“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة
فجّر وزير الخارجية والمغتربين النائب جبران باسيل غروب أمس الخميس قنبلة دبلوماسية من العيار الثقيل إذ أعلن ان اليوم الجمعة سيشهد أولى الإجراءات التي ستتخذها “الخارجية اللبنانية” بحق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة كاشفا بأن هذه الإجراءات ستتخذ منحى تصاعديا لكسر إرادة دولية لا تتطلع إلا الى مصالحها.
وقال باسيل في خطاب له أثناء الإفطار السنوي الذي ينظمه في البترون على شرف الهيئات الدينية والسياسية والفاعليات الشمالية:” أعلن من الشمال اليوم اعتزامي غدا القيام بأول اجراء من قبل الخارجية اللبنانية بحق المفوضية العليا للاجئين التي من واجباتها أنها كما أعادت عبر تاريخها 40 مليون لاجئ الى اوطانهم يترتب عليها اعادة مليون ونصف مليون نازح سوري الى وطنهم سوريا. ستبدأ هذه الإجراءات التنبيهية غدا (اليوم الجمعة) لتصبح تصاعدية وصولا الى أقصى حدّ ممكن ان يتخذه لبنان السّيد ضدّ منظمة تقوم بسياسة معاكسة لرغبة اللبنانيين ولمصلحتهم العليا (…)”.
باسيل لـ”مصدر دبلوماسي”: نبهناهم مرارا ولا يأبهوا!
وسأل موقع “مصدر دبلوماسي” باسيل عن سبب التحرك الدبلوماسي المكثف ضدّ المفوضية وآخرها استدعاء مدير الشؤون السياسية السفير غادي الخوري لممثلتها ميراي جيرار منذ 3 ايام، وايفاد وفد دبلوماسي أمس الى عرسال للوقوف على ما يحصل ميدانيا، فقال باسيل:” نحن نبهناهم مرارا، وقد أرسلت وزارة الخارجية كتابا منذ فترة للمفوضية تعترض على طريقة مقاربتها لملف النزوح السوري بشكل لا يتوافق لا مع سياسة لبنان ولا مع سيادته، وهم بدوا غير آبهين. وقد أعطيناهم مهلة للاجابة عن الخطّة التي تعدها المفوضية لإعادة السوريين وهي أسبوعين، لكن ما حصل أن المفوضية عبر العاملين فيها بدأت بتكثيف اتصالاتها باللاجئين في الأيام الأخيرة لتخويفهم وجعلهم يترددون من العودة الى المناطق الآمنة في سوريا، وهم يعملون بعكس ما أوصيناهم به، ويطلبون من اللاجئين عدم العودة”.
وعن سياسة الحكومة التي التزمت ببيان بروكسل المتعلق باللاجئين في دول الجوار وعلامات الإستفهام العميقة حول مضمونه، وهل من ازدواجية في مقاربة هذا الملف؟ قال باسيل لموقع “مصدر دبلوماسي”: نحن سائرون في هذا الملف حتى النهاية ولا تراجع عنه البتّة، فالوضع ليس موضوع مماحكات وتباينات بل سياسة لبنانية واحدة وموحدة في هذا الملف، اللبنانيون يختنقون يوميا ولم يعودوا قادرين على تحمل هذا العبء الذي تلقيه عليهم الدول”.
التنبيه هو أول الغيث
من جهة ثانية، قالت أوساط مواكبة لهذا الملف لموقعنا بأن الإجراءات التي تحدث عنها باسيل تبدأ بالتنبيه التحذيري وتنتهي بالطرد، مرجحة أن يتم اليوم في “قصر بسترس” اتخاذ قرار بتنبيه المفوضية عن سلوك العاملين فيها غير المتوافق مع السياسة اللبنانية في موضوع اللجوء السوري. وقالت الأوساط أن لدى وزارة الخارجية والمغتربين وثائق تؤكد ما تقوم به المفوضية من عمليات اقناع وتخويف للنازحين السوريين والطلب اليهم عدم العودة الى ديارهم في المناطق الآمنة، وثمة اعترافات واضحة في هذا الملف. وقالت الأوساط أن “الامور إذا لم تنضبط سوف تتخذ منحى تصاعديا وبالتدرج وصولا الى امكانية طلب لبنان من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس وقف عمل المفوضية لانها تعمل ضدّ السيادة اللبنانية وهي غير مرغوب فيها على الأراضي اللبنانية”.
وكانت بعثة دبلوماسية مؤلفة من رئيس دائرة الشؤون السياسية السفير غادي الخوري ومدير مكتب وزير الخارجية المستشار هادي الهاشم والدبلوماسي حمزة جمول مع وفد من “الأمن العام” اللبناني قد قامت أمس بزيارة الى عرسال والتقت رئيس البلدية واجتمعت بعدد كبير من النازحين هناك مستمعة الى افاداتهم والحقائق التي يروونها عن أوضاعهم وظروف العودة وسلوك المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
باسيل: المفوضية تواجه السياسة اللبنانية!
في ما يأتي ما قاله باسيل أمس في موضوع اللجوء السوري في إفطار البترون: (…)” إن الشعب اللبناني أعطى النموذج الإنساني الفريد بقدرة الاستيعاب والإستقبال لأكبر أزمة نزوح في تاريخ البشرية، وقد استقبل أكبر شعب نازح بالكيلومتر المربع وبعدد السكان وهو الشعب السوري الجار والشقيق، ولكن محبتنا له هي التي تجعلنا نقول أنه آن الأوان لكي يعود هذا الشعب الى أرضه لأن ظروف العودة تأمنت على معظم الأراضي السورية ولا مانع من تحقيق هذه العودة إلا إرادة دولية، ونحن مع التصميم على كسرها وعلى مواجهتها ومؤمنون بقدرة الشعب اللبناني بالإنتصار عليها”.
أضاف باسيل:” ما أقوله لكم اليوم أن القضية هي قضية وحدة وطنية، وليس مسموحا الخلاف حولها لأن الأكيد أن السني في عكار موجوع من هذه الأزمة أكثر من الماروني الذي يسكن البترون، ومن المؤكد بأن السوري في حلب والشام ودرعا وفي اي منطقة سورية موجوع أكثر منا وعلينا أن نداوي أوجاع بعضنا البعض ونحن ليس من مسؤوليتنا تأمين مصالح مجتمع دولي يعيش على وجعنا”.
واشار باسيل الى أن “وزارة الخارجية اللبنانية أرسلت اليوم بعثة الى منطقة عرسال تحققت من التقارير التي وردت عن قيام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بتخويف السوريين الراغبين بالعودة طوعا الى سوريا وتنبيههم من هذه العودة تحت مسميات وذرائع كثيرة وقد جلبنا كل المعلومات الموثقة والشهود الذين اثبتوا لنا كل هذه المعلومات، وسجّلنا الوقائع كلها التي تقول بأن المفوضية تواجه السياسة اللبنانية القائمة حول رفض التوطين في لبنان واندماج النازحين السوريين في المجتمع اللبناني ولما نبهنا هذه المفوضية ومن ورائها الأمم المتحدة وأمينها العام الى عدم تكرار الأمر والى أن واجبهم هو تشجيع عودة النازح السوري الراغب بالعودة بإرادته الى مناطق آمنة وأن يعود عودة كريمة ولما استمرت باسلوبها بالرغم من تنبيهاتنا، فإنني أعلن من الشمال اليوم عن اعتزامي غدا القيام بأول اجراء من قبل الخارجية اللبنانية بحق المفوضية العليا للاجئين التي من واجباتها أنها كما سعت عبر تاريخها الى اعادة 40 مليون لاجئ الى اوطانهم فمن واجباتها اليوم أن تعيد مليون ونصف مليون نازح سوري الى وطنهم سوريا. ستبدأ هذه الاجراءات التنبيهية غدا لتصبح تصاعدية وصولا الى أقصى حدّ ممكن ان يتخذه لبنان السيّد ضدّ منظمة تقوم بسياسة معاكسة لرغبة اللبنانيين ومصلحتهم العليا (…)”.