“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة
في ظلّ حصار غير معلن ضدّ لبنان تقوم به دول خليجية وازنة سواء بتحذير رعاياها من السفر الى لبنان مثل المملكة العربية السعودية وصولا الى منع مواطنيها بشكل مطلق من المجيء الى لبنان تحت طائلة التحقيق معهم عند عودتهم الى ديارهم مثل الإمارات العربية المتحدة، فضلا عن تهديدات مستمرة لا تظهر إلا في الأحاديث الخاصة لبعض السفراء الخليجيين من أنهم “سيؤدّبون” اللبنانيين بسبب ما يطلقون عليه “احتضانهم لـ”حزب الله”، وذلك بشتى الوسائل، وصولا الى تخفيض عدد الدبلوماسيين العاملين في بعثات بعض السفارات الخليجية في لبنان والضغط غير المعلن على لبنان للقيام بالمثل سواء عبر تأخير تأشيرات الدخول لدبلوماسييه لأشهر طويلة ومن دون مبّرر وصولا الى رغبة بعض الدول باستبدال سفير بآخر بسبب طائفته، مرورا بالمعاناة التي يعانيها لبنانيون في هذه البلدان نتيجة التعامل التخويفي تجاههم في شكل يقضّ مضاجع هؤلاء الذين راحوا يفرضون على الإعلاميين اللبنانيين تعتيما إعلاميا كاملا والطلب اليهم عدم الدفاع عن قضاياهم بسبب الخوف من العقاب. وسط كل هذه الأجواء الملبّدة والتي تجمع الأوساط اللبنانية على أنها سترتدّ سلبا على هذه الدول الخليجية سياسيا وشعبيا وليس على لبنان المعتاد على العواصف تأتيه من كلّ حدب وصوب، يأتي خطاب رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق علي الغانم كنقطة مياه عذبة تصبّ فعلا لا قولا في مصلحة العلاقات الأخوية الحقيقية بين لبنان والكويت.
صحيح أن قضية تأخير قبول اوراق اعتماد السفير ريان سعيد من قبل الكويتيين لأسباب ما عادت مجهولة، مرتبطة بانتماء السفير الى طائفة معينة، وقضية العبدلي، لا تزالان ترخيان بظلالهما على العلاقات، لكنّ ذلك لم يدفع الكويت الى حصار لبنان سياسيا واقتصاديا وسياسيا ومحاولة تهميشه وصولا الى خنقه مع أبنائه، ولم تتجاهل الكويت كما تتجاهل بعض الدول الخليجية بأن لبنان يدفع عنها فواتير النزوح السوري، وهي فواتير باهظة الثمن “تربّحنا” هذه الدول جميلا بأنها تقدم مقابلها”كراتين” المساعدات لهؤلاء في حين أن كل العبء الإقتصادي والإجتماعي يقع على لبنان، وهي تشبه ذاك الذي يلمس الحمل الثقيل بطرف إصبعه ثم يتأفف من ثقله!
كلام جميل يستحقه لبنان قاله المرزوقي الذي شبكت بلاده هذا الأسبوع شراكة قيّمة مع الصين في منتدى الأقتصاد العربي الصيني، لا بدّ من التوقف عنده وتسطيره ليكون عبرة لجميع من يحاصرون لبنان بالفعل ويدللونه بالكلام الفارغ.
اليوم زار المرزوقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكمة المكلف سعد الحريري.
كلام المرزوقي
قال المرزوقي في بعبدا “نحن نتمنى للبنان الامن والسلام والاستقرار. ولبنان لن يُترك وحيدا ولن تُنسى مواقفه التاريخية. وكما ذكرت لفخامة الرئيس، كوننا اعضاء في البرلمان الكويتي نمثّل الشعب، فإنه لا يمكن لأي مواطن كويتي ان ينسى الموقف التاريخي والمبدئي للبنان عندما دان الغزو العراقي الغاشم للكويت عام 1990، وكان من اول الدول التي تدين هذا العدوان من دون اي حسابات سياسية او النظر الى اي مصالح آنية، انّما تعبيرا عن مشاعر حقيقية وعلاقات تاريخية متينة كانت ولا زالت وستظل مضرب مثل لأي علاقة ثنائية بين شعبين شقيقين ودولتين شقيقتين.”
وردا على سؤال عن المبادرات التي تمّ الاتفاق بشأنها اثناء زيارة الرئيس عون الى الكويت، قال: “ان الكويت دولة مؤسسات، والاتفاقيات التي توقّع تحال الى البرلمان للمصادقة عليها ثم تأخذ طريقها الى التنفيذ. وكلّ الاتفاقيات التي وقعّت بين الكويت ولبنان تمت المصادقة عليها بالاجماع، والبعض القليل منها هو على طريق التصديق عندما يأتي دوره على جدول الاعمال، وهو يحمل صفة الاستعجال. وانا على ثقة تامة انّه ستتم الموافقة عليه. ولم يكن لأي عضو برلمان كويتي مشكلة في اي اتفاقية وقعت بين حكومة الكويت وحكومة الجمهورية اللبنانية. وبالتأكيد سينفذ ما بقي من اتفاقيات. واود ان اؤكد حقيقة ثابتة وراسخة، اتمنى على كل الشعب اللبناني ان يعرفها، وهي ان الكويت واميرها لا يمكن ان يتركا لبنان وحيدا يواجه مصاعبه، سواء كانت اقتصادية او سياسية او غيرها.”
وسئل عن موعد صدور قرار برفع الحظر عن سفر الخليجيين الى لبنان، فاجاب: “ان الرحلات اليومية بين الكويت ولبنان تفوق الآن 14 او 15 رحلة. وسواء بوجود حظر او لا، فليس هناك من مقعد واحد لكويتي او لبناني على الطائرات. وهذا يفرض ان نزيد عدد الرحلات. واريد ان اصحح معلومة وهي انّه ليس هناك من حظر على زيارة الكويتيين الى لبنان، وهو مرفوع منذ مدة طويلة. والكويتيون يأتون الى لبنان. وما اريد ان اقوله انّ وجود حظر او عدمه لا يؤثر على حضور الكويتيين الى لبنان. لكن حاليا لا يوجد اي حظر على اي كويتي للمجيء الى لبنان. وفي السابق لم يكن هناك من حظر بل كانت هناك تحذيرات امنية، من واجب الحكومات ان تتخذها في حال حدوث اي امر. وهي لم ولن تؤثر على حركة السياحة الكويتية الى لبنان، لأنّه كما ذكرت سابقا، وفي كلمتي في الملتقى العربي الاقتصادي، فإن كل كويتي يشعر عندما يأتي الى لبنان انّه سافر من وطنه الى وطنه، وانّه غادر اهله الى اهله. وهذا شعور متأصل في وجدان وفؤاد كل كويتي.
واؤكد ان الرحلات كلها محجوزة بالكامل، والحل هو في زيادة عددها الى لبنان، وليس هناك اي حظر.”