“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
حصل تزامن غير موفّق بين خطوات تنظيمية داخلية في “تيار المستقبل” وبين إعلان قبول إستقالة مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري التي وضعت في سياق لا تنتمي إليه إطلاقا، وفي حين يصرّ بعض المستقبليين على “لبننة” استقالة نادر، فإن آخرين يدرجونها في سياق الضغوط السعودية المنتظمة ضمن خطة حصار ضدّ إيران و”حزب الله” والتي تبدأ في اليمن مرورا بالعراق فسوريا فلبنان.
“لبننة” إستقالة نادر الحريري في “تيار المستقبل“
تنفصل استقالة مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري عمّا واكبها من محاسبات تنظيمية في “تيار المستقبل”. تشير أوساط مواكبة لهذا الملف الى أن نادر الحريري لا ينتمي الى “تيار المستقبل” ولا يضطلع بهام تنفيذية أو سياسية في “التيار الأزرق”، وبالتالي فهو ليس خاضعا للمساءلة الداخلية الجارية حاليا. الأمر سيّان بالنسبة الى المستشار الإعلامي هاني حمّود الذي لم يضطلع بمسؤوليات في الماكينة الإنتخابية وانحصر دوره كما نادر الحريري بتنفيذ القرارات التي كانت تتخذها آلية جماعية بمعرفة وقرار من الرئيس سعد الحريري.
يذكر أنه تمّ التداول أخيرا بإسم حمّود على أنه من بين الأسماء التي قد يتم استبدالها في الدائرة الإعلامية المحيطة برئيس الحكومة، لكنّ وبحسب ما تظهّر في اليومين الأخيرين من نشاط “بيت الوسط” لا يزال حمّود يمارس مهامّه بشكل طبيعي، وقد ظهر لمرتين اثنتين في نشاط الرئيس الحريري: المرة الأولى أمس الأول أثناء استقبال الحريري للرئيس السابق ميشال سليمان والمرة الثانية أمس الجمعة أثناء استقباله رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جيروم بونافون، ولاحظ الجميع أن إسم حمّود ذكر في الخبر الذي صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة على غير عادة، ما يعدّ بحسب المنطق التحليلي أن ما أشيع عن حمّود وما تمّت فبركته من قبل بعض الجهات التي باتت معروفة للمعنيين لم يكن سوى حملة مبرمجة ضدّه.
بالعودة الى نادر الحريري، فالرجل وبحسب عارفيه لم يمارس اي دور سياسي من دون أمر من سعد الحريري، وكل الأدوار التي كلّف بها نفذها بحذافيرها، وقد اتخذت تبعا لآلية قرار جماعية ترأسها سعد الحريري شخصيا، وبالتالي لا يستقيم الكلام البتة عن تقييم لأداء نادر الحريري.
وتروي مصادر موثوقة في “تيار المستقبل” أن نادر الحريري أبلغ الرئيس الحريري في بداية السنة أنه يرغب بالإستقالة تفرّغا لأعماله التي أوقف معظمها، لكن الحريري استمهله كي لا تحدث خضة قبل الإنتخابات، وهذا الذي حصل. وتروي الأوساط أن نادر لم يعد يستوعب في الآونة الأخيرة كمية العمل الملقاة على عاتقه والتي حصرها سعد به شخصيا نظرا الى الثقة المتبادلة بينهما، ثقة أدت الى أن تتدرج مهام نادر من خلاف على حدود حقل بين مزارعين في عكار أو بنقل أستاذ مدرسة في الطريق الجديدة، وصولا الى تحضير المؤتمرات الدولية والسفر فجاة لتنظيم جدول الإجتماعات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون!
وبعد تكراره الطلب الإستقالة أخيرا قبلها سعد.
تصرّ الأوساط المستقبلية على “لبننة” إستقالة نادر الحريري واضعة إياها خارج السياق الإقليمي والسعودي تحديدا العائد بقوة الى الساحة اللبنانية. ولا ترى مؤشرات تؤكد بأن نادر الحريري “إستقيل” نظرا الى الأدوار المحورية التي لعبها في التسوية الرئاسية وفي نسج علاقات ربطت النزاع مع “حزب الله” وهذا ما لميتكن ترغبه المملكة العربية السعودية، الى دوره المحوري اثناء غياب إبن خاله سعد في الرياض إثر استقالته الغامضة في 4 تشرين الثاني 2017.
ويروي أحد العارفين مدعما رأيه بأن الإستقالة شخصية، بأن الصورة الأولى للرئيس الحريري اثر انتقاله من السعودية الى باريس بعد وساطة الرئيس ماكرون كانت مع نادر الحريري.
وبالتالي يشكك المستقبليون برواية الغضب السعودي على نادر الحريري ويعتبرونها “رواية غير موثوقة” لأن الرئيس الحريري أعلن شخصيا بعد الإنتخابات تمسكه بالتسوية الرئاسية، فنادر الحريري لم يتصرف على سجيته، بالرغم من هامش العلاقات السياسية التي أتاحتها له ثقة سعد بمعرفة من الأخير بالتفاصيل كلّها.
وتشير الأوساط المستقبلية المواكبة الى أن نادر الحريري ليس عرضة لأية مساءلة وجلّ ما قام به هو مهام تنفيذية مكلف بها بأمر من الرئيس سعد الحريري. وتشير الى أنه لا توجد أية مؤشرات عن تبديل في موقع أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري الذي يتابع عمله بشكل طبيعي.
حصار لـ”حزب الله” على جبهات مختلفة
من جهة ثانية، تشير أوساط مستقبلية مختلفة الى وجود قرار أميركي وخليجي بحصار إيران و”حزب الله” في مختلف دول الإقليم من اليمن الى العراق فسوريا فلبنان ،وهذا الحصار سيرتب اعصارا جديدا في “تيار المستقبل” ستتبدى فصوله قريبا، وقد ظهر ذلك اليوم اثناء انعقاد اجتماع المكتب السياسي لـ” تيار المستقبل” حين قال رئيس الحكومة سعد الحريري:” إن الإنتخابات أصبحت وراءنا لكن ترتيب البيت الداخلي أمامنا”.
لا محاكم “ستالينية” في “التيار الأزرق”
بالنسبة الى الجانب التنظيمي في “تيار المستقبل”، فقد جال رئيس الحكومة سعد الحريري قبيل الإنتخابات النيابية في معظم المناطق اللبنانية محتكّا بجمهور “التيار الأزرق” مصغيا الى شكاوى عدة إنصبت بمجملها على مسؤولي التيار المناطقيين الذين تأذت علاقتهم بالجمهور جرّاء الظروف الصعبة التي مرّ بها التيار وخصوصا إبان الأزمة المالية الحادّة بحسب أوساط عليمة بمناخ التيار. هذه الظروف الصعبة أدت الى مشاكل مع بعض المستقبليين ما حتّم على الحريري اتخاذ خطوات ترضي جمهوره فقرر استبدال المسؤولين الحاليين بجدد لا يحملون موروثات الفترة العصيبة السابقة مع ما تضمنته من مشاكل وتوترات.
“وغالبا ما يحدث هذا الأمر في الأحزاب ف”تطير رؤوس” وتستبدل بأخرى لا علاقة لها بالفترات الصعبة” كما تقول الأوساط.
وكي لا يعمد الى القول أن الحريري تقصّد منطقة دون أخرة أجرى تغييرات في جميع المنسقيات.
وتشير أوساط مستقبلية الى أنه لا توجد “محاكمات ستالينية لمنسقين أو لمسؤولين، ولن تكون محاسبات حزبية زجرية بل كل ما في الأمر أن ثمة حاجة الى ضخّ دماء جديدة وهذا أمر طبيعي في الأحزاب التي تمرّ بأزمات”.
وتشير اوساط مستقبلة أخرى تحدثت الى موقع “مصدر دبلوماسي” الى أن ما سيحصل لبعض الذين استبعدوا هو تسليمهم مواقع ومسؤوليات جديدة، أما الحديث عن سرقات فلا أساس له من الصحة، بل هو كلام يرمى على عواهنه، وليس في الأمر سوى تقييم أداء ومحاولة تحسين الأداء الإنتخابي في المرة المقبلة، أما الماكينة الإنتخابية فمن الطبيعي ألا تعيش بعد انتهاء مهمتها وستكون ماكينة جديدة تدير الإنتخابات المقبلة”.