“مصدر دبلوماسي”:
شهد توقيع كتاب الدكتور طوني ضو “شهادتنا وشهداؤنا زرع الكنيسة ولبنان الكيان” في بشلي برعاية المطران ميشال عون وحضور الأباتي مارون الشدياق والأباتي طنوس نعمه كلمة للمحلل السياسي وعضو المجلس التنفيذي للرابطة المارونية أنطوان قسطنطين أعادت الذاكرة الى عمق التاريخ الماروني في لبنان.
وقال قسطنطين في كلمته:
“كثيرون شهدوا للمسيح في هذا العالم وإستشهدوا في سبيل إيمانهم، أما الموارنة فبقدر إيمانهم بيسوع تمسّكوا بأرض لبنان فجاءت شهاداتهم في سبيل قيمتين: الإيمان والحرية، ودمغوا بالشهادتين معنى وجودنا في هذا المشرق المعلّق بين الارض والسماء.
شهداؤنا مهروا بالدمّ أوراقنا الثبوتية ومنذ أن اختار ذلك الناسك الحياة في العراء، ليمتلك فضاء الحرية بإيمانه صرنا نحن أبناء الايمان والحرية معاً.
نحن ورثة مارون الذي بهديه سلك الآباء المؤسسون درب الحرية فجعلوا من جبال لبنان معبداً لها لأن الله حرية مطلقة.
حرّاس الحرية نحن في هذا المشرق، من دونها لا نصلح لشيء ومن دوننا يهلك هو في سواد قرونه الوسطى.
مؤمنون بالله حتى الشهادة لكننا ما أقمنا يوماً ولا أردنا دولة دينيةً.
تمسكنا بالحرية لنحفظ للإيمان قيمته وللإنسان مقامه.
لمشرق الأديان قدّمنا صيغة الأوطان وجعلنا الإنتماء القومي للدولة مساحة تحضن التنوع الديني والثقافي.
حرّاس الحرية نحن، بها نواجه العنف المتفجر تحت ستار الدين ونشهد بأن الناموس وُجد لخدمة الانسان، وبأن الحرية أساس السلام وبأن احترام الحق في الاختلاف أساس العيش معاً.
قدرنا أن نبقى حرّاساً للحرية فإذا تخلينا عنها سقطت عنّا إنسانيتنا وسقطت لبنانيتنا.
متطرفون نحن في تقديس الحرية، وبقدر ما يكتشفها كل واحدٍ منا في عزلة الإيمان فإننا نعيشها كجماعة انفتاحاً مطلقاً في الوطن وإنتشاراً في أقاصي الأرض كالماء والضوء والهواء.
حين يكون لبنان في خطر ننطوي على ذاتنا وتتحكم بنا غريزة الدفاع عن وجودنا الحرّ، وحين نشعر بالأمان نتحوّل الى روّاد التقدمية والتطور والعولمة.
يستهوينا التحدي. نعاند. نخطىء وقد نُهزَم لكن روح الحرية فينا لا تنكسر.
بين أرض لبنان وبيننا علاقة عشق كما بين الصخر والسنديان.
لبنان من دوننا أرض موحشة ونحن من دونه جماعة تائهة.
زَرَعنا أرضه دماً وعرقاً وقداسةً وتشاركنا فيه مع كل طالب حرية فصار لنا وطنا”.
اضاف قسطنطين:
“أيها الأحباء،
حين كانت فرنسا تقيم ثورتها بالدمّ، كانت كنيستنا تدستر الزامية تعليم المرأة، وحين كان المشرق غارقاً في ظلامه كانت مطبعتنا تحفظ كنوزه وكان رهباننا يغرزون المعرفة في العقول، ويبذلون قمح الايمان والحرية في الوجدان.
وفي يقيني أنه لم يكن من باب الصدفة أن تجتمع في القرن التاسع عشر عناصر القوة الروحية والمادية التي أثمر تفاعلها الحضاري ولادة لبنان الكبير.
عصر الحرديني وشربل ورفقا وسائر الرهبان والنسّاك هو نفسه عصر النهضة وعصر الاستقلال وعصر ازدهار التعليم ومواسم الحرير والبحبوحة، التي بفضلها قيل هنيئاً لمن له مرقد عنزة في جبل لبنان.
هذا الجبل لم نوسّع حدوده طمعاً بل اقتناعاً بأن الأوطان هي فعل شراكة. أشركنا وما خفنا وسنظل ندافع عن ميثاق الشراكة حتى قيام الدولة المدنية العادلة، التي وحدها تحمي حرية المعتقد تحت سقف المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.
كنيستنا نفخت فينا روح الحرية فكان لبنان الوطن ولي ملء الثقة بأنها ستنفخ فينا روح التحرر والتقدم لتطوير الدولة وإخراجها من خنادق الطائفية.
إن الذين يستمدون قوتهم من قوة المسيح الحيّ في التاريخ لا يخافون التطور ولا يقبلون الظلم أليست هذه روح الإرشاد الرسولي وعظمة الكبير البابا فرنسيس ؟
رسُل العليّة نحن. اخترنا الانفتاح على كل حوار وجوار. قدرنا أن نجدد نهضتنا لأنها سرّ بقائنا.
قيراون المشرق نحن. ننهض به كلما كبا، ونبقى شهوداً ليسوع في أرض ولادته. فالسلام للشهداء والمحبة لكم جميعاً.
حفظ الله لبنان آمناً، حرّاً وأعاد الأستقرار الى هذا المشرق المعّذب”.