“مصدر دبلوماسي”:
أجرى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في السراي الحكومي محادثات اليوم مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون تناولت آخر التطورات في لبنان والمنطقة وسبل تقوية العلاقات الثنائية بين البلدين.
استمرت المحادثات ساعة ونصف الساعة وحضرها الوزير غطاس خوري ومدير مكتب الرئيس الحريري السيد نادر الحريري والوفد الأميركي المرافق، وتخللها غداء عمل.
ثم عقد الرئيس الحريري والوزير تيليرسون مؤتمرا صحفيا مشتركا استهله الرئيس الحريري بالقول: “أرحب بوزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون في لبنان وأشكره على المحادثات الممتازة التي أجريناها قبل قليل. إن زيارته هي شهادة واضحة على التزام الولايات المتحدة باستقرار لبنان السياسي والاقتصادي وأمن بلدي.
إن الولايات المتحدة الأميركية التي تُعتبر المانح الأكبر للقوات المسلحة اللبنانية هي شريك استراتيجي رئيسي في محاربة جميع أنواع الإرهاب. وأشكر الوزير تيليرسون على دعم بلاده وعلى ثقتها بمؤسسساتنا الأمنية. وقد أثبتت الولايات المتحدة أن الاستثمار في لبنان يؤدي إلى نتائج سريعة ومثمرة.
إن هذا الدعم يتماشى مباشرة مع أولويتي في بناء مؤسسات الدولة. إنها الطريقة الوحيدة لضمان استقرارنا وديمقراطيتنا، هذه الديمقراطية التي ستتأكد من جديد من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة التي ستجري بعد 12 أسبوعاً.
وكما أشرت إلى الوزير تيليرسون، إن التزام الجميع في لبنان بسياسة النأي بالنفس اليوم هو مسؤولية جماعية وتتم مراقبتها عن كثب من جميع مؤسسات الدولة لضمان تنفيذها بما فيه مصلحة لبنان الوطنية في الإبقاء على أفضل العلاقات مع الدول العربية والمجتمع الدولي ككل.
كما ناقشنا التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر روما 2 ومؤتمر الأرز ومؤتمر بروكسيل 2. واتفقنا على أن نجاح هذه الاجتماعات من شأنه الحفاظ على استقرار لبنان الاجتماعي والاقتصادي والمالي.
وأكدت للوزير تيليرسون على حق لبنان في استكشاف واستثمار وتنمية مواردنا الطبيعية في مياهنا الإقليمية. واتفقنا على أن القطاع المصرفي اللبناني لا يزال حجر الأساس في اقتصادنا. وجدّدت التأكيد للوزير تيليرسون على أن هذا القطاع متين وسليم ويخضع للإشراف ويلتزم كلياً بالقوانين والأنظمة الدولية.
إن لبنان يلتزم بقراري مجلس الأمن الدولي 1701 و2373. ونريد أن ننتقل إلى حالة وقف إطلاق نار دائم، لكن الانتهاكات الإسرائيلية اليومية لسيادتنا تعرقل هذه العملية، وكذلك الأمر بالنسبة لخطاب إسرائيل التصعيدي. هذا يجب أن يتوقف. إن الحدود الجنوبية اللبنانية هي أهدأ حدود في الشرق الأوسط وقد طلبت مساعدة الوزير تيليرسون لإبقائها على هذا النحو.
وشكرته على دعم بلاده المستمر للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان ونحن على ثقة بأنها ستضع حداً للإفلات من العقاب لمرتكبي الاغتيالات السياسية في بلدنا.
مرة أخرى أشكر الوزير تيليرسون وأرحب به في لبنان”.
تيلرسون
من جهته، قال الوزير تيليرسون: “أشكر الرئيس الحريري على هذا الترحيب الحار هنا في بيروت، وقد قال لي طاقم العمل معي أنه مضى أربع سنوات منذ الزيارة الأخيرة لوزير خارجية أميركي إلى بيروت، لذا يسعدني أن أكون هنا معكم اليوم ممثلا الولايات المتحدة الأميركية. هذه الرحلة هي فرصة للتأكيد على الروابط الوثيقة بين البلدين، ولتبادل الآراء حول ما يمكن أن نفعله سويا للتصدي للتحديات التي تواجهها هذه المنطقة. وبالإضافة إلى لقائي الرئيس الحريري التقيت أيضا الرئيسين عون وبري”.
وأضاف: “إن الرسالة التي توجهها الولايات المتحدة هي أننا نقف بشدة إلى جانب الشعب البناني ومؤسساته الشرعية. إذ أنه يقف في وجه التحديات والنزاعات في المنطقة، من النزاعات الخارجية والأعمال التي تحاول أن تزج بلبنان في مثل هذه النزاعات، وإلى الإرهاب والتشدد العنيف والمشاكل الاقتصادية. لقد خضع لبنان لكثير من الضغوطات ونحن نعمل مع الحكومة اللبنانية والحكومة الإسرائيلية لكي تبقى الحدود الجنوبية هادئة، وملتزمون بمساعدة لبنان والشعب اللبناني لتحقيق الازدهار من خلال تطوير ثرواتهم الطبيعية بالتوافق مع كل جيرانهم. وإذا تم التوصل إلى اتفاقية فهذا سيساعد لبنان ودول الجوار على الازدهار، الآن وفي المستقبل.
بالرغم من كل هذه التحديات، حقيقة هي شهادة لصلابة الشعب اللبناني وصبره ونؤكد للانتشار اللبناني حول العالم بأن لبنان يثابر. نحن ممتنون لشراكتنا مع القوات العسكرية اللبنانية، خصوصا الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، لا سيما وأنها في خطوط المواجهة الأمامية مع داعش والقاعدة وهي تقف مستعدة للحفاظ على الاستقرار في لبنان. نحن نبني علاقات صلبة مع مؤسسات الدولة هذه وسنبقى ملتزمين بدفع الأهداف المشتركة قدما.
في لبنان، هناك أكثر من مليون لاجئ سوري، وقد وفرت الولايات المتحدة 1.6 مليار دولار للمساعدة في شؤون اللاجئين والمجتمعات التي تستضيفهم في لبنان. الولايات المتحدة تقف جنبا إلى جنب مع الشعب اللبناني في مواجهة هذه التحديات التي تهدد استقرار لبنان واستقلاله وسيادته على وجه الخصوص.
ومن المستحيل أن نتحدث عن الاستقرار والسيادة والأمن في لبنان دون معالجة مسألة “حزب الله”. فالولايات المتحدة تعتبر حزب الله منظمة إرهابية منذ عقدين من الزمن، ونحن لا نقبل أي فرق بين ذراعه العسكري والسياسي. فمن غير المقبول لميليشيات كحزب الله أن تتصرف خارج إطار سلطة القانون والحكومة اللبنانية. إن الجيش اللبناني هو المدافع الوحيد عن الدولة اللبنانية.
وعلى الشعب اللبناني أن يشعر بالقلق تجاه تصرفات حزب الله التي تجذب انتباها سلبيا نحو لبنان، ووجوده في سوريا زعزع الاستقرار في لبنان والمنطقة وزاد من سفك الدماء ونزوح الأبرياء ودعم نظام الأسد البربري. إن تداعيات انخراطه في هذه النزاعات الخارجية والتي هي ليست مرتبطة بلبنان يتم استشعارها هنا”.
وختم قائلا: “إذا نؤكد على أنه من الضروري للحكومة اللبنانية أن تنأى بنفسها عن النزاعات الخارجية وعلى حزب الله أن يتوقف عن أنشطته في الخارج، فالولايات المتحدة تبني على كل الجهود من أجل أن يكون هناك مستقبل مشرق للشعب اللبناني.
شكرا دولة الرئيس لمأدبة الغداء اليوم وللمباحثات المهمة جدا التي عقدناها”.
حوار
سئل تلرسون: سؤالي له علاقة بالاتفاقية النووية وبقرار الرئيس ترامب في هذا الصدد وانه قد يخضع الحلفاء الاوروبيين الى الضغط، واذا انسحبت الولايات المتحدة من هذه الاتفاقية ماذا سيحدث؟
أجاب تلرسون: كما اشار الرئيس فإنه يريد ان يرى أوجه الخلل في هذه الاتفاقية ويجب معالجتها ونحن نعمل مع الموقعين الآخرين على هذه الاتفاقية ومع الشركاء الأوروبيين للمضي قدما في التعامل مع اوجه الخلل الموجودة في هذه الاتفاقية.
لا اريد ان اعطي اي استنتاج عن انه قد ننسحب من هذه الاتفاقية، يجب معالجة الخلل فيها بالنسبة لبرامج الصواريخ البالسيتية التي تسعى ايران الى اقامتها وايضا زعزعة استقرار الدول الاخرى وتصدير المقاتلين الاجانب.
سؤال مشترك: ما هي اهمية النزاع البحري بالنسبة لموضوع الغاز مع اسرائيل وهل طلبتم من اللبنانيين التخلي عن بعض المياه الاقليمية لتسوية هذا النزاع؟
اجاب تلرسون: بالنسبة لاتفاقية ال “اوفشور” فان المباحثات اليوم كانت جيدة وهذه قضية مهمة للبنان ولاسرائيل كذلك، ليتوصل الطرفان الى اتفاقية ما لكي تقوم الشركات الخاصة بالعمل في البحر والسير في الطريق الى الامام.
كانت نقاشاتنا مفيدة والبحث في افكار ابتكارية لتخطي العثرات والمضي قدما، اننا ننخرط مع الطرفين ولن نطلب من اي من الطرفين التخلي عن اي شيء، انما طلبنا منهما ايجاد حلول.
من جهته، أجاب الرئيس الحريري: كما اشار السيد تلرسون، فنحن نعتبر ان ما لنا هو لنا وما لاسرائيل هو لاسرائيل، ونحن من خلال ذلك نسعى لإيجاد حلول عادلة لنا وللجميع واعتقد ان محادثاتنا كانت جيدة حيال هذا الموضوع ناهيك عن الافكار الجديدة التي خلصنا اليها والتي سنستثمرها لكي نتمكن اخيرا من استثمار حقول النفط والغاز.
سئل تيلرسون: السبب الاهم لزيارتكم هو البحث في مسالة الخلاف حول البلوك رقم -9 ومسالة الحدود في جنوب لبنان، ما هي الضمانات التي سيحصل عليها لبنان بان اسرائيل ستحترم اي حل قد يتقدم به الطرف الاخر؟
اجاب: الولايات المتحدة ليست في موقف يمكن ان تضمن فيه اي شيئ لدولة سيادية اخرى، يمكن ان نلعب دورا بناء في ايجاد الحلول لاتفاقية حول حدود نهائية حول الخط الازرق، ونحن نعتبر ان المباحثات القائمة اليوم بناءة، والإسرائيليون ايضا بناؤون في هذه المباحثات، لنرى الحدود ويتم الاتفاق عليها وبعد ذلك يحدد الاخرون اذا كانوا محتاجين لجدار امني ام لا.
نحن متفائلون بأن كل هذه المباحثات ستؤدي الى حل او تسوية نهائية اذا اتفق الطرفان على ذلك.
سئل الرئيس الحريري: هل تطرقتم الى التصعيد الذي حصل الاسبوع الماضي بين ايران واسرائيل في سوريا وهل من ضمانات اذا ما تكرر هكذا تصعيد ان لا يصيب لبنان؟
اجاب: بالنسبة لنا ان اي تصعيد أو احتقان في المنطقة لا يفيد هذه المنطقة، ونحن مع كل انواع التهدئة لان المنطقة لا ينقصها توترات وحروب اضافية، ونرى ان مصلحة المنطقة هي في الهدوء والحوار وايجاد الحلول، لأنها بحاجة كبيرة الى هذا النوع من السياسة. نحن في لبنان نعاني خاصة منذ سبع سنوات، وهذا البلد لا يجب ان يكون ضحية لأي تهديدات او مشاكل من حوله. بالنسبة لنا فإن الحوار وحل المشاكل بين بعضنا هي افضل طريقة لحل هذه المشاكل ونتمنى ان يكون لبنان جزءا من هذا الحوار.
سئل الوزير تيليرسون: كيف تقيمون العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن الملف السوري وهل تعتقدون أن تركيا ستصعد الأمور في منبج؟ وما سيكون شكل التسوية ومتى ستسحب الولايات المتحدة الأسلحة الثقيلة من الـ”واي بي جي”؟ من جهة أخرى، يتحدث الكثيرون عن سبل لوضع حد للعنف، فكيف يمكن ذلك في ضوء عدم قدرة الولايات المتحدة على السيطرة على مشكلتها وهناك أطفال يقتلون بالرصاص في المدارس؟
أجاب: أولا سأعلق على المأساة المروعة التي حصلت في فلوريدا. هناك أهال يشعرون بالأسى العميق لفقدان أطفالهم، ونحن نصلي لأجلهم ونفكر بهم.
أما بالنسبة للاجتماعات القادمة في تركيا، فإن تركيا حليف مهم للناتو ولنا في المعركة ضد داعش، وهي كانت دائما داعمة لكل الجهود. ربما لم تذكري أن هناك نهاية لهذه المواضيع ولكن العلاقة إيجابية جدا وننوي البناء على النواحي المهمة في القواسم المشتركة بيننا. الأهداف المشتركة تسير بشكل متواز، ربما هناك خلافات تكتيكية حول تحقيق الأهداف، لكن الهدف الرئيسي في القضاء على داعش وعلى الإرهاب والحد من العنف وحماية الأبرياء والتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع في سوريا، كلها أمور مفيدة للبنان ودول الجوار أيضا.
على صعيد آخر، نحن لم نعط أبدا أسلحة ثقيلة للـ”واي بي جي” لنأخذها منهم.
سئل الرئيس الحريري: قلتم أن الولايات المتحدة كانت سخية في مساعداتها، فكيف ترون هذا التحول في السياسة الأميركية؟
أجاب: لطالما كانت الولايات المتحدة الأميركية سخية في المساعدة الإنسانية التي قدمتها للمنطقة، وهذا شأن أميركي بحت. نحن نتطلع للحصول على مزيد من المساعدات الإنسانية لأننا نقدم خدمة عامة للمجتمع الدولي من خلال استضافتنا للاجئين الذين وصل عددهم 1.5 مليون نازح.
على المجتمع الدولي تقديم المساعدة للبنان وليس فقط الولايات المتحدة، فالجهود المجتمعة على هذا الصعيد بإمكانها أن تزودنا بالمبلغ المالي الكافي.
لقد تباحثنا في هذه المسألة مع الوزير تيليرسون وكذلك في المنح المقدمة للأونروا وغيرها من المساعدات الإنسانية، وسنعمل معا لكي نرى كيف سنتمكن من تأمين هذه المساعدة والحصول عليها من الدول الأخرى.