“مصدر دبلوماسي”
وصلنا من بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان البيان الآتي بعد اجتماع سفراء الإتحاد مع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري اليوم في السراي الحكومي:
دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري،
نشكركم على إتاحة الفرصة لسفراء الاتحاد الأوروبي في لبنان للاجتماع بكم.
أنتم توافقون بالطبع على أن عام 2017 قد شهد تطورات مهمة في الحياة السياسية والمؤسسية في لبنان وعلى صعيد العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ولبنان.
لقد ساهم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية تحت قيادتكم على نحو قاطع في عمل مؤسسات الدولة في لبنان بشكل كامل. وتضمن هذا تعيينات رئيسية في الحكومة والأجهزة الأمنية وتحقيق إنجازات تشريعية على غرار اعتماد أول موازنة منذ 12 عاماً، فضلاً عن الاتفاق على قانون انتخابي والإعلان عن إجراء الانتخابات النيابية في شهر أيار المقبل. وإننا على ثقة من أنكم ستستمرون في إظهار القيادة الضرورية لإجراء الانتخابات في وقتها، بما يسمح للمواطنين اللبنانيين بممارسة الحق في أن يَنتخبوا ويُنتخبوا. وكما كانت عليه الحال في السابق، فإن الاتحاد الأوروبي مستعد للوقوف إلى جانب لبنان في هذه العملية، بما في ذلك من خلال إرسال بعثة لمراقبة الانتخابات فهمنا أن حكومتكم ستبعث دعوة لها في غضون الأسابيع المقبلة.
في سياق إقليمي هشّ جداً، يبقى استقرار لبنان بالغ الأهمية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. لذلك رحّبنا بالالتزام المتجدد لمجلس الوزراء بالنأي بالنفس عن أي نزاعات وحروب إقليمية وعن الشؤون الداخلية للبلدان العربية. وسيولي الاتحاد الأوروبي عناية بالغة لتنفيذ جميع الأطراف اللبنانية قرار مجلس الوزراء في إطار روحية من الوفاق الوطني والتسوية كأولوية مهمة، كما هو موضح في الإعلانات السابقة، خصوصاً إعلان بعبدا في عام 2012.
كما تمت الإشارة مراراً وتكراراً، بما في ذلك في الاجتماع الوزاري لمجموعة الدعم الدولية في باريس في 8 كانون الأول الماضي، وكما يظهر من تعاوننا على جميع المستويات، يدعم الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بالكامل استقرار لبنان وأمنه ووحدته وسيادته. لقد أصبحت علاقاتنا أعمق وأكثر استراتيجية في عام 2017. ويستمر هذا الأمر هذه السنة، بدءاً بسلسلة مؤتمرات الدعم الدولية في روما وباريس وبروكسل المنوي أن تشكل إطار دعم متماسك والتي يجب تضمينها في إطار رؤية أطول أمداً للإصلاح السياسي والاقتصادي في لبنان.
من هذا المنظار، فإن القيادة الثابتة مطلوبة من حكومة لبنان ومؤسسات الدولة والأطراف المختلفة لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية القائمة. وسيشكل مؤتمر “سيدر” المقبل في باريس فرصة لتحريك النمو، وإيجاد فرص عمل وتجديد البنى التحتية في لبنان، بالتعاون مع الفاعلين من القطاعين العام والخاص. ويشجّع الاتحاد الأوروبي حكومة لبنان على انتهاز هذه الفرصة وتعزيز جهودها إلى أقصى حد ممكن لمواكبة خطة استثماراتها الرأسمالية برؤية اقتصادية شاملة ومتماسكة وخارطة طريق مفصلة للإصلاحات الاقتصادية ضمن الوقت المحدود المتاح قبل المؤتمر.
إننا نرحب بالجهود المستمرة التي تبذلها الأجهزة الأمنية اللبنانية لمكافحة الإرهاب، وصون الاستقرار الداخلي، ومنع التطرف وتعزيز مراقبة حدود لبنان. ويثبت الحوار القائم بين الاتحاد الأوروبي ولبنان في مجال مكافحة الإرهاب التزامنا المشترك في مواجهة التهديدات وجهودنا لدعم مجتمع قادر على التكيّف، وحيث لا يمكن للأفكار المتطرفة أن تنمو. وإننا نشيد بدور الجيش اللبناني إلى جانب قوات اليونيفل التي تتمثل فيها العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في المحافظة على السلام والاستقرار في جنوب لبنان. ومن المهم أن يستمر لبنان في تنفيذ التزاماته الدولية بالكامل، كما هو محدد في قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. فالجيش اللبناني هو القوة المسلحة الشرعية الوحيدة للبنان، وفق ما ينص عليه الدستور اللبناني واتفاق الطائف. وسيكون دعمنا للجيش وقوى الأمن الداخلي محور اجتماع روما 2 الذي ستستضيفه إيطاليا الشهر المقبل.
تستمر الأزمة السورية في كونها واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، ونحن نقرّ بأثرها الفادح على لبنان. والاتحاد الأوروبي هو الجهة المانحة الأولى في مجال الاستجابة الدولية للأزمة، إذ خصص حوالي 10 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء مجتمعةً على شكل مساعدات إنسانية وتنموية منذ بدء النزاع. وفي نيسان من العام الماضي، شارك الاتحاد الأوروبي في استضافة مؤتمر بروكسل حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة، حيث أقررنا من جديد بالجهود غير المألوفة والاستثنائية التي يبذلها لبنان في استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري، مما يجعل لبنان يسجل أعلى عدد للاجئين للفرد في العالم.
سيشكل مؤتمر بروكسل المقبل الذي سيُعقد في نيسان 2018 فرصة لتقديم دعم إضافي من الأسرة الدولية وتلبية احتياجات لبنان. وفي إطار التخطيط لهذا المؤتمر، نتطلع إلى العمل المشترك المستمر مع حكومتكم لتوفير الدعم للبنان والمجتمعات المضيفة اللبنانية التي أثقلتها الأزمة السورية. وفي هذا السياق، نذكر حيث تسمح الظروف بأهمية العودة الآمنة والكريمة المسهّلة من الأمم المتحدة للاجئين على أساس طوعي، وفقاً للقانون الدولي والمبادئ الإنسانية، بما في ذلك مبدأ عدم الإعادة القسرية. وفي انتظار عودة اللاجئين، نشجّع حكومة لبنان على متابعة الجهود لتحسين الظروف الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والخاصة بالحماية للاجئين السوريين في لبنان عبر السماح باستئناف التسجيل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتسريع تسهيل إصدار الإقامات القانونية والوثائق المدنية. ومن شأن هذه الإجراءات أن تساعد الجهات المانحة ووكالات الأمم المتحدة على ضمان الدعم المناسب لحماية اللاجئين وتلبية احتياجات المساعدة، من خلال إعادة التوطين في البلدان الثالثة والعودة الطوعية عندما تسمح الظروف بذلك.
دولة الرئيس،
إنّ الأمن والمجتمعات القادرة على التكيف والمنفتحة وجهان لعملة واحدة ومن مصلحة أمننا المشترك الاستثمار في حقوق الإنسان، وهذا عنصر أساسي في علاقتنا. وشكل اعتماد قانون مكافحة التعذيب في تشرين الأول الماضي إنجازاً رئيسياً في عام 2017. وعلى غرار الإنجازات الأخرى المحققة في هذا المجال العام الماضي، فإن تنفيذه أساسي، تماماً كما هي حال تمويل المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وتوظيف العاملين فيها. وسيستمر الاتحاد الأوروبي في العمل مع لبنان في هذا المجال، ويشمل هذا حرية التعبير وحرية وسائل الإعلام.
وأنتم تتابعون مهمتكم الحيوية في تنفيذ الإصلاحات المهمة في لبنان وإبعاده عن النزاعات السياسية والمؤسسية، في سياق إقليمي صعب، يمكنكم الاعتماد على دعمنا في كل المجالات التي تعمل فيها حكومتكم.
شكراً.