“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة:
حصل موقع “مصدر دبلوماسي” على “بروفات” المقابلة التي ستجريها اليوم الزميلة بولا يعقوبيان والزميل نديم قطيش مع رئيس الحكومة اللبنانية الموجود في المملكة العربية السعودية الشيخ سعد الحريري.
لا شكّ بأن هذه البروفات، متخيلة، ولكنها متخيلة من مسرحية سوداء، بل هي كوميديا سوداء يتمنى اللبنانيون أن تتوقف سريعا صونا لعلاقات لبنان التاريخية مع السعودية. ولعلّ ما ستقرأونه هو محاولة لجلاء حقيقة الوضع الصعب الذي يتخبّط به رئيس حكومة لبنان سعد الحريري، الذي تخلّى عنه أقرب المقربين والحلفاء بذريعة أنهم يريدون محاربة إيران، فسحب على عجل بشهادة الإعلام اللبناني والغربي، وتحت أعين دول تخاف من مملكة لا تزال تتحكم بثرائها بمصائر دول عدة.
هنا النص:
المشهد الأول: كواليس التحضير في بيت الوسط، المرجح بين النائب عقب صقر ونديم قطيش وبولا يعقوبيان ومن المؤكد وجود شخصية سعودية معهم.
السؤال الرئيسي الذي طرح في إجتماع “العصف الذهني” قبل المقابلة هو الآتي: كيف ستبدو طبيعية؟ ما هي الأسئلة التي ستطرح؟ المقدمة؟ الإجابات العتيدة. وبعد اخذ وردّ قرّ الراي على أن كل هذه الأسئلة ستجد إجاباتها مباشرة من وزير شؤون الخليج ثامر السبهان الذي ينتظر الوفد الإعلامي اللبناني، والذي أرسل خبرا مفاده أن ليس من ضرورة لاي فريق عمل من تلفزيون المستقبل، لأن الديوان الملكي السعودي هو من سيهتم بتوفير كل المعدات التقنية والمصورين. واردف السبهان وهو يتكلم مع الزميلة يعقوبيان: ولو يا ستّ بولا؟ معقول نعذّبكم؟ أنتم ضيوف المملكة الأعزاء وفريق عمل الشيخ سعد ضيفنا العزيز.
إنتهى الإجتماع، بقهوة وديليفري على السريع وقهقهات تضحك من “اذناب إيران” الذين يركبون افلاما عن حجز الحريري، واقر الرأي أن هؤلاء سيخسأون ما إن يظهر الشيخ سعد على الشاشات المحلية والعربية.
المشهد الثاني: في الديوان الملكي السعودي، وصل الزميلان بولا ونديم، وكان لهما استقبال حار. وانتقلا بصحبة الأمن السعودي الى فيلا يقطن فيها الشيخ سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية الذي استقال السبت الفائت والذي يغيب عن حوادث الساعة في بيروت، لأنه بحسب مناخات الصحف الغربية واللبنانية مقطوع عن العالم.
يدمّع الشيخ سعد حين يرى بولا ونديم، ولا يجرؤ عن سؤالهما عن الأحوال في لبنان، فيحاولان طمانته قائلين كل بدوره: يا شيخ سعد، الشعب اللبناني كلو وراك، وكتير كبر قلبو من خطاب الإستقالة يللي فضح إيران واذنابها من حزب الله ( يا حرام كيف أتباعو عم يرجفو بالضاحية) لحليفو ميشال عون وصهرو جبران يللي ضاعوا ضاعوا ضاعوا من خطوتك المفاجئة قاعدين عم بيروجوا انك مخطوف حتى يلاقوا مخرج لضربة المعلّم يللي عملتها ويللي رح تطيح بمحور الممانعة عن جد. أما سمير جعجع وسامي الجميل حلفاءك فعلى قدّ فرحتهم بالإستقالة قاعدين ساكتين من كم يوم ما عم يقدرو يعبرو عن فخرهم فيك. أما أمين عام “حزب الله” فمن شدة خوفه صار عامل خطابين ما فهمنا منهم شي، ونازل اتهامات شمال يمين.
ولم يأت بولا ونديم عن ذكر اي شيء عن الشيخ نادر الحريري ولا عن النائبة بهية الحريري ولا احد من العائلة او النواب تجنبا لأي ردة فعل سعودية لا يحمد عقباها.
يبلع الشيخ سعد ريقو، هو وعم بيقول بقلبو: شو بدي إحكي الجماعة مهددين متلي، حقّن يحكوا هيك، بس المنيح إني طالع بطل بلبنان.
قرب الطاولة التي ستجلس اليها بولا غرفة جانبية فيها السبهان الذي وصل ميكروفون في أذن بولا ليكون متحكما بمناخ المقابلة التي ستنقلها كل المحطات التلفويونية اللبنانية.
المقدمة:
بولا: أعزائي المشاهدين، تحيّة لكم من الرياض عاصمة المملكة التي تتجه إليها في هذه الأيام أنظار اللبنانيين والعالم، لما تشهده من عمليات تحديث وعصرنة، ولسابقة حققها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في محاربة الفساد والفاسدين بمعية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أطال الله بعمره.
ولعل الرياض هي أكثر عاصمة اليوم ينظر اليها اللبنانيون كونها شهدت منذ اسبوع إستقالة وصفت بالغامضة والملتبسة (يتدخل السبهان زاجرا…بولا!!!) فتضيف بحسب ما يردد البعض في لبنان ممن تضرروا من مفاعيلها السياسية ونظرا لأنها أعادت التوازن الى بلد فقد توازنه منذ قرابة عام، حين تمت التسوية بين الرئيس المستقيل ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون. يومها ظن الجميع بأن هذه التسوية ستعيد الإتزان الى السياسات اللبنانية تجاه إيران، لكن بعد عام تبين بأن إيران و”حزب الله” لم يسمحا بأن تاخذ التسوية مجراها ما حدا برئيس الحكومة الى الإستقالة.
(…)
بولا: شيخ سعد، اللبنانيين اشتاقولك.
الشيخ سعد: شكرا، وأنا كمان، وبحب وجه تحية لكل شعب لبنان العظيم يللي عم يحضرنا الليلة.
بولا: شيخ سعد، فيه كتير مشككين اليوم بهالمقابلة، شبكات التواصل الإجتماعي ولعانة تشكيك، وعم ينقال إنك محتجز بالرياض، وإنو إرادتك مسلوبة، وإنو كل شي مفبرك ومسرحية سودا، شو تعليقك؟
(هنا يتنحنح السبهان في الغرفة الجانبية، فتصفر بولا ويبلع الشيخ سعد بريقه مفكّرا بأن لا أحد وضعه بهذا الجو اللبناني قبل المقابلة، لكنّه يستدرك الأمر ويجد الإجابة التي تلائم السيناريو غير المكتوب فعليا).
يقول الشيخ سعد: أريد أن اقول لإخواني اللبنانيين، أنني إنسان حرّ ، وأنا في الرياض عاصمة مملكة الخير، أتمتع بحريتي كاملة. وكل ما تسمعونه في لبنان شائعات. فأنا قدمت استقالتي عن قناعة تامّة، وبعد تأمل في الحالة المزرية التي وصل إليها لبنان، وبعد أن حاولت تصويب الأمور طيلة عام ولم أفلح، لذا قررت الإنسحاب من رئاسة الحكومة لعلّ الوضع يصطلح بهذه الهزة السياسية. وأنا على قناعة بأن اللبنانيين يتفهمون ما أقوله.
بولا: (تحاول ان تكون موضوعية، كي لا تفرمها ألسنة “أذناب إيران”)
-لكن شيخ سعد قرأنا كثيرا من الصحف اللبنانية والوكالات الأجنبية ومن معلقين غربيين انك قدمت استقالتك مرغما بعد أن انتظرت 4 ساعات وقد أمليت عليك، وقد عوملت بطريقة …(السبهان يتدخّل: بولا!!!)
تستدرك: وقد عوملت بطريقة راقية ولكن هل من إيضاحات؟
الشيخ سعد ( وقد دخل في الدور وبات أكثر ارتياحا)
كل ذلك فبركات، فأنا اتيت الى الرياض واستقلت بملء ارادتي.
بولا: لكن هكذا فجأة؟ لم لم تخبر نادر؟ ولا هاني؟ ولا فؤاد؟ ولا أحد؟ ما على أساس مبسوط مسافر عند السيسي وكارما عم تحضّرلك جدول أعمال اجتماعك مع الرئيس ماكرون؟…. (السبهان: بولا!!!!!!بولا !!!!!!)
تسكت بولا.
الشيخ سعد: في الحقيقة، وجدت أنو الإستقالة ما رح تكون ذي جدوى إلا ما تعمل صدمة، فاخترت هذه الطريقة المفاجئة ، أوليس قوى 8 آذار وحزب الله رددوا حين استقالوا من حكومتي الأولى عام 2011: فاجأناكم مو؟ فأحببت أن اردّ الصاع صاعين. ووجدت في ذلك مصلحة للبنان.
بولا: لم لم تستقل من لبنان؟
الشيخ سعد: ( يا الله …. شو بدها فيي هيدي اليوم؟)
يجيب: تعرضت للتهديد، ووصلتني أنباء عن محاولة سريعة ومفاجئة لشطبي جسديا. ولدينا أدلة دامغة. لذا اخترت الرياض لتقديم الإستقالة وأنا على يقين بأنها نافذة ولو من بعد.
بولا: ولكن، اللأجهزة الأمنية اللبنانية أجمعت أن ليس من محاولة تهديد ضدك ابدا؟
( السبهان يتنحنح…)
الشيخ سعد: قالوا ذلك لوالدي الشهيد رفيق الحريري …وانا لا أصدق أحدا لدينا معلومات.
(السبهان: برافو شيخ سعد).
بولا: لكن شيخ سعد ما هي رسالتك للبنانيين؟
الشيخ سعد وقد وضع أمامه خطاب استقالته التي قدمها وشطب بالأحمر تحت الجمل المفتاحية كي لا ينساها:
أريد أن قول لإيران وأتباعها أنهم خاسرون وستقطع الأيادي التي امتدت إلى الدول العربية بالسوء وسيرتد الشر إلى أهله. لقد عاهدتكم أن أسعى لوحدة اللبنانيين وإنهاء الانقسام السياسي وترسيخ مبدأ النأي بالنفس وقد لقيت في سبيل ذلك أذى وترفعت عن الرد في سبيل الشعب اللبناني. هناك حالة إحباط وتشرذم وانقسامات وتغليب المصالح الخاصة على العامة وتكوين عداوات ليس لنا طائل منها. نحن نعيش أجواء شبيهة بالأجواء التي شابت قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري».
بولا: شيخ سعد، اللبنانيون يسألون ولا يصدقون أنك حرّ الإرادة؟ فأنت لا تجيب على اتصالاتك؟ حتى على الرئيس عون؟!
الشيخ سعد: لست مسلوب الإرادة، فأنا زرت الإمارات وقابلت ولي عهدها وتحدثنا عن أحوال العائلة والصيد ودعاني الشيخ محمد لرحلة صيد قريبا واقابل السفراء وازور خادم الحرمين دروريا. أما الهاتف ، فإنني أتجنب الدخول في أية تفاصيل مع اللبنانيين، كي يعتادوا على غيابي.
فأنا لن أعود قريبا خوفا على حياتي، وصونا للوطن ولهويته العربية، وهيك بخفف وجع على اللبنانيين.
بولا: شيخ سعد: هل تؤكد للبنانيين أنك حر طليق؟
الشيخ سعد: بالتأكيد بولا، ولو…..؟ إتطلعي فيي!!! أنا في بلدي الثاني في مملكة الخير بين إخواني وفي مقدمتهم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز الذي لم يترك مناسبة غلا وعبر فيها أخيرا عن ترحابه به، وأصر على أن أبقى قدر ما اشاء الى حين يزول الخطر عني.
بولا: الى متى يعني؟
الشيخ سعد بعد ما عصّب وطلع خلقو:
بولا، لا أعرف إسأليه، فهو المضيف الكريم والودود.
بولا: شكرا دولة الرئيس على أمل لقائك قريبا في لبنان.
الشيخ سعد: تحياتي لكل اللبنانيين ولمناصري تيار المستقبل على أمل أن تشهد المرحلة المقبلة تحسنا في لبنان وأن تصب استقالتي في خير لبنان وان يتقلص نفوذ إيران وحزبها وهم اصل البلاء.
بولا: سؤال أخير: رئيس الجمهورية يقول إنو جيتو على الحكم سوا وبتفلو سوا…شو رايك؟
الشيخ سعد: هوي هيك قال؟ ويشهق بالبكاء قائلا: نطرت هالكلام من أقرب الناس إلي فما إجا إلا من “بيّ الكل”.
هنا يخرج السبهان من الغرفة وينقطع البث فجأة….
انتهت المقابلة.