“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
من الممتع في الساعات الأخيرة من عام 2017 إستعادة الحركة الدبلوماسية العربية والدولية تجاه لبنان في غضون 12 شهرا وكذلك الحراك اللبناني تجاه الخارج. وقد شهد عام 2017 عودة الحياة الى مؤسسات الدولة اللبنانية بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية في نهاية 2016 ما انعكس زخما دبلوماسيا إقليميا ودوليا تجاه لبنان.
رصد موقع “مصدر دبلوماسي” في هذا التقرير أبرز المحطات الدبلوماسية العربية والدولية تجاه لبنان في الأشهر الـ12 المنصرمة، وبدت المحصلة مثيرة للإهتمام وخصوصا في ما خصّ الخط البياني لعلاقات لبنان مع محيطه الإقليمي وخصوصا مع السعودية والكويت والدول الخليجية. واللافت أن رصد أخبار وزيارات الشهر الأول من السنة يظهر بوضوح أن شهر عسل جمع لبنان بالسعودية والخليج ما لبث ان تحول في نهاية السنة الى كابوس حقيقي. على أمل أن يعود الإنفراج الى هذه العلاقات قريبا في سنة 2018 وخصوصا بعد حل عقدة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين وتحديد موعد الثلاثاء المقبل لبدء مراحل تقديم أوراق اعتماد السفير السعودي الجديد في لبنان وليد اليعقوب بدءا من وزارة الخارجية والمغتربين وصولا الى قصر بعبدا، فضلا عن استعداد الرئيس عون في الـ25 من كانون الثاني المقبل للقيام بزيارة رسمية الى الكويت.
السعودية تعبّر عن ثقة كبيرة بالرئيس اللبناني
إنها الأقدار السياسية والدبلوماسية التي تضع علاقات بلدين على كفّ عفريت: في 10 كانون الثاني 2017 اختار رئيس الجمهورية المنتخب حديثا العماد ميشال عون المملكة العربية السعودية وجهته لأول انتقال رسمي رئاسي الى خارج البلاد، ولعل محاضر اللقاءات العلنية مع الملك سلمان بن عبد العزيز والتصريحات التي أعقبتها مهمة جدا للعودة اليها وخصوصا بعد الأزمة السياسية والدبلوماسية التي تشهدها علاقات البلدين والتي تظهرت للعلن في 4 تشرين الثاني الفائت إثر اعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالة من خارج السياق السياسي الداخلي من الرياض وما تلاها من ازمة سياسية ودبلوماسية أرجأت قبول أوراق اعتماد السفير السعودي المعين حديثا وليد اليعقوب لاكثر من شهرين وتأخير قبول أوراق اعتمد السفير اللبناني فوزي كبارة المعيّن في الرياض لـ4 أشهر قبل حلّ العقدة.
بالعودة الى الزيارة الرئاسية الى السعودية فقد وصل الرئيس عون في 10 كانون الثاني الفائت الى الرياض وعقد اجتماع قمّة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في الديوان الملكي السعودي عبّر فيه الملك سلمان عن ثقته بالرئيس اللبناني وقال بأنها “ثقة كبيرة وانه سيقود لبنان الى برّ الامان والاستقرار”.
ولفت الملك سلمان الى ان “المملكة لا تتدخل في شؤون لبنان وتترك للبنانيين ان يقرروا شؤونهم بأنفسهم”، وانه اوعز الى المسؤولين السعوديين”درس المواضيع التي اثارها الرئيس عون اقتصادياً وامنياً وعسكرياً وسياحياً، وتبادل الزيارات مع نظرائهم اللبنانيين، وكذلك المواطنين السعوديين الذين يكنون محبة خاصة للبنان”
من جهته، اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على ان ما جمع بين اللبنانيين والسعوديين من علاقات تاريخية، سيستمر وان الزيارة التي يقوم بها الى المملكة هي للتأكيد على هذا الامر. وعرض ما تحقق على صعيد تعزيز التوافق الوطني بعد الانتخابات الرئاسية والاستقرار السياسي والعمل على معالجة كل النقاط التي تحقق مصلحة اللبنانيين.
قطر
بعد السعودية توجه رئيس الجمهورية في 11 كانون الثاني الى الدوحة في زيارة رسمية على رأس وفد وزاري رفيع.
بروجوردي يزور عون قبل يوم من زيارته السعودية
وسجل عام 2017 سباق زيارات بين السعوديين والإيرانيين: وما يجب تسجيله انه في 9 كانون الثاني 2017 أي قبل يوم من زيارة عون الى المملكة العربية السعودية حصلت زيارة إيرانية مفاجئة بتوقيتها لرئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي.
أتى بروجردي من سوريا بعد لقاءات عالية المستوى شملت الرئيس السوري بشار الأسد ليعقد في لبنان لقاء مع الفصائل الفلسطينية بتنظيم من “حزب الله”، الى لقاءات رسمية مع رؤساء الجمهورية ميشال عون والنواب نبيه برّي والحكومة سعد الحريري.
وتوقف المراقبون عند توقيت الزيارة الذي حمل مؤشرات واضحة من إيران على أنها لاعب أساسي في الساحة اللبنانية، وفي الزيارة رسالة رمزية وجهتها طهران الى المملكة العربية السعودية بألا تحاول التفرّد بالساحة اللبنانية التي أنتجت أخيرا تسوية داخلية بغطاء إيراني-سعودي غير متفق عليه.
عبد اللهيان يزور لبنان
بعد 14 يوما بالتمام والكمال وتحديدا في 24 كانون الثاني 2017 استقبل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الاسلامي الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان.
وفي مستهل اللقاء، شكر الوزير باسيل عبد اللهيان على “عدم تدخل ايران في الاستحقاق الرئاسي اللبناني“.
بعد اللقاء قال اللهيان: “أجرينا مفاوضات سياسية بناءة وجادة مع الوزير باسيل، كما اجرينا سلسلة من المشاورات السياسية حول اخر المستجدات والتطورات التي تجري من حولنا في المنطقة، ولا سيما في غرب اسيا. واستحوذ الشأنان السوري والفلسطيني على القسم الاكبر من المحادثات السياسية التي أجريناها مع معاليه“.
وزير خارجية العراق
وفي 21 كانون الثاني سجلت زيارة لوزير خارجية العراق ابراهيم الجعفري حيث أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على حرص لبنان على تطوير العلاقات اللبنانية-العراقية وتعزيزها في المجالات كافة، لاسيما في شقها الاقتصادي، متمنياً أن يستعيد العراق أمنه واستقراره ويبسط سيادته على أراضيه كافّة.
ممثل امير الكويت
في 24 كانون الثاني زار لبنان ممثل امير الكويت ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إمتنان لبنان رئيسًا وشعبًا للدعم الذي قدمته دولة الكويت ووقوفها الدائم الى جانب شعبه، منوهًا بمواقف اميرها الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح الذي كان خير نصير للبنان في الظروف الصعبة التي مر بها.
موغيريني
وفي 26 كانون الثاني زارت لبنان أيضا الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية الأوروبية فيديريكا موغيريني وأعربت عن سعادتها لعودة المؤسسات الدستورية الى العمل مع انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، معتبرة ان هذا الانتخاب ترك ارتياحاً لدى الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي التي ابدت استعداداً ثابتاً للاستمرار في دعم لبنان في المجالات التي يراها ضرورية. وفي كانون الاول الجاري عادت موغيريني وزارت لبنان مؤكدة دعم الإتحاد الأوروبي للحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس سعد الحريري.
زيارة السبهان
في 6 شباط 2017 أعلن وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان أن المملكة العربية السعودية سوف تزيد من معدّل رحلات شركة الخطوط الجوية السعودية وأنها ستعمد الى تعيين سفير جديد في لبنان.
كلام السبهان جاء أثناء زيارته لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورافقه القائم بالاعمال السعودي (السابق) في لبنان المستشار وليد عبد الله بخاري ومساعد الوزير السبهان وليد اليعقوب الذي عيّن أخيرا سفيرا للمملكة في لبنان.
ونقل السبهان الى عون تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد (السابق) الامير محمد بن نايف بن عبد العزيز وولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز. وقال ان زيارته تأتي لاستكمال البحث في المواضيع التي تم الاتفاق عليها في خلال زيارة الرئيس عون للسعودية في مجال تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، مؤكدا حرص الملك سلمان على ان يتابع الوزراء في البلدين النقاط التي تم الاتفاق عليها خلال القمة اللبنانية -السعودية التي عقدت في الرياض في الشهر الماضي.
واعلم الوزير السبهان الرئيس عون بتعيين سفير جديد للمملكة العربية السعودية في لبنان وزيادة رحلات شركة الطيران السعودية الى مطار رفيق الحريري الدولي وعودة السعوديين لزيارة لبنان وتمضية عطلاتهم السياحية فيه.
وشكر الرئيس عون الوزير السبهان على زيارته، وحمله تحياته الى خادم الحرمين الشريفين وشكره على الاجراءات التي اتخذها في سياق تفعيل العلاقات اللبنانية- السعودية.
زيارة كوركر
من جهته جدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي روبرت كوركر لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون التزام الولايات المتحدة مساعدة لبنان وزار كوركر لبنان لبضعة أيام وقد التقى عون في حضور السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيت ريتشارد.
من جهته، أكد عون حرصه على استمرار العلاقات اللبنانية-الأميركية وعلى التعاون في ما يساعد على استقرار لبنان، متمنياً أن يستمر الدعم الاميركي للجيش اللبناني عدة وعتاداً حتى يصبح قادراً لوحده على الدفاع عن لبنان لا سيما وأنه لا يوجد راهناً أي توازن بين قدرات الجيش اللبناني وقدرات جيوش الدول المحيطة بلبنان.
زيارة محمود عباس
في 23 شباط2017 زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبنان واكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن عدم الوصول الى حل عادل للصراع العربي-الاسرائيلي هو في أساس ما تعاني منه منطقتنا من تخبط واختلال توازن وانعدام استقرار، وعلى ان الحاجة اصبحت أكثر من ملحّة لإيجاد حلول سياسية للأزمات وسفك الدماء المتواصل في بعض الدول العربية، لأنها وحدها قادرة على وضع حدِ لمعاناة طالت.
ولفت الى أن المقاربة التي تعتمدها اسرائيل منذ نشوئها، في صراعها مع العرب، والتي تقوم على قاعدة القوة، قد تحقِّق لها بعض انتصارات آنية، ولكنها لا توصل للحل ولا للسلام؛ فلا سلام من دون عدالة، ولا عدالة من دون احترام الحقوق.
وشدد الرئيس عون على أهمية دور الرئيس الفلسطيني في المحافظة على استقرار المخيمات الفلسطينية في لبنان، فلا تتحوّل بؤراً لمن يبغي استغلال مآسي الشعب الفلسطيني، واستثمارها في الإرهاب والإخلال بالأمن.
فيما اكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس على ان اللاجئين الفلسطينيين على الأرض اللبنانية ما هم إلا ضيوف عليكم،
وفي نهاية العام، وتحديدا في كانون الأول 2017 شارك عون في مؤتمر اسطنبول للدول الإسلامية الذي شجب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل من قبل بلده ما ترك ارتياحا عارما في الأوساط الفلسطينية.
أزمة النزوح
خيمت أزمة النزوح على لبنان منذ بدايات السنة الفائتة حيث شهد لبنان زيارات رفيعة المستوى أبرزها في 3 شباط الفائت لمفوّض الأمم المتّحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الذي التقى رئيس الجمهورية ثم عقد مؤتمرا صحافيا قال فيه أن المفوضية الأممية لا تشجع عودة اللاجئين الى سوريا، قائلا بالحرف:” لن نفعل ذلك بالتأكيد لأننا لا نريد أن نعرّضهم للخطر ونخلق المزيد من اللاستقرار” مردفا أن أية عودة ستكون بعد إحلال الأمن وبدء إعمار سوريا. وفي 6 شباط صدر بيان عن مؤتمر لندن للنازحين الذي جمع قبل عام قادة العالم لمواجهة أزمة النزوح واتفقوا خلاله على تجربة شيء جديد وجذري. تعهد المجتمع الدولي بتقديم أكثر من 12 مليار دولار لدعم سوريا ودول الجوار وهو أعلى مبلغ يتم التعهد بتقديمه في يوم واحد استجابة لأزمة انسانية.
بموجب هذا المؤتمر حصل لبنان على درجة غير مسبوقة من الاهتمام السياسي والمالي: عُشر التعهدات الدولية في العام 2016 انفقت في لبنان.
ومما جاء في البيان أن المجتمع الدولي دعم 235 بلدية على كل الاراضي اللبنانية لتحسين البنية التحتية الاساسية –إضاءة الطرقات والمدارس والحدائق العامة وقنوات الري والطرقات الزراعية والمعدات. وأضاف:” لقد موّلنا الالتحاق المجاني بالمدارس لاكثر من 200 الف طفل اضافي لكي لا يبقى اي طفل محروما من التعليم ودخلنا في شراكة مع وزارة التعليم لتحسين المعايير وتأمين الكتب المدرسية مجانا لكل الطلاب”.
في التوقيت ذاته أصدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بيانا مشترك مع المملكة المتّحدة يؤكد على الإستمرار في الإستجابة لدعم النازحين السوريين في لبنان وذلك بعد زيارة وزيرة الدولة لشؤون التنمية الدولية بريتي باتيل والمفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي لمخيمات نازحين في البقاع.
وفي 20 شباط أصدر مكتب المنسّق المقيم للأمم المتحدة في لبنان ومنسق الشؤون الإنسانية فيليب لازاريني بيانا قال فيه أن
1.9 مليار دولار أميركي هو حجم التمويل الدولي للبنان عام 2016 بالنسبة الى أزمة النزوح السوري.
ويشمل هذا المبلغ بحسب تقرير صدر عن مكتب لازاريني ما مجموعه 1.57 مليار دولار أعطتها الجهات المانحة في عام 2016، و344 مليون دولار متبقيّة من عام 2015 في حسابات وكالات الأمم المتحدة والبنك الدولي والمنظمات غير الحكومية.
وتُظهر البيانات الموحّدة الارتفاع المستمرّ لحجم الدعم للبنان من قبل المانحين في عام 2016 وذلك استجابةً لتأثير الأزمة السورية. وبالإضافة إلى ذلك، أفادت الجهات المانحة أنها خصصت للبنان مبلغاً إضافياً يفوق الـ1.3 مليار دولار أميركي لعام 2017 وما بعده.
وفي ما يخصّ الموارد المتاحة لدعم خطة لبنان للإستجابة للأزمة، أعلنت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكوميّة أنها تلقّت 1.13 مليار دولار ضمن إطار هذه الخطة في عام 2016. ويشكّل هذا المبلغ 53 في المئة من النداء الذي تمّ إطلاقه في عام 2016، مع الأخذ بعين الاعتبار مبلغ الـ186 مليون دولار المتبقّين في حساب الخطة.
في 5 شباط زارت وزيرة التنمية الدولية البريطانيه بريتي باتل لبنان واعلنت أن بريطانيا تفي بالتزامها دعم التعليم النوعي في لبنان بمبلغ 160 مليون جنيه استرليني على اربعة أعوام.
وعلى غرار العام الفائت سيسمح هذا التمويل لـ147 ألف تلميذ أضافي بالالتحاق بالمدارس الرسمية وسيحافظ على توفير التعليم المجاني للجميع.
وكانت الاسرة الدولية قد تعهدت في 4 من شباط 2016 بتوفير أكثر من 12 مليار دولار لدعم سوريا والجوار وهو أعلى مبلغ يتم التعهد بتقديمه في يوم واحد استجابة لأزمة انسانية.
قطوع القمة العربية والموافقة على بند التضامن مع لبنان
واجه لبنان عام 2017 مطبات دبلوماسية خطرة، فقد حضر رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون الجلسة الإفتتاحية للقمة العربية بدورتها الـ28 في البحر الميت في الأردن في آذار الفائت وألقى كلمة بإسم لبنان اشار فيها الى ان لبنان في ما له من علاقات طيّبة مع جميع الدول الشقيقة، يبدي كامل استعداده للمساعدة في إعادة مدّ الجسور، وإحياء لغة الحوار، لأننا، نحن كلبنانيين، عشنا حروباً متنوّعة الأشكال، ولم تنته إلاّ بالحوار.
وأشار الى أنّ خطورة المرحلة تحتّم علينا، أن نقرّر اليوم وقف الحروب بين الإخوة، بجميع أشكالها، العسكرية والمادية والإعلامية والدبلوماسية، والجلوس إلى طاولة الحوار، لتحديد المصالح الحيوية المشروعة لكلّ فريق، واحترامها وإلاّ ذهبنا جميعاً عمولة حلّ لم يعد بعيداً، سيفرض علينا.
وقد أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان في بيان واكب القمة أنه في ضوء اتصالات أجراها وزير الخارجية جبران باسيل أثناء زيارته الى واشنطن والتقى فيها نظراءه من الأردن والسعودية والبحرين فقد أقنع هذه الدول بالموافقة على بند التضامن مع لبنان. ولفت البيان الى أن ” الدول الخليجية رفعت تحفظها عن بند التضامن مع لبنان خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في عمان وصدر القرار بالموافقة على بند التضامن مع لبنان”.
وكانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين قد تحفظت على هذا البند في الإجتماعات التمهيدية للقمة العربية. يذكر أنه في اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب جرى في تشرين الثاني الفائت في القاهرة بناء على دعوة السعودية وإثر إطلاق المقاتلين الحوثيين صاروخا باليستيا من اليمن على الأراضي السعودية، قاد لبنان معركة دبلوماسية ضارية في جامعة الدول العربية. إذ حاولت بعض الدول التي تتهمه بالسير بالخط الإيراني (إثر أزمة استقالة الحريري) تصنيف لبنان بحكومته مجتمعة بأنه داعم للإرهاب. وكانت السعودية تتهم “حزب الله” بأنه يدعم المقاتلين الحوثيين في اليمن. وبعد اتصالات أجراها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بدعم من القاهرة تم العدول عن هذا التصنيف.
الدول تريد الإنتخابات النيابية
ومنذ شهر نيسان 2017 بدأت الدول الغربية خصوصا حملة لتشجيع إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها الدستوري. وفي 18 نيسان شدد أعضاء مجموعة الدعم الدولية في بيان خاص على أهمية إجراء الانتخابات في حينها للحفاظ على العملية الديمقراطية في لبنان ودعوا القادة اللبنانيين إلى التوصل إلى إتفاق في أقرب وقت ممكن من خلال مشاورات سياسية. ومثل المجموعة الدولية صدر بيان أيضا عن الإتحاد الأوروبي بذات المعنى.
النزوح مجددا ومؤتمر بروكسيل
في 5 نيسان 2017 انعقد بروكسل حول مستقبل سوريا والمنطقة في صالة مجلس الاتحاد الاوروبي وشارك فيه رئيس الحكومة سعد الحريري وكانت له كلمة معبرة عن واقع الحال اللبناني، ومما جاء فيها: (…) اشارته الى انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في لبنان من نسبة 8 في المئة قبل الأزمة إلى ما يزيد قليلا على واحد في المئة في السنوات اللاحقة . كذلك فان الخسارة التي لحقت بالناتج المحلي الإجمالي منذ بداية النزاع بلغت 18 مليار دولار في 2015. معدل الفقر وصل الى ال 30 في المائة، وتضاعف معدل البطالة إلى 20 في المئة، في حين ان البطالة بين الشباب اللبناني هي 30 في المئة.
وقال الحريري أن الخدمات العامة تعمل فوق طاقتها والبنى التحتية مستنفذة، وغني عن القول ان نسبة ديون عجز الموازنة قد زادت. وعلاوة على ذلك، فان التقديرات تشير إلى أن أكثر من 500،000 شاب بين سوري ولبناني يواجهون خطر زيادة سوء الاوضاع الاجتماعية.
وقال ان 90 في المئة من الشباب اللبناني يشعرون بانهم مهددون من قبل النازحين السوريين، والتوترات بين هذين المجتمعين وصلت الى مستويات خطيرة ، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية واعمال عنف من شأنها ان تهدد أمن البلاد واستقرارها السياسي.
وأبرز المساهمات في مؤتمر بروكسل جاءت من الولايات المتحدة الأميركية حيث اعلنت واشنطن في 5 نیسان
أنھا توفر أکثر من 566 مليون دولار كمساعدة إضافية للمتضررين من الأزمة السوریة.
الخلاف الخليجي وتعيين بن سلمان وليا للعهد
في 31 ايار وعقب زيارة وصفت بالتاريخية قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى السعودية، إنفجر الخلاف الخليجي مع قطر في سرعة غير مسبوقة فقطعت 3 دول خليجية هي السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة وكذلك فعلت مصر. في حين قررت الإمارات والسعودية والبحرين منع دخول أو عبور المواطنين القطريين ومنع مواطنيها من السفر الى قطر أو الإقامة فيها، وأمهلت هذه الدول البعثات الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة أراضيها. كذلك قررت السعودية والإمارات إغلاق كافة المنافذ البحرية والجوية خلال 24 ساعة أمام الحركة القادمة والمغادرة الى قطر.
تدهور الأوصاع مع قطر في شكل دراماتيكي حمل الكثير من الدلالات عقب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى المملكة العربية السعودية، مشاركا في القمّة الأميركية العربية الإسلامية.
وشهد شهر حزيران في الـ21 منه حدثا اقليميا مهما سيكون له تأثيره على لبنان والمنطقة. فقد أصدر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أوامر ملكية بإعفاء ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز (52 عاما) من منصبه وتعيين ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (31 عاما) وليا للعهد محتفظا بمنصبه كنائب لرئيس مجلس الوزراء، ووزيرا للدفاع. وبحسب وكالة الأنباء السعودية ومقاطع فيديو بثتها وسائل الإعلام السعودية فقد بايع ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف ولي العهد الجديد بحسب العادات المتبعة، وتأتي هذه الخطوة بعد مرور قرابة العامين على تولي الملك سلمان زمام الحكم عام 2015.
معارك عرسال في 21 تموز وزيارة الحريري الى واشنطن في 25 منه
بدأت ليل الخميس في 21 تموز 2017 عملية تحرير جرود عرسال من مسلحي “جبهة النصرة” و”داعش” بعد فشل عمليات التفاوض مع زعيم “جبهة النصرة” أبو مالك التلي الذي وضع شروطا منها نقل حوالي 539 مقاتلا وعائلاتهم الى تركيا عبر مطار “رفيق الحريري الدولي” وبحوزتهم مبالغ مالية طائلة. وفي حين لم تتم أية مفاوضات مع مقاتلي “داعش” الذين تردد ان عددهم بلغ قرابة الـ400 فإن المعارك بدأت في جرود شاسعة تمتد الى مئات الكيلومترات. وفي حين رفض مسؤولون في في “حزب الله” التعليق على مجريات المعارك، فإن “الإعلام الحربي” واكب المعارك في جرود عرسال والقلمون.
ترامب يضع “حزب الله” على قدم المساواة مع “داعش” و”القاعدة”!
في تزامن مع المعارك في عرسال زار رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الثلاثاء 25 تموز 2017 البيت الابيض حيث استقبله الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
واجرى الحريري محادثات مع ترامب تناولت الاوضاع في لبنان وسبل مساعدته لمواجهة ازمة النزوح السوري والنهوض بالوضع الاقتصادي ودعم الجيش اللبناني وآخر مستجدات الاوضاع في المنطقة العربية.
وعقد ترامب والحريري مؤتمرا صحافيا مشتركا كان الأبرز فيه قول ترامب بأن “لبنان يقف على الخط الأمامي في محاربة “داعش” و”القاعدة” و”حزب الله”. (…).
أضاف: إن الولايات المتحدة والجيش الأميركي فخوران بالمساعدة في هذه الحرب، وسنستمر في ذلك، وبمساعدة أميركا تستطيع أن تضمن أن الجيش اللبناني سيكون المدافع الوحيد الذي يحتاجه لبنان وهو قوة محاربة قوية وفعالة جدا وأن صمود الشعب اللبناني يأتي من الداخل. وأن حزب الله يمثل تهديدا للدولة اللبنانية والشعب اللبناني والمنطقة بأكملها، وأن هذه المجموعة تستمر في زيادة عتادها العسكري مما يعزز خطر النزاع مع إسرائيل. وبدعم من إيران تستمر هذه المجموعة بتعزيز وتقوية المأساة الإنسانية في سوريا. وحزب الله يظهر نفسه على أنه مدافع عن مصالح اللبنانيين، لكن من الواضح أنه ينفذ مصلحته الشخصية ومصلحة داعمه إيران.
من جهته اكد الحريري التزام الحكومة اللبنانية بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 إضافة إلى جميع قرارات المجلس.
“فجر الجرود”
وبعد انتهاء معارك عرسال، أعلن قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون في 19 آب 2017 بدء معارك “فجر الجرود” لاجتثاث تنظيم “داعش” الإرهابي من جرود رأس بعلبك والقاع على الحدود اللبنانية السورية. وصباح اليوم ذاته وصل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون الى وزارة الدفاع لمتابعة تفاصيل العملية التي انتهت بدحر “داعش” وتنظيف الحدود اللبنانية برمتها، وتم إثر هذه العملية الكشف عن مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى “داعش” من 2014 وبمعية مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم استعاد لبنان جثامين جنوده ودفنهم في مأتم رسمي وشعبي مهيب.
ملف التمديد لـا”ليونيفيل”
في آب الفائت قفز الى الواجهة ملف التمديد لقوات الطوارئ الدولية حتى 30 آب 2018 وصدر القرار 2373 الذي وضع عمل هذه القوات تحت المجهر الدولي بضغط أميركي اسرائيلي مشترك، وطلب من “اليونيفيل” التزامات عدّة ليس اقلها التبليغ عن اي تقييد لحركتها والقيام باستطلاعات وعمليات تفتيش في منطقة عملياتها.
خلية العبدلي وزيارة الحريري الى الكويت
وبرزت في هذه الآونة قضية “خلية العبدلي” التي اتهم فيها القضاء الكويتي “حزب الله” بدعم اعمال تخريبية على الأراضي الكويتية. وقام رئيس الحكومة سعد الحريري في 14 آب 2017 بزيارة الى الكويت ولم تكن المحادثات التي قام بها مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بالديوان الأميري في في قصر بيان سهلة.
ولا يبدو من خلال النقاشات التي حصلت بأن الكويت قد غضّت الطّرف عن إجابة لبنانية رسمية واضحة وصريحة بشأن “خلية العبدلّي” التي صدر فيها حكم يتهم “حزب الله” وإيران بدور في تدريب أفراد هذه الخلية التي كانت تهيئ لأعمال تخريبية في البلد.
ولا تزال الكويت تنتظر ردّا لبنانيا رسميا وواضحا وبالأدلّة الدامغة حول القضية وقد أرسلت الخارجية الكويتية عبر السفير الكويتي في لبنان عبد العال القناعي كتابا رسميا الى وزارة الخارجية اللبنانية تطالب فيه بإيضاحات حول هذا الملف. ومن المنتظر أن يزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الكويت في 25 كانون الثاني من السنة الجديدة (2018) حيث سيعيد طرح هذا الموضوع الذي انعكس أيضا أزمة في التمثيل الدبلوماسي اللبناني في الكويت بعد تعليق لبنان تقديم أوراق اعتماد السفير المعين في الكويت ريان سعيد إثر رفض كويتي (غير معلن رسميا) لتولي طائفة لبنانية معينة مركز السفارة.
الأنصاري والسبهان في بيروت
في 25 آب ركّز الإعلام اللبناني على مجيء وزير شؤون الخليج ثامر السبهان الى لبنان في زيارة أعقبت مباشرة جولة 3 أيام قام بها مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين جابري أنصاري الى لبنان حيث التقى عددا كبيرا من المسؤولين اللبنانيين.
وذهب البعض الى قراءة زيارة السبهان التي لم يطلب فيها موعدا من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على أنها محاولة إيحاء بوجود توازن سعودي-إيراني على الساحة اللبنانية.
وفي ايلول بدأ السبهان سلسلة تغريدات مريبة تجاه لبنان. فقد غرّد في 4 ايلول على حساب “تويتر” الخاص به: ” ما يفعله “حزب الشيطان” من جرائم لا إنسانية في أمتنا سوف تنعكس إثارة على لبنان حتما، ويجب على اللبنانيين الإختيار معه أو ضدّه. دماء العرب غالية”.
وفي 8 يلول عاد وغرّد:” الإرهاب والتطرّف في العالم منبعه إيران وإبنها البكر “حزب الشيطان” وكما تعامل العالم مع داعش لا بدّ التعامل مع منابعه، شعوبنا بحاجة للسلام والأمن”.
وفي 30 ايلول زار رئيسا حزبي القوات اللبنانية سمير جعجع والكتائب اللبناني سامي الجميل السعودية، وسط توتر شديد في العلاقات بين البلدين. وكانت المملكة العربية السعودية بقيادة وليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان بن عبد العزيز بدأت بإعادة تموضعها على الساحة اللبنانية، بعد سلسلة من الخيبات كان ابرزها معاينة المملكة بالبرهان الملموس أن انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية لن يدفعه الى اختيار مقعد وسطي بينها وبين إيران.
ولم تكن دعوة قيادات لبنانية الى المملكة ابرزها جعجع والجميل فضلا عن دعوات لقيادات لبنانية أخرى سوى تمهيد لبدء حملة جديدة ضد “حزب الله” ومحاولة سعودية لإعادة التموضع لبنانيا أعقبت زيارة وزير شؤون الخليج ثامر السبهان وتغريداته المثيرة للجدل التي طلبت من اللبنانيين الإختيار بين “حزب الله” وسواه.
القمة اللبنانية الفرنسية
في أيلول زار الرئيس اللبناني ميشال عون فرنسا والتقى الرئيس إيمانويل ماكرون
و شدد عون على “ان تطبيق قرار مجلس الامن الرقم 1701 هو اولويتنا للحفاظ على السلام في المنطقة”، وجدد التأكيد على ان لبنان الذي ينتظر كما العالم ان تنجح المفاوضات ويعود الاستقرار والامن الى الربوع السورية هو مع العودة الآمنة للنازحين السوريين انطلاقاً من مبدأين: الاول يهدف الى عدم تحويل القضية الى امر واقع للتوطين “لان لبنان لا يمكن ان يقبل بهذا الامر تحت اي ظرف “، والمبدأ الثاني يهدف الى انهاء المعاناة الانسانية للنازحين، خصوصاً وان لا قدرة للبنان على تأمين متطلباتهم.
اما الرئيس ماكرون، فاكد من جهته، ان تمسك الحكومة اللبنانية بسياسة النأي بالنفس هو افضل طريق للحفاظ على استقرار لبنان ومن اجل العمل على معالجة ازمة النازحين والارهاب.
وفي ايلول عقدت الجمعية العامّة للأمم المتحدة دورتها الـ72 في نيويورك، وترأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفد لبنان الرسمي وكانت له كلمة تاريخية برز فيها مواقف لبنان حول القضية الفلسطينية ومحاربة الإرهاب وملف النزوح السوري.
وشهد شهر تشرين الأول زيارتين مهمتين لرئيس الحكومة اللبناني الى ايطاليا والى والفاتيكان وقبلهما الى روسيا.
الهزّة السياسية واستقالة الحريري ثم العودة عنها
وشهدت نهايات سنة 2017 هزّة سياسية قاسية تخطاها لبنان تمثلت بإعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالة ملتبسة من السعودية،هاجم فيها إيران متوعدا بقطع أذرعها. وقبل سفر الحريري الى السعودية بساعات كان التقى مستشار الشؤون الدولية لمرشد الثورة الإسلامية الإيرانية علي أكبر ولايتي .
استقالة الحريري أدت الى نشوء أزمة سياسية حادة مع السعودية بعد اتهامها من قبل لبنان ورئيس جمهوريته العماد ميشال عون باحتجاز الحريري عنوة وارغامه على الإستقالة. وقام وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بسلسلة زيارات الى دول أوروبية وروسيا لشرح وجهة النظر اللبنانية، وهدد لبنان برفع شكوى الى مجلس الأمن الدولي.
وبعد قرابة الأسبوعين عاد الحريري الى لبنان إثر وساطة قادها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدعم أميركي وأوروبي واسع ثبّت مظلة الإستقرار فوق لبنان. ويستعد لبنان اليوم لانعقاد مؤتمر باريس 4 ومؤتمر روما 2 الى مؤتمر بروكسل جديد حول النزوح السوري ومساعدة لبنان، في حين يخيّم مناخ من الإستقرار المقبول بعد عودة الحريري عن استقالته ومعاودته لنشاطه الإعتيادي. ويسجّل أنه في عام 2017 أقر مجلس الوزراء اللبناني تلزيم التنقيب عن الغاز والنفط في الرقعتين 4 و9 لثلاث شركاتهي: “إيني” الإيطالية و”توتال الفرنسية” و”نوفاتيك” الروسية، ما يفتح آفاقا جديدة للبنان بدءا من سنة 2018.