“مصدر دبلوماسي”:
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذه المقابلة مع سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور التي نشرتها مجلة “الأمن العام” في عددها الرقم 54 الصادر في آذار الحالي بقلم الزميل داود رمّال. لتصفّح المزيد من مواد مجلة “الأمن العام” الضغط على الرابط الآتي.
http://www.general-security.gov.lb/ar/magazines
داود رمّال
مع صدور نتائج التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، بالشراكة بين ادارة الاحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني عام 2017، بدأت التأويلات حول الدوافع والاهداف، حتى وصل الامر بالبعض الى تصوير النتائج على انها مؤامرة تندرج في اطار تصفية قضية حق العودة
من المهم جدا التأكيد على ان هذا التعداد لا يدخل في عملية حساب من تبقى من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وليس الهدف منه نقض الارقام المسجلة لدى “الاونروا” والدولة اللبنانية، انما انجاز منظومة بيانات ذات جودة عالية وحديثة حول السكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، لاستخدامها لاغراض التخطيط واتخاذ القرارات في ما يتعلق بمعالجة اوضاع القاطنين ضمن نطاقها. بالتالي يؤمن لاصحاب القرار المعلومات التي تساعد على رسم المخططات والبرامج اللازمة في ضوء دراسة الوضع الراهن للاجئين في لبنان.
ولأن هذا التعداد يشكل ركيزة مهمة في معالجة اوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من الناحية الانسانية، واقرار الحقوق الممكنة الى حين عودتهم الى فلسطين، وضعت السلطة الفلسطينية، بتوجيهات مباشرة من رئيسها محمود عباس، كل امكاناتها عبر سفارة دولة فلسطين في لبنان لانجاز هذا التعداد، ومتابعة دقيقة من السفير اشرف دبور الذي شرح لـ”الامن العام” الاهداف والغايات.
* التعداد هو الاول من نوعه في لبنان وفق التفاوت في تقدير الارقام والمعطيات. كيف تنظرون الى هذه الخطوة؟
– صحيح انه الاول من نوعه، لكن علينا ان لا نغفل ان وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (“الاونروا”) مرجع اساسي نتمسك به كما مديرية الشؤون السياسية واللاجئين والامن العام اللبناني لجهة عدد المسجلين من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وهذا ما نحرص عليه. لكن، بما ان هذه الخطوة قد انجزت وخرجت بالارقام والمعطيات التي توصلت اليها، ينبغي ان نأخذ في الاعتبار ان التعداد لم يلحظ اللاجئين الذين يعملون خارج لبنان لكسب رزقهم في محاولة تحسين ظروفهم المعيشية، وهم شريحة كبيرة. اما من ناحية نظرتنا الى هذه الخطوة، فنحن نرى اهمية لجهة معرفة البيانات السكانية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، لعل ذلك يشكل ركيزة مهمة في عملية معالجة اوضاعهم الماسأوية الصعبة وبخاصة في مجالات العمل والسكن، ضمن القوانين المعمول بها في لبنان، ووفق القوانين والتشريعات الدولية.
*ما الهدف المركزي من وراء اجراء هذا التعداد؟
– هذه الخطوة جاءت بتوافق وقرار رسمي لبناني من خلال مجموعة العمل اللبنانية المؤلفة من كل الكتل البرلمانية الممثلة في مجلس النواب اللبناني، بعد نقاشات وحوارات طويلة في ما بينها للوصول الى برنامج عمل موحد للتعاطي مع ملف اللجوء الفلسطيني في لبنان. لا بد من الاشارة الى التنسيق الكامل بين كل ما جاء من مكونات لبنانية وتتمثل في لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني والمرجعيات والاطر الفلسطينية الممثلة في سفارة دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية. تم توقيع اتفاق تعاون بين الحكومتين اللبنانية والفلسطينية كلفت بموجبها دائرتا الاحصاء المركزي في البلدين اجراء هذا التعداد ادراكا منهما لاهمية معرفة البيانات السكانية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان. وهذا اساس لجنة وضع برنامج عملي يحاكي السياسات الاجتماعية والاقتصادية العامة، ويشكل ركيزة مهمة في معالجة هذا الملف الذي طال انتظاره لاسيما على صعيدي العمل والسكن. كذلك اوضح التعداد الطبيعة الهرمية للهيكل العمري للاجئين، ومستويات التعليم، والعدد الحقيقي لليد العاملة، والحالة الصحية للاجئين. هنا اسجل تقديري وتفاؤلي بأن ثمة جدية لبنانية للوصول الى تفاهم حول انهاء معاناة اللاجئين الفلسطينيين، ومنحهم الحق الطبيعي في العيش بكرامة الانسان.
* ما اهمية اجراء تعداد للاجئين الفلسطينيين بعد عقود من وجودهم في لبنان؟
– كان هناك تباين في الرؤى بين مكونات المجتمع اللبناني لجهة التعاطي مع هذا الموضوع، سواء في ملف العمل ام السكن، لذلك كان لا بد من اجراء تعداد كهذا لتستطيع المرجعيات اللبنانية البناء على الشيء المقتضى، ووضع الحلول المناسبة التي تكفل العيش الكريم للاجئ الفلسطيني المقيم في هذا البلد الشقيق المحتضن للقضية الفلسطينية في كل المجالات، والتي تؤكد ان جوهرها واساسها وعنوانها هم اللاجئون الذي كفل لهم المجتمع الدولي من خلال قراراته ذات الصلة.
* كونكم داعما اساسيا لهذا المشروع المنجز، هل انتم راضون عن النتائج؟
– هذا المشروع هو نتاج تنسيق مشترك لبناني – فلسطيني في كل المجالات. لعل ذلك يساهم في اقرار الحكومة اللبنانية المراسيم التطبيقية للقانون المعدل عام 2010 والخاص بتعديل العمل في قانون العمل بما يجيز للاجئ الفلسطيني العمل، واقرار الوثيقة اللبنانية التي تبنتها مجموعة العمل اللبنانية كما جاء في كلمة دولة الرئيس سعد الحريري في اثناء مؤتمر اعلان نتائج التعداد في السرايا الحكومية.
* هل كان هذا التعداد كاملا لكل الاماكن التي يوجد فيها اللاجئون؟
– شمل هذا التعداد 12 مخيما للاجئين في لبنان، وحوالى 156 تجمعا للفلسطينيين في محاذاة المخيمات، وتم اعتماد نظام معلوماتي متطور تمثل في استخدام الاجهزة اللوحية لتعبئة البيانات بدل الاستمارات الورقية المعتادة. كما جرى التحقق من استكمال هذه البيانات وصحتها من خلال ربط الاستمارة بالموقع الجغرافي للوحدات السكنية، واعتماد احدث نظم المعلوماتية الجغرافية، ما شكل نقلة نوعية في العمل الاحصائي المستقبلي في ادارة الاحصاء المركزي من حيث التأثير المباشر على الجودة الكلية للمشروع، والجدول الزمني، والنتائج المتوقعة.
* برز تناقض كبير بين اعداد اللاجئين المسجلين لدى “الاونروا” ونتائج التعداد. الى ماذا يعود ذلك؟
– نعم هناك فارق كبير بين سجلات “الاونروا” ونتائج التعداد، وهذا ليس بمستغرب، حيث هناك اعداد كبيرة من الفلسطينيين يبحثون كما اخوانهم اللبنانيون عن المكان المناسب الذي يستطيعون من خلاله تأمين لقمة العيش. بالطبع هذا لا يعني مغادرتهم لبنان نهائيا لكن بشكل موقت. وقد اظهرت نتائج التعداد ان الكثير من العائلات نصفها في لبنان والنصف الاخر في اماكن الارتزاق والى ان يحقق الله اهدافنا في دولتنا المستقلة وعودتنا الى ارض وطننا فلسطين الخالية من الاحتلال. بالتأكيد سيجمع شمل العائلات الفلسطينية وينتهي التناقض في الاعداد.
* ثمة خشية من ان تكون نتائج التعداد توطين مقنع؟
– التعداد ونتائجه فقط لوضع البرامج في ما يخص النهوض بالمستوى المعيشي للاجئ الفلسطيني في لبنان الى مستوى العيش الكريم. هذا الشعب اللاجئ جزء لا يتجزأ، ولا يمكن لاحد ان يجزئه من الشعب الفلسطيني المتمسك بهويته الوطنية والنضالية، والذي اذهل العالم اجمع بمستوى تضحياته وبسالته وصموده واصراره على انتزاع حقه في تقرير مصيره بنفسه من دون تدخل خارجي من احد كائنا من كان، وحقه في استقلاله الوطني وعودته الى دياره وممتلكاته التي ابعد عنها قسرا، وهذا ما كفلته له القوانين والشرائع الدولية ذات الصلة، ولا تستطيع قوة في الارض ان تفرض عليه ما لا يريده.
* هل من جدول عن اللاجئين الفلسطينيين وتعدادهم داخل المخيمات وخارجها؟
– اظهرت نتائج التعداد ان نحو 65.4% من اللاجئين يقيمون في المخيمات، مقارنة بـ55% منهم يقيمون في التجمعات الفلسطينية والمناطق المحاذية لها. كما جاء في بيان الاحصاء ان ثمة 78897 لاجئا داخل المخيمات، و37652 لاجئا في التجمعات المحاذية للمخيمات، و57874 لاجئا في التجمعات الاخرى. كما اوضح التعداد ان عدد الفلسطينيين النازحين من سوريا بلغ 18601 نازح، واظهرت النتائج تزايدا ملحوظا في اعداد غير الفلسطينيين الذين يقطنون داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية، حيث بلغ عدد النازحين السوريين من بين هؤلاء 30368 نازحا معظمهم في بيروت.
كادر
الارقام الرسمية
تضم سجلات وزارة الداخلية والبلديات 592,711 لاجئا فلسطينيا مسجلا حتى كانون الاول 2016، فيما بلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى وكالة “الاونروا” 459,292 لاجئا حتى تاريخ اذار 2016.
اشارت النتائج الى ان نحو 7,2% من اللاجئين الفلسطينيين امّيون لا يستطيعون القراءة والكتابة، بينما بلغت نسبة الالتحاق بالتعليم للافراد من 3 الى 13 سنة 9,36%. كما اظهرت النتائج ان نسبة البطالة بلغت 18,4% من الافراد المشمولين في القوى العاملة، وشكل الفلسطينيون في المخيمات حوالى 72,8%، والنسبة الباقية توزعت على الجنسيات السورية واللبنانية وجنسيات اخرى.
1- عدد الاسر في الزيجات المختلطة فلسطيني – لبناني: الزوج فلسطيني لاجئ والزوجة لبنانية (3707). الزوج لبناني والزوجة فلسطينية لاجئة (1219).
2- تعترف الحكومة اللبنانية رسميا بوجود 12 مخيما فلسطينيا هي: برج البراجنة، شاتيلا، مار الياس، الضبية، عين الحلوة، المية ومية، الرشيدية، البص، برج الشمالي، الجليل (ويفل)، نهر البارد، البداوي.
3- التعداد جاء بعدما وقعت الحكومتان اللبنانية والفلسطينية مذكرة تفاهم في 19 تشرين الاول 2016 استنادا الى قرار مجلس الوزراء رقم 1 في 25 اب 2016، وبعد تحضيرات استمرت عامين.