“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
يبدو بأن إعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا ستكون الموضوع الرئيسي الذي سيطرح أمام الحكومة المقبلة في حال تشكّلت، ولربّما كانت أحد الأسباب التي تدفع بعض الدول المعرقلة لعملية تأليف الحكومة الى اللعب على وتر الخلافات الداخلية كي لا “يفتتح” لبنان العلاقات الطبيعية مع نظام الرئيس بشار الأسد، وذلك في انتظار تبلور الحل السياسي.
هذا الرأي الذي يتقاسمه أكثر من وسط دبلوماسي عربي وأوروبي لا يجد مكانا له في أوساط “حزب الله”، الذي يتسلّح بنتائج الميدان السوري وبسيطرة حليفه الرئيس الأسد على الجزء الأكبر من مساحة سوريا، ما يجعله المحفّز الأول لإعادة العلاقات الطبيعية بين حكومتين دافعه أمران اثنان: الوضع الإقتصادي الصعب الذي سيكون فتح معبر نصيب أحد أبرز حلوله وإعادة النازحين السوريين بوتيرة أسرع.
لا ترى أوساط عليمة بمناخ “حزب الله” أية أهمية للأفكار المتداولة غربيا ومن بعض دول الإقليم بأن لا مصلحة للبنان من الإسراع في فتح علاقات طبيعية مع النظام الحالي في سوريا قبل وضوح الحل السياسي، برأيها أن الحل السياسي برمته في سوريا هو في يد روسيا وهذا ما أكدته قمة هلسنكي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، بالإضافة الى ذلك فإن الواقع الميداني في سوريا يفيد بسيطرة شبه كاملة للنظام معظم الأراضي وثمة فريق انتصر هو روسيا وإيران وحلفائهما والنظام بطبيعة الحال. الى ذلك، يبدو بأن دمشق بحكمها الحالي عازمة على منع الشركات التابعة مباشرة أو مداورة لفريق 14 آذار من المشاركة في إعادة إعمار سوريا.
في هذا السياق، تتخطى العلاقة الطبيعية مع سوريا آراء الرئيس المكلف سعد الحريري وتصريحاته، ويرى “حزب الله” وحلفاؤه اللبنانيون بأن العلاقة المتوازنة مع دمشق رئيسية لمعالجة مواضيع عدة في مقدمها موضوع النازحين الذي يتخطى عددهم المليون والـ400 ألف نازح، وقد أصرّت الحكومة السورية على أن العودة بوتيرة سريعة لن تتم إلا عبر المحادثات الرسمية بين الحكومتين.
تقول وجهة نظر “حزب الله” بحسب ما تعبّر عنها أوساط عليمة بمناخه بأن لبنان يعالج هذا الموضوع بـ”المفرّق” كما يقال، ويقود المفاوض الرئيسي المكلّف من قبل رئيس الجمهورية مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم الشق الأبرز منه في ملف النزوح السوري. برأي الأوساط أن اية عودة شاملة وواسعة النطاق للنازحين تنتظر الكلام المباشر بين الحكومتين اللبنانية والسورية مع إقرار الطرفين اللبناني والسوري على حدّ سواء بأن اللواء ابراهيم هو موفد رئاسي رسمي ويمثّل الحكومة اللبنانية.
يبدي السوريون ليونة ملموسة في موضوع العودة ولو التدريجية بسبب الثقة الموجودة باللواء ابراهيم، لكن التنسيق الرسمي الشامل لا بدّ أن يأتي.
بالنسبة الى المبادرة الروسية فهي فتحت الباب لكي يتحاور الحريري مع الروس حول ملف النزوح عوض الكلام المباشر مع الحكومة السورية، أما لسان حال “حزب الله” للحريري فيقول بأن “الشام اقرب من موسكو”، علما بأن كل المعطيات تؤكد بأن المبادرة الروسية وسواها لا تعدو كونها أفكارا عامّة لغاية اليوم.
غير أن تشدد الحكومة السورية يبرز بشكل لا لبس فيه في شأن معبر نصيب الحدودي الذي يعتبر ممرا إلزاميا للشاحنات اللبنانية من الأردن الى دول الخليج.
وتشترط الحكومة السورية لفتح المعبر أمام الشاحنات اللبنانية وضع اتفاقية جديدة تتعلق بالرسوم التجارية وهذا يتمّ عبر كلام رسمي لبناني سواء عبر وزير النقل اللبناني أو عبر ممثل عن الحكومة اللبنانية.
ووفق أوساط مطلعة، فإن معبر نصيب سيبقى مقفلا أمام الشاحنات اللبنانية التي لن تتمكن من اجتياز الحدود السورية الى الاردن، ما يعني بأن التجار اللبنانيين لن يتمكنوا من تصدير أطنان منتجاتهم الى الخليج. ووفق الأوساط المذكورة فإن لبنان هو الدولة المستفيدة الأولى من فتح المعبر في حين تنحصر إفادة سوريا والأردن بتقاضي رسوم المرور، وهذا يؤثر على الإقتصاد اللبناني لأن سوريا هي سوق ضخم للبنان من جهة ولأنها معبر مهم للأسواق الأخرى أي العراق والسعودية. هذا الواقع يزكّي رأي “حزب الله” من أن “المكابرة في فتح العلاقة مع سوريا مضرّة للبنان”.