“مصدر دبلوماسي”
أقام وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل حفل استقبال في “قصر بسترس” اليوم الإثنين حضره كبار الموظفين الى جانب اعضاء السلك الديبلوماسي والاداري لمناسبة تسلم الامين العام الجديد السفير هاني شميطلي مهامه الرسمية.
وهنّأ باسيل الامين العام الجديد بقوله: انت من ترحب بنا في بيتك في هذه الوزارة كون الدبلوماسي يحل كأحد اهل البيت عندما يكون في الخارجية.
وأمل باسيل ان يكبر هذا البيت ويتجدد مضيفا: ان التجدد لا يعني الا السير بمسار الحياة الطبيعية، ولا نكون بذلك نطال احدا ممن سبقوا، وهنا اهمية تسليم مقاليد الامانة العامة الى شاب من هذه الوزارة لم يصل الى هذا المنصب لأنّ لديه الاقدمية اذ ان الاقدمية لم تكن يوما المعيار الوحيد في التعيين، اكان ذلك في سياق تعيين موظف او قاض او ضابط، ولا احقية لمن يتمتع بالاقدمية على سواه الا عندما يتساوى مع غيره بمعايير الانتاجية والكفاءة والنزاهة”.
أضاف باسيل:” إن ما قمنا به من تشكيلات دبلوماسية كان بالاشتراك مع القوى السياسية ووفق المعايير الطائفية التي تحكم النظام السياسي والتكوين الدبلوماسي اضافة الى مجمل معايير حكمتنا في انجاز هذه التشكيلات التي وصفناها بـ”العملية الدبلوماسية الاكبر” في التاريخ الحديث للبنان، والتي ساهم بها الجمهور الدبلوماسي رفضا او قبولا، لكننا انجزناها، في الجزء الاكبر منها، بما يرضي ضميرنا ويتطابق مع المعايير التي تشكل اساس العمل الدبلوماسي وبطبيعة الحال، هناك امور غير مكتملة المواصفات ولم تتم بحسب رغبتنا الكاملة”.
واضاف: “في نظامنا السياسي يفترض ان تحظى التعيينات بأصوات ثلثي مجلس الوزراء، انما استطعنا ان نحصل على الاجماع السياسي، وهذا لم يمس ابدا بالاصول التي ارتضيناها ووضعناها وبالمعايير الموجودة في أنظمة وزارة الخارجية، حيث كان هناك رهان ان يخرق النظام والقانون لاعتبارات سياسية، ورفضنا ذلك بشكل قاطع وفرضنا القانون على الجميع، وما اتخذ لم يطل من كفاءة احد ولا استحقاق او احقية احد
لذا اطلب من الامين العام ان يكون اول عمل يقوم به هو واللجنة الادارية الجديدة احالة كل دبلوماسي تخطى الاصول بمخاطبة الوزارة الى الاجهزة الرقابية والقضائية فورا لاتخاذ الاجراءات القانونية بحقه”.
وعول الوزير باسيل على العمل الذي ينتظر اللجنة الادارية الجديدة، لافتا الى ان التشكيلات الدبلوماسية الجديدة ضمت سفراء من خارج الملاك بحسب ما ينص القانون ويسمح به العرف السياسي والسيادي في لبنان ووفقا لما هو معتمد في دول العالم”.
وتابع باسيل: كما اننا قمنا بتصحيح الاجحاف الذي كان قائما بحق الدبلوماسيين والسفراء في الادارة المركزية لجهة الرواتب، من خلال السلسلة وقد تم الاتفاق في اول جلسة تشريعية ان يصحح الخطأ وان يعطى الدبلوماسي عامين بدل عام، خلال فترة وجوده في الادارة المركزية،
وهذه بداية عمل تصحيحي لنظام الوزارة ، وصولا الى امور اخرى منها اعتماد ملحقين اقتصاديين وثقافيين وقناصل فخريين يغطون النقص في الانتشار الدبلوماسي اللبناني حيث لا يمكن للادارة ان تملأه. وبهذا يكون التجدد في الوزارة عبر نظام جديد عصري يواكب المتطلبات بمختلف جوانبها وابرزها الجوانب الاقتصادية حيث تعلو في كثير من البلدان العلاقة الاقتصادية على العلاقة السياسية، والجوانب الثقافية والاغترابية، اذ لا شيء يعلو على اهمية المنتشر اللبناني”.
وتوجه الوزير باسيل الى الدبلوماسيين المشاركين في الحفل بالقول: “نأمل ان نواكبكم بتحقيق النجاحات الدبلوماسية باستلامكم مهامكم الجديدة. اما الدبلوماسية السياسية فهو عمل روتيني يجب ان يكون حرا وسياديا ومستقلا، لكي يستطيع الدبلوماسي اعلاء مصلحة الدولة اللبنانية على اي اعتبار اخر من خلال السياسة الخارجية التي تضعها الحكومة اللبنانية. وعندما نعبر عن سياسة لبنان في المحافل الدولية نأخذ بعين الاعتبار مصلحة لبنان، وقد اثبتت الوزارة انها قادرة على التعبير عن صوت لبناني جامع يتخذ من الحفاظ على الوحدة الوطنية شعارا له، والحفاظ على مصلحة لبنان أولوية ضمن اطر القوانين والمبادئ الدولية”.
كلمة الأمين العام الجديد
وقال الأمين العام الجديد لوزارة الخارجية والمغتربين السفير هاني شميطلي:
“يطيب لي أن أقف اليوم بينكم، بمناسبة عزيزة على قلبي، وفي هذا الصرح العزيز على قلوبنا جميعاً، عنيتُ بها يوم تسلُّمي للأمانة العامة لوزارة الخارجية والمغتربين، وهي مسؤوليةٌ أعي تماماً وزرها، وحجم أعبائها، لأسبابٍ بديهيةٍ، ليس أقلُّها أولاً المسؤولية الناتجة عن تطلّعات مَن وضَعَ ثقته بي، أي أصحاب القرار بحسب الأنظمة النافذة، بدءاً بصاحب الاقتراح معالي الوزير المختصّ، وصولاً إلى دولة رئيس مجلس الوزراء وفخامة رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعاً.
إنني وإذ أعتزّ بثقتهم تلك، آمل أن أرتقي بالأداء إلى مستواها، خصوصاً وإنّ قرارهم تحوَّل من “مجرّد تعيين” إلى نوعٍ من الرهان عليَّ لإحداثِ الفرق في الوزارة بهمّة أبنائها وتحت سلطة الوزير.
وتابع: لا أنظر إلى المركز على أنه مصدرٌ للوجاهة بل أرى فيه موقعاً متقدّماً للخدمة العامة، إذ لطالما راودني شعورٌ دفين، بأنّ هنالك يومٌ لا بدّ وأنهُ آتٍ، سوف تُلقى فيه أعباء النهوض بجهازنا الدبلوماسي العريق على أكتاف أبناء الوزراة المندورين للبذل من أجل رفعتِها.
أكاشفكم أيضاً أنني لن أتهاون في اتخاذ التدابير المناسبة بحقّ كل مخالفٍ عملاً بالصلاحيات التي أناطها القانون الإداري بسلطة الرئيس المباشر، فمقاصدُ المرحلةِ المقبلة لا تحتمل التقصير الوظيفي، وأيُّ فعلِ إخلالٍ بالواجبات الوظيفية، من أيٍ كان، سنعتبرُهُ ينمُّ عن ذهنيةِ تسيُّبٍ ولّى زمانها”.
واضاف شميطلي: سنعمَلُ تحت سلطة الوزير على إعادة الاعتبار للجهاز التنفيذي للوزارة لتتمكّن من لعب الدور الذي أناطتهُ بها قوانين الجمهورية اللبنانية، فلقد نصّت أولى مواد النظام الحالي للوزارة على أن تتولّى “الخارجية” شؤون سياسة لبنان الخارجية من إعدادٍ وتنسيقٍ وتنفيذٍ. وتمكيناً لها من القيام بذلك الدور، وضَعَ المشترع في تصرُّفها هيكليةً تنظيميةً كذراعٍ تنفيذية، ليس غافلاً على أيٍّ منا أنّ نوعية الإعداد والتنسيق والتنفيذ، لا بل مكانة الوزارة بين مؤسسات الجمهورية اللبنانية، إنّما تتوقّف إلى حدٍّ بعيد على نوعية أداء جهازها الدبلوماسي والإداري كما على حُسنِ إدارة هيكليتها التنظيمية.
لذا سوف نعمل على استهداف ذهنية العمل لنرتقي بها إلى ذهنية الانتاج الدبلوماسي النوعي والمُحترِف، الخلاّق والمبادِر والمواكِب لعصره، هو مسارٌ مُمنهَج لتحسين نوعية منتجنا الدبلوماسي بما يتلاءم وتحديات عالم اليوم”.
وأشار: “كلُّنا يؤمن بأنّ لبنان بلدٌ ذو مضمونٍ راسخٍ، وبالتالي ينبغي على أعمالِنا أن تأتي غنيةً بمضمونها، مُتقنة ومعمّقة، لتطال الجوهر وترتقي إلى مستوى مضمون بلدنا وأحقية قضاياه.
من هنا يتحتّمُ علينا تمكين وتجهيز سلكنا الدبلوماسي لأداء العمل النوعي المطلوب بحيث يغدو الدبلوماسي اللبناني “نموذجاً” و”محط أنظار” أينما حل، شكلاً ومضموناً”.
وتوجه شميطلي الى الوزير باسيل قائلا: إذا كنتم يا معالي الوزير قد أطلقتم مشكورين فكرة “الربط الإلكتروني” فطموحُنا اليوم هو أن نرسي معكم مفهوم “الربط الدبلوماسي”، أي ربط العقول والأذهان على “موجات تردّد” الوزارة، المؤسّسة السيادية الناظمة لمصالح لبنان الخارجية.
تنضمُّ إلينا اليوم دفعةٌ جديدة من السفراء من خارج الملاك، ما أود أن أقولَهُ لهم اليوم هو التالي: يأتي كلُّ واحدٍ وواحدةٍ منكم من ميادين عملٍ مختلفة، ولكّلٍ منكم تجربته الغنية التي خاضها وشبكة علاقاته التي أدّت مجتمعةً إلى اختياره لشرفِ تمثيل لبنان…
لكن، وابتداءً من اليوم أضحيتُم جزءاً من العائلة الدبلوماسية اللبنانية، تحت سلطة وإشراف الوزارة الأم، وزارة الخارحية والمغتربين، تلتزمون بأنظمتها وتندرجون وظيفياً ضمن هرميتها، من جهتنا نحرص على مدّكم بالرعاية اللازمة لتأمين حُسن اندماجكم، توخّياً للقيمة المضافة التي نتوقّعُها منكُم واستيحاءً للمصلحة العامة التي من أجلها عُيّنتم”.
وختم شميطلي: “إذا كان للبنان سفراءَ كُثُر ينتشرون في مختلف أصقاع العالم، عملاً بشعار الوزارة “حدودنا العالم”، فإنّ ذلك لا ينفي حقيقة أنّ السفير الأول للوزارة هو وزيرها، وعنيتُ إنهُ سفيرها لدى السلطة السياسية، سفيرها على طاولة مجلس الوزراء، وفي حالتكم سفيرها أيضاً لدى السلطة التشريعية من خلال الكتلة النيابية للتيار الذي ترأسون، وقد أضحيتم بشخصكم أحد أركان النظام السياسي اللبناني… لذا فإنّ تعويلنا على دعمكم ومواكبتكم لقضايا الوزارة يتخطّى صفتكم الحالية كرأس للهرم فيها، تسهيلاً لإقرار المشاريع العديدة التي سوف تنبثق عن مرحلة إعادة النهوض”.