“مصدر دبلوماسي”:
شارك الرئيس المكلف سعد الحريري والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عند بعد ظهر اليوم في اجتماع حول طاولة حوار اقتصادية في السراي الحكومي ضمّت وزيري الاقتصاد رائد خوري والطاقة والمياه سيزار ابي خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس الإنماء والإعمار المهندس نبيل الجسر والأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك ورئيسة المنطقة الاقتصادية الخاصة في مرفأ طرابلس الوزيرة السابقة ريا الحسن ومستشار الرئيس الحريري لشؤون النازحين الدكتور نديم المنلا، ورئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه وممثلين عن عدد من الادارات اللبنانية ووفد القطاع الخاص المرافق للمستشارة ميركل والذي يضم شركات مهتمة بقطاع الصناعات الثقيلة وتحديدا انتاج الطاقة والطاقات البديلة وادارة النفايات الصلبة وممثلين لكبرى الشركات الاستشارية الالمانية.
وتم خلال الاجتماع مناقشة فرص الاستثمار والمشاريع المطروحة في لبنان وقدم الوزير ابي خليل عرضا مفصلا لفرص الاستثمار في مجالات الطاقة ،سواء لجهة الانتاج او النقل او التوزيع. من جهته، قدم المستشار المنلا عرضا لرؤية الحكومة اللبنانية التي طرحتها خلال مؤتمر “سيدر” واهم بنودها وبرنامج الانفاق الاستثماري وتوزيعه حسب القطاعات وطرحا لادارة النفايات الصلبة في لبنان.
وتحدثت الوزيرة السابقة الحسن عن اوضاع المنطقة الاقتصادية في طرابلس والحوافز القانونية والضريبية وفرص الاستثمار التي تقدمها.
كما قدم الامين العام للمجلس الاعلى للخصخصة عرضا عن قانون الشراكة الذي اقره البرلمان اللبناني فيما يتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص والمشاريع التي يمكن ان تنفذ في اطار هذه الشراكة وتلك التي تم اطلاقها مؤخرا في مجالي النقل والاتصالات ، كما تحدث المهندس الجسر عن المشاريع التي يحتاجها لبنان بالبنى التحتية في مختلف المناطق، وقدم شرحا وافيا عنها.
الحريري
وخلال الاجتماع، تحدث الرئيس الحريري فقال: ” حضرة المستشارة
ان زيارتكم للبنان في هذا الوقت الدقيق برفقة وفد تجاري مرموق هي شهادة على الأهمية التي توليها ألمانيا للبنان ولسلام المنطقة وازدهارها. كما تقدم هذه الزيارة فرصة ممتازة لتعزيز العلاقات الطويلة الأمد بين بلدينا وتشكيل تعاون جديد بين الشركات الألمانية واللبنانية.
على الرغم من ان منطقتنا تمر بأوقات عصيبة، غير أننا نعلم جميعا أن هذه الازمة ستنتهي وستسود مرحلة جديدة من الأمل والازدهار. لبنان وخاصة قطاعه الخاص في وضع جيد للاستفادة بشكل مباشر وغير مباشر من ذلك.
في مؤتمر سيدر بباريس، وضعت الحكومة اللبنانية رؤيتها الرامية إلى نقل الاقتصاد اللبناني إلى مستوى جديد من النمو والتوظيف والتنمية. وقد رحب المجتمع الدولي، بما في ذلك ألمانيا، بهذه الرؤية ودعمها.
حضرة المستشارة ميركل، نحن في لبنان نعتقد أن ألمانيا بإمكانها أن تلعب دورا هاما في تنفيذ هذه الرؤية.
وتوفر الخطة المتعددة السنوات لإعادة تأهيل وتحديث بنيتنا التحتية المادية فرصاً كبيرة للشركات الألمانية في قطاعات النقل والمياه ومياه الصرف الصحي والطاقة، كما تمت مناقشة الامر في وقت سابق هذا الصباح.
ويمهّد سنّ قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الطريق لتنفيذ مجموعة واسعة من المشاريع من خلال طرق مختلفة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقد أطلقنا في الشهر الماضي ثلاثة مشاريع رئيسية خاصة بالشراكة بين القطاعين في النقل والاتصالات.
علاوة على ذلك، وكما سمعتم اليوم، فإن المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، بموقعها وحوافزها وإطارها التنظيمي وبنيتها التحتية الحديثة، تجعل من لبنان منصة طبيعية لإعادة إعمار سوريا والعراق عندما تسمح الظروف السياسية بذلك.
في مؤتمر سيدر، التزمت الحكومة اللبنانية أيضاً بالشروع في مسار توحيد مالي بنسبة 1٪ سنوياً خلال السنوات الخمس المقبلة، فضلاً عن تنفيذ إصلاحات هيكلية وقطاعية مهمة لتحسين الحوكمة وتحديث مؤسساتنا وإجراءاتنا.
إن الحكومة اللبنانية ملتزمة بشدة بهذه الإصلاحات، وسأضمن شخصيا أن يحصل تنفيذها في الوقت المناسب.
بالإضافة إلى ذلك، سأكون شخصياً حاضرا للتعامل مع أي تساؤلات قد تكون لدى الشركات الألمانية عند التفكير في فرصة استثمارية في لبنان.
حضرة المستشارة ،
السيدات والسادة،
المستقبل مشرق. مستقبل لبنان مشرق. مستقبل منطقتنا مشرق. دعونا نتعاون جميعا في إعادة بناء لبنان والمنطقة.
المستشارة ميركل
ثم تحدثت المستشارة ميركل فقالت: “لقد رسم مؤتمر “سيدر” القاعدة للقيام بالاستثمارات في لبنان. وبالأمس، خلال المحادثات السياسية التي قمنا بها، أشرنا إلى أنه بإمكان ألمانيا أن تشارك بالمشاريع، لكن على لبنان أن يقوم بالإصلاحات لكي يكون أكثر جذبا لهذه الاستثمارات. وبهذه الطريقة يمكن أن نحضّر للاستثمار الألماني في بلدكم.
هناك بعض القطاعات التي يمكن لألمانيا أن تلعب دورا فيها وهي: النفايات الصلبة، وإدارة المياه والطاقة. وقد شرحتم لنا المشكلة التي تعانون منها على مستوى الطاقة، لكن هناك حقول قريبة من لبنان ومن الساحل اللبناني، ويمكن الاستفادة من كل ذلك.
نحن نود أن نركز على أنابيب النفط، وكل ذلك مهم وأساسي من أجل استدامة البيئة. كما أنكم أخبرتمونا عن أهمية قطاع الطاقة في لبنان، وكم يتكلف لبنان على هذا المشروع. بالطبع الأسعار عالية، وهذا يقع على عاتق المواطنين. لذلك فإن توفير الطاقة 24 ساعة في اليوم سيشكل ازدهارا مهما إذا تم تحقيقه، وبذلك بامكانكم تخفيض نسبة العجز والدين الذي يتكبده لبنان. يجب تخفيض هذا الدين وأن يبقى الشعب في الوقت نفسه راضيا. لذلك لا بد من إصلاحات هيكلية في لبنان. أنا متأكدة أنكم قادرون على مواجهة هذه التحديات وستكون ألمانيا بجانبكم.
كذلك لديكم الكثير من المهام الأخرى التي تقومون بها، ولا سيما في مجال استضافة اللاجئين. وأنتم تبلون بلاء حسنا في هذا المجال، لذلك من مصلحتنا المشتركة أن نجد حلا سياسيا لكي يكون الوضع أفضل في سوريا، على الأقل لكي نجهز الشروط والبيئة التي يمكن من خلالها أن يعود السوريون إلى بلدهم. لذلك، نتمنى لكم الاستقرار، وألمانيا حاضرة وجاهزة لكي تساعدكم في هذا المجال.
اليوم قمتم بالكثير من التحضيرات، وقدمتم إلينا عدة مشاريع للتعاون في ما بيننا تمهيدا لتنفيذها. وفي ما يتعلق بالمنطقة الاقتصادية الحرة، فإنها مثيرة للاهتمام بالطبع، وقد تكون طرابلس نقطة بداية جيدة. لقد بنيتم مرفأ وتعملون على توسعته. بالأمس قلت انه إذا كانت هناك الشروط شفافة وغير معقدة فسيكون ذلك جاذبا مهما بالنسبة للشركات الالمانية الصغيرة والمتوسطة الحجم للمجيئ الى لبنان والاستثمار .
نقاشات
ومن ثم دار حوار بين الرئيس الحريري والمستشارة ميركل والحضور تناول مختلف المواضيع التي طرحت.
من ناحيته ابدى الجانب الالماني اهتماما كبيرا بقطاع الطاقة البديلة وبفرص الاستثمار في ادارة النفايات الصلبة وبمشاركة الشركات الالمانية الاستشارية في التحضير للمشاريع التي ستنفذ كما تم خلال الاجتماع طرح فكرة اقامة فرع للغرف الالمانية في بيروت وقد رحب الرئيس محمد شقير بالفكرة وقدم فورا موقعا لاقامة المشروع مجانا.
وعقد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والمستشارة الألمانية أ ميركل مؤتمرا صحفيا مشتركا قبل مغادرتها لبنان مساء في السراي الحكومي، عقب مشاركتهما في الطاولة المستديرة الاقتصادية المشتركة بين رجال الأعمال اللبنانيين والألمان التي استضافتها السراي اليوم.
استهل الرئيس الحريري المؤتمر بالقول: “تشرفت باستقبال السيدة المستشارة أنغيلا ميركل، والوفد المرافق لها.
إن زيارتها للبنان في هذا الوقت الدقيق هو دليل على الأهمية التي توليها المانيا لاستقرار لبنان السياسي والاقتصادي. والزيارة هي مناسبة أيضا لتوطيد العلاقات التاريخية الممتازة بين بلدينا.
أتوجه بالشكر لها على الدعم الكبير الذي تقدمه ألمانيا للبنان، وبشكل خاص على صعيد المساعدات الإنسانية لتخفيف تداعيات أزمة النزوح السوري. فبالرغم من الجهود الكبيرة المبذولة فإن النزوح السوري أكبر بكثير من طاقة لبنان على التحمل.
وفي هذا المجال هناك حاجة لتوسيع المساعدات الإنسانية الأساسية بصورة مستمرة لتشمل، إضافة إلى النازحين، المجتمعات المضيفة لهم. لكن الأهم هو تنفيذ مشاريع إنمائية تحسن سبل المعيشة امام المجتمعات المضيفة وتوفر فرص العمل للبنانيين المضيفين لإخوانهم النازحين.
ناقشنا سويا الدور المساعد الذي يمكن لألمانيا أن تلعبه خصوصا في مساعدة لبنان على تنفيذ الأولويات التي طرحتها الحكومة اللبنانية في مؤتمر بروكسيل 2، من خلال دعم مشروع استهداف الفقر في لبنان ودعم تنفيذ الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب المهني والتقني الذي أعدته الحكومة اللبنانية بالتعاون مع اليونيسيف ومنظمة العمل الدولية.
وقد كررت للسيدة المستشارة ميركل موقف الحكومة اللبنانية بأن الحل الدائم والوحيد للنازحين السوريين هو في عودتهم إلى سوريا، بشكل آمن وكريم.
طبعا، خلال محادثاتنا، استعرضنا رؤية الحكومة اللبنانية للاستقرار والنمو وفرص العمل التي طرحناها في مؤتمر سيدر قبل شهرين في باريس، لمواجهة التحديات الإقتصادية والإجتماعية الكبيرة.
لقد طلبت من السيدة المستشارة ميركل دعم ألمانيا لتنفيذ هذه الرؤية وأشرت إلى الفرص العديدة التي يتيحها تنفيذ البرنامج الإستثماري في البنى التحتية أمام رجال الأعمال الألمان، خاصة بعد اقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في بلدنا.
بالطبع، ومع انتقالنا إلى مرحلة التنفيذ اليوم، أعدت التأكيد لها على التزام الحكومة اللبنانية بكل الإصلاحات التي وردت في مؤتمر سيدر وعلى أهمية وضع آلية متابعة مع المجتمع الدولي، وأعربت لها عن أملي في أن تكون ألمانيا عضوا في لجنة المتابعة.
كانت اجتماعاتنا فرصة أيضا لبحث معمق في أوضاع المنطقة، وقد أكدت للسيدة المستشارة ميركل على التزام لبنان بالقرار الدولي 1701 وشكرتها على مساهمة ألمانيا في قوات الطوارئ العاملة في لبنان، “يونيفيل”. كما كررت شكري لها على دعم ألمانيا للمحكمة الخاص بلبنان التي تنظر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه.
إن القوى السياسية في لبنان تجمع على ضرورة حفظ الاستقرار الداخلي في وقت تعيش المنطقة اضطرابات خطيرة، كما تجمع على التزام سياسة النأي بالنفس عن التدخل في شؤون الدول العربية، وهو التزام ستتابعه الحكومة المقبلة بإذن الله.
كما أكدت لها التزام لبنان المستمر بمبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت، وبالتالي تمسكنا بالقدس عاصمة لدولة فلسطين.
أخيرا، أكرر شكري للسيدة المستشارة ولوفدها المرافق على زيارتنا في بيروت، وعلى الاجتماعات المثمرة التي عقدناها معا.
المستشارة ميركل
ثم تحدثت المستشارة ميركل فقال: “لقد سررت بقبول الدعوة التي قدمتموها لي في العام الماضي عندما قمتم بزيارة لنا في ألمانيا، وأريد أن أهنئكم بعد الانتخابات بتكليفكم تشكيل الحكومة، وكنت أيضا قد قمت بزيارة رئيس البرلمان الذي هنأته هو أيضا وسأزور فخامة الرئيس. لقد أتينا بوفد من نواب برلمانيين بهدف تعزيز التعاون البرلماني، كما يرافقنا وفد اقتصادي. ومن الواضح أن تعزيز العلاقات الاقتصادية بين ألمانيا ولبنان هو هدف لنا أيضا.
أعتقد أن التوقيت مناسب جدا، فإن مؤتمر سيدر يقدم أساسا جيدا لهذا التعاون، وأنا أشكر استعداد الحكومة اللبنانية على أن تضم ألمانيا إلى الهيئات التي تساعد بالمضي قدما في الإصلاحات الضرورية والبنيوية في لبنان، وتحرص على القيام بالإيفاء بالوعود المقدمة من قبل بلدكم.
لقد شهدنا خلال مشاركتنا في الاجتماع الاقتصادي وجود خطط ملموسة من قبل حكومتكم متعلقة بالاستثمار، وهذا من مصلحة المواطنين اللبنانيين. وأنا أعتقد أن ألمانيا ستقدم إسهاما جيدا في العديد من المجالات، سواء في مجال الطاقة أو إدارة النفايات أو الغرف التجارية والصناعية التي أوضحت من جانبها اليوم أنه ستكون هناك غرفة تجارة في لبنان، وقد تم الاتفاق على الخطوط العريضة لذلك، وأعتقد أن هذا الأمر في غاية الأهمية بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في ألمانيا، خاصة بالنظر إلى خطتكم لتطوير المناطق الحرة الاقتصادية والتخفيف من البيروقراطية.
ما زال هناك الكثير مما يمكننا القيام به، ونعتقد أن لبنان هو نقطة انطلاق جيدة للأنشطة في المنطقة بأكملها.
وتأتي التنمية الاقتصادية في المقام الأول بالنسبة للبنان، فللمرة الأولى منذ الحرب الأهلية، تظهر أمام لبنان مهمة خاصة بالنسبة لرعاية اللاجئين، والعديد من المدارس في لبنان تعمل في دورات متتالية. وقد التزمت ألمانيا بأن تساعد لبنان وتقدم له الإغاثة الإنسانية وأن تدعم المظمات التي تقوم بعمل إنساني فيه. نريد بالطبع أن نساهم في الوصول إلى حل سياسي يمكّننا من عودة اللاجئين إلى سوريا. ونتعاون مع المنظمات الدولية ومع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين، وكما قال الرئيس الحريري، فإن عودة اللاجئين لا بد أن تحدث عندما تتوافر الظروف الظروف الآمنة لهم. لبنان يواجه ظروفا صعبة، وهنا نرى نموذجا ومثالا عن كيفية تعايش مختلف الأقليات الدينية مع بعضها البعض، وأعتقد أنكم تقدمون نموذجا بالفعل لبلدان عديدة في العالم كيف يستطيع الناس التعايش رغم الاختلافات.
ألمانيا تدعم القوات البحرية ونرى أنفسنا ملتزمين بمواصلة تقديم الدعم للوصول إلى استقرار في المنطقة ككل. لهذا أتوجه إليكم بالشكر الجزيل على هذا الوقت الذي قضيته هنا، وآمل أن تساهم زيارتي، وهي بالفعل ستساهم، في مواصلة الجهود في هذا المجال.
حوار
سئلت المستشارة ميركل: ما هي صعوبة التعامل مع حكومة تريد الحصول على دعم للاجئين أكثر من حصولها على دعم للسكان هنا؟
أجابت: زيارتي هنا تهدف في المقام الأول إلى دعم الحكومة والعلاقات بين بلدينا، وبالتالي نحن نتوقع أن نفي بتطلعات المواطنين اللبنانيين، بخصوص مزيد من الرخاء والنمو. كما أن المهام التي ألقيت على عاتق لبنان، والتي نثمنها بشكل بالغ، وبالنظر إلى عدد السكان وعدد اللاجئين الذين تم استيعابهم، فإن هذه المهمة من الصعب أن يتحملها بلد لوحده، وبالتالي علينا أن نقدم له المساعدة.
وفي حديثي مع العديد من المسؤولين اللبنانيين، أكدت على أن عودة اللاجئين لا بد أن تحدث بالتوافق والتنظيم والتعاون مع منظمات الإغاثة، وهناك استعداد كبير، وهناك أيضا توترات، وهذا موضوع مفهوم، لكن لبنان أظهر بالفعل كيف يستطيع الوصول إلى اتفاق، وبالرغم من تعدد القوى السياسية، وهذا ما أتمناه للبنان بخصوص هذه المسألة.
سئل الرئيس الحريري: هل يمكنكم أن تتحدثون بصورة واضحة عن الإصلاحات التي تعتزمون القيام بها؟ وما هي الخطوات المحددة التي ستتخذونها في هذا المجال؟
أجاب: بداية أود أن أؤكد أننا إن لم نتعامل مع هذا الموضوع بشكل إنساني، نكون فقدنا كلبنانيين إنسانيتنا، لأنه في مرحلة من المراحل، مر لبنان بحرب أهلية، والعالم استقبله، ومن واجب لبنان أن يستقبل هؤلاء النازحين، وأن يوجد لهم أفضل السبل للعيش والعودة إلى سوريا. وأنا برأيي أن العالم أيضا، إن لم ينظر بإنسانية إلى هذا الموضوع يكون العالم أيضا قد فقد إنسانيته.
لبنان لا يسعى أن يحصل على أموال فقط للنازحين، لذلك، قدمنا مشروع “سيدر” في باريس، وألمانيا كانت من الدول الداعمة للنهوض بالاقتصاد اللبناني، هذا الاقتصاد الذي سيسمح بتأمين فرص عمل للبنانيين أولا، نحن ننظر بحل شامل، درسناه مع عدة دول ومع البنك الدولي، ومع ألمانيا وفرنسا وغيرها، لكي ننهض بالاقتصاد اللبناني. لا يمكن للبنانيين أن يتحملوا هذه العدد الكبير من النازحين، من دون أن يكون هناك نمو في الاقتصاد اللبناني. التركيز بالنسبة إلينا هو النمو في الاقتصاد اللبناني الذي يوفر فرص العمل، وتعزيز القطاع الخاص لأنه المشغل الأول للشباب والشابات اللبنانيين. وهذا ما يؤدي إلى حل الوضع الاقتصادي ويوجد ارتياحا في البلد.
أود أن أوكد أمرا آخر، أننا كرؤساء وزراء وكدول، علينا واجب إنساني أن ننظر إلى محن الدول الأخرى بشكل إنساني، فإذا فقدنا نحن هذه الإنسانية ما الذي يبقى في هذا العالم لكي ندافع عنه. لذلك نحن في لبنان متمسكون بموقفنا بعودة النازحين بأسرع وقت ممكن بشكل آمن وكريم، لكن هذا لا يعني أن ندير ظهرنا لأخواننا الذين وقفوا معنا في مراحل كثيرة.
سئلت المستشارة ميركل: هل ستقبل ألمانيا عددا أكبر من اللاجئين السوريين؟ وكم عددهم؟
أجابت: لم نتباحث حول هذه المسألة، وكما تعلمون فقد استقبلت ألمانيا عددا كبيرا من اللاجئين السوريين وأعتقد أنه كانت هناك أسباب جيدة لإيواء النازحين في مناطق قريبة من بلدهم الأصلي، كما تفضل الرئيس الحريري، ونحن نقوم بإسهامات كبيرة في تمويل المشاريع. لقد زرت مدرسة رأس بيروت الرسمية التي تنظم دوامين اليوم وسمعت الكثير عما يمكن القيام من أنشطة إذا التزمنا بالتعهدات المالية التي قدمناها، وسوف نزيد من هذه المساهمة هذا العام، ونشعر بهذا الالتزام للنهوض بالوضع الاقتصادي في لبنان. لكني أؤكد مرة أخرى بكل وضوح مدى الالتزام والنشاط والحماس الذي يقدمه المعلمون والمعلمات والمنظات غير الحكومية وغيرها، سواء للأطفال اللبنانيين أو اللاجئين، وهي مشاريع مبهرة مليئة بالحماس والنشاط، وهذا ما زاد من إقناعي بالالتزام بالتعهدات المالية التي قدمناها بالفعل.
سئل الرئيس الحريري: في ألمانيا مشكلة بما يتعلق بالعصابات والجريمة المنظمة التي يقوم بها أشخاص من أصول لبنانية، فما ردكم؟
أجاب: أي مواطن لبناني موجود في أي دولة في العالم يجب أن يحترم قوانين الدولة التي يتواجد فيها، وهذا الأمر أساسي بالنسبة إلينا، وهناك تعاون أمني كبير بين ألمانيا ولبنان، في ما يخص مكافحة الجريمة، وهذا أمر قائم بين البلدين، وأي لبناني موجود في ألمانيا عليه أن يحترم هذه القوانين.
وأنا أيضا لدي في الحكومة تحديات في ما يخص النازحين في لبنان، وبالتالي، نحن والسيدة ميركل لدينا نفس المشاكل، لكن الأساس هو كيف نحل هذا الموضوع لا أن نعقّده.
سئلت المستشارة ميركل: يوم الأحد لديك اجتماع مع رؤساء دول وحكومات في أوروبا، فماذا عن التحضيرات لهذا الاجتماع؟
أجابت: أعتقد أن الائتلاف الحكومي سوف يواجه المهام التي أخذها على عاتقه، وقد قام بالفعل بمهام عديدة بخصوص الاجتماع يوم الأحد. وهو اجتماع عمل استشاري، ولن يكون هناك في النهاية إعلان ختامي بل نحاول أن نتحدث بصورة عامة عن موضوع اللجوء، لذلك سوف نتحدث مع كل الدول عن موضوع الهجرة الأساسية أو الفرعية، وعلينا أن نرى إن كان يجب التحرك أو التوصل إلى اتفقيات ثنائية أو ثلاثية أو متعددة الأطراف. إذا هو اجتماع أولي مع كل الدول المهتمة بذلك، وهو كان اجتماعا مفتوحا أمام كل الدول ولكن ليست كل الدول ستشارك، فهذا اجتماع تشاوري فحسب.
سئل الرئيس الحريري: كيف تطمئن من يعتبر أن كل هذه المساعدات التي يقدمها المجتمع الدولي هي مقدمة لتوطين النازحين على المدى الطويل؟
أجاب: أظن أن دستورنا واضح في موضوع التوطين ورفض التوطين موجود بالدستور، ولن يقوم أي فريق سياسي بتعدٍ على هذا الأمر. ونحن نسمع كثيرا في موضوع التوطين منذ أيام اللاجئين الفلسطينيين، فهل تم توطينهم؟ لم يحدث شيء. لذلك ما أقوله دائما أن مخاوف بعض اللبنانيين بهذا الشأن يحميها الدستور. علينا احترام الدستور وليس هناك أي بلد في العالم يمكن أن يجبر لبنان على توطين مواطن سوري واحد. علينا أن نحترم الدستور وأن نعمل مع المجتمع الدولي على عودة النازحين إلى سوريا بأسرع وقت ممكن بطريقة آمنة وكريمة، وعلى المجتمع الدولي أن يعمل على حل للأزمة في سوريا.
يجب أن نكون واثقين من دستورنا ومن أنفسنا، ومدركين إلى أن ذلك لن يؤدي إلى التوطين. هذا الأمر سمعناه في السابق مع اللاجئين الفلسطينيين، ولم ولن يحصل، ومع اللاجئين السوريين لم ولن يحصل بإذن الله.
بعد ذلك، أقام الرئيس الحريري مأدبة غداء تكريمية على شرف المستشارة ميركل والوفد المرافق.