“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
أسفرت المحادثات التي قام بها أمس وزير الخارجية والمغتربين جبران مع نظيره الروسي سيرغي لافروف عن مجموعة نقاط ذات أهمية عالية تتعلق بملف النزوح السوري الذي يبدو بأن الدبلوماسية اللبنانية بدأت بسحبه تدريجيا من التدويل في انتظار حل سياسي شامل في سوريا.
وقد قدّم لافروف في الإجتماع الذي دام 3 ساعات مجموعة آراء تتوافق كليا مع الموقف الرسمي اللبناني الذي يدعو الى عودة آمنة وطوعية وتدريجية ومستدامة وعدم ربطها بالحلّ السياسي.
شملت المحادثات مواضيع عدّة وحضرها عن الجانب اللبناني الى باسيل مدير مكتبه المستشار هادي الهاشم ومستشار باسيل أنطوان قسطنطين والنائب السابق أمل أبو زيد والقائم بالأعمال في موسكو وليد منقارة. وعن الجانب الروسي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف والناطقة الرسمية بإسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا وعدد من الدبلوماسيين.
وعلم موقع “مصدر دبلوماسي” بأنه كان توافق بين النظرتين اللبنانية والروسية في ما يخص ملف النازحين السوريين وعودتهم، وتركز القسم الأكبر من المحادثات حول المبادرة الروسية وتمّ الإتفاق بحسب معلومات خاصة بموقعنا على تشكيل لجنة مشتركة بين الجانبين اللبناني والروسي تحدّد ماهيّة الخطوات العملية التي سيقوم بها لبنان في هذا الملف.
وقدّم الجانب الروسي للبنانيين فكرة تشجع على إجراء إحصاء للنازحين بحسب أماكن سكنهم في سوريا وذلك بغية تحديد المجموعات التي يمكنها أن تعود الى المناطق الآمنة.
ولفت تعبير لافروف عن امتعاضه الشديد من الموقف الذي تتخده المفوضية العليا لشؤون اللاجئين معتبرا بأن بعض موظفيها يحرفون عملها عن أهدافه الحقيقية، وكشف للوفد اللبناني بأنه أخبر أمين عام الأمم المتحدة عن امتعاضه ورفضه لسلوك المفوضية انطلاقا من أن موظفي الأمم المتحدة ينفذون قرارات مجلس الأمن الدولي ولا يعملون تحت مظلة دولة من الدول الأعضاء.
وعن الموقف الأميركي الغامض حيال المبادرة الروسية علم موقع “مصدر دبلوماسي” بأن لافروف تطرق الى هذا الموضوع مشيرا الى أن الأميركيين على علم بالمبادرة الروسية المستندة الى قرار مجلس الأمن الدولي 2254 والى مقررات مؤتمر سوتشي. وأشار لافروف الى أن الأميركيين وبالرغم من موافقتهم فإنهم لا يشجعون العودة الفورية والشاملة لأن أجندتهم مختلفة ويفضلون انتظار الإنتخابات الرئاسية السورية عام 2021. وكشف بأن الأميركيين يشجعون إعادة الإعمار في مناطق تواجدهم في سوريا في حين أنهم يعرقلونها في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري وحلفاؤه. ولكنّ لافروف كان واضحا بأن عملية إعادة النازحين ستسير قدما سواء قبل الأميركيون بها أم اعتكفوا وهي بمثابة تحدّ شخصي للرئيس فلاديمير بوتين.
من جهته، كان رأي الوزير باسيل متوافقا مع ما قاله لافروف، وقد دعا باسيل الروس الى المشاركة في المرحلة الثانية من تلزيم حقول النفط في المياه اللبنانية. وتم الإتفاق على دراسة مجموعة من الإتفاقات بين الجانبين اللبناني والروسي للتعاون الصناعي والزراعي.
وفي معلومات موقعنا أنه تم الإتفاق المبدئي على عقد مؤتمر بإسم الشراكة المشرقية سيكون في موسكو أو في بيروت وسيضم لبنان وسوريا والأردن والعراق وهو جزء من التعاون من أجل حماية التنوع في المنطقة ومنع الإرهاب من تحقيق أهدافه.
وعقب المحادثات صدر عن وزارة الخارجية والمغتربين البيان الآتي:
“جرى وزير الخارجية والمغتربين اللبنانية جبران باسيل محادثات معمقة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو بحضور الوفدين الرسميين اللبناني والروسي. تميزت المحادثات بشموليتها واكدت على المكانة التي يحظى بها لبنان لدى روسيا. وقد عبر وزير خارجيتها بوضوح واكثر من مرة عن حرصه على استقرار لبنان وتنوعه واستقلاله ووحدة اراضيه واعيا الى ترك اللبنانيين يحلون مشاكلهم بالحوار من دون تدخل خارجي وافضت المحادثات الى الاتفاق على مجموعة قضايا اساسية في طليعتها تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين روسيا ولبنان من منظور استراتيجي والسعي لعقد الاتفاقات التي تترجم ذلك.
وكان لافتا موقف لافروف بالاصرار على حماية لبنان من محاولات اخذه اسيرا في ملف النازحين السوريين وفي هذا الاطار اكد لافروف ان ظروف العودة ملائمة وان المبادرة الروسية تنطلق من روحية قرار مجلس الامن رقم 2254 ونتائح مؤتمر سوتسي.
واعلن الجانبان اللبناني والروسي الاتفاق على العمل المشترك لتطبيق المبادرة الروسية والتعاون سواء عبر الامم المتحدة او عبر العلاقات الدولية لوضعها موضع التنفيذ.
بدوره ابدى وزير الخارجية اللبنانية كل الاستعداد للقيام بما يلزم من اجل المساعدة على عودة النازحين وقال نحن معنيون بهذه القضية ونريد العودة الآمنة على مراحل، وقد اتفقنا مع الجانب الروسي على رفض اي محاولة لربط عودة النازحين بالحل السياسي النهائي في سوريا.
وعلم ان باسيل ولافروف اتفقا على ايجاد آلية تواصل مفتوح بينهما لانجاح المبادرة. وقد ابدى الوزير اللبناني الاستعداد للتنسيق مع سوريا وروسيا وحتى الامم المتحدة في حال غيرت موقفها الرافض لمبدأ عودة النازحين.
وحث الوزير باسيل نظيره الروسي لتشجيع سوريا على اتخاذ اجراءات تسهل عودة النازحين ولاسيما خفض السن القانونية للخدمة العسكرية. كما دعا باسيل الى ايجاد برامج دولية تمول العودة بدل تمويل اقامة النازحين في البلدان المضيفة متحدثا عن وجود نسبة عالية من النزوح الاقتصادي.
وفي اطار التأكيد على الرغبة اللبنانية بتعزيز العلاقات مع روسيا دعا باسيل الشركات الروسية للمشاركة في المرحلة الثانية من تلزيم حقول النفط في المياه اللبنانية واصفا ذلك في سياق تعاون تعاون استراتيجي لمصلحة الاستقرار في شرق المتوسط.
وعرض باسيل بالتفصيل لما يمكن ان يقدمه لبنان لروسيا من منصة وخبرات ترتكز اليها في مرحلة اعادة اعمارسوريا.
وتم الاتفاق بين الجانبين على تطوير فكرة قيام مساحة مشرقية تتشارك مع روسيا تحت عناوين حوار الحضارات وحماية التنوع الثقافي والديني والمساهمة في تثبيت الامن والاستقرار ومكافحة الارهاب والتطرف والفكر الاحاديوالعنصري ونشر قيم التسامح والعمل على تحقيق مشاريع تنموية من خلال سوق مشتركة بضمانة روسيا.
وفي هذا الاطار تم الاتفاق على تشكيل لجنة تعد لحصول مؤتمر في هذا الاتجاه يعقد على الارجح في بيروت او موسكو.
وشجع الوزير باسيل نظيره الروسي على تنفيذ مشاريع ذات بعد ثقافي وقد ابدى لافروف حماسة لتأسيس مدرسة روسية في بيروت.
ولوحظ خلال الاجتماعات ان روسيا منزعجة من محاولات استغلال الامم المتحدة لغايات تنحف عن المبادئ التي قامت عليها. كما انها منزعجة من تصرفات المنظمات الدولية من دون العودة الى مجلس الامن.
ووصف لافروف الحجج برفض عودة النازحين بانها مفبركة لمنع اعادة الاعمار. وقال ان الاميركيين يضعون الشروط فقط على المناطق التي يسيطر عليها النظام بعد ما حررها من الارهاب، فيما اعادة الاعمار جارية في المناطق التي يسيطر عليها الاميركيون وحلفاؤهم.
بدوره وصف الوزير باسيل موقف المفوضية العليا للاجئين من موضوع العودة بانه سبب المشكلة مع لبنان لانه يتنكر للواقع الذي يشهد على استتباب الامن.
وقال لا مصلحة لأحد بأن ينهار لبنان اقتصاديا بسبب النزوح وندعو الدول الى تطوير موقفها واعتماد الواقعية. واضاف ما تقوم به روسيا يشجع الحل السياسي بعد فشل الارهاب في نشر الفوضى”.