“مصدر دبلوماسي“
يبدأ وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون اليوم زيارة رسمية الى لبنان بعد جولة قادته من الكويت حيث حضر اجتماع دول التحالف ضدّ تنظيم “داعش”الإرهابي مرورا بالأردن. وقد سبقته تصريحات أثارت تساؤلات واسعة في لبنان اعتبر فيها بأن “حزب الله” هو جزء من “العملية السياسية في لبنان” في تناقض واضح وصريح مع مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب والإدارة الأميركية برمتها. فمن هو وزير خارجية أميركا القادر على مشاكسة رئيسه وقد وصل الى شفير الإستقالة مرات؟
أتى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الى وزارة الخارجية الأميركية في الأول من شباط 2017 من عالم الطاقة والنفط، بعد أن كان رئيس مجلس إدارة شركة “إكسون موبيل” لعشرة أعوام وإثر تنقله في هذا القطاع على مدى 40 عاما. وقد اختاره الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتولي رأس هرم الدبلوماسية الأميركية من خارج النادي السياسي والدبلوماسي التقليدي لأنه وجد فيه ” أحد أبرع مبرمي الصفقات في العالم” قائلا أنه:” سيساعد في تغيير مسار سنوات من السياسة الخارجية الخاطئة والأفعال التي أضعفت الولايات المتحدة الأميركية”. لكنّ صديق فلاديمير بوتين الذي ارتبط بعلاقات تجارية واسعة مع روسيا من خلال شركات الغاز والنفط، وكذلك مع إيران وسوريا والسودان كما كشفت تقارير تهاجمه قبل وبعد توليه منصبه لم يتردد في وصف ترامب بـ”الأبله”، وبالرغم من أن محطة الـ”بي بي سي” ذي الصدقية العالية هي التي نقلت الخبر (في تشرين الأول 2017) إذ أذاعت تقريرا عن اجتماع عقد في 20 تموز في وزارة الدفاع (البنتاغون) بين تيلرسون وأعضاء من فريق الأمن الوطني لترامب ووزراء بالحكومة، وصف فيه تيلرسون ترامب بـ”الأبله”، إلا أن وزارة الخارجية الأميركية عبر المتحدثة بإسمها هيذر نويرت نفت الواقعة بشكل كامل.
لكن تيلرسون الجمهوري ما لبث في خلال عام من ولايته أن واجه صعوبات جمة في منصبه كممثل للدبلوماسية الأميركية ووجد نفسه مرارا خارج دائرة صنع القرار بسبب تدخل صهر ترامب جاريد كوشنير وزوجته إيفانكا في ملفات خارجية حساسة.
فوجد نفسه مثلا خارج سياق اتخاذ القرار الخليجي بمقاطعة قطر، ما اضطره الى قيادة سياسة مختلفة تماما في هذا الملف عن سياسة كوشنير الذي دعم موقف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كذلك نقلت صحف أميركية كبرى إبان أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري في الرياض في 4 تشرين الثاني الفائت بأن تيلرسون لم يكن يعرف بهذه الخطوة السعودية في حين كان كوشنير على اطلاع عليها، ما اضطره مرة جديدة الى التدخل ووضع حدّ للقضية بأسلوب دبلوماسي مرن أسهم به بشكل كبير الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فكان إخراج أنقذ السعودية من جهة وأعاد الحريري الى رئاسة الحكومة اللبنانية بعد بيان لافت للخارجية الأميركية أشارت فيه الى أن الحريري هو شريك اميركا في استقرار لبنان.
ولم تتوقف مناكفات تيلرسون مع ترامب وصهره ومحيطه، فهو كما تصفه الصحف الأميركية “غريب من المشهد السياسي”، ويمتلك القدرة على القيادة والتغريد خارج السرب حين يجد الأمر مناسبا. ومن مواقفه اللافتة رفضه وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ”مجرم حرب”، ورفضه العقوبات ضد روسيا بسبب ضمها لشبه جزيرة القرم.