“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة
تحفل زيارة المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الى لبنان اليوم الجمعة آتيا من جولة شملت سوريا والأردن بعدد كبير من الإشكاليات إذ أن مقاربة المفوضية لموضوع اللجوء والعودة تتناقض جذريّا مع روحية السياسة اللبنانية المعتمدة في موضوع اللاجئين السوريين والتي تبنّت بشكل واضح وصريح المبادرة الروسية، وقد ظهر الأمر جليا في اللقاء الذي جمع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ونظيره الروسي سيرغي لافروف قبل قرابة الأسبوع حيث تم الإتفاق على بدء تنفيذ الخطة العملية بين البلدين من تشكيل لجنة لبنانية روسية وبدء إحصاء النازحين بحسب أماكن سكنهم.
وإذا كانت تصريحات المسؤولين في المفوضية وعلى رأسهم غراندي الدبلوماسي الإيطالي ذي الباع الطويل في هذا الملف تسعى لأن تكون دبلوماسية ومطمئة ، فإن الدراسة التي أعدّتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في جنيف والتي تحدثت عن شروط ومعايير عودة اللاجئين السوريين والتي حصل موقع “مصدر دبلوماسي” على نسخة منها تشي بأن التعارض عميق بين نظرة المفوضية والنظرة اللبنانية وبأن المحادثات الشاملة التي سيجريها غراندي مع المسؤولين اللبنانيين ستكون شاقّة.
أبرز مفاتيح الدراسة
ولعلّ الهدف الأساس لجولة غراندي في المنطقة بحسب أوساط دبلوماسية واسعة الإطلاع هو توضيح هذه المعايير والشروط التي تضعها المفوضية ورصد إمكانية تطبيقها وإيجاد مخارج عملية لها، علما بأن الأوروبيين والدول الغربية كافة يتوافقون مع مضمون دراسة المفوضية التي ستعرض بحسب معلومات موقعنا في خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 أيلول.
أما أبرز ما لحظته الدراسة فيمكن تلخيصه بالنقاط الآتية:
*عودة كثيفة للنازحين في الجنوب الغربي (درعا والقنيطرة) وصلت الى 70 في المئة لكن المفوضية لحظت إجراءات صارمة وصعبة من قبل الحكومة السورية بالنسبة لهؤلاء لناحية الاوراق الثبوتية والخدمة العسكرية وسواها.
*أطلقت المفوضية تسمية “عتبة الحماية” على الدراسة حول شروط العودة ومعاييرها ويمكن تلخيصها كالآتي:
-بالرغم من التأكيد على الطابع المؤقت للجوء إلا أن الدراسة تؤكد على أن حق العودة هو أحد حقوق اللاجئ ويمارسه بصورة فردية ولا يتعلق بالحقوق السيادية للدول المضيفة، أما الطابع الطوعي للعودة فهو مرتبط باستدامة هذه العودة.
-تخلط المفوضية بين مفهومي النزوح واللجوء، وبرأيها أنهما يتطلبان نفس الحماية الدولية. وترفض المفوضية لغاية اليوم تحديد تاريخ واضح لبدء حالات العودة على نطاق واسع لكنها أبدت استعدادها للتعاون بشكل أوثق لا سيما في داخل سوريا.
*التشبث بما تسميه المفوضية “دراسة لنوايا اللاجئين”
Intention Survey
وهي تنطلق من رؤية اللاجئين وأفكارهم من دون اعطاء أي دور أو أهمية لدولة المنشأ أو الدولة التي تستضيفهم على أراضيها، وذلك في مجالات إعادة الإعمار أو بالمسائل المتعلقة بالحماية القانونية والمادية. وتشدد على “مستلزمات العودة” وهي في الواقع شروط للعودة.
*تجدر الإشارة الى أن هذه المستلزمات والمعايير متطابقة تماما مع ما طرحه مؤتمر بروكسيل 2 الذي حظي بموافقة الدول الغربية برمتها.
المبادرة الروسية والرأي اللبناني
ترفض المبادرة الروسية (الموقف اللبناني متطابق معها كليا) أي ربط بين إعادة الإعمار والحل السياسي لأنه ينعكس سلبا على عودة اللاجئين، ويعتبر الروس هذا الأمر تسييسا من قبل المفوضية يستوجب إعادة النظر فيه. ويعتبر الروس أن الأخذ بمعايير المفوضية يعني أن ننتظر لكي تتحول سوريا الى سويسرا ما يتنافى مع الواقع حيث لا تزال سوريا ضمن نطاق الأعمال العدائية. ويروي الروس تجارب المفوضية بإعادتها للاجئين في العراق وأفغانستان بالرغم أن الظروف ليست مثالية. ويشيرون بثقة الى تجاوب الحكومة السورية مع مسائل الضمانات الشخصية المتعلقة بالملكية والخدمة العسكرية والوثائق الثبوتية، مركزين على ضرورة التعاون بين الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والحكومة السورية تسهيلا للعودة المستدامة.