“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
ينعقد مؤتمر “روما 2” في إيطاليا في 28 شباط المقبل بحسب أوساط دبلوماسية تحدثت الى موقع “مصدر دبلوماسي”، وهو مخصص للدول المانحة والمنظمات الدولية التي تهتم بكل ما يتعلق بالجيش اللبناني وبالأجهزة الأمنية اللبنانية وهو الإجتماع الثاني بعد “روما 1” الذي انعقد في حزيران عام 2014.
إنعقد مؤتمر “روما1” على خلفية الخطة الخماسية التي أعدتها قيادة الجيش اللبناني وقتها والتي امتدت بين عامي 2013 و2017، لكن الحصيلة النهائية لهذه الخطة لم تكن مشجعة، إذ أن أول من لم يلتزم بتعهداته كانت الدولة اللبنانية التي لم توفر الأموال اللازمة لشراء العتاد والأسلحة والأدوات اللوجستية وتحقق المكننة وتطوير البنى التحتية.
وتميزت الأعوام الخمسة الفائتة بالمساعدات الدولية الثنائية الطابع التي عوّضت نسبيا عدم تطبيق الخطة الخماسية الأولى، وكانت الولايات المتحدة الأميركية أبرز الدول المانحة حيث صرفت ما يزيد عن المليار ونصف المليار دولار خلال الأعوام الفائتة تلبية لاحتياجات المؤسسة العسكرية من أسلحة وذخائر ودبابات “البرادلي” الى مدافع ذاتية الحركة والذخيرة العائدة لها، فضلا عن الطائرات النفاثة “سوبر توكانو” الحربية التي استخدمت صواريخ “الهيلفاير” إبان عملية “فجر الجرود” التي قادها الجيش اللبناني ضدّ تنظيم “داعش” الإرهابي الصيف الفائت وهي تعمل بناء على توجّه بواسطة الليزر. ودرّب الأميركيون أيضا الوحدات الخاصة في الجيش. الى المساعدات الأميركية قدّمت بريطانيا دعما قويا للجيش أبرز معالمه بناء أبراج المراقبة على الحدود الشرقية، فضلا عن المساعدات الفرنسية ومنها صواريخ “الهوت” والجيل الثالث من الصواريخ المضادة للدروع. أما الإيطاليون فقدموا مساعدات وخصوصا في مجال التدريب، علما بأن المساعدات العربية والخليجية كانت شبه معدومة مع الغاء المملكة العربية السعودية دعما بالأسلحة الفرنسية للجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار أميركي، في حين اقتصر الدعم العربي والخليجي على التدريب لا سيما في الأردن والكويت.
إجتمع هذا الأسبوع المجلس الأعلى للدفاع وكان مؤتمر “روما2” أحد المواضيع التي ناقشها القادة العسكريون والأمنيون، ومع شحّ المعلومات التي انبثقت عن هذا الإجتماع إلا أن موقع “مصدر دبلوماسي” علم من أوساط متابعة بـأن مؤتمر “روما 2” سوف ينطلق من الخطة الخماسية الجديدة التي تعدّها قيادة الجيش والتي ستمتد بين عامي 2018 و2022، والمعروفة بـ
Capability Development Plan
وهي تتعلق أيضا بالمساعدات وتطوير قدرات الجيش اللبناني.
للتذكير أنه في الخطة الخماسية الأولى كان يترتب على الحكومة اللبنانية دفع مبلغ 800 مليون دولار لتطوير البنى التحتية والمخابرات وقطاع الكومبيوتر والأمور اللوجستية وأدوات محاربة الإرهاب وسواها من الأمور.
اليوم، يسعى لبنان لتقديم خطة خماسية جديدة وشاملة عن احتياجات الجيش اللبناني للدول المانحة في روما، على أمل ألا يكون هذا المؤتمر للدعم الكلامي فحسب للحكومة وللعهد بل أن تترجم التعهدات الى تمويل واسلحة حقيقية للمؤسسة العسكرية وللأجهزة الأمنية اللبنانية.
“روما 1″ رسائل لـ”حزب الله” وتعهدات بالجملة
للتذكير بأن مؤتمر “روما 1” انعقد في حزيران 2014 في مقر وزارة الخارجية الإيطالية، وقد قال أحد السفراء الأوروبيين لصحيفة “السفير” وقتها بأن هدف المؤتمر هو ” دعم الجيش اللبناني لكي يتحوّل الى الممثّل الشرعي الوحيد للقوى المسلّحة”.
الإجتماع وقتها بقي مغلقا ولم يسمح للصحافيين اللبنانيين إلا بحضور الجلسة الإفتتاحية، وقد حضرته 41 دولة ومنظمة دولية.
سجّل مصدر دبلوماسي إيطالي رفيع في وزراة الخارجية الإيطالية في حديث مع صحيفة “السفير” التي حضرت الإجتماع وقتها نقاطا أساسيّة حول الإجتماع الذي حمل في طيّاته رسائل سياسيّة لعلّها وازت بأهميتها المواضيع التقنية التي تمّ التطرّق إليها:
أولا، المهمّ في النقاشات التي بقيت مغلقة أنّ الدول تعرفت من الجيش اللبناني على مخططه العملي لكيفية دعمه عبر شرح الوفد العسكري اللبناني ووزير الدفاع (آنذاك) سمير مقبل للأولويات والإحتياجات بهدف تجنّب الإزدواجية في تقديم السلاح الضروري للجيش، وقد عرض الإيطاليون من جهتهم كما بقيّة الدول لآلية متابعة مع الجيش تتضمن التفاصيل اللوجستيّة والتسلّحية كافّة وأعلنت كل دولة عما تستطيع تقديمه في إطاري التسليح والتدريب.
ثانيا، كان المؤتمر ليكون أكثر أهمية لو انعقد بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية في الموعد الدستوري المحدّد وخصوصا أن الأخير يرأس المجلس الأعلى للدفاع وهو تفصيل تحدّث عنه (آنذاك) أكثر من دبلوماسي دولي. وقال مسؤول في الخارجية الإيطاليّة لـ”السفير” وقتها بأنّ ” بعض الدول الأوروبية والغربية تتوقف مليا عند الشغور الرئاسي اللبناني لأنها لا ترغب إلا بالإستثمار في الإستقرار وليس في إطار أمنيّ مهتزّ، في حين أن إيطاليا تفكّر بأن الجيش هو ركيزة أساسية للإستقرار بسبب ارتباطها بشكل فريد ومتميز بـ”اليونيفيل” الموجودة في الجنوب اللبناني فإنها تعتبر حماية هذه القوات ودعمها جزءا من سياستها الوطنيّة، من هنا تمّ اختيارها من قبل المجموعة الدولية لدعم لبنان لتولي شؤون الجيش اللبناني ووضع آليات المتابعة الضروريّة وهو في النهاية سيتولى المهام التي تضطلع بها “اليونيفيل”.
تفاصيل الدّعم الإيطالي
في إطار متّصل كشف مصدر إيطالي واسع الإطلاع وقتها تفاصيل طلبتها قيادة الجيش والشرطة الإيطاليين لتحديد ماهيات الدعم للجيش اللبناني في ضوء الخطّة الخماسيّة التي قدمتها القوات المسلّحة اللبنانية وذلك انطلاقا من من التزام إيطاليا في عمل المجموعة الدّوليّة لدعم لبنان.
وقرّ الرأي على بناء قدرات دائمة وطويلة الأمد للجيش عبر التأسيس “لإتّحاد تدريبي” للجيش عوض التدريب الفردي.
إنطلاقا من هذه الفكرة تمّ تحديد بضع فروع رئيسية ستركز عليها الجهود الإيطالية لدعم القوات المسلّحة الإيطاليّة أبرزها: فتح أبواب الأكاديميات العسكرية الإيطالية الكبرى مثل “معهد الدراسات الدفاعية” لتدريب الضباط اللبنانيين الشباب بعد أن كانت محصورة بالضباط الكبار ذي الرتب العالية.
واتفق على ان يتم دمج الضباط اللبنانيين الشباب في مرحلة التعليم من هنا
تعهدت إيطاليا بتقديم دورات تمهيدية متكاملة لتعليم اللغة الإيطالية لهؤلاء.
القطاع الثاني يتعلق بالجيش بشكل عام، فإيطاليا تقدّم سنويا مجموعة من الدورات التدريبية التي تنعقد إما في إيطاليا أو في لبنان بحسب التجهيزات التي تتطلبها، من هنا قررت قيادة الشرطة الإيطالية إضافة دورات بين تركّز على أنشطة الشرطة العسكرية.
بالنسبة الى القوات الجويّة الإيطالية فقد تعهدت بتقديم دورات تدريبية لقيادة طائرات الهلكوبتر ما سيوفّر فرصة لضباط الجيش بالإحتكاك مع منهجيات عسكرية جوية حديثة والتعرف الى خبرات بلدان أخرى في هذا المجال.
بالنسبة الى القوات البحرية، قالت إيطاليا انها مزمعة توفير خدمة هيدروغرافية وطنية متقدّمة تتوافق مع المنظمة الهيدروغرافية الدولية.
هذا المشروع الذي كان مرسوما له أن يمتد على سنوات عدّة كان سيشمل التعليم الموجّه وبرامج التدريب على المعدّات اللازمة ذات الصلة والتشغيل الكامل ما سينعكس إيجابيّا على البيئة البحرية الوطنية بأكملها ويضاعف سلامة الملاحة ويطوّر التجارة البحرية اللبنانية والسياحة واستثمار الموارد في أعالي البحار.
ولعل المشروع الأبرز الذي وعد به مؤتمر “روما 1” عام 2014 كان بناء مركز تدريب في الجنوب اللبناني متخصّص بالقطاعات ذات القيمة العالية مثل التعاون المدني العسكري وإزالة الألغام والحماية الشخصية وسواها.
ويومها اعتبرت وزارة الدفاع الإيطالية أن تعقيدات عملية التعاون التدريبي بين البلدين تحتاج الى منسّق خاص، لذا تمّ تعيين الجنرال لويجي مونتيدورو ليضطلع بدور المنسّق لأنشطة التدريب والتعليم الإيطالية بشكل عام، والرتبة العالية للجنرال مونتيدورو أشارت بوضوح الى مستوى الأهمية التي اغدقتها إيطاليا على علاقاتها الثنائية مع لبنان والى الدور الذي تطمح لأن تلعبه في إطار مجموعة دعم لبنان.