“مصدر دبلوماسي”- خاص:
أثار زعماء تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا مستقبل سوريا في قمّة اسطنبول التي انعقدت أمس السبت ودعوا الى كتابة دستور جديد للبلاد تحول دونه عقبات جمّة وخصوصا حيال أسماء أعضاء اللجنة الدستورية. وتطرّق الزعماء الأربعة الى وقف إطلاق النار في إدلب الذي لا يزال مثار قلق كونه هشّ بحسب الإعلان المشترك الصادر عن القمّة. وإذا كانت إيران الغائب البارز عن القمة ومعها الولايات المتحدة الأميركية فتجدر الإشارة الى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تشاور مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبيل انعقاد القمة لتوحدي المواقف. وفي هذا التقرير إطلالة على الموقف الأميركي من العملية السياسية في سوريا التي يعوّل عليها الأميركيون في المرحلة القادمة، وعلى التشبث الأميركي بوقف اطلاق النار في إدلب.
قمّة اسطنبول
افتقر اجتماع اسطنبول لرؤساء فرنسا وألمانيا وروسيا وتركيا الى وجود ايران والولايات المتحدة الأميركية، لكنّه جمع حليفا رئيسيا للرئيس السوري بشار الأسد هو موسكو والداعم الرئيسي لمعارضته المسلّحة أي أنقرة، وقوّتان أوروبيتان مدعوّتان للمشاركة في سوريا بعد مرحلة العملية السياسية وإعادة اعمار البلاد بحسب القراءات الفرنسية. إستفاد الزعماء الأربعة من لقائهم لتقييم الوضع في إدلب، وهي المحافظة الأخيرة التي لا تزال بين أيدي الثوار والمجموعات الجهادية، والتي أصبحت في منتصف أيلول الفائت منطقة خالية من السلاح بفضل اتفاق روسي-تركي حصل في سوتشي. لكنّ وقف اطلاق النار لا يزال هشا: يوم الجمعة أدّى قصف للنظام السوري الى مقتل 7 اشخاص، وهي الحصيلة الأعلى منذ دخول الإتفاق حيّز التنفيذ. وقد حّيا البيان الختامي للقمة ” التقدم في سحب الأسلحة الثقيلة والمجموعات الراديكالية”. وأثناء المؤتمر الصحافي الذي تلا المحادثات، ناشد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مضيفه التركي رجب طيب أردوغان لمضاعفة الجهود لإقناع الجهاديين بإحترام الإتفاق.
أما تحذيرات إيمانويل ماكرون فاتجهت صوب النظام السوري ورعاته الروس والإيرانيين، الذين قد يجدون حجة بفشل وقف اطلاق النار للبدء بهجوم. “نحن نتكل على روسيا لكي تمارس ضغطا واضحا على النظام، الذي بقي بسببها ومن أجل ضمان وقف اطلاق نار مستقر ودائم في إدلب”، قال الرئيس الفرنسي. وهو أشار الى أن الخطر يكمن في “تشتّت الإرهابيين وبموجات لجوء جماعية”. وفي إعلان مشترك، أكد الزعماء الأربعة “الحاجة الى إيجاد شروط العودة الأكيدة والطوعية للاجئين وللمهجرين السوريين“. لكن الرئيس الفرنسي حرص على التحذير أنه “لن تكون من عودة حقيقية، مستدامة، ذي صدقية، إذا لم تبدأ العملية السياسية، لأن هؤلاء اللاجئين هربوا بشكل كبير من انتهاكات النظام السوري”. وقد توصلت الدول الأربعة الى روزنامة لتشكيل لجنة دستورية قبل نهاية السنة في حال سنحت الظروف. وهذه هي نقطة التقدم الأولى في قمة اسطنبول حتى لو كانت الشكوك ماثلة حيال التنفيذ. المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا، أكد عشية انعقاد مجلس الأمن الدولي معارضة دمشق للجنة الدستورية التي اقترحتها الأمم المتحدة وهي تتضمن 50 عضوا اختارهم النظام السوري، و50 آخرين اختارتهم المعارضة و50 آخرين اختارتهم الأمم المتحدة لضمّ ممثلين عن المجتمع المدني والخبراء، وقد رفض النظام السوري اللائحة الأخيرة.
يذكر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان تشاور قبل سفره الى اسطنبول مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتوحيد الموقف.
أميركا تعوّل على العملية السياسية
وإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية هي الغائب الحاضر في قمة اسطنبول فإن موقفها لخصه منذ قرابة الأيام العشرة مبعوثها الخاص الى سوريا السفير جيمس جيفري الذي قال إبان زيارته لتركيا بأنّ بلاده تعوّل على إعادة تنشيط العملية السياسية في سوريا التي تركز على جهود المبعوث الأممي في سوريا ستافان دي ميستورا لتشكيل لجنة دستورية كخطوة أولى لإجراء انتخابات جديدة في سوريا”. وأمل جيفري أن تكون هناك حكومة سورية جديدة ومختلفة جداً لا تقوم بالأفعال الفظيعة التي قامت بها هذه الحكومة تجاه شعبها، وللمنطقة برمتها بحسب تعبيره في حوار مع الصحافيين.
وتطرّق الى الوضع في إدلب قائلا بأن من خلال المرور عبر مختلف المناطق وخصوصا في ادلب كان هناك موقف الولايات المتحدة بشأن أي استخدام للأسلحة الكيميائية في الهجوم الذي كان يعدّ له السوريون بدعم من الروس وكانوا على وشك إتمامه في ايلول الفائت. لقد اتخذنا موقفا قويا جدا بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية لكننا أوضحنا تماما أن استخدامها سيرتّب تداعيات قوية”.
أضاف:” في الوقت نفسه ركزنا ليس على الأسلحة الكيميائية أو اللاجئين فحسب، ولكن الرئيس (دونالد ترامب) قام بنشر ملخص لما كنا نقوله للروس ولسواهم، بأن أي هجوم في إدلب سيكون تصعيدًا طائشا للصراع، وهذا مهم جدًا لأن ما نقوله هو أن الوقت قد حان لوقف القتال”.