“مصدر دبلوماسي”:
بمناسبة يوم أوروبا في 9 أيار أقامت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسّن حفل استقبال في متحف سرسق، حضرته شخصيات دبلوماسية وسياسية وعسكرية وأمنية ودينية واقتصادية واجتماعية وإعلامية ومن المجتمع المدني.
مثل رئيس الجمهورية الوزير ميشال فرعون، ورئيس مجلس النواب النائب علي بزي، ورئيس مجلس الوزراء الوزير مروان حماده.
هنا النصّ الكامل لكلمة السفيرة لاسن:
مساء الخير وأهلاً وسهلاً بكم!
يشرفني أنا وفريق بعثة الاتحاد الأوروبي وسفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن نرحب بكم جميعاً للاحتفال بيوم أوروبا وأشكركم جزيل الشكر على وجودكم معنا في هذا المساء.
أود بادئ ذي بدء أن أرحب بممثل رئيس الجمهورية الوزير ميشال فرعون، وممثل رئيس مجلس النواب النائب علي بزي، وممثل رئيس مجلس الوزراء الوزير مروان حمادة، وممثلة وزير الخارجية السفيرة ميرا ضاهر، والوزراء والمسؤولين الحكوميين الآخرين.
إنها المرة الثانية التي نجتمع فيها هنا في متحف سرسق الجميل للاحتفال بيوم أوروبا، إحياءً لذكرى التاسع من أيار 1950، اليوم الذي أُطلقت فيه عملية التكامل الأوروبي. وقد حدث الكثير في لبنان وأوروبا منذ أن التقينا في المرة الماضية. لم يكن العام المنصرم سهلاً دائماً، وكان مليئاً بالمفاجآت من دون أن يكون مملاً على الإطلاق! وبشكل عام أنا متفائلة للبنان وأوروبا على السواء، والأهم هو أنني متفائلة حيال العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ولبنان! وكما تقولون هنا: تفاءلوا بالخير تجدوه!
كدنا ننسى أنه قبل عام، كان لبنان قابعاً في جمود سياسي كبير، إذ كان من دون رئيس للجمهورية منذ أكثر من عامين، وكانت حكومته تعاني من صعوبات في الحكم، رغم العمل الدؤوب الذي قام به دولة الرئيس تمام سلام. وإن انتخاب الرئيس عون وتشكيل حكومة جديدة على رأسها الرئيس الحريري والإعلان عن برنامج حكومي طموح كلها أمور تعني بأن البلاد اليوم في مكان أفضل من الذي كانت فيه قبل عام. لكن هذا لا يعني أن الأمور كانت سهلة. وإن الاتفاق على قانون الانتخابات وإجراء الانتخابات النيابية والعديد من الإصلاحات الأخرى هي بالتأكيد عناصر نعتقد بأنها أساسية لتعزيز هذا الاستقرار السياسي الحديث العهد.
في أوروبا، شهدنا الكثير من التغييرات خلال العام الماضي. وقد مررنا بلحظات تعثر وأخرى مليئة بالنجاحات. فقد تعرضت أوروبا من جديد لعدد من الهجمات الإرهابية، ولكننا نعزز جهودنا المشتركة لمحاربة الإرهاب. واستمرت أزمة الهجرة، ولكن إدارتها افضل بكثير الآن لناحية استقبال الأشخاص بطريقة منظمة.
إلى ذلك، واجهنا وضعاً لم نعرفه من قبل وكنا نأمل ألا نصل إليه وهو قرار المملكة المتحدة بالخروج من الاتحاد الأوروبي. ودفع هذا الأمر العديد من الأشخاص داخل أوروبا وخارجها على أن يسألوا أنفسهم إن كانت هذه بداية نهاية الاتحاد الأوروبي.
دعوني أكون واضحة جداً: ليس هذا ما نعتقده.
على العكس، لقد حرك قرار الشعب البريطاني بالخروج من الاتحاد الأوروبي المشاعر الشعبية القوية في العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حيث تم تذكير الشعب بقيمة الاتحاد الأوروبي. وما انتخاب رئيس مؤيد جداً لأوروبا في فرنسا قبل يومين إلا دليل بالغ الوضوح على هذا الأمر، وهذا ما يشعرني بتفاؤل كبير حيال مستقبل أوروبا. كما أن الانتخابات الأخيرة في هولندا والنمسا وخروج آلاف مواطني الاتحاد الأوروبي إلى الشوارع قبل شهرين عندما احتفلنا بمرور 60 عاماً على إبرام معاهدة روما أدلة إضافية تصب في هذا الإطار.
غير أن الأهم هو أن قناعتي مرتكزة على تجربتنا. فقد مر الاتحاد الأوروبي بالعديد من الأزمات خلال الأعوام الستين الماضية. وفي كل مرة، استطعنا الخروج أقوى من قبل.
ويريد الجميع اتحاداً أوروبياً قوياً. وكما قالت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي في الأسبوع الماضي، أينما ذهبت في آسيا أو إفريقيا أو أميركا اللاتينية أو روسيا، تتلقى الرسالة نفسها، وهي أن الجميع يريد اتحاداً أوروبياً قوياً، ويريد التعاون بشكل وثيق مع الاتحاد الأوروبي في المسائل الاقتصادية والأمنية، والمسائل الخاصة بالمساعدات الإنسانية والتنمية، والتغير المناخي، والسياسة الخارجية. وترغب البلدان في العمل مع الاتحاد الأوروبي لأنها تعرف ماذا تتوقع وأي قيم ندافع عنها. وفي هذه الأيام، من المهم التحلي بالثبات والموثوقية والقوة.
هذا ما نسمعه أيضاً من شركائنا هنا في لبنان. ويريد لبنان أوروبا قوية ويريد العمل بشكل أوثق مع أوروبا. وهذا ما نريده نحن أيضاً، أن نرى لبنان بلداً رئيسياً في هذه المنطقة، وبلداً نشاطره القيم، وإنما يواجه كما أوروبا تحديات جمة. لذلك نجحنا في تعزيز علاقاتنا خلال العام الماضي.
في شهر تشرين الثاني الماضي، اتفقنا على الأولويات الجديدة لشراكتنا، والتزمنا بالعمل بشكل أوثق على مسائل الأمن ومحاربة الإرهاب، وتحفيز النمو الاقتصادي وإيجاد الوظائف، والعمل على تحسين الحوكمة، ومكافحة الفساد والتقدم في مجال حكم القانون وحقوق الإنسان. ونحن نعمل الآن مع الحكومة الجديدة على تحقيق هذه الطموحات، وتصبح العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ولبنان أقوى في كل يوم.
حضرة السيدات والسادة،
أظهرت لنا الأعوام الستين الأخيرة أن التعاون يجعلنا أقوى، أي التعاون ضمن أوروبا والتعاون مع جيراننا على غرار لبنان.
في الاتحاد الأوروبي، نحن نفتخر بالقول إننا “متحدون في التنوع”. ويمكن قول الأمر نفسه عن لبنان حيث أن تنوع هذا البلد يجعله غنياً ومهماً جداً وإنما أحياناً صعباً. وتتعقد الأمور لتحديد ما إذا كان التحدي هو التوصل إلى اتفاق على قانون انتخابات جديد كما هي الحال في لبنان أو على سياسة مشتركة جديدة كما نحاول كل يوم في أوروبا. لكن رغم هذا، نعتقد بأن تنوعنا يجعلنا أقوى!
نعتبر أحياناً وحدتنا في التنوع أمراً مسلماً به. ويذكرنا الاحتفال بيوم أوروبا الستين هذه السنة بأن الاتحاد الأوروبي يشكل قصة نجاح فريدة من نوعها رغم كل التحديات. فقد منحنا هذا 60 عاماً من السلام، و60 عاماً من الازدهار الاقتصادي، و60 عاماً من التضامن ومن الحرية والحقوق. وللاحتفال بالأعوام الستين، طلبنا من جميع سفراء الاتحاد الأوروبي في لبنان أن يخبرونا ما تعنيه أوروبا بالنسبة إليهم. وقبل أن أنهي كلمتي، أطلب منكم الصبر بضع دقائق للاستماع إلى زملائنا سفراء دول الاتحاد الأوروبي في لبنان يعبرون عن آرائهم حول أوروبا وما يعنيه الاتحاد الأوروبي لهمز وأعدكم أن هذا سيكون شيقاً جداً.
أشكركم على مشاركتكم هذا المساء وأتمنى لكم أمسية ممتعة.
عاش لبنان وعاش الاتحاد الأوروبي!