“مصدر دبلوماسي”
إنتقل التنسيق اللبناني السوري في ملف اللجوء من القنوات الامنية السرية الى سياسة التنسيق المعلنة بين البلدين بعنوان التعاون على إعادة اللاجئين السوريين الى بلادهم.
وتعتبر الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية السوري وليد المعلّم اليوم الى نظيره اللبناني جبران باسيل أول خطوة سياسية علنية جدية في متابعة ملف اللجوء السوري بين دولتين: لبنان وسوريا. وتشير أوساط دبلوماسية لبنانية لموقع “مصدر دبلوماسي” واكبت اليوم زيارة السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي الى “قصر بسترس” الى أن هذه الخطوة جاءت بعد تصميم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على فتح هذا الملفّ بشكل جدّي وعميق وإثر الخطوات السياسية المتواصلة لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وآخرها الرسالتين اللتين وجههما الى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس من جهة والى الوزير المعلم من جهة ثانيا تعقيبا على القانون رقم 10 الذي صدر في سوريا والذي لم يكن يعطي اللاجئين السوريين سوى مهلة شهر واحد لتسوية اوضاع ممتلكاتهم إمتدّت بعد المراجعات الى سنة بحسب إعلان المعلّم. وأكدت الزيارة بأن سقف التنسيق مع السوريين لا حدود له وقد بلغ اليوم اوجه بالزيارة الدبلوماسية الرفيعة الى وزير الخارجية اللبناني.
كلام السفير السوري
وفي التفاصيل أن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل تلقى اليوم الإثنين رسالة من نظيره السوري وليد المعلم، نقلها اليه السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي الذي قال بعد اللقاء: “نقلت الى الوزير باسيل رسالة جوابية من نظيره السوري وليد المعلم حول الرسالة التي كان أرسلها الوزير باسيل. وانتم في اجواء الرسالة التي تتحدث عن ملف النازحين والمرسوم رقم عشرة الذي حاول البعض ان يشوش على مضمونه، وان يستغله لمآرب تسيء الى الهدف الاساسي منه والذي هو ضمان حق كل السوريين سواء كانوا داخل او خارج سوريا، خاصة في المناطق التي اصابها الدمار، والتي كان الارهاب يمثل فيها قوة ظالمة وطاغية مستوليا على العقارات والاملاك وبالتالي يتلاعب بالاوضاع الحقيقية لها. لذلك جاء القانون، ليكون تصويبا وتصحيحا وضمانا لحقوق السوريين. وهذا هو مضمون رسالة الوزير المعلم الى الوزير باسيل الذي كان مرتاحا جدا له ولقوة الاقناع التي حملتها الرسالة والتي اجابت فيها على كل الاسئلة والتساؤلات وبددت القلق الذي عبر عنه الوزير باسيل في رسالته الى الوزيرالمعلم”.
واذا كان الاجتماع تناول آلية معينة لعودة النازحين، قال علي: “رسالة الوزير باسيل تتضمن هذا الامر ومجرد الرسالة هو تنسيق وبالتالي وجود سفارتين هو تنسيق ومصلحة لبنان تقتضي هذا التنسيق. وهذا امر عبر عنه الوزير باسيل اكثر من مرة، وقبل ذلك عبر عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقوى سياسية في هذا البلد العزيز”.
أضاف: “اولا، الدستور السوري يضمن حق الملكية لكل السوريين وهذا القانون لا يهدد ملكيتهم، لكن المناطق التي تحتاج الى مرسوم اعادة تأهيل، وخاصة المناطق التي اصابها دمار بفعل سيطرة الارهاب لفترة زمنية عليها، والقضاء على هذا الارهاب اقتضى بعض الدمار في كثير من العقارات، مثل هذا الامر جوابه في القانون نفسه. وبالعكس هنالك فترة زمنية مفتوحة اكثر من حاجة القانون لاثبات الملكية. اما بالنسبة لضمان هذه الملكية فالقانون ترك للاقرباء حتى من الدرجة الرابعة بأن يقدموا الاثبات، اضافة للتوكيل لمن شاء ان يوكل احدا عنه. والقانون مدد ايضا لعام لكي تستوفى الامور بالنسبة لمن يملك اسئلة او هواجس او مشاعر قلق”.
وتابع: “بالنسبة للتنسيق بين الدولتين، بتقديري المصلحة تقتضي خاصة وان اعداد النازحين كبيرة وبعض الظروف غير ملائمة مثل الاقامات التي لا تستوفي الشروط الكاملة بالنسبة للدولة اللبنانية، كل هذا يتطلب التنسيق بين الحكومتين وبين كل المؤسسات المعنية من البلدين خاصة وان بعض العائلات قد تكون تحمل الجنسيتين او لديها ظروف اقامة بمواصفات مختلفة، كل هذا يقتضي التنسيق. وبتقديري هذا تفرضه الحقائق على الارض ومصلحة لبنان قبل مصلحة سوريا، ولا ارى مشكلة في هذا الامر بل ان التنسيق قائم وهو مرشح للتفاعل اكثر لمصلحة لبنان وسوريا معا ولمواجهة هذه المعضلة وغيرها لان الارهاب الذي واجهه لبنان هو نفسه الارهاب الذي تنتصر عليه سوريا اليوم والذي انتصر عليه لبنان في الجرود وفي غيرها”.
وأردف: “لذلك مواجهة الارهاب وحل مشكلة النزوح تحتاجه سوريا، والرسالة التي ارسلها الوزير المعلم تؤكد حاجة سوريا وحرصها على كل ابنائها وعلى عودتهم وبعضهم ممن أنفقت سوريا اموالا كثيرة لتأهيلهم بعضهم يحمل كفاءات عالية وخبرات مهنية تحتاجها سوريا اليوم في مرحلة اعادة الاعمار. وهي بحاجة ايضا الى كل الغيورين عليها ومن وقفوا معها من اصدقائها وحلفائها في لبنان وخارجه”.
وردا على سؤال، اكد السفير السوري ان “كل يوم يشهد عودة للسوريين من لبنان وبعض السوريين حراكهم بين البلدين كان قبل الازمة بمئات الالوف، ولكن الان كل هذه الامور وخاصة اوضاع الولادات الجديدة او الاقامات غير المنظمة تحتاج الى تنسيق، وهنالك استعداد من الدولة السورية بمؤسساتها ومسؤوليها بدءا من الرئيس بشار الاسد، وكذلك الامر بالنسبة للبنان من فخامة الرئيس ميشال عون الى كل الجهات التي يفترض ان تكون حريصة على اداء مسؤوليتها بجدارة الوصول الى نتيجة”.
وعن كيفية ابلاغ النازحين بمضمون هذا القانون، قال: “القانون ليس مكتوما وهو منشور واذا كان البعض يحتاج الى استيضاحات قانونية فالسفارة السورية هي الجهة المخولة للاجابة عن هذه الاستفسارات، علما ان القانون يحمل جوابه بنفسه واي خبير يستطيع ان يشرحه. ووصلت الى سوريا ردود ايجابية كثيرة بعد المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية وليد المعلم لان السوريين بغالبيتهم الكبيرة يودون العودة الى سوريا ويريدون من يشجعهم على ذلك”.
وعما اذا كانت رسالة المعلم تضمنت آلية عملية للعودة، قال: “الرسالة تضمنت تطمينا للوزير باسيل واجابة على تساؤلاته. اما الآلية فيجب ان تكون بالتنسيق بين الحكومتين والجهات المعنية”.
وسئل عمّا إذا كان سيتم ابلاغ الأمم المتحدة بهذا التطور بين البلدين فقال: “على الامم المتحدة ان تلتقط ما يقوم به البلدان خاصة وان مصلحتها هي في عودة السوريين، وبتقديري للمسؤولين في لبنان وعلى رأسهم الرئيس عون والوزير باسيل والقوى الاخرى، مصلحة في ان يقولوا للامم المتحدة إن التنسيق بين الدولتين هو الضمانة لعودة السوريين ولامن سوريا ولبنان لأن العائلات واحدة بين البلدين والتكامل اقتصاديا وامنيا هو من مصلحة البلدين، وهذا ما يجب ان ترعاه الامم المتحدة والا يستفزها ذلك”.
وعن تجنيس رجال اعمال سوريين، قال علي: “هذا شأن لبناني لا نتدخل فيه، لكن سوريا ولبنان بلدان شقيقان يحرصان على بعضهما والتنسيق سيكون اكبر مع فخامة الرئيس ومع الحكومة اللبنانية ونتفاءل بالمستقبل”.
واذا كانت العودة متاحة امام كل السوريين بمن فيهم من يعارض النظام، قال: “أنتم ترون بأن المصالحات تشمل حتى الذين حملوا السلاح وبالتالي فإن صدر الرئيس الاسد والحكومة والوطن كبير لكل ابنائه، ولكن انتم لا تحرضوا على ذلك”.