“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
إنطلقت اليوم بحفل رسمي مراسم توقيع العقود مع الشركات الثلاثة التي رسا عليها خيار التنقيب على الغاز والنفط في الرقعتين النفطيتين (4) و(9) وهي “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية و”نوفاتيك” الروسية.
سبقت الحفل تهديدات إسرائيلية واضحة وجهها وزير الدّفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أثناء انعقاد مؤتمر سنوي في تل أبيب يتعلق بشؤون الأمن القومي والدفاع، وأشار فيه الى أن عرض لبنان لـ”البلوك 9″ للمزايدات هو استفزاز لبناني لإسرائيل طالبا من الشركات عدم الإستثمار والتنقيب في هذه الرقعة.
أثار تصريح ليبرمان بلبلة، ولكن يبدو بأن الحكومة الإسرائيلية لم تتبنّ كلامه، وذلك بعد تصريح آخر أدلى به وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتس أمس الأول هدأ الأجواء، وقال فيه أن “الطرفين معنيين بحل دبلوماسي لأن لدى اللبنانيين أيضا مياههم الإقتصادية، وهم مهتمون بالتنقيب عن الغاز والنفط، ولديهم الحق في ذلك في حال لم يهددوا وبالتأكيد لم يتجاوزا مجال مياهنا الإقليمية”. ما عدّه المراقبون تراجعا اسرائيليا ملموسا وعدم تبنّ لكلام ليبرمان اليميني المتشدد.
تشير كبيرة المستشارين في منظمة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط “أن آر جي آي) لوري هايتايان الى أن إسرائيل لا ترغب بحرب، لأن رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو يدرك تماما أن اشتعال أي حرب مع لبنان سيهدد مصير حكومته، وهي لن تكون شبيهة بحرب تموز 2006، بل إن الحرب الجديدة التي ستحصل قد تمتد اقليميا وتجتذب دولا أخرى للتدخل منها إيران”. وتشرح هايتايان أن” الإسرائيليين يعترفون بالإمكانات الصاروخية المتطورة لـ”حزب الله” وهذا بحد ذاته رادع، لا سيما بأن المنشآت النفطية الإسرائيلية وخصوصا في حقل “تامار” (اكتشف عام 2009 وبدأ انتاجه عام 2013 ويعطي قرابة الـ60 في المئة من الطاقة الكهربائية للداخل الإسرائيلي، والشركة المشغلة بمنشآتها هي “نوبل” الأميركية) هو في مرمى نيران صواريخ “حزب الله”، وهذا يجعل الإسرائيليين يفكّرون آلاف المرات قبل اعلان الحرب ضدّ لبنان، فضلا عن وجود ضغط أميركي واسع لعدم الدخول في حرب حاليا بسبب وجود الشركة الأميركية ومنشآتها”.
هذا التداخل بين العوامل السياسية والإقتصادية والأمنية يمنع تنفيذ التهديدات الإسرائيلية واقعيا.
وماذا عن المهمة التي يقوم بها نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد في لبنان والتي تسرّب منها للصحافة اللبنانية بأنّه يعيد تكرار اقتراح الوسيط الأميركي الأسبق ديفيد هوف بأن يعيد للبنان حوالي 550 كلم مربعا من مساحة 860 كلم مربعا فصلها
النزاع حول النقاط بين لبنان واسرائيل بين النقطة 23 اللبنانية والنقطة (1) الإسرائيلية؟
مع الإشارة الى أن السفير ديفيد هوف كان أول من اهتمّ بالوساطة بين لبنان وإسرائيل في ما يخص النزاع الحدودي البحري، جاء بعده آموس هوكستاين الذي انتهت مهمته مع انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية لينتقل حاليا للعمل في شركة أميركية مختصة بانتاج الغاز، وكان هوكستاين يعتقد بأن انتاج الغاز هو باب للسلام في المنطقة.
بعد انتخاب ترامب لم يعين بديلا عن هوكستاين ولم يعط أولوية للوساطة في شأن النزاع اللبناني الإسرائيلي الحدودي البحري، ولم يتحرك الملف مجددا إلا بعد اعلان لبنان العام الفائت أن الرقع 8 و9 و10 على الحدود مع إسرائيل مفتوحة للمزايدة.
ولم تتحرك الولايات المتحدة الأميركية فعليا إلا إثر تهديدات ليبرمان بعد تلزيم البلوك (9) الذي تقع 5 في المئة من مساحته في المنطقة المتنازع عليها والتي يعتبرها لبنان معتدى عليها ومساحتها 860 كلم مربع.
وجاءت زيارة ساترفيلد ربطا بهذا الملف وبملف بناء الجدار الإسمنتي من اسرائيل على الحدود، وهو كان موجودا في المؤتمر الذي أعلن فيه ليبرمان ان لبنان لا يحق له تلزيم البلوك (9)، فتدخل ساترفيلد لايجاد حل دبلوماسي اميركي لهذا الموضوع.
وتشير هايتايان الى أن “الحل الدبلوماسي هو الأمثل بسبب المخاطر الإقتصادية والأمنية على اسرائيل ولا سيما وأن أي حرب عتيدة ستكون شرارة لحرب شاملة”.
وهل من رابط مع الإتفاقية التي عقدتها اسرائيل مع قبرص والتي لم يوافق عليها لبنان؟
تقول هايتايان: “أن لبنان أقام اتفاقية مع قبرص على ترسيم حدود المنطقة الإقتصادية الخالصة عام 2007 لم يتم اقرارها في البرلمان اللبناني، وعام 2010 أنهى لبنان ترسيم حدوده وأرسل للأمم المتحدة نتيجة الترسيم وقد أقرت الدولة اللبنانية هذه الحدود، وظهر فارق بين الحدود التي كان لبنان اتفق عليها مبدئيا مع قبرص وبين الخط النهائي الذي اقرته الدولة اللبنانية والذي أرسل الى الأمم المتحدة مصدّقا عليه من البرلمان. وأثناء ترسيم اسرائيل وقبرص حدودهما أخذتا الخارطة الأولية التي تعود الى 2007 وقررتا أنها الحدود النهائية ما خلق نزاعا، وبحسب القانون الدولي للبحار الذي لم توقعه اسرائيل فإن النقطة الثلاثية التي تجمع بين 3 بلدان هي قبرص ولبنان واسرائيل لا يمكن الاتفاق عليها ثنائيا، وبالتالي يعتبر لبنان أن اسرائيل خلقت هذا النزاع الحدودي البحري من أجل التفاوض”.
اليوم وبعد الإحتفال الرسمي بتوقيع اتفاقيتي النفط والغاز ما هي الخطوات التالية في هذا الملف؟
تقول هايتايان:” لدى الشركات منذ تاريخ التوقيع الرسمي مهلة 60 يوما لكي تقدّم للحكومة اللبنانية خطة الإستكشاف الخاصة بها وتحصل على موافقتها وتبدأ بتنفيذ الخطة الى حين البدء بالتنقيب في 2019. وتوصلت الشركات والوزارة بالمفاوضات التي حصلت قبل توقيع العقود الى ان يبدأ التنقيب في 2019 كي لا يخسر لبنان الكثير من الوقت. ثمة 3 أعوام للتنقيب والإستكشاف قابلة للتمديد عامين، وإذا تم استكشاف كميات كبرى توجد سنة اضافية لتقييم الآبار التي اكتشفت في البلوك (4) والبلوك (9)، ما يعني أقله 6 أعوام، بعدها توضع خطة الانتاج للكميات المستكشفة القابلة للإستخراج وتجميع الأموال للبدء بالإنتاج وهذا يتطلب قرابة العامين، وهذا يعني أن اي انتاج يتطلب بين الـ8 الى 10 أعوام لكي يبدأ لبنان بجني المال”.