“مصدر دبلوماسي”
طالب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الذي استقبله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا بأن تضطلع المفوضية بدور اكبر في تسهيل العودة الآمنة للنازحين السوريين في لبنان الى بلادهم وخصوصا الى المناطق السورية التي باتت مستقرة حسب تأكيدات جميع المعنيين بالوضع في سوريا ومنهم مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين التي اظهر مسح اجرته ان هناك 735.500 سوريا في لبنان كانوا نزحوا من مناطق سورية باتت آمنة، بينهم 414250 في مناطق يسيطر عليها الجيش السوري النظامي و 102750 في مناطق تحت اشراف التحالف الدولي والقوى الكـــــردية، و 218500 في مناطق فيها وجود تركي.
وأكد عون ان لبنان سيواصل تنظيم العودة المتدرجة للنازحين الراغبين في ذلك، متمنيا على المنظمات الدولية ان تقدم المساعدات للعائدين في بلداتهم وقراهم او الاماكن الامنة داخل سوريا التي سيحلون فيها.
وفيما نفى رئيس الجمهورية ان تكون السلطات اللبنانية المعنية مارست اي ضغوط لاعادة مجموعات النازحين اشار الى ان هذه العودة كانت بملء اراداتهم الى المناطق الامنة في سوريا. وعبّر عون عن قلق لبنان من اي ربط بين عودة النازحين وبين الحل السياسي للازمة السورية، داعيا الى الفصل كليا بين الامرين، مستذكرا قضيتين لا تزالان من دون حل سياسي، الاولى القضية الفلسطينية التي مضى عليها 70 عاما والشعب الفلسطيني ينتظر الحل السياسي، والثانية القضية القبرصية التي مضى عليها 44 عاما ولم يتحقق هذا الحل.
وجدّد عون التأكيد على ان لبنان ايّد المبادرة الروسية لاعادة النازحين السوريين وهو يتابع مع المعنيين بها درس التفاصيل العملية التي تحقق العودة الامنة “لانه باستثناء الاوضاع الامنية التي تمسّ حياة النازحين، فانه لا يجوز ان يكون هناك اي عائق امام رجوعهم الى بلادهم ليعودوا تدريجيا الى حياتهم الطبيعية ويساهموا في اعادة اعمار بلدهم.”
وكان غراندي اطلع عون في حضور ممثلة المفوضية في لبنان ميراي جيرار والوفد المرافق على نتائج زيارته الى سوريا والمحادثات التي اجراها مع المسؤولين السوريين والتي تناولت الاوضاع العامة والمساعدات التي تقدمها المفوضية للسوريين الذين اضطروا الى الانتقال من اماكن سكنهم الاصلية الى مناطق اكثر أمانا. وعرض المسؤول الدولي لعمل المفوضية في لبنان معبرا عن تفهمه لموقف رئيس الجمهورية من موضوع العودة الامنة للنازحين السوريين، شارحا موقف المفوضية من هذه العودة.
لقاءات الحريري ابراهيم باسيل
كذلك التقى غراندي رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري ومدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم الذي بحث معه أوضاع النازحين السوريين في لبنان والإجراءات التي تتخذها المديرية لتسهيل عودتهم الطوعية الى وطنهم، والتقى عصرا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وعقد مؤتمرا صحافيا في مقرّ المفوضية.
وبعد لقاء الحريري وفريق عمله قال غراندي:
بعد اللقاء قال غراندي: لقد التقيت الرئيس الحريري وفريق عمله وناقشنا موضوع اللاجئين السوريين، كما تعلمون لقد وصلت للتو من زيارة الى سوريا حيث اجريت مناقشات مماثلة كما فعلت في الماضي مع الحكومة السورية. ومع تطور الوضع في سوريا من المهم التفكير فيما يحصل بمستقبل الوضع هناك، وكررت للرئيس الحريري ان افضل حل للاجئين السوريين في المنطقة والذي يبلغ عددهم خمسة ملايين لاجىء هو في تامين عودة امنة وكريمة لهم الى بلدهم.
اضاف: الوضع كان سيئا جدا خلال السنوات الماضية في سوريا، لكننا نحاول معرفة مخاوف الناس في ما يتعلق بموضوع العودة او عدمها. لقد ناقشنا بصراحة كبيرة مع الحكومة السورية كيفية التعامل مع بعض العقبات، وبعضها مادي وبعضها الاخر مرتبط بامور قانونية، وابلغنا الرئيس عون والرئيس الحريري نتائج مناقشاتنا، كما سألتقي في وقت لاحق اليوم وزير الخارجية جبران باسيل.
وقال: سوف يستمر تعاوننا مع لبنان وندرك ان هناك عناصر جديدة قد دخلت على المناقشات، على سبيل المثال خطط روسيا التي من المهم جدا مناقشتها لانها تلعب دورا مهما في سوريا في الوقت الراهن. لذلك يجب ان نناقش معها الامر ايضا. لقد التقيت مع الجهات الروسية في دمشق وجنيف ولدينا حوار وثيق معها وهي تلعب دورا هاما.
ونأمل ان يستمر المانحون بتقديم دعمهم للبنان وللاردن التي زرتها منذ بضعة ايام وتركيا ايضا، لذلك نحتاج الى دعم الدول المانحة للاستمرار بدعم الدول المضيفة التي تستقبل عددا كبيرا من اللاجئين منذ سنوات عديدة وبكلفة باهظة.
وختم قائلا: امل ان نجد حلولا ونحن حذرون للغاية من اي حلول متسرعة لكي لا يكون لها نتائج عكسية، ولدينا مخاوف كبيرة كما سمعتم من الامين العام للامم المتحدة وغيره، الذين يعربون عن قلقهم حول الوضع في ادلب. هذه هي المرحلة الكبيرة القادمة للحرب في سوريا وقد تكون دموية للغاية ونأمل ان لا تكون كذلك. ونتمنى انقاذ ارواح المدنيين قدر المستطاع، والحكومة السورية قالت انها ستحاول ان تتبنى نهجا لانقاذ اكبر عدد ممكن من المدنيين، لكنكم تعلمون ان الوضع صعب ومعقد جدا وهو موضع قلق للجميع بمن فيهم لبنان.
المؤتمر الصحافي
وعقد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي مؤتمرا صحافيا بدعوة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، في مقر المفوضية، بحضور ممثلة مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان ميراي جيرار.
وأوضح غراندي ان زيارته الى لبنان هي “المحطة الاخيرة ضمن جولة شملت الاردن وسوريا”، مشيرا الى انه التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وسيلتقي وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل لمتابعة المحادثات معه.
ولفت الى ان “المنظمات الانسانية تركز على هدف واحد هو دعم اللاجئين في الاماكن التي يذهبون اليها حتى ايجاد الحلول النهائية”، مؤكدا ان “الحل الافضل يكون بالعودة الطوعية أي ان قرار العودة الى سوريا يعود للاجىء فقط”. وشدد على ان “اللاجئين يريدون العودة الى سوريا على ان يعيشوا بأمان وكرامة”، مشيرا الى أن “هذا ما اوصله للمعنيين”.
وأكد ان “المفوضية لا تتعاطى مع المسألة بطريقة سياسية بل تصغي الى هواجس اللاجىء وهمومه وتطلع منه على اسباب عدم رغبته بالعودة الى بلده لنقل ذلك الى المسؤولين المعنيين لا سيما السلطات السورية بهدف مناقشة سبل ازالة هذه الهواجس”، مرحبا ب”البيان الصادر عن الحكومة السورية قبل اسابيع والذي رحبت فيه بعودة السوريين الى سوريا”، معتبرا أن ذلك “جيد وايجابي”.
وقال: “الامن والتطورات في الداخل السوري من ابرز هواجس اللاجئين اذ أن بؤر الحرب تنتقل من منطقة الى اخرى، وقد رأينا ما يحصل في الغوطة والجنوب ما يخيف اللاجىء السوري. كما يركزون على غياب الخدمات وانهيار البنى التحتية والدمار الحاصل وامكانية تعليم اولادهم وامور اخرى مماثلة، الى جانب مسألة التجنيد الاجباري. وهناك هواجس اخرى ذات طبيعة قانونية، فهم غادروا سوريا لسنوات وخسروا الوثائق الرسمية التي بات من الصعب اليوم معاودة استحصالها”.
وأشار الى أن “النقاش يتمحور اليوم حول هذه المسائل ومن المهم معالجتها وبناء خطط لتعزيز ثقة السوريين بالعودة”، متوقفا عند “اهمية وجود المفوضية السامية في مناطق العودة ودورها”، وقال: “نعلم ان مسألة النزاع لم تحل سياسيا بعد، ولكن كي يعود اللاجىء عليه ان يثق بهذه العودة، لذا يجب تعزيز بناء الثقة وهذا امر مهم”.
وتابع : “ان روسيا لاعب اساسي في الملف السوري وقد قدمت افكارا ومبادرات متعلقة بالعودة، لذا اوصلت لهم ايضا هذه الرسالة. وقد نقلت هواجس النازحين السوريين الى سفيري روسيا في دمشق ولبنان. الروس ايضا لديهم خشية من العودة القسرية ومسألة استدامة العودة، لذلك يجب ايجاد حلول مشتركة”.
وأشار الى أن “هناك من كون انطباعا خاطئا بأن هناك عرقلة للعودة”، متطرقا الى مسألة النزوح الداخلي في سوريا واهمية التواصل مع هؤلاء. وقال: “الوضع في الداخل السوري غير آمن، لقد زرت الغوطة الشرقية ودرعا ورأيت دمارا كبيرا وهائلا. نريد ان نصل الى حلول لانقاذ الحياة فيها، فاللاجىء يراقب ما سيحصل في ادلب، في الاشهر المقبلة، لذا نناشد ان يدار الوضع فيها بطريقة منطقية على اساس احترام حياة المدنيين”.
وردا على اسئلة الصحافيين، جدد غراندي التأكيد على ان الهدف هو “إزالة هواجس اللاجئين”، موضحا أنه “يجب انتظار تطور الوضع في ادلب لانه خطير جدا، فإذا كان هناك من فرص يجب انتهازها”، مشيرا الى أن هناك “فرصا اكثر للعودة ومن المهم دعم من يريد العودة الى بلده”.
وقال: “نحن لا نقول ليس هناك من عودة بل ستكون هناك عودة، ولكن نريد معالجة المسائل مع المعنيين”.
وعن المبادرة الروسية، لفت الى أن “روسيا اتخذت مبادرة بإعطاء اقتراحات ستؤثر على مسألة العودة، وهناك تقدم على مستوى تلك النقاشات”، مجددا التأكيد ان “الرسالة الاساسية للمفوضية تكمن بالاستماع جيدا الى هواجس اللاجئين وعلى السلطات السورية ازالة هواجسهم والا فلن يعودوا الى بلدهم”. وقال: “الخطة ليست اتباع المبادرة الروسية بل اجراء المحادثات معها لانها محاور اساسي كغيرها من المحاورين، ونسعى الى توطيد العلاقة معها للوصول الى الاهداف نفسها”.
وعن العلاقة مع لبنان، قال ردا على سؤال: “نعلم ان لبنان بلد صغير ويتأثر بعدد هائل من اللاجئين منذ سنوات، ومنذ الازمة الفلسطينية وهو يتحمل عبئا كبيرا”.
أما عن العلاقة مع الحكومة اللبنانية، فقال غراندي: “تكون العلاقة شائكة دائما بين حكومة تدافع عن مصلحة مواطنيها ومنظمة تريد ان تدافع عن اللاجئين، ولكن لطالما كانت العلاقة مع لبنان بناءة وكان هناك فسحة لتوضيح بعض المسائل”.
وأكد ان العلاقة مع باسيل ستستمر وسيلتقيه قريبا، مشددا على انه “صديق للبنان وسيبقى كذلك”.
وفي ما خص الدور اللبناني في القضية، قال: “ننسى ان النازحين لا يزالون في لبنان، وهذه رسالة يجب ان نذكر المانحين بها. فمن المهم استمرار الدعم للبنان من خلال جميع البرامج والمشاريع التي تنفذ”.
وشدد على ضرورة “دعم القطاعات المتضررة كافة من الازمة السورية حتى لو بدأت عملية العودة وعاد آخر لاجىء الى بلده”، مؤكدا انه يعمل على “إيصال هذه الرسالة بشكل دائم للدول الكبرى”.
وبالنسبة لرفض تجديد الاقامة لموظفي المفوضية، أوضح ان “النقاش مفتوح وهذه مسألة سيادية”، مشددا على أن “من مصلحة لبنان واللاجئين ان تبقى المفوضية في لبنان”.