مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
تنشغل الولايات المتحدة الأميركية بمشاكل “عائلية” وداخلية في “البيت الأبيض” وفي وزارة الخارجية وفي كل الأروقة الحكومية.
انتشر هذا الأسبوع خبر طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من صهره ومستشاره جاريد كوشنير ومن إبنته إيفانكا وهي أيضا كبيرة مستشاريه مغادرة سكن البيت الأبيض والإنتقال الى شقتهما الخاصة في نيويورك. حصل ذلك على خلفية خلافات مزمنة وتباينات عميقة وتفرّد قام به كوشنير سواء في ملف العلاقات مع الحليف السعودي أو في الكيد لشخصيات تبين لترامب أنه لم يكن ينبغي عليه أن يبعدها منها مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي “الأف بي آي” جيمس كومي وكان لهذا الخبر وقع الصاعقة.
الى ذلك ثمة مشاكل كبرى سببها كوشنير مع وزير الخارجية ريكس تيلرسون المهدد بمنصبه بسبب تباينات في كيفية إدارة الملف الخارجي، وقد ظهر ذلك جليا من خلال إستبعاد الخارجية الأميركية عن معلومات مهمة جدا كان آخرها ما نشرته صحف أميركية من أن صهر ترامب كان على علم مسبق بالحركة السعودية غير الإعتيادية في 4 تشرين الثاني الجاري والتي أسفرت عن توقيف عدد من الأمراء ورجال الأعمال السعوديين بهدف مكافحة الفساد، ولكن ايضا بما حصل مع رئيس حكومة لبنان سعد الحريري الذي أبقي في السعودية على مدى اسبوعين في ظروف أقل ما يقال فيها أنها غامضة. هذا الأمر أخرج تيلرسون عن طوره، وكذلك كبير موظفي البيت الأبيض الجنرال جون كيلي. وتشير المعلومات التي نشرت أخيرا أن كيلي له اليد الطولى هو “بقصقصة اجنحة” كوشنير، وهو اصدر قرارا بإلزامية أن تمر كل التقارير التي ترفع للرئيس عبره وليس بطريقة مباشرة اليه منعا لوقوع أخطاء وانحرافات ما يعزز في الوقت عينه دور المؤسسات الأميركية,
يذكر صحيفة “النيويورك تايمز” نشرت أخيرا تقريرا عن موجة الإستقالات والإقالات التي تتم حاليا في وزارة الخارجية الأميركية والتي بلغت المئة على خلفية التطهير البيروقراطي الذي يقوم به تيلرسون.
وتشير أوساط أميركية واسعة الإطلاع لموقع “مصدر دبلوماسي” الى أن الغضب الكبير الذي ووجه به كوشنير كان بسبب مشاركته وتواطئه في مخطط يهدد استقرار لبنان ومعه المصالح الأميركية والأوروبية في آن من دون أن يجد نفسه مضطرا لإبلاغ الخارجية الأميركية وربما ترامب شخصيا! وتذهب الأوساط الى القول الى أن تيلرسون الذي سبق وغضب من تفرد السعودية بقطع العلاقات الدبلوماسية فجأة مع قطر في حزيران الفائت وشنّ الرياض حملة خليجية ضد الدوحة وحصارها من دون إبلاغ الحليف الأميركي، سرعان ما تحرك في الملف اللبناني وطلب معلومات من لبنان وفرتها سفيرة أميركا في بيروت اليزابيت ريتشارد (التي فوجئت أيضا بخبر استقالة الحريري الآتية من خارج السياق) ومن مصادر سعودية وأوروبية وأستخبارية ليصدر بيانا يشير فيه الى أن الحريري هو شريك الولايات المتحدة الأميركية القوي ويدعو الى عودته لتسلم الحكومة.
وتشير الأوساط الى أنه لم يتم التأكد بعد من أن أجنحة كوشنير “تمت قصقصتها” بشكل كاف، وهذا ما سيثبت في الأيام والأسابيع القادمة، من خلال الأداء الرئاسي. وعن سبب القوة التي يتمتع بها جون كيلي قالت الأوساط: لأن استقالة كيلي ستؤدي الى انهيار كل منظومة البيت الأبيض التي وضعها كيلي لمساعدة الرئيس، وترامب لن يحتمل ذلك. ولفتت الأوساط الى أن المتوقع أن تنكفئ السياسة الأميركية بشكل أكبر عن الشرق الأوسط وملفاته الرئيسية وذلك بسبب المشاكل الداخلية المتفاقمة يوما بعد يوم، وذلك سيكون لصالح روسيا والصين وأوروبا ودول اقليمية وازنة مثل مصر، وتوقعت الأوساط ان لا تصطلح الأمور قريبا في الشرق الأوسط، مشيرة الى امكانية الانزلاق الى مزيد من اللاستقرار وانعدام الأمن وأكبر دليل المجزرة التي وقعت أخيرا في مسجد الروضة في مصر، الى مخاوف من ضربة اسرائيلية على غزّة، وخلاف تحت الرماد بين “حزب الله” واسرائيل فضلا عن عدم بروز التسوية السورية بعد والتفسخ الذي يعاني منه مجلس التعاون الخليجي بسبب الخلاف مع قطر ومشكلة اليمن المتمادية وتأثيرها السلبي على المملكة العربية السعودية.