“مصدر “دبلوماسي”- مارلين خليفة:
نالت الزيارة البطريركية التي تمّت الثلاثاء الفائت الى المملكة العربية السعودية قسطها من التأويلات والقراءات. في الإيجابيات أنها زيارة تاريخية بكل معنى الكلمة، وفي السلبيات ان البعض حاول توظيفها لزرع الشقاق بين بكركي ورئاسة الجمهورية على خلفية التمايز حيال موقف الطرفين لناحية تشبث الرئيس ميشال عون بالتسوية مع رئيس الحكومة سعد الحريري من جهة والذي كان موجودا في الرياض في وضع ملتبس بعد تقديمه استقالته المدوية في 4 الجاري في ظروف غامضة، وكذلك تشبثه بالتفاهم مع “حزب الله” بلا اي تعديل.
في حين يدعو الراعي الى إعادة قراءة هادئة لهما تبعد “حزب الله” من ساحات القتال الخارجية إثباتاً لسياسة الدولة بالحياد عن صراعات المنطقة ولعدم توتير العلاقات مع الدول العربية المتخاصمة مع إيران.
يفصل الوزير السابق روجيه ديب الذي واكب البطاركة الموارنة منذ أعوام بين الناحيتين السياسية والدينية لزيارة البطريرك الكاردينال بشارة الرّاعي الى المملكة العربية السعودية والتي قابل فيها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وتخللها لقاء قصير مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.
وردّا على الإنتقادات التي وجهت الى الزيارة لناحية توقيتها في مرحلة جنّد فيها لبنان كل قواه الدبلوماسية لاسترداد الرئيس الحريري الذي دّلت المؤشرات التي واكبت غيابه عن لبنان أنه “ليس حرّا في تنقلاته”، (وهذا أقل توصيف ممكن)، يشير ديب الى “أن موعد الزيارة البطريركية كان محددا سابقا بناء على دعوة ملكية نقلها القائم بالأعمال السعودي في لبنان الوزير المفوض وليد البخاري، من جهة أخرى فإن عنوان الزيارة هو ملاقاة للمملكة في مسارها المتعلق بحوار وتعايش الأديان والعمل من أجل الإسلام المعتدل.
وقد ترك البطريرك الماروني المسار السياسي المتعلق بقضية الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تولّى الامر منذ بداية الأزمة”.
ويشير ديب الى أنه “كان لا بدّ من ملاقاة المملكة العربية السعودية في سعيها الى الإنفتاح، وكان لا بدّ من تجاوب لبنان ومسيحييه اللبنانيين المستقلين في قرارهم مع استراتيجيتها الجديدة التي تحمل عنوان العصرنة ومحاربة الإرهاب ونشر الإسلام المعتدل”.
يقول ديب:”ليس تفصيلا أن يكون الملك سلمان محاطا بـ3 صلبان مسيحية، للبطريرك وللمطارنة الذين رافقوه، وهذا دليل انفتاح سعودي عظيم”. برأيه أن زيارة البطريرك جاءت تجاوبا مع رسالة التعايش والحوار التي تريدها السعودية ، وكانت ضرورية في التوقيت الحالي لأنه لا أحد يعلم كيف تتطور اللعبة السياسية في هذا الشرق حيث للمملكة دورها”.
ويلفت ديب الى أنه على هذا الأساس، لم يكن في البرنامج أساساً زيارة الى الرئيس الحريري، وقد طلبها البطريرك من السفارة السعودية في بيروت مواكبة لمستجدات المرحلة وذلك بسبب مودّة شخصية وعطف مميز يربطانه مع سعد الحريري شخصيا ومع عائلة الحريري، وقد أصغى البطريرك في لقائه مع الحريري الى الحجج التي قدمها الأخير مبررا استقالته، وقال له البطريرك أنه يتفهمها بحسب ما عاد وصرّح به للإعلام.
وعن تصوير بعض الأقلام اللبنانية الزيارة وكأنها تباعد بين المرجعية الروحية للمسيحيين ومرجعيتهم السياسية الأولى أي رئيس الجمهورية، يقول ديب “أن بعض اللبنانيين هم من دخلوا على هذا الموضوع وليس السعوديين، فذلك بغية تأجيج لخلاف غير موجود في العمق ولكنه تأجيج غير مثمر بالتأكيد، والبطريرك الراعي واع جدا لهذا الموضوع، وهو غير معني البتة بأن البعض كان سيستخدم زيارته لحرفها عن هدفها الرئيسي”. وذكر ديب بأن “جهود البطريرك الراعي أسهمت في إنهاء الفراغ الرئاسي وأيضاً في مجيءعون رئيسا لأنها أسهمت دبلوماسياً مع الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في تسهيل ظروف التسوية بينه وبين الحريري”.