“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
شكلت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الى روسيا منعطفا أساسيا في تاريخ العلاقة بين البلدين وخصوصا بعد المناخ الإيجابي الذي اعقب القمّة بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي استقبل الملك سلمان بحفاوة مميزة. وفي حين أبرز الرئيس الروسي إيجابية المحادثات قائلا بأنها “غنية في المضمون واتسمت بالثقة، وأن الزيارة ستعطي زخما قويا وجديدا لمواصلة تطوير العلاقات بين البلدين”. شدد الملك سلمان من جهته على العلاقة مع إيران “داعيا إياها الى الكفّ عن تدخلاتها في شؤون دول المنطقة وزعزعة الأمن والإستقرار فيها”.
وقد تم توقيع اتفاقيات عدة ومذكرات تفاهم بين الجانبين بمليارات الدولارات في مجالات التقنية والتعاون العسكري والفضاء والتجارة والإتصالات والإستثمار والثقافة بحسب الصحف السعودية. في هذا الإطار سأل موقع “مصدر دبلوماسي” مصدرا روسيا واسع الإطلاع عن القراءة الروسية لهذه الزيارة، فأشار الى أنها تحمل أبعادا عدّة “أبرزها إرادة السعودية بأن تكون شريكا رئيسيا في ملفات إقليمية عدة، أما الشق الأبرز فهو جيوسياسي إذ تحتاج السعودية الى تطوير العلاقة مع روسيا ما يوازن بين علاقتها مع الولايات المتحدة الأميركية”.
من جهتهم، يهتم الروس “بتطوير العلاقة مع السعوديين بمواضيع أساسية”. ويشير المصدر ” الى أن روسيا تريد أن ترسي علاقات متوازنة مع جميع الأطراف في الشرق الأوسط وليس مع طرف واحد فحسب وفي الملفات كلها”.
ويشير المصدر الروسي المواكب لزيارة الملك سلمان الى أن العلاقة مع السعوديين لا تنحصر البتّة في الملف السوري، ” بل تندرج ضمن رؤية واسعة جدّا لما يحدث في الشرق الأوسط، بحيث ترتّب تفاهما مع السعوديين في ملفات عدة، وهو أمر مطلوب من روسيا التي تفضل التفاهم على سؤء الفهم، الى ذلك يعرف الروس خصوصية كل طرف”.
وعن مصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي يشكل عنوانا خلافيا رئيسيا بين موسكو والرياض يشير المصدر الروسي:” تعرف روسيا جيدا موقف السعودية في هذا الشأن، وقد قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيرا في المنتدى حول الطاقة بأن روسيا تحترم النهج المستقل للدول الأخرى، وهذا قول يتعلق بالسعودية أو بإيران أو بسواها من الدول”.
ويشير المصدر الروسي الى أن ملفات بارزة جدّا تمّ بحثها تتعلق بمشاريع إقتصادية والتنسيق في مجال النفط في إطار منظمة “أوبك”، الى التداول في ما يحدث في العالم وترى روسيا مشاكل سعودية عدة يمكن لموسكو أن تقف فيها موقفا بناء يدعم مصالح السعودية، وخصوصا وأن وقوف السعودية كليا في المدار الأميركي لم يكن مجديا كليا، ولا يجب أن يكون الإحتكار الأميركي مهيمنا على كل شيء، لذلك تتوجه روسيا لتحقيق توازن جيوسياسي وهي رغبة مشتركة مع السعودية”.
وفي سوريا، يتوقع الروس أن تساعد السعودية في تشكيل الوفد المعارض بشكل منتظم الى المحادثات التي تجري في آستانة، ما سيؤدي الى محادثات أنجح تمهيدا لدخول العملية السياسية في جنيف”.
يذكر بأن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير تحدث عن أن بلاده تعمل مع موسكو “عن قرب لتوحيد المعارضة السورية المعتدلة وتوسيع نطاقها لتستطيع دخول العملية السياسية في جنيف”. واضاف الجبير أن “المملكة تؤيد مباحثات آستانة”، مشددا على “اهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وعلى المؤسسات السورية”.
وهل سيؤثر تمتين العلاقة مع السعودية على العلاقة الروسية الإيرانية؟ يقول المصدر الروسي لـ”مصدر دبلوماسي” أن “ذلك لا يؤثر بالمعنى السلبي، تسري شائعات عدة في هذا الموضوع وكأن ثمة انقلاب أو شيء جديد حصل، وهذا ليس واردا على الإطلاق لأنه لا يصب في مصلحة روسيا من حيث رغبتها في إقامة علاقات متوازنة مع الجميع في الشرق الأوسط”.