“مصدر دبلوماسي”- وكالات
أفضى الإتفاق الذي جرى أخيرا إثر اجتماعات عدّة بين وفد قيادي وأمني برئاسة يحيى السنوار قائد “حماس” في قطاع غزة والقيادي الفلسطيني محمد دحلان في لقاءات جمعتهما في القاهرة في حزيران الفائت الى ترتيبات تتعلق بحل أزمات قطاع غزّة، وعودة رجال دحلان للعمل بحرية في القطاع المحاصر.
ونشر مركز “بروكنغز” مقالا للباحثة بيفرلي ميلتون إدوارد عن تطورات الأوضاع فى غزة تشير فيه الى أنّ خبر إبرام قادة “حماس” فى غزة اتفاقا جديدا مع زعيم فتح السابق محمد دحلان وكأنه مؤشر لبدء مرحلة جديدة، ليس فى السياسة الفلسطينية فحسب، بل فى الساحة الفلسطينية ــ الإسرائيلية والإقليمية العربية عموما. وما كان يبدو بعيد المنال أصبح اليوم حقيقة واقعة، نظرا لتحول موازين القوى بسبب أزمة مجلس التعاون الخليجى الحالية مع قطر.
وتشير الباحثة في دراستها الى أنّ عودة دحلان يشير الى انحسار أدورا قطر وتركيا في غزّة وبدء أدواء جديدة للإمارات العربية المتحدة ومصر.
وأولى ثمار هذا الإتفاق كانت أمس عبر مشاركة رئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني السابق محمد دحلان أمس الخميس عبر “الفيديو” في جلسة للمجلس التشريعي الفلسطيني في مدينة غزة بمشاركة نواب من حركة “حماس” ومن كتلته لأول مرة منذ الانقسام الفلسطيني في 2007.
وحضر الجلسة الطارئة التي عقدت في مقر المجلس في المدينة والمخصصة لمناقشة الأوضاع في المسجد الأقصى في القدس 7 نواب من تيار دحلان و22 من نواب كتلة “التغيير والإصلاح” الممثلة لحماس، بحسب مكتب إعلام حماس، بينما تغيب نواب فتح الموالين للرئيس محمود عباس.
ويضم تيار دحلان 14 نائبا في المجلس التشريعي، بينهم 9 نواب في قطاع غزة، في حين يمثل حركة فتح الموالية لعباس 7 نواب في القطاع.
ودحلان الذي كان خصما لـ”حماس” تولى رئاسة جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في غزة حتى 2007 عندما غادرها مع قوات فتح. ثم فصل دحلان في 2011 من اللجنة المركزية لـ”فتح” وغادر إلى مصر ومن بعدها إلى الإمارات العربية المتحدة ويطرح اسمه دحلان كمنافس جدّي للرئيس الفلسطيني محمود عباس لرئاسة الدولة الفلسطينية.
دحلان: تفاهمنا مع “حماس” يعيد الأمل الى غزّة
وقال دحلان في كلمته من مكان إقامته في الإمارات العربية المتحدة إن “القدس والمقدسات قنبلة موقوتة لا ينبغي العبث بها أو معها وشعبنا موحد بكل قواه وأطيافه”.
وأضاف أنه توصل مع “حماس” إلى “تفاهمات تمكننا من إعادة الأمل إلى أهل غزة وتخفيف معاناتهم”. وتابع “وجدنا لدى حماس كل الاستعداد والتفهم والإيجابية وبدأت هذه التفاهمات تعطي ثمارها لكننا ما زلنا في بداية الطريق”.
وأضاف دحلان: “سنعمل بلا كلل من أجل تعميق هذه التفاهمات لعلها تعطي نموذجا لكل قوى شعبنا للتلاحم في إطار مؤسسات وطنية منتخبة وفي إطار منظمة التحرير بعد إصلاحها لتصبح بيتا للكل الفلسطيني فعلا وليس قولا”.
ولم يشارك إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لحماس في الجلسة، لكنه شدّد في كلمة متلفزة على “ضرورة اجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية لوضع التوجهات العامة التي تحكم مسار العمل الوطني الفلسطيني بعد هذا الانتصار الذي حققه أهلنا في القدس” مع قرار العودة للصلاة في المسجد الأقصى.
الى ذلك، تشير دراسة مركز “بروكنغز” الى أن بنود اتفاق بشأن تقاسم السلطة بين “حماس” ودحلان ــ بعنوان «وثيقة وفاق وطني لبناء الثقة»ــ كان تناول إجراءات مهمّة لبناء الثقة، وضرورية لإتمام المصالحة ووضع حدّ لحالة الانقسام مثل دفع تعويضات لضحايا العنف بقيمة تراوح بين 50 و100 مليون دولار أميركي.
غير أن الاقتراح الحالي يقدم عرضا مختلفا. أولا، تمخض الاتفاق فعليا عن إنشاء لجنة مشتركة «للتضامن الاجتماعى» بين “حماس” وجناح “فتح” الذى يقوده دحلان. وسوف يعمل سامي مشراوي، الحليف المقرب من دحلان مع قادة “حماس” فى غزة لتقديم المساعدات الإغاثية والتخفيف من وطأة الفقر على سكان القطاع باستخدام تمويلات ربما تصل قريبا من دولة الإمارات العربية المتحدة.
ثانيا، سوف تعود حركة “فتح” ــ بقيادة محمد دحلان ــ إلى غزة وسوف تحكم على الأرض إلى جانب “حماس”. وسيحظى جناح “فتح” هذا بدعم ورعاية مصر والإمارات العربية المتحدة وبشكل غير مباشر إسرائيل والولايات المتحدة.
تضيف دراسة مركز “بروكنغز”: ” يقرّ الاتفاق الجديد ثالثا بأنه حتى لو عاد دحلان إلى غزة، فإن” حماس” ستبقى مسؤولة عما يسمى «ملف الأمن الداخلى» والرد على أى عدوان إسرائيلى. لكن الأمر الذى ترك غامضا عمدا هو مسألة الأمن الخارجي على حدود غزة مع إسرائيل ومصر، التى كان رجال دحلان يسيطرون عليها فى الماضي.
رابعا، لن يركز اتفاق تقاسم السلطة هذا على تحديات الوضعين الإنساني والاقتصادي البائسين فى غزة فحسب، بل سوف يوجه أنظاره إلى موقع الرئاسة الذي يشغله الرئيس عباس فى رام الله. وهذا يشكل تهديدا مباشرا للرئيس عباس، ويؤكد مرة أخرى وجهة النظر القائلة بأن دحلان يمكن أن يكون خلفا للرئيس المريض.
وقد أدى هذا الاحتمال إلى تكهنات بأن هذا سيكون المشروع الجديد «لدولة ــ غزة» وأنه سيكون برئاسة محمد دحلان. وقد استبعد قادة حماس هذا الأمر بشكل قاطع، لكن هذا لا يعدو كونه محاولة للدفاع عن النفس من موقف ضعيف. إذ لم يعد لديهم خيارات سوى القبول بدحلان وبالموقف المصرى ــ الإماراتي. وقد قدم قادة حماس الاتفاق على أنه خطوة نحو الوفاق الوطنى وإنهاء حالة الانقسام.
وتأتي الجلسة التشريعية التاريخية بعد توصل وفد قيادي وأمني برئاسة يحيى السنوار قائد حماس في قطاع غزة إلى تفاهمات مع دحلان، في لقاءات جمعتهما في القاهرة في حزيران، حول ترتيبات تتعلق بحل أزمات القطاع وفق مسؤولين فلسطينيين.
وتتضمن التفاهمات دعوة المجلس التشريعي للانعقاد بحضور نواب حماس ونواب تيار دحلان وكتل برلمانية أخرى بهدف إعادة تفعيل المجلس وإعادة انتخاب هيئة رئاسته.