“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
لأول مرة يحدث في التاريخ السياسي للمملكة العربية السعودية ان يصبح ابن الملك وليا للعهد وذلك منذ عهد الملك سعود عندما كان وليا لعهد والده المؤسس الملك عبد العزيز. وهذا مؤشر رئيسي بأن المملكة العربية السعودية بدأت فعليا عهد “الدولة السعودية الرابعة”.
ويجمع أكثر من مصدر سعودي تحدّث الى موقع “مصدر دبلوماسي” أن حدث الأوامر الملكية التي صدرت اليوم الأربعاء بإعفاء ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز من منصبه كولي للعهد وتعيين الأمير محمد بن سلمان خلفا له هو “حدث وليس مفاجأة”. ويقول مصدر سعودي واسع الإطلاع تحدث الى موقع “مصدر دبلوماسي” أنّ ” التعيينات للأمراء من أبناء الأحفاد الأصغر سنّا من محمد بن سلمان في مناصب معينة، والسلوك السياسي الداخلي والخارجي، كانت دلائل مبكرة ذي مصداقية على ان الملك سلمان يمهد لنجله الأمير محمد للإرتقاء الى ولاية العهد، لما عرف عنه من ذكاء ومبادرة وسرعة وجرأة في اتخاذ القرار، وطموح يتجاوز السماء وتفاني في العمل ليلا نهارا”، بحسب تعبير المصدر السعودي.
ويضيف:” تكمن المفاجأة بأن هذا الشاب ذي الـ33 عاما استطاع خلال العامين الماضيين ان يعيد وهج المملكة السياسي اقليميا ودوليا، وزفّها لتكون رائدة اقليميا ومؤثرة في صناعة القرار الدولي وكان الرجل الذي عرقل مشاريع ايران في المنطقة وشراكتها مع الخارج”.
ويضيف المصدر السعودي الواسع الإطلاع شارحا العوامل الداخلية والخارجية التي أدّت الى ارتقاء الأمير محمّد بن سلمان الى سدّة ولاية العهد:” إن بن سلمان كرئيس للمجلس الاقتصادي والتنموي هو عرّاب التحول الوطني الاقتصادي الحالي ورؤية 2030 التي اعادت هيكلة الاقتصاد الوطني، وهو أدخل المملكة في شراكة اقتصادية مع كبار الدول كالولايات المتحدة الأميركية والصين، وبنى أسس الدولة الحديثة، وقدّم رؤية لاستثمار موارد المملكة التي كان بعضها مهدرا او خامدا”، بحسب تعبيره.
يضيف:” أوجد بن سلمان معايير جديدة في اختيار الكفاءات الوطنية لمناصب حسّاسة بدلا من المعايير السابقة التي كانت تعتمد على المحسوبيات، حيث اشترط في التعيينات الجديدة ان تكون من العناصر الشابة المتعلمة والمنجزة والطموحة وذات الايقاع السريع في الأداء والقادرة على التعامل مع الحلفاء في الخارج”.
بالرغم من ضعف مستوى الرضى الذي عكسه المجتمع تجاه بن سلمان خصوصا بعد إيقاف البدلات وربما أيضا بسبب بعض القرارات الجريئة التي لم تألفها السعودية التي كانت تميل لسياسة النفس الطويل “الا ان مستوى الرضى الاجتماعي الحالي بدأ يأخذ في الارتفاع خاصة بعد عودة البدلات ووقوف المملكة بحزم ضد الأطراف التي تريد عرقلة المسيرة الأمنية والتنموية لدول المجلس كتركيا وقطر وقبلهما ايران ورغبة هذا الامير في إيجاد تحالف جديد أميركي عراقي خليجي لتسوية الأزمة السورية”.
ويشير المصدر السعودي:” لعلّ الظاهرة الابرز التي ربما هي من وضع الثقة من قبل أعضاء مجلس البيعة لاختيار(31من أصل34) بن سلمان لولاية العهد هي قدرته على ثني الولايات المتحدة عن استراتيجية الانكفاء عن الخليج والشرق الأوسط وإعادتها كوسيط فاعل فيه، من خلال الشراكة العسكرية والاقتصادية التي وقعت بين المملكة وأميركا والتي تذكرنا بالانطلاقة الفعلية للتحالف الامريكي السعودي عام 1974، والذي كان الامير فهد بن عبد العزيز عراّبه آنذاك”.
وما هي التحديات القادمة التي سيواجهها ولي العهد الجديد؟ يقول المصدر الواسع الإطلاع:” إن التحدي القادم الذي سيواجهه بن سلمان هو انه الان صار المسؤول الرئيسي بعد والده في صعود وهبوط المملكة أمنيا وتنمويا بعد اعفاء ابن عمه محمد بن نايف زعيم الحرب على الاٍرهاب من ولاية العهد ووزارة الداخلية. لذلك سيكون هو الشخصية السياسية الاولى التي ستدير مستقبل المملكة ربما لعقود قادمة ان بقيت الأوضاع ضمن المسار الحالي دون حدوث انقطاع استراتيجي، في وقت تتطور فيه المطالبات الداخلية بالإصلاح الاقتصادي وإيجاد حلول للبطالة وتتزايد فيه تاثيرات العولمة والتحرر الفكري والاجتماعي ومستوى التوتر بين الأطراف المحافظة والليبرالية ومطالبات إعطاء المرأه دورا اكبر في المجتمع السعودي”.