“مصدر دبلوماسي”-باريس- مارلين خليفة:
تقدّم زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون يوم غد الإثنين الى باريس حيث سيلتقي نظيره إيمانويل ماكرون دعما أساسيا للعهد الرئاسي الفرنسي المترنّح على وقع التظاهرات العمالية المتصاعدة ومع وصول شعبية ماكرون المنتخب الى أدنى مستواها.
الواقع أن فرنسا التي تراجع تأثيرها السياسي على ملفّات دولية حيوية أبرزها الملف السوري، تبدو اليوم في موقع المتفرّج وليس الفاعل دوليا.
فقد خطفت روسيا والولايات المتحدة الأميركية الملفّ السوري من أمام مائدة الفرنسيين منذ لقاء الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب في هامبروغ والدفع الذي أعطي لاجتماعات آستانة والإتفاق على مناطق خفض التوتّر الى بدءمشاريع الإعمار السورية الدّسمة. لذا تبدو فرنسا اليوم في موقع المتفرّج وليس المؤثر بعد سحب الملفّ السوري من بين يديها بشكل شبه كامل.
إنطلاقا من هذا الواقع، لم يبق أمام السياسة الفرنسية الخارجية المترددة، سوى لبنان البلد الصديق الذي تربطها به وبشعبه علاقات تاريخية وثقافية وإقتصادية يصعب فكّها، لذا تحاول أن يكون لبنان جسر عبور لها الى الملفّ السوري عبر دعمه في ملفات حيوية أبرزها: النازحين والإقتصاد والوقوف في موقع المتصدي لـ”حزب الله” في موقف فرنسي يتناقض مع الصفقات التي تبرمها الشركات الفرنسية مع إيران وهي الراعي الرسمي لـ”حزب الله”.
حاولت الدبلوماسية الفرنسية قبيل انعقاد اجتماعات الجمعية العامّة للأمم المتحدة أخيرا، أن تقترح تشكيل مجموعة دولية من أجل سوريا، فباءت محاولتها بالفشل بعد تصدّ روسي واميركي مشترك. وليست زيارة عون إليها إلا نافذة جديدة لرئيسها الشاب لإعادة الأمل لدور فرنسي متراجع في سوريا.
أبرز الملفات التي سيتمّ طرحها لبنانيا بحسب معلومات “مصدر دبلوماسي” هي ثلاثة:
ملف النازحين السوريين الذين باتوا يشكلون عبئا إقتصاديا وأمنيا كبيرا على لبنان، وذلك لكي تساعد فرنسا في الدفع على إعادتهم وخصوصا بعد خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي قال فيه أن كلفة نازح في دول الجوار أرخص من جلبه الى أميركا. لكن العارفين في خبابا الأمور يعلقون بأن فرنسا هي من أوائل الدول التي رفضت استقبال نازحين على أراضيها إلا بعد “فلترة” على المستويات جميعها، وبالتالي إن هذا الطلب اللبناني سيبقى نوعا من التأكيد على رفض لبنان للتوطين لا أكثر ولا أقل.
الموضوع الثاني يتعلق بعقد مؤتمر إقتصادي جديد للبنان في باريس على نمط اجتماعات باريس واحد وإثنين وثلاثة لتأكيد فرنسا على دورها في لبنان وفي دعم اقتصاده وشعبه.
أما الموضوع الثالث الذي سيثار فرنسا بحسب معلومات “مصدر دبلوماسي” هو إبراز المخاوف الفرنسية للدور المتعاظم لـ”حزب الله”، ضمن إطار المسايرة الفرنسية التاريخية لإسرائيل، وتشير المعلومات الى أن المسؤولين الفرنسيين سيسمعون من الرئيس عون الردّ ذاته الذي سمعه المسؤولون الأميركيون في نيويورك من حيث التذكير بالخروق الإسرائيلية اليومية للسيادة اللبنانية فضلا عن التهدديات اليومية للبنان.
وقد مهّد الرئيس عون بذكاء لإثارة الفرنسين لهذا الملفّ عبر المقابلة التي أجراها مع صحيفة “لوفيغارو” أمس بحيث أعاد التأكيد على أهمية الإتفاق مع “حزب الله” قائلا بأن الأخير يحافظ على السيادة اللبنانية.
وسيكون ملفّ رابع واساسي يتعلق بمحاربة الإرهاب ودعم الجيش اللبناني. في هذا الإطار يستفيد الفرنسيون أكثر من خبرة لبنان وهم يعيشون هاجس عودة “الجهاديين” وعائلاتهم الى فرنسا وكيفية التعامل معهم. أما عن إنعاش الهبة السعودية للجيش اللبناني فيبدو بأن فرصها باتت معدومة بعد أن زالت أسبابها الموجبة ولم يخضع لبنان للشروط التي واكبتها في حينه.