“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
ما إن غادر وليد البخاري لبنان في 30 تشرين الثاني الفائت بعد أن سوّق لمشهد “إستقالة” الرئيس سعد الحريري الغامضة في 4 تشرين الثاني الفائت من الرياض، حتى عاد على موجة التسوية الجديدة بين الحريري والسعودية والتي توجتها زيارته الأخيرة إليها ولقائه بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ولعلّ البخاري الذي عيّن قبل سحبه من بيروت وزيرا مفوضا وهو كان برتبة مستشار وقائم بالأعمال، رقي بحسب ما تم نشره في صحف لبنانية ومواقع “صديقة” له الى منصب نائب وكيل المراسم في وزارة الخارجية السعودية، قد صدق حين توقع في تغريدته الوداعية قبل أشهر أنه عائد فكتب: ” الى لقاء قريب، أرزة نبتت جذورا وغصنا أبيا في السماء”.
وعندما عاد فجر اليوم كتب معبّرا عن سعادته بالعودة الى بيروت العاصمة التي يحلم اي دبلوماسي عربي بالعمل في ربوعها:” صباح ملؤه التفاؤل والخير للجميع، صباح الإباء من لبنان الأرز”.
هاتان التغريدتان اللتان تحملان الكثير من العاطفة للبنان، صفق لهما “أصدقاء” البخاري الذين نسج معهم علاقات وهم كثر، لكنّه في الوقت عينه نسف بما نقله من تقارير غير دقيقة عن الواقع اللبناني الكثير من العلاقات مع لبنانيين طالما أحبوا المملكة العربية السعودية فوجدوا أنفسهم في مواجهة مع سياساتها، وذلك بسبب شخصيات أبرزها على الإطلاق ثامر السبهان ووليد البخاري.
لا أحد ينسى دفاع البخاري المستميت عن وجهة نظر فريق السبهان من أن الحريري لم يكن في الإقامة الجبرية بل كان موجودا في بلده الثاني بمحض إرادته وقد لا يعود! لم يقنع كلامه اللبنانيين الذين استشعروا بوفائهم لبلدهم ولرئيس حكومتهم الظروف غير السوية التي أحاطت بوجود الحريري في الرياض، كما لم يقنع البخاري رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي رفض دعوة وجهها البخاري لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لزيارة المملكة قبل معرفة مصير رئيس مجلس الوزراء اللبناني.
ولمّا ظهر الحريري في مقابلة تلفزيونية مع الزميلة بولا يعقوبيان من الرياض غرّد البخاري ناشرا صورة “باتمان” وهو يصفع من يقول أن الحريري مخطوف ويجيبه بـ”كفى”!
لماذا سحبت المملكة السفير المعين حديثا وليد اليعقوب وأعيد البخاري، لماذا قام المسؤولون في المملكة بهذه الخطوة بعد أن بدأ اللبنانيون يتفاءلون بسياسة جديدة لها أكثر تفهّما للواقع اللبناني الهش؟ وما لزوم هذه “القرصة” الدبلوماسية السعودية في توقيت تعود الأمور فيه الى سابق عهدها وربما أفضل مع السعودية ولكن أيضا مع الإمارات العربية المتحدة والكويت وسط كلام متنام عن قرار جديد تعده هذه الدول يشجع المواطنين الخليجين على العودة لزيارة لبنان؟ ولماذا إعادة شخصية لا تحتمل نقدا بسيطا من صحافي فتعمد الى حذفه الى بلد لا يحتمل إلا سعة الصدر؟ لماذا بعد أن توسم اللبنانيون خيرا بالموفد الملكي نزار العلولا وقبله بالسفير وليد اليعقوب الذي استدعي الى الرياض ومن غير المعلوم إن كان سيعود بعد الإنتخابات أم لا تعود شخصية مرّت العلاقة اللبنانية السعودية في عهدها بأسوأ حقبة؟
تقول أوساط سياسية واسعة الإطلاع لموقع “مصدر دبلوماسي” بأن إعادة البخاري الى لبنان فرضتها قراءة سعودية متأنية للواقع الإنتخابي اللبناني، فالسفير وليد اليعقوب شخصية هادئة ودبلوماسي مرن، لكنّ البخاري عاش في لبنان قرابة العام ونيّف ما أتاح له التعرف الى الكثير من المفاتيح الإنتخابية اللبنانية من مختلف الطوائف والمناطق هو أفضل من يواكب العملية الإنتخابية في أيار المقبل، والتي تعوّل السعودية عليها لتشذيب نتائجها فلا تصب في صالح فريق “حزب الله” وحلفائه. والبخاري بحسب تعبير الأوساط يعرف جيدا المفاتيح والمصالح التي نسجها فكانت إعادته من هذا الباب الإنتخابي رئيسا لبعثة بلده في لبنان.