“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
تتوجه الأنظار الى اجتماع وزراء الخارجية العرب الذين سينعقد الأحد المقبل بشكل طارئ بناء على طلب المملكة العربية السعودية في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة للبحث في “انتهاكات” إيران في الدول العربية. وأوردت الصحف انه جاء في المذكرة أن السعودية طلبت عقد الإجتماع للبحث في “ما تعرضت له الرياض ليلة السبت في الرابع من تشرين الثاني 2017 من عمل عدواني من قبل ميليشيات الحوثي التابعة لإيران في اليمن، وذلك بإطلاق صاروخ باليستي إيراني الصنع من داخل الأراضي اليمنية، وكذلك ما تعرضت له مملكة البحرين من عمل تخريبي إرهابي بتفجير أنابيب النفط ليلة الجمعة الماضي، فضلا عما تقوم به إيران في المنطقة العربية من أعمال تقوض الأمن والسلم ليس في المنطقة العربية فحسب بل في العالم بأسره”.
ويبدو أن مسألة اليمن كانت موضوعا رئيسيا مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في الرياض أمس. إذ لا يتقبل السعوديون والإماراتيون إستمرار التمدد الحوثي وتهديده للأمن القومي الخليجي.
ويصدف أن الحريري الذي تقول معلومات مؤكدة حصل عليها موقع “مصدر دبلوماسي” بأنه لا يزال “قيد الحصار المطبق” من قبل السلطات السعودية، قد أرغم على تلاوة استقالته من الرياض في الرابع من الجاري أي في اليوم نفسه الذي شهد إطلاق الصاروخ الحوثي ( ليلا )، وشهد ايضا حركة الإعتقالات الواسعة التي قام بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بحجّة محاربة الفساد.
ويبدو من خلال متابعين للمسألة اللبنانية المستجدة بأنها ستكون طبقا رئيسيا في جامعة الدول العربية، وتتجه الأنظار الى الورقة السعودية، وسيمثل لبنان في الإجتماع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.
وزارة خارجية “سبهانية”
وبحسب المعلومات الخاصة بموقع “مصدر دبلوماسي” فإن قضية الحريري سوف توظّف سعوديا للضغط على “حزب الله” وإيران في الداخل اللبناني، ويبدو بأن الجولة الأولى من الضغوط والتي قادها وزير شؤون الخليج ثامر السبهان قد باءت بالفشل، نظرا الى التضامن اللبناني الشامل مع رئيس الحكومة سعد الحريري والى فرملة دولية واضحة تبلغتها الرياض من الدول الكبرى وابرزها أميركا وبريطانيا وفرنسا عبر القنوات الدبلوماسية، علما بأن سفراء هذه الدول في لبنان صدموا بخطوة الحريري التي جاءت من خارج السياق كما صدم نظراؤهم اللبنانيون. وبحسب المعلومات فإن السبهان فتح “فرعا” مستقلا لوزارة الخارجية السعودية مختص بلبنان، لا يعرف بقراراته حتى وزير الخارجية الفعلي عادل الجبير.
في هذه الظروف تستبعد أوساط دبلوماسية متابعة أن يتم “الإفراج” عن الحريري قريبا، إذ تريد السعودية عبر السبهان أن تتأكد من قيام لبنان من تنفيذ الشروط التي أمليت على الحريري وابرزها عودة “حزب الله” من ساحات القتال العربية، وتسليم سلاحه وانضواء لبنان في الحلف العربي الواسع الذي تقوده سعودية بن سلمان. وبعد فشل المرحلة الأولى من الخطة، والتي كانت تقضي بكشف “حزب الله” دوليا عبر إزاحة الحكومة اللبنانية تمهيدا لضربه على المستويات كلها، إنتقلت الكرة الى ملاعب أخرى منها الدبلوماسية ومنها الإقتصادية والتي ستتظهر في الأيام والأسابيع المقبلة، مع الإبقاء على احتجاز الحريري.
مشروع “نيوم” للسلام
في المشهد الإقليمي والدولي العام، وبرأي الأوساط المتابعة أنه يوم السبت الفائت حصلت 3 تطورات: استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، الإنقلاب في الرياض، والأهم إطلاق الصاروخ من اليمن على الرياض. ويوم الإثنين (6 الجاري) حصل تطوران: اتهام “حزب الله” بإطلاق الصاروخ ما دفع السبهان الى القول أن في لبنان حكومة حرب ضدّ السعودية. هذا الصاروخ سيكون موضوعا رئيسا للبحث في جامعة الدول العربية، وليس اتهام الحوثيين وإيران و”حزب الله” إلا تمهيدا للخطة باء، لكشف لبنان عربيا تمهيدا لسيناريوهات منها عزله أو نقل الملف الى مجلس الأمن الدولي، علما بأن الخيار الأخير مستبعد في المدى المنظور بسبب تشبث الدول الغربية باستقرار لبنان.
قضية الصاروخ الحوثي رئيسية في الحلف القائم بين السعودية وإسرائيل حاليا، ووفق متابعين لهذا الشأن فإن هذا الحلف قد يؤدي بأن تطلب السعودية مساعدة إسرائيل” في صد إرهاب إيران و”حزب الله”، ما سيسهل الطرق الى سلام تعدّ له الدولتان بمباركة دول خليجية رئيسية.
فولي العهد السعودي منخرط حتى العظم بالسلام المقبل مع إسرائيل، وظهرت بوادر هذا الحلف بشكل واضح حين أعلن بن سلمان في تشرين الأول الفائت عن إقامة أول مشروع سعودي على أراضي جزيرتي تيران وصنافير بعد انتقالهما رسميا من السيادة المصرية الى السعودية، حيث سيقام مشروع “نيوم سيتي” الذي من المنتظر أن يكون مركز أعمال وصناعات بتكلفة 500 مليار دولار أميركي، وستمتد المدينة على مساحة 26500 كلم مربع. وقد ذكر الإعلام أن المشروع سيمتد عبر الأراضي المصرية والأردنية الى جانب الأراضي السعودية دون ذكر إسرائيل.
فمدينة “نيوم” ستكون عمليا مدينة السلام المقبل، وتقع جزيرة تيران في مدخل مضيق تيران الذي يفصل العقبة عن البحر الأحمر، وهو استراتيجي جرت محاولات عدة للسيطرة عليه تاريخيا إبان العدوان الثلاثي عام 1956 وحرب 1967، وهو يؤدي الى ميناء إيلات الإسرائيلي الذي يقع على خليج العقبة في البحر الأحمر. وبعد حصولها على تيران وصنافير صارت السعودية عمليا “دولة جوار” لإسرائيل.
وليس تفصيلا ان يطلب السعوديون أمس من رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري التطرق الى مشروع “نيوم” فقال في مقابلته بأن لبنان سيكون جزءا منه!