“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
أكد مصدر أمني رفيع لموقع “مصدر دبلوماسي” عدم وجود أي تفاوض مباشر بين الجيش اللبناني وبين المسلحين في جرود عرسال، وخصوصا وأن ثمة جنودا لبنانيين لا يزالون مفقودين. كلام المصدر الأمني جاء عقب نقاش سياسي حادّ انتقل أمس الى مجلس الوزراء اللبناني حول إمكانية التنسيق مع النظام السوري في ملفّ النازحين وبعد أن أثارت وفاة 4 نازحين سوريين قيد التحقيق تشكيكا من بعض الناشطين حول ظروف اعتقالهم والتحقيق معهم عقب عملية “قض المضاجع” التي حصلت في عرسال يوم السبت الفائت.
بالنسبة الى التنسيق اللبناني السوري، قال المصدر الأمني الرفيع بأن ّ التنسيق الأمني قائم بين الجيشين اللبناني والسوري، وذلك عبر مكتب التعاون والتنسيق وثمة تعاون بين ضباط الجيشين، لكن التعاون السياسي هو قرار يتخذه مجلس الوزراء اللبناني.
أما عن وفاة 4 نازحين سوريين اعتقلهم الجيش اللبناني يوم السبت الفائت من ضمن الـ 350 موقوفا عقب عملية المداهمة في مخيمين هما القارّية والنور والتي تخللها تفجير 4 انتحاريين من سكان المخيمين أنفسهم ما أدى الى وفاة طفلة نازحة بين يدي عسكري لبناني كان يهرع بها هربا، وبعد أن أسفرت هذه العملية الأمنية عن جرح 19 جنديا من الجيش اللبناني حال بعضهم حرجة ومنهم ثلاثة معرّضين لخسارة نظرهم، أوضح المصدر الأمني ملابسات وفاة السوريين الأربعة الذين قال بيان لقيادة الجيش بأنهم توّفوا لأسباب صحية.
لكنّ هذا الأمر لم يقنع الكثير من الناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي وخصوصا أولئك المؤيدين للمعارضة السورية وضدّ نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فشنّوا حملات تشكيكية بظروف الوفاة.
في هذا السياق، روى المصدر الأمني الرفيع تفاصيل المداهمة التي أطلقت عليها تسمية “قضّ المضاجع” وصولا الى وفاة السوريين الأربعة.
يبلغ عدد سكان مدينة عرسال 40 ألف نسمة ، يستقبلون في رقعة جغرافية تتوزّع بين الساحل والجرد قرابة المئة الف نازح سوري، ما يعني مرّتين ونصف عدد سكّان البلدة الحدودية.
وبعد ما عرف بـ”حوادث عرسال” في آب 2014 إضطرّ الجيش اللبناني الى إنشاء مراكز عسكرية خارج المدينة وفصل الجرد عن الساحل.
تضمّ مدينة عرسال اليوم 110 مخيّمات تقع بحسب ما يسميه المتخصصون تحت “جاهزية الجيش اللبناني”، وقد سمحت المؤسسة العسكرية اللبنانية لجميع المنظمات الإنسانية الدولية واللبنانية تزويد هذه المخيمات بكلّ المستلزمات التي يحتاجها النازحون للعيش بكرامة، ولا يتدخّل الجيش اللبناني في هذه المخيمات البتّة، وثمّة منطقة تحوي 11 ألف نازح تقع في الجرد وهي خارج أي رقابة للجيش، وهنالك توقعات بأنها تضمّ مسلحين، وقد سمح الجيش اللبناني بدخول المنظمات الإنسانية ونقل الأغذية والمواد للقاطنين فيها لكن بشروط معنية تخدم أمن السكان المدنيين.
ويقول المصدر الأمني الرفيع بأن ” حياة المدنيين هي أولوية للجيش، وليس جميع النازحين مسلحين أو متّهمين، ولغاية اليوم فإن المخيمات كلها تحت السيطرة لكن أي خلل أمني سيضعنا أمام هاجس وجود 11 ألف شخص مختلطين بين مدنيين ومسلحين سيكونون عائقا أمام اية عملية عسكرية إضطرارية لملاحقة إرهابيين محتملين”.
ويروي المصدر الأمني بـأنه منذ قرابة الأشهر الأربعة والضغط كبير لملاحقة إرهابيين يعدّون لعمليات في لبنان، ووصلت معلومات الى مخابرات الجيش اللبناني تفيد عن تحركات أمنية مشبوهة في مخيّمي قارّية والنور، وحاول الجيش اللبناني القيام بعمليات مخابراتية عادية لجلب متهمين فلم يفلح نظرا الى كثافة عدد سكان المخيمين، فاتخذ قرار بتطويقهما من الخارج، وتم الطلب الى السكان الخروج لفصل النساء والأطفال والشيوخ عن الشبان، وبالتالي عن مقاتلين محتملين أو إرهابيين، بغية الدخول لتفتيش المخيمين. وعوض الحصول على ذخائر وأسلحة كما جرت العادة، فوجئت القوى المداهمة بإنتحاريين يفجرون أنفسهم بالعسكر وبالمدنيين.
وبعد أن سقط جرحى من الجيش بسبب تفجير انتحاريين اثنين، فاجأ الإنتحاري الثالث بتهديده بتفجير نفسه قرب عائلة بأكملها، وبعد مفاوضات شاقة مع الجيش قبل بإخلاء العائلة، إلا أن طفلة صغيرة بقيت، فتقدم منها عسكري في الجيش وحملها للخروج بها بعيدا، فإذا بالإنتحاري يفجّر نفسه في تلك اللخظة فتسقط الطفلة ويجرح العسكري جراحا بليغة.
وبعد تفجير انتحاري رابع لنفسه سقط للجيش 19 جريحا بقي منهم 7 في المستشفيات في حين أن ثلاثة منهم معرضين للعمى بسبب إصاباتهم البليغة.
ويشير المصدر الأمني الرفيع الى أن جثث الإنتحاريين الأربعة نقلت الى المستشفيات المتخصصة، وتمّ التعرّف الى هوية 3 منهم، تمّ تسليمهم الى ذويهم بالتعاون مع بلدية عرسال وبأمر من القضاء وتحت إشراف الصليب الأحمر اللبناني، في حين لم يتم التعرف بعد على هوية الإنتحاري الرابع، وقد خصصت البلدية أمكنة لدفن جثث الإنتحاريين.
بعد ذلك أوقف الجيش اللبناني 350 شخصا للتحقيق معهم (تم توزيعهم على 9 مراكز) في هذه القضية التي تحوّلت الى قضية رأي عام في لبنان بسبب انقسام المواقف حول النزوح السوري.
ويلفت المصدر الأمني الى أن ظروف اعتقال الموقوفين احترمت المتطلبات الصحية وحقوق الإنسان والمعايير الدولية، لكن 4 منهم توفوا لإصابتهم بوعكة صحية نتيجة درجات الحرارة المرتفعة التي وصلت في البقاع الى 43 درجة، علما بأن التوقيف الإحتياطي يستمر 4 أيام، وقد تمّ إطلاق قرابة المئة موقوف.
وأشار الى أن المصابين الذين توفوا كانوا نقلوا الى مستشفى زحلة الحكومي والى مستشفى رفيق الحريري الحكومي للمعالجة.
وقد تمّ الكشف على جثثهم من قبل الطبيب الشرعي الذي قال في تقريره بأن الوفاة طبيعية.
ولفت المصدر الأمني الرفيع الى أن عملية التحقيق مستمرة مع الموقوفين المتبقين وهي تحتاج الى وقت، مشددا على أن الظروف الإنسانية جيدة وليس لدينا في لبنان “معتقل غوانتنامو” بل مراكز توقيف بإشراف القضاء اللبناني.