لندن- “نيوزويك ميدل إيست”- مارلين خليفة:
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشرته مجلة “نيوزويك ميدل إيست” على موقعها باللغة العربية وذلك على الرابط الآتي للمجلّة:
http://bit.ly/2rdOAtY
تتوجه رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي اليوم الى قصر “باكنغهام” حيث ستنال تفويضا من الملكة إليزابينت لتشكيل الحكومة المقبلة، وذلك بعد أن نال حزب المحافظين 319 مقعدا في البرلمان المؤلف من 650 مقعدا. وبالرغم من تراجعه الواضح بعد أن كان يحوز على 332 مقعدا وعدم حيازته على غالبية برلمانية إلا أن إئتلافا حكوميا عتيدا سيقوم في الأيام القادمة بغية تشكيل الحكومة البريطانية الجديدة.
وتشير الأجواء السائدة في لندن الى أن تشكيل الحكومة البريطانية الجديدة قد يتطلّب وقتا ربما يتخطى تاريخ 13 حزيران الحالي بسبب صعوبة الإئتلاف مع أحزاب صغيرة ستطلب أثمانا سياسية من حزب المحافظين.
وإذا كان عدد المقاعد البرلمانية هو 650 فإنه في الواقع 643 بسبب مقاطعة حزب “سين فين” للبرلمان في موقف تاريخي يتلازم مع مطالبة إيرلندا الشمالية بالإنفصال عن المملكة المتحدة وهو نال أخيرا 7 مقاعد نيابية. وتتجه الأنظار الى الحزب الإيرلندي الآخر وهو “حزب الديموقراطيين الوحدويين” الذي نال 10 مقاعد نيابية، والذي لا مجال لتيريزا ماي إلا التحالف معه بسبب إستحالة التحالف مع حزب العمال أو مع الأحزاب الصغيرة الأخرى وأبرزها الوطنيين الإسكوتلنديين الذين تراجع عدد مقاعدهم أيضا من 56 الى 35 في ضربة إنتخابية موجعة.
وبالتالي فإن اي تحالف عتيد مع الديموقراطيين الإيرلنديين الوحدويين سيطرح اسئلة عدّة حول “البركسيت” وكيفية تأثيره على الأمن في إيرلندا وخصوصا مع عودة الحديث عن إمكانية إعادة الحواجز الجمركية على إيرلندا في حال الخروج من “البركسيت”.
الشباب البريطاني قال كلمته
ثمة “سيناريوهات” عدّة ترسم في بريطانيا وخصوصا وان الوضع السياسي بات اكثر تعقيدا فيها على مستوى الملفات الداخلية (الإرهاب والإقتصاد) أو على مستوى العلاقة مع الخارج لا سيما في ملفّ “البركسيت” الذي كان متوقعا أن تبدأ المفاوضات حوله مع بروكسيل في الأسبوع القادم، ويبدو الوضع شديد التعقيد بحسب تصريحات زعيم “حزب العمال” جيريمي كوربن أدلى بها للإعلام عقب بدء صدور النتائج الأولية مشيرا بـ “أننا غيرنا وجه السياسة البريطانية”؟
وبالتالي، لن يسهّل “البرلمان المعلّق” أية مبادرة سياسية أمام تيريزا ماي التي رفضت الإستقالة بعد النكسة التي منيت بها.
وأبرز العبر التي يمكن اتخاذها من هذا التصويت الذي وصفته الصحافة البريطانية بأنه “مفجع” للمحافظين تتمثل بارتفاع صوت الشباب البريطاني ضدّ “الإيستابليشمنت” التقليدية الحاكمة، وقد زادت نسبة الإقتراع في هذه الدورة الإنتخابية المبكرة والتي دعت إليها ماي قبل 3 أعوام من موعدها الإلزامي لتحصين شرعيتها الإنتخابية بنسبة 2 في المئة عن آخر انتخابات في 2015.
في هذا الإطار، يقول محرر الشؤون السياسية السابق في وكالة “رويترز” ريتشارد مايرز وهو مدرّب حاليا في “طومسون رويترز فاوندايشن” لـ”نيوزيك”:”
“من الواضح بأن الشباب البريطاني كان متحمسا للتصويت هذه المرّة أكثر من السابق، وغالبية الشباب صوتت لحزب العمّال بسبب وعوده بتخفيض الرسوم الجامعية ونظرا الى الحضور الكثيف لزعيمه جيريمي كوربن على وسائل التواصل الإجتماعي عبر مجموعة
Momentum
التي شجعت الناس على التصويت لصالح العمّال”.
ويلفت مايرز الى أن “معظم الشباب الذين لم يصوتوا في الإنتخابات الفائتة كانوا مع بقاء بريطانيا في الإتحاد الأوروبي، وقد لاحظوا اليوم أن التصويت يصنع فارقا”.
الشرق الأوسط
من جهته، توقع مدير مكتب وكالة “رويترز” غاي فولكونبريدج أن يحدث التراجع في نتيجة المحافظين فارقا في مقاربة السياسة الخارجية البريطانية في الشرق الأوسط. وقال فولكونبريج في حوار مع مجموعة من الصحافيين اللبنانيين الذين يغطون الإنتخابات البريطانية بأن:” نتيجة الإنتخابات البرلمانية ستطرح أسئلة جدية حول مستقبل السياسة الخارجية المعتمدة حاليا وسيكون لها تأثير على هذه السياسة لا سيما في الشرق الأوسط”. يضيف فولكونبريدج:” تتبع تيريزا ماي سياسة خارجية تقليدية، مبنية على التحالف الوثيق مع الولايات المتّحدة الأميركية وعلى علاقات صداقة مع الدول الخليجية ولا سيما المملكة العربية السعودية، وتضطلع بريطانيا بدور مهم في التحالف الدولي لمحاربة “داعش”، هذه السياسة لن تستمر في حال فوز جيريمي كوربن، الذي يطرح أسئلة صعبة حول العلاقة مع السعودية، وهو يرفض تورط بريطانيا في أي نزاع في الشرق الأوسط”.
ويضيف فولكونبريدج:” إذا ربح جيريمي كوربن فإن السؤال سيطرح بقوة حول كيف ستكون العلاقة بينه وبين دونالد ترامب؟!”.
بالنسبة الى الملف السوري فولكونبريدج” بأن كوربن لا يمكن أن يؤيد اي تدخل عسكري بريطاني في سوريا وهو ما يعاكس وجهة نظر تيريزا ماي”.
شريط الأخبار لوكالة “رويترز” في مقرها الرئيسي في لندن عقب صدور نتائج الانتخابات البرلمانية البريطانية، والتي أسفرت عن نكسة لحزب المحافظين وبرلمان معلّق لا غالبية كاسحة فيه. عناوين الشريط معبّرة جدا عن الهمّ البريطاني خصوصا والأوروبي عموما من نتيجة هذه الانتخابات “الكارثية” بحسب الإعلام البريطاني.