات في افريقيا. ورأى أن المؤتمر شكل فرصة لتبادل المواقف حول كيفية مقاربة مستقبل هذه الجماعات في الملاذات الآمنة التي تستهدفها. وعن اهمية التعاون مع لبنان قال القيزاني: “بالتأكيد، فإن ثمة تعاون مستمر مع الاجهزة الامنية ولبنان شريك في التعاون ضد الارهاب ولا خيار إلا بالتعاون معه”.
وعن اهم عبرة استقتها الاجهزة التونسية من خلال خبرتها في مكافحة الارهاب قال القيزاني: “العبرة الاساسية هي انه ليس من دولة تستطيع بمفردها محاربة الإرهاب فلا مجال الا للتعاون والتفاعل مع الاجهزة الشقيقة”.
نيجيريا: مشاركة المعلومات اساسية
من جهته، قال رئيس مديرية مكافحة الارهاب في نيجيريا لاري واجو بوساري:”نحن نقدّر جدّا تنظيم هذا المؤتمر لأنه اتاح لنا فرصة تبادل الافكار وكيفية مجابهة الدول لظاهرة الارهاب وليس في افريقيا فحسب”. وأكد بوساري التخطيط لتعاون مستقبلي مع لبنان،” فأنا اجتمعت مع مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم من أجل توحيد جهودنا في ما يخص مكافحة الارهاب”. وعن العبر التي استقتها نيجيريا من حربها ضد الارهاب، قال بوساري: “تعلّمنا مشاركة المعلومات مع الآخرين من اجل دحر الارهاب وهذا ما شدد عليه هذا المؤتمر ونتطلع الى مزيد من التشارك في المستقبل”.
نائب افريقيا الوسطى: للعدالة دور في الرّدع
وتحدث النائب في برلمان جمهورية افريقيا الوسطى غي-روجيه موسكيت Guy-Roger Moskit
فاعتبر “ان الارهاب ومسائل الامن ذي اولوية قصوى في افريقيا وهي قارة تواجه الكثير من الصراعات بسبب الارهاب الدولي وخصوصا في منطقة الشرق الاوسط وهي منطقة تعتبر شقيقة لافريقيا وبالتالي نحن نهتم بالتعاون وبمعرفة ما يجري في هذه المنطقة لأن لدينا مواطنين يعيشون فيها كما نستضيف ايضا مواطنين ينتمون الى هذه المنطقة”. واشار الى وجود جالية لبنانية تعيش في افريقيا الوسطى منذ ستينيات القرن الفائت. وعن ابرز التحديات التي تواجهها افريقيا الوسطى في مكافحة الارهاب قال موسكيت: “نعاني من مجموعات صغيرة من الحركات السلفية التي تحارب شعبنا ونحن نعيش في بلد فقير ومواردنا وادواتنا محدودة جدّا لكننا نحاول ايجاد التدابير الناجعة لمحاربتها. ليس لهذه المجموعات اسم معين فهي مشتتة وسلفية، اما الوسائل التي نعتمدها فهي بمساعدة المجتمع الدولي وعبر منظمة الامم المتحدة وبمساعدة دول شقيقة، ليس لدينا تعاون مباشر مع لبنان انما مع سوريا، وبعد هذا المؤتمر سوف نعزز العمل التقني المشترك مع اللبنانيين لأنه لدينا مشاكل متشابهة وخصوصا بين جيراننا كما هي الحال مع لبنان المجاور لسوريا، ونحن سنتعاون مع مسؤولي الامن في لبنان ولدينا المكوّنات ذاتها من المسيحيين والمسلمين”. اما سبب الإهتمام بلبنان حاليا فمردّه “الى المشاكل المتشابهة للجوار وأزمة اللجوء وحمل بعض الجهات للسلاح والتهديد الدولي لـ”داعش” الذي يطال بلدنا ايضا”.
وقال ان ابرز الادوات التي تعتمدها بروكينا فاسو في مكافحة الارهاب تتمثل بتدابير وقاية تتخذها الشرطة وعبر الوسائل الدبلوماسية والسبل القضائية من اجل توقيف المرتكبين ومحاكمتهم في بلد فقير تلعب فيه العدالة دورا مهما في عملية الرّدع.
بوركينا فاسو: تغيير صيغ مكافحة الارهاب
مفوّض الشرطة الوطنية ومدير الامن العام في بوركينا فاسو بابو بيار باسّينغا
Babo Pierre Bassinga
مثّل في المؤتمر المدير العام للشرطة الوطنيّة. يقول: نحن في بوركينا فاسّو لدينا علاقات ممتازة مع لبنان واريد التنويه بأن الاغتراب اللبناني حاضر بقوّة في افريقيا، وهنالك العديد من اللبنانيين الذين يعيشون في بوركينا فاسّو ونجحوا بالتأقلم والمشاركة في التنمية المجتمعية بشكل فعّال. وبالتالي، فإن تنظيم مؤتمر في بيروت في عمق الشرق الاوسط يتناول شؤون الارهاب وامكانية قيام ارهابيين متنقلين بزعزعة استقرار افريقيا هو اضافة ممتازة وضرورية جدا لمعرفة كيفية معالجة هذه الظاهرة المترابطة والتي لا تحدّها الجغرافيا”.
أضاف:”من هنا يكتسي هذا المؤتمر اهميته كونه يعالج ظاهرة الارهاب العابرة للاوطان، والتي ليس لديها وجه بملامح واضحة، لذا نحن بحاجة الى التآزر في مواجهتها ولتغيير صيغ مكافحتها ولتضافر الجهود ولشراكة واستراتيجية عابرة للقارات”. وعن وجود شراكة بين لبنان وبوركينا فاسو في مكافحة الارهاب قال باسينغا:” في جميع الحالات إن التعاون قائم عبر جهاز الإنتربول ومن خلال العلاقات الثنائية بين البلدان ومن خلال اجهزة الاستخبارات وتبادل المعلومات والخبرات والممارسات الجيّدة بين جميع البلدان”.
وعن العبرة التي اتخذتها بوركينا فاسو، قال بأن بلاده عانت من موجات ارهابية منذ عام 2015، وبالتالي نحن في طور توطيد معالم استراتيجيتنا من اجل اقتلاع الارهاب، وهنا لا بدّ من التعرّف الى هؤلاء الإرهابيين وطرق عملهم لرسم ملامح استراتيجية ناجحة. أضاف:” تتمثل استراتيجيتنا بضرورة تضافر جهود الجيش الدفاعي وقوى الأمن الداخلي وهذا ما سيسمح لنا باقتلاع الارهاب وتطويقه، لأن الإرهابي يهجم من جهة ويلجأ الى مكان آمن من جهة اخرى ويجب برأينا سدّ كل المنافذ امامه عبر المعلومات الاستخبارية المتبادلة مع الدول”.
الكاميرون: نتطلع الى التعلّم من خبرة اللبنانيين
مدير عام الامن العام ومفوّض الشرطة في الكاميرون فوغو جان-ماري قال بأن هذا المؤتمر “ذي اهمية قصوى لأن الارهاب ظاهرة عالميّة وخصوصا منذ هجوم 11 ايلول 2001 في الولايات المتحدة الاميركية، فهذه الظاهرة لا تحيّد بلدا. في افريقيا لدينا منظمات وجماعات ارهابية متعددة، في شرق افريقيا ووسطها، ولدينا في بعض المناطق في الكاميرون جماعة “بوكو حرام”، وبالتالي جئنا الى هذا المؤتمر لنتعلم من الخبرة اللبنانية وكيف واجه اللبنانيون هذه الظاهرة وخصوصا وانهم نجحوا في احتواء الارهاب في بلدهم والقضاء عليه”. واشار الى ان لا تعاون سابقا مع لبنان في هذا المجال، لكن في نهاية هذا المؤتمر نتطلع الى ان يهتم الامن العام اللبناني بتدريب بلداننا وخصوصا عناصر الشرطة لدينا على مكافحة الارهاب، ونحن مستعدون لارسال رجال الشرطة لدينا للمجيء الى لبنان والتعلم من الخبرة اللبنانية”. اما العبرة التي استقتها الكاميرون فتتمثل “بأن الارهاب لا يخص بلدا واحدا، بل يحتاج الى تعاون على مستويات مختلفة من اجل تبادل المعلومات والخبرات لكيفية ادارة هذه الظاهرة العالمية والقضاء عليها، فلا احد يمكنه مواجهة الارهاب لوحده، علينا السير معا لقتال الارهابيين، هذه العبرة الاهم”.