“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
يستعدّ لبنان لمزيد من التعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة بالرغم من التشنجات غير المعلنة الموجودة والتي تنسحب على معظم المحور الخليجي وخصوصا مع المملكة العربية السعودية ذات الحلف القوي مع الإمارات. وبالرغم من هذا الواقع يحاول لبنان تبديد أية توترات ناتجة في أغلب الأحيان من سوء فهم وليس من خلاف جدي بينه وبين هذه الدول.
ولعلّ الزيارة التي قام بها الوفد الإقتصادي اللبناني الى دولة الإمارات العربية المتحدة بين 12 و15 أيار الفائت، وبالرّغم من عدم وجود جهة رسمية إقتصادية لبنانية رسمية معه باستثناء السفير اللبناني في الإمارات فؤاد دندن، تظهر في مضمونها مدى حماسة اللبنانيين لإعادة وصل التعاون مع الامارات على مستويات مختلفة، في وقت يبدو من خلال التمحيص في مضمون هذه اللقاءات أن المسؤولين الإماراتيين من مختلف الجهات السياسية والإقتصادية على استعداد لملاقاة اللبنانيين في منتصف الطريق بغية تفعيل التعاون الثنائي المشترك.
زيارة عتيدة لرئيس الجمهورية
قبل الدخول في أبرز أوجه التعاون التي طلبها القطاع الخاص اللبناني من أرفع مسوؤلين رسميين إماراتيين، تجدر الإشارة الى كلام يدور في الكواليس السياسية اللبنانية عن زيارة مرتقبة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى دولة الإمارات العربية المتحدة وربّما الى البحرين لم يتحدد موعدها بعد ولم يتم تركيز أجندتها لغاية اليوم بحسب معلومات موقع “مصدر دبلوماسي”.
مؤتمران في ابو ظبي ودبي
الحدث الأبرز الذي يتمّ التحضير له في إطار إعادة تفعيل هذا التعاون يتعلق ببداية التحضير الجدي لمؤتمرين عن الإستثمار في أبو ظبي ودبي بين 16 و17 تشرين الأول المقبل سيتناول قطاعات حيوية وقد تمّ البحث في تفاصيلها مع وزير الدولة للشؤون المالية الإماراتي عبيد بن حميد الطاير، أبرز هذه القطاعات هي: البنى التحتية ربطا بمؤتمر “سيدر”، الصناعات الغذائية والدواء، الزراعة والسياحة والإبتكار.
طمأنة لبنانية في الموضوع الأمني
بداية تعبيد طريق التعاون كانت في اعلان السفير اللبناني فؤاد دندن عن موافقة وزارة الخارجية اللبنانية على تعيين ملحق تجاري في السفارة اللبنانية في أبو ظبي، وقيام دندن بطمأنة الجهات الإماراتية في الموضوع الأمني الذي يشكل بالنسبة للإماراتيين العائق الأول لعودة السياحة الإماراتية الى لبنان وقد أبلغ دندن المعنيين بأن السفارة اللبنانية ترفع دوريا تقارير مطمئنة في هذا الخصوص للجهات الإماراتية المعنية بالتعاون مع وزارة الخارجية اللبنانية والسلطات اللبنانية المختصة مبديا تفاؤلا بأن تصل الأمور الى مآلها المطلوب فيعود الإماراتيون يقصدون الربوع اللبنانية للسياحة والأعمال كما درجوا سابقا.
وشدد رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير الذي ترأس الوفد على ضرورة عودة الأشقاء الخليجيين الى لبنان للإصطياف وتمضية عطلهم، وقال أن الإماراتيين عندما يزورون لبنان يأتون الى بلدهم الثاني.
وقدّم الجانب الإماراتي بمختلف مسؤوليه مجموعة أفكار تصبّ في الرغبة الإماراتية المشتركة بتوطيد التعاون مع لبنان أبرزها إعلان رئيس غرفة أبو ظبي ابراهيم المحمود طرح برنامج استثماري بقيمة 146 مليار درهم في قطاعات السياحة والصناعة الصحية والدواء والخدمات المالية والإستثمار فيه مفتوح للشركات الأجنبية. ورحب المحمود بإنشاء تحالفات بين الشركات اللبنانية والإماراتية للإستثمار في لبنان والإمارات كما رحّب بالتعاون في موضوع النفط لا سيما انشاء شركات للخدمات والتنقيب في البرّ وزيادة التعاون السياحي، ولفت تشديده على ضرورة ايجاد آلية للتعاون في تصميم الأزياء والمجوهرات.
التنقيب عن الغاز في البرّ
ولعّل التنقيب عن الغاز في البرّ كان الفكرة الأكثر أهمية والتي طرحها وفد الهيئات الإقتصادية اللبنانية الخاص. وكان محمد شقير وفي معرض تأكيده على حرص القطاع الخاص اللبناني على تمتين التعاون مع الإمارات عرض الفرص الجديدة في لبنان والمتمثلة بالمشاريع المنتجة والمنبثقة عن مؤتمر “سيدر” والمتعلقة خصوصا بتطوير البنى التحتية في لبنان ومشاريع النفط والغاز، وقال أن لبنان يتحضر لطرح ملف التنقيب عن النفط والغاز في البرّ وهو لا يتطلب استثمارات ضخمة ويمكن القيام بها من قبل شركات عربية ذي خبرة، وانطلقت فكرة تنظيم مؤتمرين بين ايلول وتشرين الأول المقبلين في العاصمة الإماراتية أبو ظبي أولا لطرح هذه المشاريع وخصوصا المتعلقة بالنفط والغاز والبنى التحتية في لبنان وحظيت الفكرة بترحيب من المحمود الذي أشاد بالتعاون في موضوع الإستثمار في موضوع النفط لا سيما انشاء شركات للخدمات والتنقيب في البر انطلاقا من الخبرات التي تتمتع بها الشركات الإماراتية في هذا المجال.
قرقاش دعا لتركيز لبنان على التنمية والإهتمام بالداخل
وكان موضوع تلزيم التنقيب عن النفط والغاز في لبنان من بين الإنجازات التي عددها شقير أثناء الاجتماع مع وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الدكتور أنور قرقاش، وركز على نجاح مؤتمر “سيدر” وضرورة التحالفات بين الشركات اللبنانية والإماراتية للدخول في مشاريع البنى التحتية وسواها لافتا الى وجود 3،3 مليار دولار ضمن مؤتمر “سيدر” مخصصة لتنفيذ مشاريع في اطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وقال شقير أن موضوع النفط والغاز في لبنان بات حقيقة مشيرا الى أنه يمكن الإفادة من الخبرات الإماراتية للدخول في مشاريع هذا القطاع، خصوصا أن لبنان سيطرح قريبا موضوع التنقيب عن النفط في البرّ”.
وكان لافتا أن قرقاش الذي أكد المحبة الكبيرة التي تكنّها الإمارات للبنان قال:” لبنان الذي نحبه هو لبنان الجسر الذي يجمع العرب والذي يوطد العلاقات بين الشرق والغرب، ولبنان الذي شكل المكان الأنسب لاستقرار الأموال والاستثمارات، لبنان التنوع الطائفي مؤكدا أن نجاح لبنان مهم للإمارات”. ولفت قرقاش الى موضوع النأي بالنفس بالتصريحات والممارسة وهو مهم جدا للبنان، وقال أن “حماية لبنان ترتكز على التنمية والتركيز على الداخل”. وأشار الى أن الإمارات دعمت لبنان في مؤتمر “سيدر” وهي تركز أيضا على دعم الجيش والمؤسسات الأمنية”.
وأعاد شقير التأكيد أمام الوزير الإماراتي على عمق العلاقات الأخوية التي تربط البلدين متمنيا تعميق التعاون بين القطاع الخاص في الإمارات ولبنان ومشيدا بالدور المحوري الذي يلعبه سفير الإمارات في لبنان حمد سعيد الشامسي لتمتين العلاقات بين البلدين.
إعادة اعمار سوريا
وطرح الجانب اللبناني موضوع التعاون في إعادة اعمار سوريا وقال محمد شقير للوزير قرقاش أن هذا الموضوع يجب أن يكون من ضمن الأمور الأساسية التي نعمل عليها سويا.
وفي لقاء مع نائب رئيس مجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج عبد الله ثاني الفاسي وبحضور أمينه العام جمال سيف الجروان عرض شقير ضرورة الإستعداد بشكل مشترك لعملية اعادة اعمار سوريا، ولاقت الفكرة ترحابا من الجروان.
إنقطاع التواصل؟
ولفت في اجتماع الوفد الإقتصادي اللبناني مع وزير الإقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري إبداء الوزير الإماراتي أسفه لانقطاع التواصل مع المسؤولين الحكوميين اللبنانيين المعنيين بالملف الإقتصادي، وقال أن هذا الجانب يجب أن يعالج لأنه من مصلحة البلدين.
وبحسب معلومات موقعنا أن هذا الإنقطاع مرده الى مشكلة تجميد التأشيرات الخاصة للوفود الرسمية وللدبلوماسيين اللبنانيين منذ اشهر من دون سبب معلن.
والمنصوري هو الذي أثار ضرورة إيجاد آلية للتعاون في مجال تصميم الأزياء والمجوهرات، مؤكدا ايضا على ضرورة وضع آليات لزيادة التواصل بين رجال الأعمال في البلدين وضرورة زيادة عدد المنتديات الإقتصادية الثنائية.
وقد أثار رئيس جمعية منظمي المؤتمرات والمعارض في لبنان إيلي رزق مسألة انشاء مكتب تنمية العلاقات الإقتصادية اللبنانية الخليجية وقال أنه جاهز لمواكبة كل التفاهمات التي حصلت خلال زيارة الوفد الإقتصادي مشيرا الى انه سينكب مع الرئيس شقير على التحضير للمؤتمرين المزمع تنظيمهما في أبو ظبي ودبي.