“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
لم تنته قضية الشكوى التي قدّمها وزير الخارجية اليمني خالد اليماني لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بسبب مشاركة “حزب الله” في حرب اليمن فصولا بعد، بالرغم من الرّد الذي قدمه باسيل مشيرا الى أن لكل فصيل لبناني سياسة لا تمثل بالضرورة موقف الحكومة اللبنانية.
وبعد أن تبلّغ مجلس الأمن الدولي بمضمون الشكوى اليمنية كعلم وخبر، فإن هذه القضية باتت محطّ نظر لديه، مع رغبة يمنية بعدم تأجيج الامور راهنا.
وقبل ساعات من الإعلان عن استقبال أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله وفدا من الحوثيين يرأسه الناطق الرسمي بإسم الجماعة محمد عبد السلام، كان السفير اليمني في بيروت عبد الله الدّعيس يطالب الحكومة اللبنانية بوضع حدّ لتدخّل “حزب الله” في اليمن مشيدا في الوقت نفسه بالعلاقة بين الدولتين.
ويشير السفير اليمني في لبنان عبد الله الدّعيس الى أن ما يحدث بين اليمن ولبنان لا يتعدّى كونه ” سحابة صيف نتمنى أن تنقشع بسرعة لأن العلاقات اللبنانية اليمنية راسخة على مدى قرون”. لكن الواقع يبدو أشدّ تعقيدا وخصوصا وأنّ المشكلة مع اليمن لم تنته بردّ باسيل، وبعد أن تبيّن لليمنيين أن “ليس من دلائل تشير الى أنّ ما كان يمارس قد تغيّر، ونحن ننتظر من الحكومة اللبنانية دلائل تثبت بأن ثمة ضغوط مورست على “حزب الله” لوقف نشاطه في اليمن ونحن نأمل بأن يحدث ذلك بالفعل لا بالقول،” كما يقول السفير الدّعيس في حواره مع موقع “مصدر دبلوماسي”.
وتندرج هذه المسألة في سياق الصراع الإقليمي الدائر في المنطقة بين السعودية وإيران، يقول السفير الدّعيس:” تتدخّل إيران بشكل واسع في بلدان عدّة منها في اليمن و”حزب الله” لا يمارس سياسته كحزب لبناني مستقل بل ينفّذ سياسة إيران، من جهتها، تقود دول الخليج وفي مقدمتها السعودية والإمارات العربية المتحدة وايضا مصر سياسة المواجهة لهذا المشروع واليمن هو جزء من هذه الإستراتيجية”.
أهمية القرار الدولي 2216
لكن ما هو المطلوب من لبنان؟ يعود السفير الدّعيس الى الموقف الرسمي لحكومة بلاده الذي يدعو ” الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي الى ادانة انتهاكات الميليشيات الحوثية للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والى ضرورة احترام مندرجات القرار 2216 حول حظر الأسلحة (للحوثيين) وزرع الممر المائي قرب مضيق باب المندب بالألغام البحرية المحرّمة دوليا وبطريقة عشوائية، واستهداف السفن العابرة عبر المضيق ونهب المساعدات الإنسانية، والذي يقضي ايضا بانسحاب ميليشيا الحوثي من جميع المناطق التي استولوا عليها”.
مجزرة الأطفال في صعدة
ويلفت السفير الدّعيس الى أن ” لبنان مركز تأثير وتأثر في العالم العربي برمّته وهو بمثابة غرفة عمليات وله تأثير أكيد إعلاميا وسياسيا”.
بالنسبة الى المجزرة الأخيرة التي قامت بها قوات التحالف العربي بسبب إطلاقها صاروخا أدّى الى قتل 55 طفلا في صعدة، فإن السفير الدّعيس إتهم “ميليشيات الحوثيين بأنهم استدرجوا دول التحالف العربي للقصف عبر الطيران في توقيت يدركون أنه سيكون فيه باص للأطفال وذلك لاتهام دول التحالف بارتكاب مجازر ضد الأطفال.
ويقول:” نحن نعبّر عن أسفنا وحزننا العميق لأية حادثة تودي بيمنيين سواء حصلت من قبل التحالف أو من قبل الأطراف الأخرى، وقد أعلن التحالف العربي عن فتح تحقيق في هذه الحادثة ونحن ننتظر النتائج”.
ويستند السفير الدّعيس الى مقال لكامل الخوذاني بعنوان “كيف خطط الحوثيون لمجزرة صعدة”: ” إرتكب الحوثيون مجزرة مستشفى وسوق الحديدة قبلها بأسبوع بالقذائف من معسكر الأمن المركزي لحظة تحليق الطيران وتوجيه التهمة للطيران وأعدوا اعلامهم وقنواتهم لهذا الحدث الذي نجحوا بدايته بإيهام الناس أن الطيران قام بارتكاب هذه المجزرة وكل هذا لأجل التحشيد والحصول على تعاطف دولي سرعان ما فشلت الخطّة التي لم يتم اتقانها واتضحت الحقيقة أن قذائفهم خلف المجزرة. يحتاج الحوثيين لعملية جديدة مجزرة جديدة بعد فشل الأولى. ويعلم الحوثيون أن إطلاقهم لأي صاروخ بالستي باتجاه السعودية يتبعه مباشرة قصف للطيران لمنطقة القصف ومنصة اطلاق الصاروخ بعد رصد مكانها عبر الأقمار الصناعية…(…).
تاريخية موثقة للعلاقات الراسخة بين لبنان واليمن
ويعود السفير عبد الله الدّعيس الى تاريخ العلاقات اللبنانية اليمنية مشيرا الى أن هذه العلاقات “تعود جذورها الى العصور القديمة فاليمنيون الذين هاجروا قديما سكن بعضهم في لبنان ولا يزالون موجودين فيه، وهنالك العديد من العائلات اللبنانية التي ترجع جذورها الى اليمن ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر (الرياشي – الحريري – النجار – مراد – المصري – الشريف – الرفاعي – صبره – الاحمر )”.
ويضيف السفير الدّعيس:” يرتبط اليمن بلبنان بعلاقات تاريخية تنامت وازدهرت وتوسعت، ولا سيما بعد قيام ثورة 26 أيلول عام 1962، ويعتبر اليمن من اوائل الدول العربية التي ارتبطت بعلاقات دبلوماسية وسياسية مع لبنان”.
وفي نبذة تاريخية يقول السفير الدّعيس: “بدأت العلاقات الدبلوماسية مع لبنان في عام 1949 بمستوى مفوضية رئسها الدكتور عدنان ترسيسي، وفي عام 1964 ارتفع مستوى التمثيل الى مستوى سفارة. وفي حينها تم التوقيع على اتفاقيتين الأولى في المجال الأمني والثانية في التجارة والثقافة. في عام 1950 انشئت قنصلية فخرية في عدن وفي عام 1971 انشئت السفارة اللبنانية في صنعاء”.
يضيف:” تنامت العلاقات الثنائية حتى تمّ تشكيل اللجنة العليا اليمنية اللبنانية المشتركة في 1999 وكان لها الأثر الايجابي في الدّفع بالعلاقات الثنائية بين البلدين نحو آفاق اوسع من التعاون المثمر في مجالات عدة منها الاقتصادية والاستثمارية والثقافية والسياحية وتم انجاز العديد من الاتفاقيات ومتابعة وتنفيذ برامج التعاون المشتركة وهي كما يعدّدها السفير عبد الله الدّعيس في حواره مع موقع “مصدر دبلوماسي”:
– اتفاق التشاور والتنسيق بين وزارتي خارجية البلدين
– اتفاقية في مجال السياحة
– ثلاث اتفاقية في مجال التعليم (العالي والفني والمهني والتربية والتعليم)
– اتفاقية في مجال الشباب الرياضة
– مشروع اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني
– مشروع اتفاقية تجارية
– مشروع اتفاقية حماية الاستثمار
– مشروع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي
– مشروع اتفاقية النقل البحري
– مشروع اتفاقية النقل الجوي
– مشروع اتفاقية تعاون فني بين جهازي تنمية الصادرات في البلدين
– مشروع اتفاقية ثقافية
– مشروع بروتوكول تعاون بين الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية في البلدين.