“مصدر دبلوماسي”-خاص:
عقدت منظمة “اعلام للسلام” مؤتمرها السنوي الثالث حول الاعلام والسلام وحقوق الانسان بالشراكة مع مؤسسة “كونراد أديناور” برنامج سيادة القانون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبالتعاون مع “مركز الأمم المتحدة للإعلام” في بيروت في فندق راديسون بلو فردان.
وتقول مديرة منظمة “إعلام للسلام” فانيسا باسيل بأن هذا المؤتمر يستكمل النقاش حول قضية حقوق الإنسان من منظور اعلامي، ويأتي بموضوعات حقوق إنسان جديدة تمس الواقع في لبنان والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتتعلق بالسلام والسلامة والأمن.
ويركز المؤتمر على حرية الصحافة والتعبير، كونها ضرورة رئيسية في ممارسة الإعلام لمهامه بحسب الكتيّب المرافق.
وكان لافتا هذه السنة تخصيص المؤتمر لجلسة خاصة عن “الإعلام والسلام وحقوق الأشخاص المثليين” وهو ما يواكب “التراند” الأوروبية والغربية لنشر مفاهيم التسامح تجاه هذه الفئة من الأشخاص وتنزيه القوانين من أية موادّ تجرّمهم.
كانت الجلسة ذي نكهة غريبة بعض الشيء في بلد مثل لبنان حيث التحدث في حقوق المثليين علانية لا يزال من المحرّمات، وآخر الحوادث التي حصلت كانت أمس الأول بمنع حفلة تنكرية أقامها ناد في الجامعة الأميركية بعد نداءات من مفتي الجمهورية السابق محمد رشيد قبّاني. وقبل التطرّق الى التجربة اللبنانية لمنظمات الدفاع عن حقوق المثليين في لبنان وأبرزها “حلم” نذكر ما ورد في كتيّب المؤتمر من أن المثلية الجنسية غير قانونية في 10 دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويعاقب عليها بالإعدام في 6 منها.
أدارت الجلسة المؤسسة المشاركة ومديرة المركز الإعلامي للجندر والحقوق الجسدية في المؤسسة العربية للحريات والمساواة ميرا عبد الله. وتحدثت المديرة التنفيذية السابقة في جمعية “حلم” غنوة سمحات، ومنسق المشاريع في مؤسسة “مهارات” حسين الشريف، ومدير إذاعة شمس في تونس بو حديد بلهادي، ومنسق مشاريع منظمة بداية في مصر محمود نور الله. وتميزت هذه الجلسة بعرض كيفية تطور تعاطي الإعلام اللبناني في الأعوام الأخيرة مع قضايا المثلية الجنسية التي لا تزال تعتبر محرّمة.
وقالت ميرا عبد الله: أن بعض الصحافيين والإعلاميين باتوا ممتازين في التعاطي مع قضايا المثلية سواء في اختيار المصطلحات والتعابير ومنهم أسماء معروفة، لكن أكثرية الإعلاميين الذين لديهم قبول هم من يقفون ضد التغيير وويستخدمون تعابير مثل:” شاذ” و”لوطي” في حين أن الوصف المعتمد من قبل المنظمات الدولية ووسائل الإعلام هو “المثليّة الجنسيّة”.
وتحدثت المديرة التنفيذية السابقة لجمعية “حلم” غنوة سمحات عن كواليس “معركة تحويل الإعلام في لبنان الى إعلام مسالم”.
قالت سمحات: تعبير مثلي هو نتاج تعاون بين خبراء حقوقيين وناشطين ولغويين وتمّ اعتماده رسميا.
قالت أن تسمية
LGBT
ترفضها شخصيا لأنها تعطي الإنطباع، بأن الميول الجنسية والهويات الجندرية مستوردة من الخارج وهي ليست موجودة في لبنان، في حين أن الواقع مغاير تماما، إذ بدأ موضوع الميول الجنسية موجود في كل المجتمعات، وبين البشر وهو أمر شائع على مرّ التاريخ وموجود في الفنون والأدب والشعر من القديم ولغاية اليوم. وبالتالي رأت أنه من غير الجائز استخدام تعابير أجنبية حين نتحدث عن الحقوق الجسدية والجنسية في المجتمعات العربية.
وقالت أن تغيير الإعلام كانت معركة طويلة تخللتها هزائم وانتصارات. في البداية كانت التغطية الإعلامية للحريات الجسدية كارثية منذ قرابة العشرة أعوام، لكن ما لبث أن تغيّر الوضع بعد وضع استراتيجية من قبل جمعية “حلم” ومن قبل ناشطين وناشطات بمجال الحريات الجنسيّة والحقوقية، وهي قامت أولا على بناء شبكة من الحلفاء والحليفات ضمن الإطار الإعلامي ومقاطعة جميع الاعلاميين والإعلاميات الذين يسيئون سواء عن قصد أو قلّة وعي لموضوع الحريات الجسديّة والجنسيّة، ويتسببون بأذى مباشر مثل في قضية سينما بلازا عام 2012 التي أوقف اثرها 37 شخصا.
إعتمدت جمعية “حلم” في الإطار الإعلامي على الإعلام المحلي وبشكل رئيسي على الإعلام البديل أي وسائل التواصل الإجتماعي.
وتم عرض التجربتين التونسية والمصرية حيث عمليات القمع أكبر بكثير وتتضافر فيها الأجهزة الأمنية فضلا عن اعتماد الإعلام البديل لإيصال الصوت والمناصرة من قبل البلدان المؤيدة لحقوق المثليين.
حرية التعبير المنقوصة…
تضمن المؤتمر 4 جلسات تناولت الأولى حرية الرأي والتعبير في الإعلام التقليدي والجديد، أدارت الجلسة الزميلة راشيل كرم مراسلة تلفزيون الجديد وتحدث فيها المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير –مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية “سكايز” أيمن مهنا، مراسل قناة الميادين الزميل محمد محسن، والباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة لوند السويد الباحث اليمني الدكتور محمد المحفلي، والصحافية الإستقصائية ومديرة الميديا الرقمية في راديو روزنة سوريا ميس القات.
قال الزميل محمد محسن من “الميادين” بأن حرية الصحافة هي طموح وهدف وليست واقعا بعد، وهذا ما يفرض الحديث بواقعية لتحديد الخطوات التي يجب أن نسير بها للوصول الى هذا الهدف. وتحدث عن ضرورة مراجعة دور الصحافي الذي يلعبه في المنطقة وإرساء مقاربة جديدة في العمل الصحافي سواء على صعيد الصحافة التقليدية أو الإعلام الإلكتروني.
ميس القات تحدثت عن أن حرية الصحافة قبل 2001 في سوريا وبعدها هي ذاتها فالصحافيون يعملون تحت الضغط واليوم الضغط يحصل من جميع الأطراف مع زيادة في مستوى العنف والإنتهاكات بحق الصحافيين.
أيمن مهنا تطرق الى حرية الصحافة في سوريا وقال بأنه يوجد صحافيون أحرار لا صحافة حرة، وبعد 2011 ظهرت مهارات صحافية جديدة تقوم بعملها واشار الى أن واقع الصحافة العام ليس حرا وبأن سوريا والعراق هما الأخطر على عمل الصحافيين، والأمر سيان في فلسطين حيث يعاني الصحافي من انتهاكات الإحتلال الإسرائيلي ومن الإنقسام في الداخل الفلسطيني، أما الأردن فوصفها مهنا بمملكة الصمت وهي أقل دولة فيها انتهاكات لأن الخطوط الحمر معروفة. ووصف لبنان بأنه كائن غريب وتوجد فنون في الإنتهاكات بطرق غير مرئية منها قضائية وتقنية وسياسية ويشبه لبنان مسارا عالميا بالتضييق على الحريات أكثر من الإنتهاك المباشر. وخلص مهنّأ الى أنه توجد حرية تعبير لكن لا توجد استقلالية في الإعلام، ولا يمكن أن تكون استقلالية إذا لم يكن الإعلام مستقل ماليا، وتحدث عن ضرورة ايجاد نماذج اقتصادية جديدة للإعلام الإلكتروني لأنه لا يمكن ايجاد تمويل إلا من خلال ارتباط الصحافي بأجندة خارجية، وقال بأن فكرة الإعلان والمبيع يجب أن تدرس بشكل أعمق وتحدث عن أهمية التحالف بين 3 أطراف: التقنيين والمسوقين والمتعهدين الجدد .
وتحدث الدكتور المحفلي عن حرية الصحافة في اليمن.
70 في المئة من الصحافيين غادروا اليمن
تناولت الجلسة الثانية موضوع الصحافة الإلكترونية الحقوق الرقمية والحق في الوصول الى المعلومات.
أدارت الجلسة الزميلة يمنى فواز، وتحدثت رئيسة المحتوى الرقمي في موقع جريدة “النهار” الزميلة ديانا سكيني، وناشر موقع “ليبانون ديبايت” الزميل ميشال قنبور، ورئيس تحرير جريدة وموقع عدن الغد من اليمن فتحي بن لزرق وصانعة الأفلام الوثائقية ومؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة ستريم روان الضامن.
وكشف لزرق أنه لا توجد حريات صحافية في صنعاء حيث يسيطر الحوثيون ولا توجد اية وسائل اعلام هناك. وروى انه في عدن تم احتجازه شخصيا بسبب “بوست” على فايسبوك، وتعرض للإعتقال وللتعذيب من قبل احدى الميليشيات. وقال أنه ثمة غياب لأي جهد حكومي لحماية الصحافيين من الانتهاكات والسجون مشيرا الى أن الخطر الأول على الصحافيين في اليمن هو الإعتقال، وروى أنه تم حرق إحدى المؤسسات الصحافية في عدن أخيرا. وقال بأن 70 في المئة من الصحافيين اليمنيين غادروا اليمن بسبب الإنتهاكات والإعلام اليمني هو أحد ضحايا الحرب.
وتحدثت الزميلة ديانا سكيني عن تجرية موقع “النهار” الإلكتروني وعن حق الوصول الى المعلومة فقالت بأن “التحديات التي يواجهها العاملون في الصحافة الرقمية لا تختلف عن تلك التي يعيشها الزملاء في أية صحافة تقليدية أخرى. ذلك أن الصحافة الرقمية بعد سنوات من رسوخها، يمكن تصنيفها صحافة تقليدية بكل وضوح”. وأضافت سكيني:” من هنا، فإن سعي الصحافي في لبنان من أجل الحصول على معلومات، وخصوصا في مجال الصحافة الإستقصائية، دونه صعوبات في بلد أقرّ قانون حرية الوصول الى المعلومات، لكنه لم يطبّقه تماما”. وقدّمت سكيني أمثلة عن حجب المعلومات قائلة:” لا تزال أرقام الموظفين والقطاع العام، على سبيل المثال تحجب عن الصحافي السائل عنها، وجميعنا نذكر ما اصطلح على تسميته “فضيحة مرسوم التجنيس” وكيف أن الأسماء حجبت من دون مبرّر قانوني، كما اتفقت آراء مختصين بارزين، ناهيك عن أن مواقع الوزارات والإدارات الرسمية ليست جميعها محدّثة ومزوّدة بالمعلومات المفترض أن تحتويها. ولا يمكن اهمال ظاهرة تسريب جهات سياسية او أمنية المعلومات والملفات بشكل انتقائي الى وسيلة اعلامية دون أخرى لغايات وتوظيفات محدّدة”.
روان الضامن عرضت لخطورة الأخبار الكاذبة وتجربة ستريم في فضحها. وتحدث ميشال قنبور عن تجربة موقع “ليبانون ديبايت” ورد على بعض التساؤلات التي تواكب بعض ما ينشره الموقع.
وتطرق محمد نجم من سميكس الى أهمية حماية البيانات الشخصية وقال أن ليس من قانون في لبنان لحمايتها.
حقوق المعوقين والتعاطي الإعلامي
وتناولت الجلسة الثالثة الإعلام والسلام وحقوق الأشخاص المعوقين، أدارها الزميل فادي الحلبي وهو أخصائي في العلاج النفسي ومقدم برامج والمدير التنفيذي في شبكة الجامعة لمناصرة الاشخاص المعوقين. وتحدث فيها الزميل عماد الدين رائف، وهو صحافي ومنسق وحدة الإعلام في الإتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيا، وحمل عرض رائف عنوان “قضايا الأشخاص المعوقين في الإعلام المتخصص والصحافة العامة-تجربة عملية”. تحدث فيها عن تطور حركة الإعاقة في لبنان منذ سبعينيات القرن الماضي مقارنة بالتطور العالمي للحقوق، مستعرضا المحطات الأولى لتعامل “اتحاد المقعدين اللبنانيين” مع الجسم الإعلامي وصولا الى صدور القانون 220\2000 قبل 18 عاما. في الألفية الجديدة أصدر الإتحاد مطبوعته الدورية “واو”، وسلسلة من المنشورات الحقوقية، مطوّرا المصطلحات وفق النموذج الإجتماعي، ثم أنشأ الوحدة الإعلامية للتواصل مع وسائل الإعلام وتدريب الإعلاميين على كيفية تناول قضايا الإعاقة. واستعرض رائف النظريات التي تحكم عمل المؤسسات الإعلامية وكيفية تعاطيها مع القضايا ثم انتقل الى تجربة عملية في صحيفة “السفير” بين العامين 2010 و2015، لإدخال مصطلحات الدّمج والتنوّع في سياسة التحرير في قسم المحليات في الصحيفة.
وتحدثت مقدمة برامج سات 7 تانيا نحاس عن تجربتها في تقديم البرامج الإجتماعية، والصحافية الإستقصائية في قناة المملكة في الأردن حنان خندقجي عن التحقيقات الإستقصائية التي تغير في أحوال وظروف ذوي الإحتياجات الخاصة. الى مداخلة لرئيسة المنتدى الثقافي لذوي الإحتياجات الخاصة في سوريا جافيا علي.