“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
تتشبّث بريطانيا بثقة لا تتزعزع بالجيش اللبناني وهي لن تعمد الى أية مراجعة غير منطقية في شأن المساعدات للمؤسسة العسكرية التي تدعمها وتشارك معها الخبرات والتدريبات منذ عام 2011. هذا أبرز ما أدلى به وزير الدّولة لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت في نهاية زيارة اليومين للبنان والتي توّجها عصر أمس بلقاء صحافي مصغّر في منزل السفير البريطاني هوغو شرتر في اليرزة قبل مغادرته لبنان صباح اليوم.
أما الرسالة الثانية المهمّة فهي قوله بأن بريطانيا تؤيد عودة النازحين السوريين الى ديارهم، لكنّ الوزير البريطاني المخضرم سأل في معرض إجاباته عمّا يفعله نظام الرئيس السوري بشار الأسد بغية تشجيع المواطنين السوريين على العودة. وكان لافتا في خضمّ حديثه عن الوضع في سوريا تشديده على أن جميع الأفرقاء الذين شاركوا في الحرب السورية يجب أن يكونوا ايضا في الحل السياسي بمن فيهم روسيا وإيران.
بعد دقائق من منحه أول منحة شيفننغ بإسم الدبلوماسية البريطانية التي قضت في بيروت في جريمة بشعة منذ 6 أشهر ريبيكا دايكس وذلك لجويل بدران التي ستغادر هذا الصيف لمتابعة الماجستير في مجال الأطفال والشباب والتنمية الدولية في جامعة بيركبيك في لندن، كان حوار صريح ومريح مع الوزير بيرت الذي شجع اللبنانيين على تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، مؤكدا في الوقت عينه أن هذا التأخير لن يؤثر على التعاون المشترك بين بريطانيا ولبنان.
وشدد الوزير البريطاني الذي زار مخيما للاجئين في البقاع مدرسة رسمية في الشوف على أهمية التعاون مع وزارة التربية اللبنانية في ما يخص توفير التعليم للجميع. وكشف بأن وزير التربية اللبناني مروان حمادة سيزور بريطانيا الشهر المقبل للبحث في برامج جديدة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعليم، ولتمتين التعاون البريطاني اللبناني في ما يخص توفير التعليم للجميع من السوريين واللبنانيين. وكان لافتا تشديد بيرت على أهمية الاصلاح الإقتصادي مشيرا الى أن المسؤولين اللبنانيين الذين قابلهم يعترفون اليوم بأن الإصلاح الإقتصادي بات أولوية للحكومة الجديدة وبأن الوضع الإقتصادي في لبنان “يواجه ازمة جدية تتطلب تغييرات من قبل اللبنانيين من أجل اللبنانيين ولا يتعلق الأمر بأية طلبات من الخارج”.
في ما يأتي نص الحوار مع بيرت:
*هل ستتقلص المساعدات العسكرية البريطانية للبنان في الموازنات المقبلة؟ وخصوصا للجيش اللبناني؟ وهل تثق بريطانيا بدور الجيش اللبناني دوما، أم أنها تتأثر ببعض الآراء الخاطئة كما في بعض الدوائر في الولايات المتحدة الأميركية حيث يعتبر البعض بأن الجيش اللبناني لا يضع حدّا كافيا لأنشطة “حزب الله”؟
-أود الإشارة الى إسهامات المملكة المتحدة في هذا الإطار، فحين بدأنا برنامجنا مع الجيش عامي 2011 و2012 كنت وزيرا وكنت أشجع دعم الجيش اللبناني بمهامه على الحدود، وقد قمنا بذلك لأنه كان لدينا إيمان بدور الجيش اللبناني، ونحن رأيناهم كما نراهم اليوم، على أنهم الممثلون الشرعيون لجميع أبناء الشعب اللبناني وقادرون على أن يكونوا مسؤولين عن أمنه، وقد اسهمنا في بناء مجموعة من الأبراج التي شكلت اختلافا حقيقيا، إن هذا الدعم من المملكة المتحدة قابله احتراف هائل من قبل الجيش اللبناني كما لاحظنا وشاهدنا، ومن ضمنه القضاء على “داعش”.
وبالإجابة عمّا إذا كنا لا زلنا نمتلك الثقة بالجيش اللبناني فإن جوابي هنا: نعم، نحن نؤمن بدور الجيش اللبناني. وخصوصا أن ثمة تفاعل كبير بيننا وبين المحترفين الكبار في هذه المؤسسة، عبر التدريبات في المملكة المتحدة فضلا عن الجنود المحترفين هنا.
بالنسبة الى الدعم الإقتصادي، فالأمر يتوقف على ما هي الإحتياجات المطلوبة.
لقد شارف مشروع الأبراج على نهايته وهو تضمن قرابة الـ39 برج مراقبة و37 من قواعد العمليات الامامية وأعتقد أن ثمة 70 مليون باوند بريطاني صرفت على هذا المشروع، وهي جزء من 92 مليون باوند صرفت.
إن المملكة المتحدة لا تمتلك رقما ثابتا للمساعدات من أجل تخفيضه بل يتعلق الدعم بالإحتياجات المطلوبة من قبل القوات المسلحة. ونحن نبقى على اتصال مع الجيش اللبناني واي دعم مستقبلي يتعلق بالإحتياجات ولا يتعلق بأية اعتبارات لدول أخرى.
ويتمّ الآن بناء مركز تدريب جديد في رياق بناء على ما تقرر في اجتماع روما (2)، وسيتم الإنتهاء منه في آب المقبل. وبالتالي ليس من جزء معين من الميزانية البريطانية محددة للبنان، والأمر يتعلق بالإحتياجات المطلوبة، وبتقييمنا حول كيفية الإستجابة. لكن دعمنا للجيش اللبناني هو جزء من شراكة مستمرة ونحن ندرك أن ثمة عناصر عدة تؤثر على “حزب الله”، وهي علاقة معقدة جدا في لبنان ونحن نعترف بذلك، ولكن نعتبر بأن الجيش اللبناني قدّم أدلة مهمة عن حرفيته وخبرته ونحن سنستمر باحترام ذلك.
اللاجئون السوريون
*ما هو موقف بريطانيا من عودة اللاجئين السوريين في ضوء الجدل الذي حصل أخيرا مع مفوضية الأمم المتحدة؟
-ندرك جيدا وجود مخاوف من هذا الملف، وأي كلام عن ان دولا ومنها بريطانيا تريد الإبقاء على وجود اللاجئين في لبنان لا يجب أن يؤخذ على محمل الجد وهو غير مستند الى حقائق دامغة، يجب أن يعود اللاجئون السوريون الى سوريا ولكن يجب أن يكون الأمر آمنا. لكننا نحترم ونعترف بما قام به لبنان من إيواء هؤلاء، ونعترف بما يرتبه ذلك من صعوبات ونأخذ بالإعتبار حقوقه كدولة مضيفة. ولكننا أخذنا على عاتقنا الإستمرار بدعم اللائجين ما داموا هنا وعدم خلق أزمة جديدة.
نعتقد أنه يجب أن يعود اللاجئون السوريون الى سوريا، ونحن نقوم بكل ما في وسعنا من أجل تبديد اي سوء تصور حيال هذا الموضوع. وبالتالي كما ترون أن ثمة توترات يتسبب بها ما يقوله الناس احيانا، وبالتالي ليس من عملنا الإنخراط في الحوار السياسي القائم هنا، نحن ندرك أن ثمة ضغوط كبرى على الناس بسبب العدد الكبير للاجئين السوريين. ولأكون صادقا، لو كانت بريطانيا تواجه هذا الكم الهائل من اللاجئين الآتين للإنضمام اليها لكان الجدال مسيطرا حول هذا الموضوع يوميا. وبالتالي نحن نتفهم ذلك. ويجب أن نكون واضحين حول الإستجابة وطرقها وحول حقوق البلد المضيف ولكن أيضا يجب الإعتراف بأن ثمة خطر للصراع ويجب عدم اهمال ما يقوم به نظام الأسد الذي يخوّف الناس في ما يخص العودة. والسؤال هو ما الذي يفعله نظام الأسد من أجل تحسين ظروف العودة فيعود الناس بأمان ويبدأ العمل مع الوكالات لضمان أمان عودتهم؟.
*هل من عراقيل تواجه مشروع “ستيب 1” الذي أقرّه مؤتمر لندن حول اللجوء السوري مع وزارة خارجية لبنان، واقصد تحديدا مرحلة إعادة النازحين السوريين الى ديارهم؟
-لإ، يقيني أن لا مشكلة موجودة، قد يكون المشروع يتقدم ببطء لكن لا توجد أية عوائق جوهرية حيث ثمة 16 مليون باوند مكرسة لهذا المشروع الذي تمت هندسته لخلق قرابة الـ1300 فرصة عمل جديدة ومنها أعمال مؤقتة للسوريين، وقد كان الأمر بطيئا قليلا على الأرض لكنه مستمر بالتأكيد ولا توجد أية عوائق جدية.
*ماذا عن اللاجئين الفلسطينيين وأزمة الأونروا؟
-ليسوا منسيين من قبل المملكة المتحدة وقد أعلنا في مجلس الأمن الدولي عن مبلغ جديد من أجل اللاجئين الفلسطينيين، بغية مساعدتهم في الأزمة الإقتصادية التي يعانون منها، وبالتالي إن هذا الملف يبقى مهما جدا بالنسبة للمملكة المتحدة ونحن نتأسف لقرار الولايات المتحدة الأميركية بالإنسحاب من تمويل الأونروا، ونحن لا نؤيد ذلك بل نؤيد التوصل الى اصلاحات واتفاق حول القضية الفلسطينية.
ضرورة تشكيل الحكومة بسرعة
*بعد مقابلتك عددا كبيرا من المسؤولين اللبنانيين هل لديك انطباع بأن الحكومة اللبنانية ستتشكل قريبا؟
-لأكون واضحا حيال هذا الموضوع، فأنا ضد ان يدار بلد من دون حكومة (…).
*وهل هذا سيء من أجل التعاون بين بلدينا؟
-إن التعاون قائم وباق، وأنا لا اشك بأن لبنان سينجح بتشكيل حكومته، وقد اعتاد على هذا النوع من النقاشات، ويعرف المسؤولون هنا أنه في نهاية المطاف سينتهون للقيام بتسويات والعمل سويا، وقد تكرر ذلك لأعوام طويلة. وبالتالي هنالك أشخاص مسؤولون يدركون ذلك، قد يتطلب الأمر بعض الوقت، لكن سيكون للبنان حكومة ونحن ندعم رئيس الحكومة المكلّف.
لا خطر حاليا في جنوب لبنان
*هل ترى أي خطر على الإستقرار في لبنان وخصوصا في الجنوب الملاصق لإسرائيل وذلك في ضوء ما يحدث في سوريا؟
-في الواقع لا ارى خطرا في الوقت الراهن، وبحسب المعلومات التي أمتلكها فلا أحد لديه فائدة او اهتمام بأي صراع. لكن لا يمنع التنبه لأي سوء تقدير من الجانبين، لكنني لا أشعر بأي اختلاف عما كان عليه الوضع في السابق مع حسن التقديرات التي سادت لفترة طويلة.
الملف السوري
*ماذا عن الوضع في سوريا وهل اقتربت نهاية الحرب؟
-من الصعب إيجاد نهاية منطقية لنهاية الصراع في أماكن اساسية أقول ذلك بعد الذي رأيناه في الغوطة الشرقية من عدم الرحمة ومن التصلب اللذان مارسهما الأسد ضد الذين عارضوه، وهو اتهم كل الذين عارضوه بأنهم إرهابيين لأنهم طالبوا بإصلاحات، لكنّهم في الواقع ليسوا كذلك أبدا. ونحن نريد أن نرى نهاية لهذا الصراع، ونرى ان مستقبل سوريا يجب أن يكون مختلفا عن ماضيها. ويبدو بأننا وصلنا الى مرحلة من المفاوضات حيث النهايات يجب أن تتم، وأن نستفيد من استحقاق 2021 والتعاطي معه ليس بطريقة بسيطة، يجب أخذ الفرصة بين يدينا، كي لا يستفيد الإرهابيون من أي أمر ليعودوا، ويبدو بأننا وصلنا الى مرحلة حيث التفاهمات قريبة من أن تتم، ونحن ندعم بقوة ستيفان دي ميستورا وكل ما قام به، واعتقد أننا بحاجة الى جميع هؤلاء الذين كانوا شركاء في ما حصل ومنهم روسيا وإيران، وتلعب المملكة المتحدة كل ما في وسعها في المجالات الدبلوماسية وتحاول ان تمثل احتياجات دول الجوار، وتدعم كل النقاشات التي تتحدث عن مستقبل سوريا، واتمنى أن يكون لدي توقيت واضح للحل لكنني اخشى أنني لا استطيع ذلك.