“مصدر دبلوماسي” فيينا-مارلين خليفة:
منى دزدار هي النائبة النمساوية الوحيدة من أصل فلسطيني وعربي في البرلمان النمساوي، محامية لامعة في العقد الثالث من العمر، قدّمت مداخلة قيّمة في مؤتمر ” تشكيل المستقبل: التماسك الإجتماعي في مدننا” المنعقد في العاصمة النمساوية فيينا على مدى يومين، وهو من تنظيم “مؤسسة أكت-ناو”، وبرعاية الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بلن.
في سيرتها الذاتية أن دزدار عملت بين عامي 2001 و2004 في المجلس المحلي لفيينا، دوناوشتادت وأدت اليمين الدستورية في 28 كانون الثاني 2010 كعضو المجلس الاتحادي النمساوي.
تولت مهمة المتحدثة باسم السياسة الخارجية في نادي المجلس الاتحادي للحزب الذي تنتمي اليه وهو “الحزب الديموقراطي الإجتماعي النمساوي” وكانت عضوا في لجنة العمل والشؤون الاجتماعية وحماية المستهلك، وعضو اللجنة القضائية ونائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية وأمين لجنة الشؤون الرياضية وعضو لجنة تضارب المصالح. في 18 تشرين الثاني 2012 قدمت استقالتها من المجلس الاتحادي وأدت اليمين الدستورية في برلمان ومجلس بلدية فيينا في 19 تشرين الثاني 2012 خلفا لكارين شرودل.
تقول دزدار التي دخلت المعترك السياسي النمساوي في سن الـ16 من العمر أن السياسة الخارجية والتعليم والتكامل وسياسات السكن والأراضي هي أولويات سياسة لها.
تم تعيينها كوزيرة دولة في المستشارية الاتحادية 17 أيار 2016 لتستلم حقيبة “الخدمة الإدارية والمدنية” بالإضافة إلى مهام أخرى كالتنوع والرقمنة. عملت سكرتيرة دولة (برتبة وزير) لرئيس الوزراء النمساوي في الحكومة السابقة وبعد خروج حزبها برئاسة كريستيان كين من الحكومة وانتقاله الى المعارضة لحكومة سيباستيان غوتس انتخبت نائبا في البرلمان النمساوي في تشرين الأول 2017 .
في مقابلة خاصة مع موقع “مصدر دبلوماسي” تحدثت دزدار عن رؤيتها لأزمة اللجوء وطرق معالجتها من النمسا الى لبنان.
في ما يأتي نص الحوار:
*متى جاءت عائلتك من فلسطين الى النمسا؟
-عائلتي من القدس وانتقلت الى الأردن، وقد جاء والدي الى النمسا حين كان طالبا في ستينيات القرن الفائت وأنا ولدت ونشأت في النمسا.
*يمكن القول أن عائلتك عرفت حالة اللجوء؟
-كانت عائلتي لاجئة حين انتقلت الى الأردن وأتت الى النمسا كعائلة مهاجرة وليس لاجئة.
*كيف تنظرين الى أزمة اللجوء في العالم وخصوصا في دول الجوار السوري في لبنان والأردن؟
– أعتقد أنه يجب أن يكون تضامن دولي أكبر في العالم مع هذه الأزمة ودعم الدول للبنان وللأردن عبر مساعدة المجتمعات المحلية وذلك لمنع الحساسيات بين هذه المجتمعات والوافدين، لذا فإن الإنتباه مطلوب في هندسة السياسات.
*ما هي نصيحتك الى مجتمع متعدد كالمجتمع اللبناني حيث تعيش طوائف مختلفة وحيث بدأت التوترات تتظهر للعلن في كثير من الأحيان بسبب حدّة اللجوء وكثافته؟
-أنصح الدولة اللبنانية أن تقوي القطاعات الإجتماعية ومؤسسات الدولة. أنا كنائبة إشتراكية ديموقراطية أفكر أنه من المهم جدا أن يكون نجاح المجتمع عبر ردم الهوّة بين الفقراء والأغنياء، وألاحظ أن الفقر يتفاقم في المجتمعات العربية وهذه مسألة إجتماعية مهمة يجب أن يحلّها أحد، لأنه إذا لم تحل المشكلة الإجتماعية لن يسود السلام وهذا هو أساس المشاكل. أنا من جهتي لا أعتبر بأن الديانات هي أساس المشاكل، بل إن المسألة الإجتماعية هي الأهم، يجب توفير العدالة في الفرص لدخول المدارس الرسمية وبمستوى عال وتمكين اللاجئين من التطور في المجتمع.
*كيف تعاملت النمسا مع مسألة اللجوء؟ وإذا لم تكن من عنصرية في وجه اللاجئين والوضع وردي كما يقول البعض فلم عمدت النمسا الى اغلاق حدودها؟
-الوضع في أوروبا بشكل عام ليس ورديا، بالعكس نحن نرى أن الأحزاب اليمينية العنصرية تتكاثر شعبيتها بسبب استخدامها لمسألة اللجوء سياسيا للتفريق بين الناس، لكن الواقع أن في النمسا نظام اجتماعي جيد، وبالتالي فإن هذه الأحزاب تحاول زرع الشقاق بين الناس. ترتكز سياستي على ضرورة وجود تضامن في المجتمع، ولكنه تضامن مع النمساويين، أعتقد أنه يجب رفع الرواتب لهؤلاء من دون التقصير مع اللاجئين. يجب إعطاء النمساوي المزيد، وهذا الأمر ينسحب على لبنان، فعوض القول أن اللاجئ السوري يأخذ الكثير من المال يجب منح اللبنانيين المزيد من الخدمات.
*كيف تتم معالجة أزمة اللجوء في النمسا وهل صحيح أن عدد اللاجئين الإجمالي هو 80 ألفا؟
-هذا العدد كان في سنة 2015، أما اليوم فقد قلّ بشكل ملموس ووصل الى قرابة الـ20 ألفا، ثمة لاجئين عراقيين وافغان وصوماليين وسوريين ومن آسيا. ونعتقد أنه يجب أن تكون سياسة اندماج في المجتمع أي القيام بكل ما يمكن لكي يتمكن هؤلاء الناس الذين يعيشوا في مجتمعنا من أن يكونوا في وسط المجتمع ويحملون همومه، لا أن يعيشوا مهمشين، ما سيؤدي الى تسببهم بمشاكل للمجتمع ككل من امنية واجتماعية وسواها…إذا زاد الفقر سيؤدي الى مشاكل أمنية حتما.
*كلمة الإندماج في المجتمع اللبناني تفهم وكأنها توطين مقنّع، ما رأيك؟
-أنا افهم هذا الشيء، لكن يجب علينا رؤية الواقع. الأمر ذاته يحدث مع الفلسطينيين الذين ينتظرون لغاية اليوم للعودة ولكنني لا أرى اية مبادرة لعودتهم حتى الآن، هذا هو الواقع وعلى السياسي أن يبتدع حلولا أفضل من الواقع الموجودين فيه، أرى أن الجميع يقولون أن الفلسطينيين سيعودون يوما، لكن ماذا نفعل إذا لم يعودوا؟ وبالتالي إذا لم يحاول أحد اعطاءهم فرصا ليتمكنوا من النجاح في المجتمع اللبناني فهذا سيسبب مشكلات اكبر للبنان. أفهم مدى حساسية الموضوع في لبنان لكن أعود وأسأل: ما هو الحل إذا لم يتمكنوا من العودة؟.
*كيف ترين الى فوائد مؤتمر مماثل لمؤتمر “تشكيل المستقبل: التماسك الإجتماعي في مدننا”؟
-هو يفيد بأن يتعرف جميع رؤساء البلديات في الدول العربية الى بعضهم البعض، لأننا عمليا لا نحكي مع بعضنا البعض. فهل من رئيس بلدية في العالم العربي يحكي ويتواصل مع نظيره في بلد عربي آخر؟ لا أعتقد، لذا يجب أن نتعاون مع بعضنا، فلبنان بلد صغير وغير قادر على الخروج من هذه الدوامة من المشاكل، يحتاج لبنان الى حلول دولية تدعم مكوناته والى تعاون للتفكير على حل هذه المشكلة اللبنانية التي هي في عمقها مشكلة المنطقة برمتها.