مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
لا يزال الصراع بين محوري إيران وحلفائها والولايات المتحدة وحلفائها قائما بدءا من سوريا مرورا بأزمات العراق واليمن ويبدو الصراع مفتوحا على أشكال متعددة ما يعقد الحلّ السوري بشكل كبير ويضع المنطقة على حافّة حرب ليست معروفة التوقيت لكنّ هدفها الغربي المعلن هو ضرب إيران وحلفائها في المنطقة وفي مقدّمتهم “حزب الله”.
ويمتلك “حزب الله” قراءة واضحة لمكامن الصراع القديم والمتجدد بأساليبه وهو يواكب الخطط الجديدة التي تحاول قطع رأسه بكثير من الدقة، وليست الجولة الإعلامية التي نظّمها “حزب الله” في نيسان الفائت الى الحدود الجنوبية مع إسرائيل سوى إحدى الرسائل المشفّرة التي فهم الإعلاميون اللبنانيون والأجانب جانبا منها، في حين قرأت إسرائيل خفاياها كلّها.
المعلن لدى “حزب الله” أن الجولة المذكورة جاءت لإطلاع الرأي العام اللبناني على التحصينات الدفاعية التي تهيئها إسرائيل على مشارف المنطقة الحدودية للبنان وخصوصا وأنها كثفت وتيرة أعماله في السنة الأخيرة. أراد “حزب الله” القول أن إسرائيل تتحدث عن الهجوم على لبنان في حين تعدّ خطوات دفاعية عن المستوطنات وهي بنظر “الحزب ” قلقة من أن يرسل “حزب الله” دفعة من قواته الى الجليل الأعلى. ولا يعتبر “حزب الله” أن الجولة الإعلامية هي خرق للقرار 1701 بحسب أوساط واسعة الإطلاع تحدثت الى موقع “مصدر دبلوماسي”، وتأسف الأوساط أن يتجاهل اللبنانيون الذين انبروا للدفاع عن القرار 1701 الخروق الإسرائيلية المستمرة لأجواء لبنان وبرّه وبحره.
وعن المظاهر المسلحة التي رافقت الجولة تشير الأوساط أن “المظاهر المحدودة لا تقارن البتة بالخروق الخطرة التي تقوم بها إسرائيل وكلّ ما أرادت المقاومة إيصاله هو أنها على جهوزية تامة وهذه هي حدود المظاهر لا أكثر”.
هذا في الرسائل العلنية، لكن ماذا في المشهد العام الدائر بين إسرائيل و”حزب الله” في سوريا؟
تشير الأوساط الواسعة الإطلاع على مناخ “حزب الله” الى أن “إسرائيل لن تدخل في حرب ما لم تضمن نتائجها سلفا، وهذا ما ليس موجودا لغاية اليوم”. وتضيف الأوساط:” ليس “مقلاع داود” ولا “القبة الحديدية” من سيسرّعان الحرب بل الخطر الذي تشتمه إسرائيل من وجود “حزب الله على حدودها الجنوبية في الجولان. وتكشف الأوساط الى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان طلب في السابق من روسيا أثناء لقائه الرئيس فلاديمير بوتين ضمانات حول المنطقة الحدودية الممتدة من الجولان وجبل الشيخ والقنيطرة وصولا الى درعا طالبا أن تكون منطقة خالية من السلاح والمسلّحين وتحديدا من إيران و”حزب الله”. وجاء التطور الرئيسي مع وصول إدارة أميركية جديدة برئاسة دونالد ترامب توافقت مع إسرائيل حول وجود خطر إرهاب الجماعات الشيعية اللبنانية والإيرانية والعراقية على حدودها.
برأي الأوساط أن الإدارة الأميركية الجديدة وإسرائيل تقومان بتكبير خطر وجود “داعش” على الحدود الجنوبية لإيجاد مبرر للقوات الأميركية للتواجد في المنطقة الجنوبية تحت عنوان ضرب “داعش” في حين أن العنوان الحقيقي هو ضرب “حزب الله” وإيران وإنشاء منطقة أمر واقع على حدود دمشق تتواجد فيها القوات الأميلاكية وحلفائها، فيتم تحقيق هدفين: الأول إبعاد إسرائيل لخطر “حزب الله” وإيران عن حدودها، والثاني إتخاذ المعارضة السورية مدعومة من الأردن والسعودية موطئ نفوذ في المنطقة الجنوبية، أما الهدف الثالث فهو إعادة الأميركيين لحال التوازن مع روسيا في سوريا. هذا السيناريو يشرح التوتر الكبير الحاصل أخيرا بين سوريا والأردن وبين إيران والأردن إذ أن الرئيس السوري وحلفائه يدركون الإعداد لهجوم جديد على دمشق من الجبهة الجنوبية تحت عنوان “داعش” في حين أن المقصود هو النظام السوري وإراحة الجبهة الجنوبية مع إسرائيل.
وماذا عن الحدود العراقية؟ حيث السيطرة على الرقة باب آخر لمنع الإمدادات لـ”حزب الله” فيتم تطويقه بشكل محكم؟
تشير الأوساط الى أن لا الولايات المتحدة الأميركية ولا إسرائيل تريدان الذهاب بشكل مباشر للحرب مع “حزب الله” لأنه لا يمكن السيطرة على نتائجها، لذا يتم استخدام أدوات أخرى منها العقوبات الإقتصادية أو ربما قرار دولي يصدر من الأمم المتحدة.
بالنسبة الى الحدود العراقية، فإن القوات الأميركية تنشئ عددا كبيرا من القواعد العسكرية بينها في المنطقة الشرقية من سوريا أو في المنطقة الشمالية مع العراق وهي قواعد تتواجد على الحدود العراقية السورية والعراقية الإيرانية والتركية العراقية بغية إقامة مناطق عازلة تفصل بين العراق وإيران وبين العراق وسوريا، ويدرك “حزب الله” أنها حرب دائرة هدفها تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة بشكل ناعم وبهدوء بغية إنشاء مناطق عازلة بين العراق وسوريا وبين إيران والعراق.
ماذا ستكون ردّة فعل “حزب الله”؟ تشير الأوساط المطلعة على مناخ “الحزب” الى أن “حزب الله” يراقب بهدوء ما سيحصل مدركا أن الصراع بين المحورين مستمر وسيستمر بوجوه مختلفة.