“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
تمهّد زيارة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الى المملكة العربية السعودية ولقائه أمس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لمرحلة جديدة من العلاقات بين الزعيم الدرزي والسعودية وتبشر بنهاية فصل العواصف بين الطرفين والذي بدأ فعليا عام 2011.
مرّت علاقة جنبلاط بالمملكة في الأعوام الأخيرة بسلسلة مطبات وحفلت بـ”الطلعات والنزلات” بحيث لم يزر جنبلاط الرياض منذ عام 2015، وقد بدأ الفتور في العلاقة منذ عام 2011 اثر مشاركة جنبلاط في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ما عدّه السعوديون انقلابا على الرئيس سعد الحريري.
وقبل أيام من أزمة استقالة الحريري في 4 تشرين الثاني من العام الفائت رفض زعيم المختارة تلبية دعوة المملكة للتشاور بعد أن تقاطرت اليها شخصيات عدّة من بينها سمير جعجع وسامي الجميل، ما انقذه لاحقا من تهمة التآمر على الحريري.
ولم ينظر المسؤولون في المملكة بعين الرضى لمواقف البيك الذي آزر الحريري أثناء “غيبته” طيلة أسابيع، ولم يستسيغوا مقابلته لموفد اقترح عليه الموافقة على تولي بهاء الحريري قيادة “تيار المستقبل” والحكومة عوض شقيقه سعد، وبحسب ما قرأنا في الصحف فإن جنبلاط استأذن من الموفد تاركا اياه يكمل الحديث مع النائب وائل أبو فاعور.
لكنّ المسؤولين في المملكة أدركوا- وهذا ما لا يدركه بعض الداخل اللبناني- بحسب أوساط مطلعة بأن وليد جنبلاط كان ولا يزال رقما صعبا، وهذا ما اثبته في الإنتخابات النيابية الأخيرة، حيث فاز بـ9 نواب وخسر اثنين لمفاعيل القانون الجديد لكن هذه الخسارة لا تبدّل في المعادلة وأنه الدرزي الأقوى والزعيم القادر على الخربطة ولو لم يفز ولو بنائب واحد.
لا يهوى جنبلاط إدراج زيارته الى المملكة في سياق الزيارات لمسؤولين لبنانيين آخرين، هي زيارة مستقلة بحسب الأوساط المطلعة وهو طالما حافظ على مركز مستقل وهي تدشن لمرحلة مختلفة بعيدا من المناخ السابق الذي شهد مدّا وجزرا، وترمم اضرار المرحلة الماضية لتبني علاقة مستمرة ومتصالحة مع العلاقة التاريخية التي سادت بين جنبلاط الأب لتنتقل الى النجل النائب تيمور جنبلاط الذي ظهر في “السلفي” الذي التقطه القائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد البخاري اثناء الزيارة. وقد لعب البخاري دورا مهما في اعادة انعاش العلاقة الجنبلاطية مع المملكة، حيث زار جنبلاط في منزله في “كليمنصو” مع الموفد السعودي نزار العلولا ووجه اليه دعوة لحضور احتفال افتتاح جادة الملك سلمان، وتوالت الإشارات السعودية الإيجابية التي قابلها جنبلاط أيضا بايجابية ما أدى الى حصول الزيارة التي “ثبتت العلاقة التاريخية بين جنبلاط والسعودية وهي تستمر مع تيمور جنبلاط، وكانت الحفاوة التي استقبل بها إشارة واضحة الى صلابة هذه العلاقة والحرص على تطويرها وهو حرص سعودي وجنبلاطي في آن” بحسب الأوساط المتابعة.
أمس عاد جنبلاط والنائبان تيمور جنبلاط ووائل ابو فاعور الى بيروت وسرعان ما استقل جنبلاط الطائرة مغادرا لبنان في رحلة خاصة تستمر أياما.
لا تعطي الأوساط المطلعة إجابات كافية عن مضمون الزيارة، وهل تم التداول فيها بتشكيل الحكومة أو بقيام حلف معين بين الإشتراكيين والقوات اللبنانية والكتائب في مواجهة عهد الرئيس ميشال عون؟ لا إجابات شافية في هذا المضمار. والسؤال: أين سيتموضع وليد بك في البرلمان الجديد وفي الحكومة المقبلة التي سيحظى بها لغاية الساعة بـ3 وزراء إذا تأكد الأمر نهائيا؟ الجواب أن العلاقة مع الحريري قطعت شوطا ايجابيا بعد الإتخابات وسيكون تعاون بين الطرفين، والعلاقة أيضا جيدة مع “حزب الله” والدليل الوفد الرفيع من “الحزب” الذي زاره مطلع هذا الشهر وضمّ المعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا.
العلاقة ممتازة مع القوات اللبنانية والكتائب واستراتيجية مع حركة “أمل” وممتازة مع “تيار المردة”. يبقى “التيار الوطني الحر” حيث اليد ممدودة له لإعادة وصل ما انقطع وخصوصا في الإنتخابات النيابية الأخيرة وهو شريك في مصالحة الجبل. وتشير الأوساط الى ان مرحلة التموضع والتحالف انتهت اذ لا تحالفات واضحة موجودة اليوم والاجدى تنظيم الخلافات والتعاون لما فيه مصلحة البلد كما حصل مع “حزب الله”.