“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
تجمع آراء دبلوماسيين أوروبيين عاملين في لبنان على أنّ العملية الإسرائيلية عند الحدود مع لبنان بحثا عن أنفاق لـ”حزب الله” لن تتطوّر الى حرب ضدّه، مع التأكيد على ضرورة التنبّه الى أية انزلاقات أمنية في الجنوب، ونصائح بوجوب الإحتكام الدائم الى “اليونيفيل” واللجنة الثلاثية التي انعقدت أخيرا في الناقورة لتدارس هذه القضية.
لا يمكن فصل التهديدات الإسرائيلية المتكررة وتصويبها تارة على أنفاق وتارة أخرى على مصانع للأسلحة كما حصل في أيلول الفائت، عن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل مع المحور العربي ضدّ إيران وأذرعها في المنطقة و”حزب الله” أحد أهم هذه الأذرع.
ولا يمكن فصل هذه المناورة الإسرائيلية عن الكباش الأميركي- الروسي للسيطرة السياسية على سوريا من خلال الدستور الجديد الذي تأخر، وقد فشل اجتماع آستانة الأخير في احداث أي خرق في عملية تشكيل الجزء الثالث من اللجنة الدستورية والمؤلف من المجتمع المدني.
هذه الضغوط المزدوجة ضدّ إيران والكباش مع روسيا مستمرّة بقوة، والهدف الرئيسي منها هو إخراج كل القوات التي دخلت الى سوريا منذ عام 2011 بحسب كلام المبعوث الأميركي الخاص الى سوريا السفير جيم جيفري قاله في حلقة نقاش صحافية. بالتالي يصبح السؤال مشروعا: هل يفسّر الضغط ضد إيران و”حزب الله” التهديدات الإسرائيلية الحدودية بأنها تهدف الى ارغام “حزب الله” على سحب قواته من سوريا وإعادتها للتمركز في لبنان خوفا من أي حرب مستقبلية؟
يحتدم هذا الكباش قبل ايام معدودة من تقديم المبعوث الدولي الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا -المنتهية ولايته- تقريره الى الأمم المتحدة في 14 الجاري متحدثا فيه عن مساعيه الفاشلة لتشكيل لجنة دستورية وعازيا الأمر الى عدم موافقة نظام الرئيس بشار الأسد.
لكنّ اللافت، أن الأميركيين باتوا مستعدين لإعادة زمام المبادرة في الحل السوري الى مظلّة الأمم المتحدة فحسب، ساحبين المبادرة من يد الروسي. يعتبر المناخ الأميركي بأن الولايات المتحدة الأميركية منحت فترة سماح كافية لمبادرتي سوتشي وآستانة الروسيتين، لكن بعد 14 كانون الأول الحالي فإن أميركا ستوقف الرهان أو المشاركة في هذين المسارين، وستعمد الى العودة كليا الى مظلة الأمم المتحدة بهدف تطبيق القرار 2254 الصادر عام 2015.
وفي عام 2019 سيستكمل المبعوث الدولي المعين حديثا غير بيدرسون مهمته الدبلوماسية في سوريا من دون الإحتكام الى مساري سوتشي أو آستانة. ويعوّل الأميركيون على بث الشقاق بين تركيا وإيران وروسيا وهي الضامنة لمسار آستانة، ويقول السفير جيفري في حوارات مع الصحافيين بأن أهمية تركيا تكمن في أنها لم تقع تحت ضغط إيران وروسيا ولم توقّع على اللائحة الثالثة للجنة الدستورية التي يزكيها النظام السوري الحالي. يرى الأميركيون بحسب مناخهم الدبلوماسي بأنهم نجحوا في تفكيك طموحات الروس والإيرانيين اللذين دفعا بقوة في اتجاه إعادة اللاجئين السوريين وجلب مساعدات لإعادة إعمار سوريا وتبلغ 400 مليار دولار أميركي عوّل الروس على تدفقها من أميركا وأوروبا والدول العربية والمنظمات الدولية، ما يعني فعليا إعادة الإعتراف بشرعية نظام الأسد من العالم قاطبة وهي أمور لم تحصل بحسب الأميركيين، الذين يؤكدون عبر أوساطهم الدبلوماسية بأن اي تقدّم في المسار السياسي في سوريا لن يحصل قبل سير العملية الدستورية بشكل ملائم.
عين الأميركيين في سوريا على روسيا بالتأكيد، لكنّهم يراقبون الحركة الإيرانية بشكل وثيق جدا نظرا للتهديد الذي تشكله إيران وحلفاؤها على إسرائيل، وبالتالي فإن الأميركيين لا يفكرون بسحب قواتهم الموجودة على الأراضي السورية في وقت قريب متظللين بمحاربة “داعش” وهي مهمة عسكرية أقر مشروعيتها الكونغرس الأميركي في قانون اصدره بعد حوادث 11 أيلول 2001.
في هذا الوقت تسعى أميركا الى إخراج إيران وأذرعها من سوريا بكلّ ما أوتيت من قوّة وهي تستخدم من أجل ذلك الإستراتيجيات الآتية:
*تعقد الولايات المتحدة الأميركية مجموعات عمل مصغرة في الأمم المتحدة مع دول صديقة وحليفة وذلك بشكل غير رسمي أبرز الدول المشاركة دوريا في هذه الإجتماعات: فرنسا المانيا بريطانيا والسعودية ومصر والأردن، وهي دول تعمل مع الولايات المتحدة الأميركية حول الملف السوري. وقد اجتمعت هذه الدول منذ 5 ايام بنائب وزير الخارجية الأميركي دايفيد هايل ومع رئيس بعثة التفاوض السورية نصر الحريري، وبحث المجتمعون موضوعي اللجنة الدستورية وضرورة الحفاظ على الهدوء في إدلب.
*تدعم حركة حلفائها وآخرها اجتماع اسطنبول الذي جمع الفرنسيين والأتراك والألمان والروس.
*تستمر بالضغط الإقتصادي على النظام السوري وخصوصا لجهة تصدير النفط الإيراني لسوريا وذلك “بشراسة” بحسب التوصيف الأميركي.
*منع عودة اللاجئين السوريين.
*عدم الإعتراف بالنظام السوري وشرعيته وعدم السماح بتدفق أموال إعادة الإعمار الى سوريا.